حتى بعد ان اصيب بخيبة الامل، قرر ميمون متابعة قراءة الوصف لعله ظلم النظام بستنتاج متسرع، ففي الأخير لم يكن ليدع مثل هذه الفرصة التي لم يستطيع حتى أن يعتبرها فرصة ناذرة، فمثل هذه الفرصة لن تحدث إلى في خياله الجامح و أحلامه الوردية، إن قرر أن يتخلى عنها بعد أن قرأ كلمات قليلة من الوصف فسيجعله ذلك حتما يشعر بالندم فيما بعد.
"لا تتسرع ميمون، لا تتسرع..."
[ان الحريم الحقيقي لا يفرق بين ما هو لك و ماهو لغيرك ،في الحقيقة من المتعارف عن قانون الحريم الأساسي أنه لا يوجد ما هو لغيرك ،هناك فقط هذا القانون واحد و مركزي في هذا النظام، هذا القانون ببساطة كل الجميلات لك.]
".........."
[زوجاتك هي جزء من الحريم ،عبيدك هي جزء من الحريم، خادماتك هي جزء من الحريم، دعك من كل ما سبق، كل تلك النساء من المسلم أنهن سيكن جزء من حريمك و لا غرابة في ذلك، في الحقيقة زوجة الملك ، خطيبة الدوق ، حتى حتى العجوز في سن اليأس هن.....]
"..........حسنا لنبحث عن انظمة اخرى، سأدعي بأنني لم اقرأ شيئا، لا هذا النظام غير موجود حتى"
لم يستطع ميمون ان يمنع دمعة حزن من السقوط من عينه اليسرى، ليرى أن النظام الذي كان في احلامه الوردية دائما بمثل هذا الانحراف الشديد..... كان من المفترض أن يتوقع ذلك بعد أن قرأ و رأى كثيرا من الروايات و المسلسلات المختلفة، على أي حال هو تمنى أن يكون بإستطاعته الحصول على نظام مختلف في التفاصيل الثانوية و محافظا على جوهره، و لذلك رمى ما يعرفه خلف ظهره قرر أن يعطي هذا النظام فرصة و يقرأ وصفه كاملا، و في أخيرا إستسلم في وسط الطريق.
"ما كان يجب علي أن أرفع أمالي عاليا، حقا يا لها من مضيعة للوقت، و هذا النظام.... فقط لو غير اسمه من نظام الحريم الى نظام اشتهي اي شيئ يمشي على رجلين ،زوجة الملك؟ خطيبة الدوق؟ العجوز التي.... اخاف لو اكملت قرأة الوصف سيقول لي..... على اي حال هذا النظام ليس لي"
تنهد ميمون بحزن و هو يتابع قائلا بينما يمسح ما تبقى من المدوع في عينيه.
"قد يكون حلمي أن أحصل على الحريم الخاص بي لكنني لا افكر ابدا في زوجات رجال الأخرين، على الأقل من غير المسموح لي التفكير بهن... و عجبا لهذا النظام، حتى العجوز التي فقدت كل سحرها لا يمكن تنفد من براثنه؟ فقط ما الذي بقى لها من سحر و عافية جسد حتى يسعى ورائها؟"
صمت ميمون قليلا و كأنه لاحظ شيء غريبا.
"و لكن كيف يمكن لهذا النظام ان يصنف على انه نظام محايد؟ بالتفكير في الامر ما هو تعريف معنى محايد الذي وضع به هذا التصنيف أصلا؟"
سرعان ما لاحظ ميمون أن هناك خطبا في تسمية هذه الأنظمة.
"لو نظرة الى انظمة الشر فهي حتما انظمة للشر، سرقة، قتل، ربى، فتن، لا يختلف فيها اثنين على انها وضعت في تصنيقها الصحيح"
حاول أن يجيب ميمون على هذا السؤال و هو يمرر عينيه على قائمة الأنظمة الشر، و ذلك لم يكن كافيا للوصول إلى الإجابة.
