في نفس الوقت و بعيدا عن المكان الذي كان تتجادلان فيه الفتاتين، داخل قصر عائلة ستون هارت كانت خادمة عادية تقوم بعملها الروتيني الممل و على عكس سينا فهذه الخادمة قد كانت تقوم بعملها بأكسل طريقة ممكنة و يمكن سماع تنهدها بين الحين و الآخر.
"كم هذا ممل، لما يجب علي القيام بهذا العمل؟" كانت تقول ذلك و هي تخرج تنهيدة أخرى.
"أنا أعني ما الضير إذا تجمع بعض الغبار في هذا القصر الكبير، لما هاؤلاء النبلاء مهوسون بالنظافة لهذه الدرجة؟"، و تبعا لهذا الكلام توقفت الخادمة عن التنظيف و بدأت بالنظر حولها.
"جيد، لا يوجد أحد هنا، دعني أسترح قليلا، أنا أستحق بعضاً من الراحة بعد أن عملت لكل هذه المدة... بالطبع لا يمكن إعتبار وقت الذي إعطي لنا من أجل الغداء هو وقت لراحة"، أومأت الخادمة برأسها مواقفة على كلامها.
"لأننا نقوم بتزويد أنفسنا بالطاقة حتى نستطيع متابعة العمل لذلك يعتبر وقت غداء هو وقت للعمل أيضا"، في هذا الوقت الذي إستغلته في إبداء كسلها بدأت تتمعن أنحاء مدخل القصر الذي كانت تعمل فيه.
"بالرغم من أنني عملت هنا لبعض الوقت إلى أنني لازلت أندهش من فخامة هذا مكان، لابد أن هذه العائلة فاحشة الثراء... و بالرغم من ذلك ما قصة هذه الأجور الشحيحة التي تعطى لنا كخادمات، هذا بخل واضح، هذا إستغلال واضح لنا"، سرعان ما وجدت الخادمة سببا آخر لعدم قيام بعملها على أكمل وجه.
"فقط أنظر إلى هاتين المزهريتين... لابد أنهن مكلفتين بشكل مخيف، هل من المنطقي أن تنفق مالا كبير على أشياء لاهدف منها إلا الزينة بينما لا تنفق مثل هذا المبلغ على بشر يساعد في إبقاء مكانك نظيفا؟"، بينما كانت تقول ذلك هي بالفعل إقتربت من إحدى المزهريتين و حملت إحداهما.
"يالا جمالها!! أتسائل كم سيكون ثمنها إذا بعتها، حتما لن أحتاج للعمل لعدة أشهر أو ربما لسنوات... هذا سيكون رائعا، سنين من الراحة و الإستجمام، كم سيكون هذا جمييل...!! لاااا"
و بينما كانت الخادمة تسرح في أحلامها السعيدة إنزلقت المزهرية من بين يديها واقعة على الأرض و بسبب الإصطدام حدث شرخ واضح في المزهرية، الأمر الذي أرعب قلب الخادمة الكسول و جعله ينبض بسرعة غير معتاد عليها.
"اللعنة!! ما الذي فعلته، لقد كسرت مزهرية تعادل أجر سنينا من عملي!"، إزداد فزع الخادمة بتخيل ما الذي سيحدث لها إن تم إيجاد بأنها كانت الجانية في كسر المزهرية.
" لقد حدث صدع في جهة واحدة فقط، يجب أن أخفي ذلك سريعا قبل أن يراها أحد"، سرعان ما أعادت الخادمة المزهرية إلى مكانها الأصلي مع تعديل طفيف للجهة التي تظهر للمار عليها.
"لا داعي للفزع، إن لم يقم أي أحد بفحص المزهرية بدقة فلن يجد خطبا فيها"، تنفست الخادمة الصعداء و ستدارت لتغير مكان عملها و هترب من مسرح الجريمة و لكن...
"الس..سيدة بايا!! ما الذي... أ..أنا، أ..أنا...". شعرت الخادمة بأن قلبها على وشك التوقف عن النبض من شدة خفقانه، و كيف لا و تلك العيون الباردة التي تخيف حتى البريء الذي لم يفعل شيء قد قبضت عليها بالجرم المشهود.
"لما أنت متوترة هكذا؟ كفاك كسلا و عودي إلا عملكِ سريعا" قالت بايا ذلك بنبرتها الباردة المعتادة.
