و أكملوا في نشر الإشاعات، مفادها أن الزوج لكي يعوض عن زوجته كان يرضيها بماله، و لسانه.... و عند ذكر السان لم يقصدون اللسان المتملق فقط، لقد كانوا حرفيا يلون الحقيقة من أجل غايتهن، أما عن الزوج عدا بعض النظارات الصاخرة من بعض النساء، و عدم رجوع زوجته إلى منزلها، فلم يلاحظ اي شيء آخر خارج عن المألوف.
و سرعان ما تحولت تلك النظرات إلى همسات تقال عليه بين نساء لما يرونه، و بدأت في الإنتشار أكثر و أكثر إلى أن الأخير لازال لم يشعر بأي شيء مما يجري خلف ظهره، في تلك المرحلة لم يكن ضرره الوحيد الذي أشعره بالإحباط لأن زوجته التي كان في حاجتها لم تكن موجودة، ففي أخير كان هذا حديث بين نساء و لم يكن ليلقي له بال.
و لكن هل يتوقف الأمر ها هنا؟ بالطبع لا... و بما أن النساء كتمات سر بارعات، لم يطل الأمر لتحكى هذه القصص عل مسامع رجالهن أثناء وقت طعام او فراش، و عندها فقط و لما شعر بنظرت بعض الرجال المستسغرة و وصفه ببعض الألقاب الخادشة كمخصي او لسان المتعة أو فحل المال، عندها فقط و بعد فوات الأوان ربط الزوج الخيوط لكل الأمور الغريبة التي حدثت معه، و علم أخيرا نوع المشكلة التي وقع فيها.
في الأول غضب و توعد زوجته بعذاب شديد و لازال على رأيه لمدة طويلة، و لكن حتى مع رأسه الصخري، كان تأثير غياب زوجته من جهة و ضغط المجتمع و شائعات من جهة أخرى يفتت من عزمه ببطئ و لكن بستمرار، كان باستطاعته أن يذهب إلى أماكن البغاء ليقضي حاجته لولا أنه كان ذا تربية نبيلة فيما يخص هذه الأمور عكس تربيته في معاملة زوجته.
و بمضي الوقت تفتت عناد الرجل تماما و قرر أي يتراجع خطوة للوراء و الإستيلام ثم يعترف بخطأه و يعتذر لزوجته عن معاملتها بسوء و وعدها بأنه سيغير طريقته إلى الأفضل.
و أما زوجته فهذا ما كانت تبحث عنه لذلك لم ترد أن تصعب عليه الأمر أكثر من ذلك، و كما أن زوج كان في حاجتها، كانت هي الأخرى بحاجته، و سرعان ما عادت علاقتهم الزوجية إلى مجراها، بل و أكثر ترابط و قوة مما كانت.
و الزوج تعلم درسه تجاه النساء، لطالما إعتقد أن إمرأته ليست إلا متعة يستطيع أن يستهزء بها كيف يشاء بشرط أن يظمن له المسكن و الطعام و المال و بعض الفوائد الأخرى، سوى أنه خلال هذه المشكلة التي حدثت معه رأى كم يمكن لزوجته أن تكون مؤذية و تقف بالند له بطرقها الخاصة، لقد رأى منها جانبها البارد المظلم.
هو قدر فعل زوجته عند عودتها إليه دون تصعيب الأمور عليه، و هذا كان جانبها المشرق و الدافئ الذي لم يقدره جيدا من قبل.
و أما صديقاتها لما حققن غايتهن سعدن بجدوى عملهن و مساعدة صديقتهن، و بدأن في إخراج شائعات أخرى تضحظ الشائعات السابقة و تنفيها، ما عادت تفيد تلك الشائعات علاقة الزوج و الزوجة.
مثل هذا السيناريو ما أردنه أن يحدث مع دودريان، كن فقط يردن أن يعترف لهن و لآمانه بخطأه و يتوقف عن أعماله السادية، و لم يعلمن مدى خطئهن في ستعمال هذه الطريقة معه إلى بعد أن حدثت تلك المأسات التي جعلته كابوس حيا لجميع فتاة سمعت به.
.
..
...