"ثم لم يبقى الى تصنيف الخير الذي تركته للأخير لكي اختار منه نظاما لي، فقط لأرضي فضول حول التصنيفين الاخرين لم أبدأ به أولا، و لكن الان عند رؤية تصنيف محايد أمسى لدي شك في كيفية تصنيف هذه الانظمة، لذلك سوف نرى مع هذا الاخير"
نظام المساعدة معرفة المزيد
نظام الامانة معرفة المزيد
نظام العدل معرفة المزيد
نظام الامر بالمعروف معرفة المزيد
نظام نهي عن منكر معرفة المزيد
نظام الانقاد معرفة المزيد
نظام الصدقات معرفة المزيد
.
.
.
"ليس هنالك أي مشكلة هنا، لا شك انه هذه انظمة ايضا موضوعة في مكانها الصحيح، هل يعني ذلك ان الخطأ وقع فقط في تصنيف المحايد؟ ام انه.... انا من فهمت الامر بطريقة خاطئة؟ حسنا لنعد التركيز في تصنيف المحايد"
"على اي اساس وضع تصنيف محايد؟ و ماذا يعني في هذه الحالة كلمة 'محايد' بالضبط؟ نعم هذا هو السؤال الذي يجب ان أجيب عليه اذا كنت اريد ان افهم الامر بطريقة صحيحة"
بدأ ميمون في تحليل مشكلته و بحث عن السبب الأول الذي سبب له هذا الإرتباك.
"بالرجوع الى تصنيف المحايد هناك تصنيف المساواة كيف وضع مثل هذا التصنيف هناك؟ و كيف يمكن للمساواة ان تكون صفة بين الخير و الشر؟ أليست المساواة من صفات التي تنتمي الى الخير؟"
زادت ملامح الحيرة على وجه ميمون بدلا من أن يقترب من حل المشكلة.
"هناك سر في هذا التصنيف، كيف يمكن للمساواة ان تكون بين الخير و الشر؟.... بين الخير و الشر... بين الخير و بين الشر.... بين!!...."
كأنه يقترب أكثر و أكثر إلى الإجابة عن إستفساراته بدأ ميمون يكرر كلمات محددة، كلمات رأى أنها المفتاح لمحي تساؤلاته.
"!!! الان فهمت على اي اساس وضع هذا التصنيف"
بعدما تجمعت الأفكار في رأسه توصل ميمون أخيرا إلى ما رآه جوابا عن أسئلته، و قال بنشوة.
"كيف لم أفكر في هذا الأمر، اذا كان تصنيف الخير نظاما لفعل خير فقط مثل نظام الامر بالمعروف و نظام العدل، و من جهة أخرى نظام الشر و هو نظام لفعل الشر فقط مثل الربى و الدبح فلا يعقل ان اي شخص سيقوم بفعلهم لأجل الخير و العكس صحيح"
"اذا نظام المحايد هو ليس نظام محايدا في الحقيقة، فمحايد بشكل عام هو ما يطلق على شيء الذي لا ينمي الى احد الطرفين، اي انه لايفعل الخير و لا يفعل الشر، و لكن في هذه الحال إن المفهوم العكس تماما"
"إن نظام المحايد في هذه الحالة هو النظام الذي يفعل الخير و الشر على سواء، و الامر راجع الى متسعمله ليختار، فإن أراد به خيرا فسيكون نظام الخير و ان أراد به شرا إذا فهو كذلك"
وقع نظر ميمون على أحد الأنظمة في صف المحايد قبل أن يتابع كلامه.