"...... ن..نعم سيدتي" أسرعت الخادمة في الهروب شاكرة حظها السيد الذي أنجاها من أن تقبض عليها رئيسة الخدم و تجعلها عبدة ديون لهذا القصر، بمعرفتها الجيدة برئيسة الخدم المخلصة في عملها فإنها حتما لن تسامحها بتاتا على هذا الخطئ الشنيع.
وفقت بايا هناك تتأمل في مدخل الباب لبعض الوقت قبل أن ينقلب بصرها إلى المزهرية التي أسقطتها الخادمة الكسولة.
"مزهرية تحمل علامة عائلة ستون هارت، غالب عليها اللون الأزرق و الذهبي.... هل أنتظر قليلا؟... لا، لا يهم على أي حال"
فور إن إستدارت بايا راجعة إلى عملها تم فتح باب القصر بقوة أبدت فيها غضب الوافد الجديد، و بسبب تلك القوة إصدم باب القصر بالحائط ما جعله يهتز و هذا ما تسبب في وقوع سيف الذي كان في يد ردع معدني على نفس المزهرية و تحطيمها إلى أجزاء.
"أين هي هذه المسمات بستيلا". صرخ دودريان بغضب فور دخوله إلى قصر ستون هارت و كأنه داخل إلى قصر عائلته.
.
..
...
بصرف النظر عن سينا دائما تتجاهل محاولات ستيلا في التقرب منها، إلا أنها كانت تراقبها جيدا و رأت تلك الصعوبات التي مرة بها في هذا القصر و بالرغم من ذلك لم تشكي و لو مرة واحدة عن مدى سوء المعاملة التي تتعرض لها.
"و لما قد أخرج من القصر، أ وليس الأمور قد حلت و لا داعي للخوف من هذا الشخص القادم؟"
"نعم... لو كان الشخص القادم للمطالبة بك هو شخص عادي"
"و....و من هذا الشخص؟"
أحست ستيلا بتوتر مجددا لما سمعت هذه المقدمة التي قالتها سينا عن الشخص الذي يريدها كعبدة له، لم تدعها سينا تنتظر كثيرا قبل أن تخبرها بوجه جاد لا يحمل فيه أي أثر للمزاح.
"إنه صديق السيد الشاب و وريث عائلة ديلافيغا، ديلافيغا دودريان"
"!!........ان..انت تمزحين أليس كذالك !!؟"
كيف لا ترتعب هذه اللولي و قد سمعت أن الذي يريدها هو سيء السمعة و الذي إكتسب شهرته الواسعة و خاصة في الوسط النسائي و بأسوء طريقة ممكنة، جعلت منه كبوسا لبعض الفتيات ضعيفات القلوب.
و بالطبع كان ذلك الخوف نابعا من الحكايات التي قصت عليه و على طبيعته القاسية و السادية تجاه جميع عبدة كانت تنتمي إليه.
و بالرغم أن النساء النبيلات لم يكن معنيات بتلك الممارسات السادية بما أنهن كن في موقف أعلى من أن يسمح بأيدي دودريان أن تصل إليهن، إلا أنه لم يمنعن ذلك من يشعر بإشمئزاز من تلك القصص التي رويت عليه و كذلك تنمية الكراهية تجاهه، و لذلك أردن أن يعلمنه درسا بطريقتهم الخاصة.
إن الرجال جنس يحب الموافقة المبشارة التي تتطلب العضلات و الشجاعة، تلك المواقف الحارة كحروب و المشاجرات، و لكن النساء إتخدن نهجا مختلفا تماما، لقد كانوا جنسا إتخد من اللسان أدات حرب لهن، و ساحة قتالهم كانت حفلات الشاي الخاصة بهن.
لم يكن لتلك الساحة حرارة و عنف ساحات القتال الصاخبة الخاصة بالرجال، و لكن كانت ساحة من النوع البارد الذي لا تسمع فيه الصراخ أو صياح بل الهمسات فقط، و أما عن برودتها، فلم يكن ذلك النوع من البرد الذي ينعش المرء، بل البرد الذي يتسلل إلى جسد المرء و يتفشى فيه ثم يقتله ببطئ.
لم تكن حربهم فيها خسائر مادية أو بشرية أو على الأقل ليس بطريقة مباشرة، و لكن لم تقل أبدا عن الحروب الفعلية في الفساد الذي تجلبه، فكم من حروب قامت و عائلات زالت و مشاريع نامت بسبب لسان مرأة غزلت به المكائد و الفتن.