بالرغم من أن جسد ستيلا كان كان يرتعش خوفا من الأجابة التي كانت تنتظرها من سينا إلى أنها لازالت متشبتة بخيط رقيق من الأمل، لازالت تنتظر أن تبتسم سينا بشكل غير متوقع و تقول لها، بالطبع أنا أمزح، و لكن على عكس آمالها لقد كان توقعها صحيح، نظرت سينا إليها بتعبير جاد لا يحمل في طياته أي علامة للمزاح.
"للأسف أنا لا أمزح بتاتا، الشخص الذي يدعي أنه جاء لشرائك كأمة له لم يكن سوى دودريان"
"كي..كيف يمكن هذا؟ من بين كل الناس كان الشخص الذي وضع عينيه علي أسوأهم ؟"، طأطأت ستيلا رأسها و ساد الصمت المكان.
لم ترى سينا تعابير وجه اللولي إلى أنه رعشة جسدها أخبرت عن نوع المشاعر التي تمر بها الفتاة.
"...ستيلا...."، لم يسع سينا إلى أن تتنهد في قلة حيلة، هي تفهم هذه الحالة التي تمر بها الأن ستيلا، كيف لا و هو سيء السمعة دودريان الذي يسعى خلفها، لم تكن سينا لتنظرة بستصغار تجاه الفتاة، لم يسعها إلا أن تشعر بالشفقة تجاه ستيلا و بالمتنان لأنها لم توضع في مثل هذا الموقف.
ففي أخير لو كانت مكانها لن تتخيل نفسها إلا في حالة مشابهة لها، في الحقيقة لقد كانت تعلم أنها حتى لو وقعت في مثل موقفها لما أحست بمثل ما تحس به هذه الفتاة لأنها لم تكن مثل ستيلا، لأنها لم تكن وحيدة، على الأقل سينا لا تعتقد أنها تقاتل وحيدة.
'بالتفكير في الأمر، إن ستيلا في في الحقيقة ليست وحيدة بعد كل شيء... هناك من يقف خلفها دون حتى تعلم'. سرعان ما تذكرت سينا حقيقة كانت مخفية عن ستيلا.
' أما بالنسبة لي يكفيني راحة أن أعلم أنا أخي الكبير لازال يقف ورائي يساعدني، لذلك دعني أرضي قليلا قلبي و حاجتي إلى فعل الخير و أكون سندك في هذه اللحظة'
كان ذلك ما يجول في خاطر سينا أثناء هذا الصمت الكئيب، لقد كان هذا القرار الذي كانت مقبلة على فعله في صالحها بقدر ما هو من في صالح ستيلا.
'عسى أن يشعرني ذلك بالرضى'
إن إستبعد السبب الدنيوي لسينا المتمثل في إبعاد ستيلا و زيادة فرصها مع فايت فقد كان هناك هدف الأخر، هدف فطري داخلها.
إن الأنسان ولد على فطرة نقية و خلال رحلته في الحياة تلطخ تلك الفطرة النقية لتصبح ملوثة، و قليل من الناس من يستطيع أن يحافظ على تلك نقاوة دون أن وتضرر كثيرا بأمور الحياة.
أما عن الحفاظ عليها بصفة كاملة كما ولد بها أول مرة فهذا الأمر مستحيل، إن العالم الذي يعيش الناس فيه لم يكن مثاليا لذلك تلك النقاوة المثالية لم تكن لتستطيع العيش في مثل هذا العالم، إما أن أن تلطخ به سواء كثيرا أو قليلا، او أن لا توجد أبدا فيه من الأساس.
و بالعودة إلى سينا فبالحكم إلى عمرها و التجارب التي مرت بها و إعتقداتها و القرارات التي تخدتها، فإنها حافظت على نقاوت فطرتها بشكل كبير، لذلك كان هذا الفعل ذا منفعة لها و لفطرتها.
قد يظن من يراها أنها تفعل ذلك تطوعا او نفاقا، و حقيقة الأمر لقد كانت ذا منافع مختلفة و من تلك المنافع محافظة على فطرتها السليمة.
و لكن ما الهدف من ذلك؟ لما قد يفعل بعض الناس ذلك؟ ما الهدف من الحفاظ عل الفطرة؟
لطالما كان لجسد المرء متطلبات كثيرة من أكل و شرب و نوم و علاقة حميمة، للحفاظ عليه و على وضائفه الحيوية، و كلما تطرف المرء في إرضاء رغبات الجسد ضعف جانبه الثاني، ذلك الجانب لطالما نسى الناس او تناسوا عنه، حقيقة ان المرء لم يكن جسدا فقط، في الأصل ما كان الجسد إلى وعاء المرء أو بالأحرى وعاء للروح.