"و أفضل مثال على ذلك هو نظام المساواة؛ قد يبدوا في الوهلة الاولى انه نظام للخير، و لكن هذا غير صحيح تماما، فهناك عدل و هناك مساواة و ليست المساوات كالعدل، فأما العدل فهو دائما في مجال الخير و اما المساواة فهي تؤول الى الحالة التى طبقت فيها و إن استعملت لغير مكانها لكانت المساوات شرا"
"و هذا ما يفسر سبب تصنيف نظام المساواة في المحايد"
"مثال ذلك الشعار الذي رفع في عالمي الحقيقي، و هو شعار المساواة بين الرجل و المرأة قد يكون في ظاهر الامر خيرا، و لكنه شر موجه الى النساء قبل أن يكون شرا لرجال، بل إن الأمر تعدى ذلك، ليكون شر موجه إلا المجتمع ككل"
"و هذا ما اصبح جليا كما طالت مدة النساء اللائي تشبتن بهذا الشعار، لقد وجدن انفسهن يتخبطون في عالم لم يصنع لهن، انه مثل ان تساوي بين سمكة و طائر و تقول لسمكة ان تحلق مثل الطائر و تعيش في الهواء"
"فلو ينظر اي احد في ختلاف البنية الجسدية بين الرجال و النساء لوجد ان المساواة بينهما في المجتمع خارجي الذي يتطلب قوة و تحملا كبيرا ليس فقط جسديا بل حتى نفسيا هو ظلم للنساء ذوات الجسد قليل العضلات و ناعمات البشرة و المشاعر المرهفة"
"و هو ظلم لطفل هذه المرأة الذي لن يجد امه لتعني به و تعطيه الحنان الذي لن يستطيع حتى والده أن يعوضه عنه، و الأم مشغولة في الخارج لملاحقة وهمها في المساواة، و كذلك هو الامر بنسبة لزوج الذي لن يجد اي احد ليعتني له بأمور اولاده و المنزله"
ضحك ميمون بتخيل أن أحد النسويات سوف تسمع كلامه ماذا سيكون رد فعلها؟؟
'ليس و كأني خائف من مثل هذه المواقف' إبتسم ميمون بثقة قبل أن يرجع إلى الموضوع.
"إن المساواة في هذه الحالة هي شر خالص و لأن المساواة هي امر نسبي...... بالتفكير في ذلك إن طبقت هذا الاستنتاج على نظام الحريم ألن تكون مخاوفي زائدة عن اللزوم كما إعتقدته في الأول؟"
لمعت عينا ميمون مرة اخرى لوجود احتمالية اختيار هذا النظام لجعله شريكا له دون الذهاب بنفسه الى الهاوية.
"ففي الاخير الامر راجع لي انا إن كان هذا النظام للخير او لشر، فلو جعلت حريمي يتكون من زوجاتي فقط دون النظر الى نساء رجال الاخير إذا انا لم اتعد الخط الاحمر و مازلت في المنطقة الآمنة"
أومأ برأسه متفقا مع كلامه.
"نعم هذا هو كل ما في الامر، و لكن الان و قد نظرة الى كل الانظمة و رؤية اوصافها ماذا اختار الان لي كنظام؟"
"هل اتبع خطتي الاولى في ختيار نظام للخير و هو الخيار الآمن الذي لن يحمل اي اخطار خفية؟ سيكون ذلك مثل الوالدين الصارمين على أولادهم و الذين سيسيران ابنائهما إلى الطريق الصحيح"
"ام اختار نظام من انظمة المحايدة و الانتباه لأفعالي كي لا اقع في مصيدة إخترتها بيدي، مثل نظام الحريم الذي طالما كانت احلم بمتلاكه عند مشاهدة روايات الحريم؛ و هذا سيمثل الوالدين الذين سيقولا لأولادهما افعلوا ما شئتم"
"ام..... حسنا لدي هذين الخيارين فقط، اذا ماذا اختار؟"
لم يستطع ميمون ان يقرر لذلك لم يسعه الى ان ينظر الى التصنيفين مرة اخرى بتمعن و دون تسرع و لمدة ليست قصيرة من الوقت، ففي الاخير لم يكن هناك اي حد زمني لمهلة إختيار النظام.
"مهلا كيف لم الاحظ هذا النظام؟ انه نظام مثير للأهتمام، لنرى ما هو وصفه"
ابتلع الفتى لعابه في ترقب و هو يقرأ وصف النظام الذي جذب انتباهه، ببطأ و بتمعن كان ميمون يقرأ كلمات التي وصف النظام من أجل فهم فحواه، فيرى إن كان حقا هذا هو النظام الذي يرجوه.
"....... هذا النظام!!.... يبدوا ان هذا النظام سيكون رفيقي في هذه الرحلة"
و من دون أي مزيد من التردد ضغط ميمون اخيرا على النظام المختار، سواء كان خياره صحيحا أو كان خيارا سيئا لم يعد هناك أي فرصة لتراجع عن هذا الإختيار، كان ذلك هو النظام الذي سيرافقه دائما. على أي حال تلك البسمة المرسومة على وجهه قد أبدت رضاه عن هذا الإختيار.