لذلك كان الرجال يحسبن لذلك الأمر جيدا إن تحتم عليهم أن يعادوا إحدى النساء فقط و أما عن معادات جميع نساء فقد كان أمرا مستحيلا، لقد كان أي رجل عادي يهتم لسمعته بما أنهم أشخاص مباشرون، و مهما كان الرجل قويا و شجاعا لم يرد أن يكتسب العداوة مع جميع النساء.
و هذا الأمر ليس فقط بسبب سمعة و لكن أيضا لأنهم إحتاجوا النساء بشكل طبيعي و إلزامي كشريكات لهم، يساعدوهم في أمور الحياة و يكونون سكنا لهم، يلدن لهم قرة أعينهم.
و بالمثل لقد علمن النساء ذلك جيدا و أردن أن يعلمن دودريان مثل هذه الحقيقة، او يذكروه إذا نسيها، و لقد كان لعمهن نتائج المرجوة من حيث تشويه سمعته و تطيخها في الطين، و لكن لا يمكن القول نفس الشيء عن التأثير الألم و الندم الذي كان من مفترض أن يلحق بدودريان.
فبدل أن يشعر دودريان بردع لما سمع أن سمعته شوهت أمام النساء، حدث العكس من ذلك، لقد كان هذا بالنسبة له مثل وسام الشرف، لقد سمع تلك الهمسات التي تضر سمعته و كأنها هتاف و تسفيقات له تشجع على مضي قدما و تقديم المزيد، أما نظرات الإزدراء الموجهة له لم تزده إلى غضبا على الفتياة المسكينات اللاتي كن له.
أما عن التهديد المثمتل بعدم قبول أي إمرأة به...... هل كان حتى تهديدا بنسبة له؟ لم يكن من الأول يعتبر المرأة كشريك له.
و لم تعلم النساء مدى عدم جدوى طريقتهم مع هذا المنحرف عن المعتاد، لقد كن في غفلة عن مثل هذه النتيجة و ظننه أنه كان يتحمل الألم تشويه سمعته بصمت مثلما يفعل أي رجل عنيد، و كن ينتظرنه حتى يستسلم و يعتذر لجميع النساء اللاتي تأذين على يديه، ففي الأخير كانت طريقتهن تحتاج إلى وقت لكي تاتي بنتائجها، و لأنها كانت ذا نتائج شبه مأكدة فلم يضعن إحتمال أن خطتهن قد فشلت، و مثل هذا الإعتقاد لم تأتي من العدم.
من الجلي أن دودريان لم يكن هو أول شخص يستعملون معه هذه الطريقة، و إن هناك شخص ظهرت فيه جدوا هذه الطريقة و قوتها الإخضاعية فهو ذلك النبيل الذي كان يعامل زوجته بطريقة سيئة من حيث المعاملة و طريقة الكلام.
حتى أنها عند إشتكت منه في إحدى حفلات الشاي و طلبت من صديقاتها أن يساعدنها على قمعه، قالت أنه إضافة إلى سوء المعاملة كانت له هواية أن يعاملها مثل حيوان أليف حتى أنه عندما يأتي وقت الطعام لا يدعها تأكل من طاولة الطعام مثل أي إمرأة عادية، بل يضع أطباقها على الأرض لتأكل مثل الحيوان الأليف.
و ليس هذا فقط ففي وقت الفراش يظهر حميميته تجاهها و بصفة منحرفة و سادية مما جعلها تتألم كثيرا أثناء علاقتهما، و لسوء حظها لم يكن ذلك مرة او مرتين في أسبوع بل كان تقريبا كل يوم ، لقد كان تعذيب يوميا لكبريائها و جسدها.
لم تجد المرأة أي رفض من صديقاتها و قررن بالإجماع على تعليم زوجها درسا لا ينساه، و تلك الحفلة التي كانت من مفترض تسمع فيها ضحكات اللطيفة للنساء، أصبحت تسمع فيها فحيح الأفاعي السامة، و بدل أن ترى فيها الكعك و الشاي الدافئ، أصبح تحس بهواء الهمسات البارد و عزل المكائد الشائك.
و سرعان ما وصلوا إلى خطة، أول شيء فيها أن لا ترجع الزوجة إلى منزلها، منزل زوجها، و ثاني خطوة بالطبع نشر إشاعات كاذبة مفادها أن زوجها شخص لا يملك القدرة على إتيان زوجته و هذا خدش واضح لكبرياء الرجل و ليس أي خدش بل أشده، ففي أخير قد يرضى الرجل لنفسه الكثير من الصفات السيئة و لكن لا يوجد رجل يرضى لنفسه أن يكون غير قادر على أعمال الزوجية في الفراش.