و هذا الهدف من فعل معروف لناس من دون مقابل، لقد كان غداء الروح و التي بدورها تحافظ على فطرة المرء و على سعادة و رضاه على نفسه.
"هل فهمتي الأن لما قلت لك أن تتركي هذا المكان حالا؟"
'هل أهرب و أدع هذا المكان؟ هل أبقى و أواجه دودريا مباشرة؟ هل أختبئ في مكان ما ريثما تهدئ الأمور؟'. كانت الكثير من الأفكار تتصادم و الكثير من الخيارات تتضارب في رأس ستيلا.
لم تكن أي من هذه الخيارات مقنعة بشكل كبير حتى تتخدها ستيلا كقرار لها من دون أن تتردد، كل خيار فيه سلبيات و إيجابيات، لم يكن لأي خيار قد تختاره ستيلا من دون مخاطر مترتبة عليها، لم يكن هناك أي خيار مثالي، لذلك لم يبقى لها إلا أن تختار أي المخاطر التي قررت أن تخوض غماره.
هل تخاطرة بفقدان الثقة مع خطيبها الذي لمح إليها أنه يريد أن يصلح الأمور بينهما؟ أو تخاطرة بذهاب إلى حجر الأفاعي و مقابلة مرعب النساء؟
لو تستمع إلى سينا فأنها ستخاطر بعلاقتها مع خطيبها، و لكن هل كانت ستستمع إليها؟
'ماذا أفعل؟؟'
من المنطقي أن تستمع إليها ففي الأخير لقد كان أفضل خيار متوفر يبعدها عن المشاكل مأقتا إلى أن تتضح الأمور.
'لقد أظهرت له إخلاصي بشكل كافي خلال الأشهر الفائتة، لذلك... لمرة واحدة فقط أريد أن أكون حذرة، لن تتضرر علاقتنا أليس كذالك؟'
إن كان كل ما حدث سوء فهم، ثم تعود الأمور إلى مجراها أما عن علاقتها خطيبها فقد تتأثر حقا و لكن إن كان صادقا في كلامه الذي قاله لها هذا الصباح فسيسامحها لدعم ثقتها به و هروبها من القصر.
"هيا يا ستيلا لنخرج من هذا القصر سريعا"
"............."
"ستيلا، أرجوكِ لا تترددي، إن لحق بك فلن تنتهي الأمور على خير أبدا"
"......لا لن أذهب، أنا أن أبرح هذا القصر حتى يعلم فايت بذلك"
نعم لقد كان خيار إتباع سينا هو أنسب قرار يمكن أن تتخده أي فتاة في مثل هذا الموقف، و لكن ستيلا لم تكن أي فتاة، معتقداتها و أفكارها لم تكن مثل باقي الفتيات في مثل عمرها ليس بعد أن عاشت و شاهدت عائلتها، أبوها و أمها اللذان أورثاها مثل هذا الرأس اليابس.
"هل هناك خطب ما في رأسك ألا تعلمين أن الذي ستقابيلنه إن بقيتي هنا هو المنحرف السادي دودريان" إشتعلت سينا غيضا من هذه الفتاة، لم تستطع إلا أن ترى قرارها على أنه غباء محض.
"إن كنتي تظنين أن يقع في شباكك فسوف أذكرك هو لايهتم حتى بالنساء، و إن كنت تظنين أن يرأف بك فسوف أذكركِ هو سادي، لذلك دعني أسألك مرة أخرى هل تعلمين ما أنت مقبلة على فعله؟"
لم يكن غضب سينا من العدم لقد كانت منذ مدة تحاول أن تخرج ستيلا من ورطتها، تذهب بها إلى بر الأمان، و لكن هذه الفتاة الصغير كانت ذا رأس يابس، على عكس شخصيتها الخجولة فهي دائما ما تعصي كلامها، لقد غضبت حقا لأن رغبتها في مساعدة ستيلا لم تكن لتصلها بسبب إصرار اللولي على بقاء في القصر.
لم ترد أن تسمع بعد أسبوع أن ستيلا الفتاة الصغيرة اللطيفة حدث لها كما حدث لتلك الفتاة المسكينة، الفتاة التي بسبب ألمها الكبير و عذابها، علم جميع الناس أي وحش هذا المسمى دودريان.