في قاعة واسعة باحد بنايات قسم فرسان الفيوجن يتجمع صف كريستينا مع البروفيسورة سيسيليا في درس فنون السيف التي باشرت تعليم طلابها فنون اساس المبارزة " حسنا اليوم ستستعرضون مهاراتكم القتالية في فن الدفاع عن النفس بما أن مهرجان الفارسة الفضية المقدس على الابواب اريد اختيار امهركم للقيام بعرض فن السيف لذلك سأقيم مهاراتكم، من اول شخص يتقدم؟ " رفعت كريستينا يدها من بين جميع الطلاب " حسنا تفضلي سمو الأميرة" قالت البروفيسورة سيسيليا تقدمت الى الساحة واشهرت سيفها وبطاقة تنبعث من صدرها تفتحت زهرة المقبض الزرقاء النيلية خاصتها وتقدمت نحو البروفيسورة تواجهها تستعرض مهاراتها الخاصة بينما تتجنب البروفيسورة سيسيليا ضربات كريستينا بكل رشاقة وبيد واحدة استطاعت ان تصد جميع هجماتها ثم قامت بحصارها لتقع ارضا وتفلت سيفها "الفارس لا يتخلى عن سيفه مهما كان الثمن والا سيدفع حياته ثمنا لاهماله، لو كانت هذه مبارزة حقيقية لكنت الآن ميتة" "اسفة… " زفرت كريستينا مهمومة …… بعد انتهاء الدرس اجتمع الطلاب مغادرين " مهلا سمو الأميرة" قبل ان تستوقفها البروفيسورة " نعم بروفيسورة سيسيليا" "لقد لاحظت تشتت انتباهك اثناء الدرس هل هناك خطب يزعجك؟" " أعتذر اشعر فقط بالتوتر لأن يوم بلوغي اقترب " " متى هذا؟ " " انه في نفس ذكرى المهرجان " رمقتها البروفيسورة باندهاش "هذا عظيم! اذ لا يولد فارس فيوجن من دماء نقية في نفس ذكرى عيدنا المقدس الا نادرا يجب ان تكوني فخورة بهذا كريستينا" " هذا صعب قليلا لكنني سأحاول " بين مقتها لدمائها ونسلها كانت كريستينا تمر بحرب نفسية صامتة حرب لا يشعر بها احد سواها "عموما حسني مهارات المبارزة خاصتك لانني اطمح باختيارك لاستعراض يوم المهرجان" غادرت كريستينا الصف تتنهد من غير اعطاء اجابة وهي تحس بألم في صدرها " سحقا!! في ذكرى ولادة فارسة الفيوجن السادس عشر يتغير جسدها بين ليلة و ضحاها مسببا آلاما لا تحتمل كل هذا في سبيل … البلوغ! ... انا في الليلة المهرجان سأصبح امرأة بالغة" اغمضت عينيها بوجنتين محمرتين تحاول الصمود للوصول لمخدعها والراحة قبل بداية حربها الحقيقية مع جسدها بينما في قصر هورتينسيا وسط اراضي فرسان الفيوجن يجلس روفليس ملك العشيرة في طاولة تجمعه بأخيه الاصغر جيفرسون مدير قسم فرسان الفيوحن في اكاديمية ديستانسيا وأحد أعمدتها الأربعة "اقترب مهرجان الفارسة الفضية التحضيرات له على الأبواب" بينما باشر جيف الحديث "كيف يبلي اطفالي في الاكادمية؟ " سأل روف باهتمام " انهم جيدون ليليانا الاولى على صفها كما انها رئيسة ممتازة باللجنة الانضباطية وايفان يبذل جهده، رغم انه في السنة الاولى الا أنه مجتهد" " وماذا عن كريستينا؟ " " حسنا انها على حالها" ابتسم جيف بسخرية " اقترب المهرجان ومع اقترابه ستبلغ السادسة عشر وانت تعرف ما يعنيه هذا جيدا " "اعلم" "ما خططنا له طوال الستة عشر عاما الماضية جاء الوقت لتنفيذه" " هذا صحيح " "أين إيريكو الآن؟" " إيريكو؟ آخر مرة ارسل رسالة كانت منذ ثلاثة اشهر قال فيها انه في جبل ألكيا يقاتل تنانينها لاختبار قوته، لكن لا تقلق أكد لي انه سيعود قبل مهرجان الفارسة الفضية" " هذا جيد، إيريكو وكريستينا، كلاهما مهمان للعشيرة ان حصل اي شيء لأحدهما وقتها…" شحب وجه روفليس ولم يتجرأ على اكمال جملته كان القلق ينساب كالعرق على جسده بينما يحكم قبضة يديه انتبه اخوه له وحاول طمأنته "لا تقلق،عشيرتنا وحاكمها المستقبلي مرهونان بإيريكو وكريستينا، بالتأكيد لن يضيع جهدنا سدا" نهض مغادرا بعد انهاء كلامه وفور خروجه من القصر تقابل مع إيريك قائد الحرس الملكي " ابي؟ ما الذي جاء بك الى هنا؟ " " أهكذا تتحدث الى والدك بعد هذه الاشهر؟ " "هل هناك من خطب؟ ليس من عادتك الاجتماع بالملك دون سبب وجيه" " تذكرت! إيريك ألا تزال على تواصل مع كلارا؟ "حاول تغيير الموضوع " ما… ما مناسبة هذا السؤال؟ " تلبك في الكلام "عموما انا اعطيك الضوء الاخضر ان اردت ان ترتبط بابنة عمك" صدم ايريك وتربط لسانه في حلقه رمق والده بنظرات مصدومة بينما حاول جيفرسون طمأنة ابنه وتفسير ما يجري له "لقد تم تحديد من سيخلف كلارا بعد توليها العرش" ثم غادر تاركا ايريك في حالة من عدم الاستيعاب وانطلق جيف يتمتم في نفسه 'بمجرد قدومه ستنقلب كل الموازين' …. في مكان بعيد عن اراضي عشيرة فرسان الفيوجن وتحديدا جبل نافث للنيران يدوي زئير التنين الاسود وهو يستعد لنفث لهبه في وجه خصمه صاحب سيف على مقبضه زهرة بيضاء استجمع الشاب طاقته ثم وجه ضربة قاضية للتنين أردته جثة هامدة وقف امامها وهو ينتزع قلبه لتبرز خصلات شعره الفضي اللامع مع تلك العيون المتعطشة للقتال ذات اللون الذهبي اسفل قلنسوته " هذه ستكون هدية جيدة عند عودتي" ابتسم بغموض ينظر ناحية اراضي عشيرته …….. وجدت كريستينا نفسها في مكان اشبه بالركام وامامها امراة لم تستطع رؤية ملامحها بسبب شعرها الفضي الذي يغطي وجهها "عـ..عفوا؟" التفتت المرأة اليها وابتسمت تسير نحوها " أنت هي المختارة" مع تلك الكلمة صحت كريس فزعة تتصبب عرقا " يبدو انك متعبة" لمست ليليانا جبين اختها الحار "ماذا تفعلين هنا؟" " هل راودك كابوس؟ " " نعم، اعني لا، اعني… يا الاهي! " اصيبت بالارتباك وهي تحاول تفسير ما يجري لنفسها " انت متوترة ارتاحي جيدا خاصة في مثل هذا الوقت " " انا بخير" " من تخدعين بكلامك؟ كريستينا لقد اقرب عيد ميلادك السادس عشر أي انك ستبلغين وتقولين انك بخير؟ " " وماذا يجدر ان اقول؟ اشعر بآلام كثيرة كما لو ان ملايين الأشواك تضرب صدري و ظهري ينشطر نصفين في كل ثانية تمر انني اتلقى طعنات بالسيف اسفل رحمي، لدي رغبة جامحة في مضاجعة الرجال واعاني من الحمى والدوار والكوابيس وكثيرا من المخاوف لدرجة اشك ان ابقى واعية في الساعات القادم، هل هذا ما تريدين سماعه؟ " صرخت في وجه اختها " انها اصعب فترة في حياة فارسة الفيوجن عليك ان تجتازيها لتثبتي جدارتك" " لكنها حقا… مؤلمة " "انها حربك كريستينا وعليك الفوز بها" قالت جملتها الاخيرة وهي تدفع الباب خلف ظهرها لتغادر غرفة اختها بينما استلقت كريستينا واغمضت فيها عينيها مجددا " بلوغ الفارسة! انها اكثر الفترات التي تختبر فيها لإثبات قوتها" ….. بدأ التحضير لمهرجان الفارسة الفضية الحدث المقدس لافراد عشيرة فرسان الفيوجن الكل متشوق لهذه الذكرى وينتظرها بلهف باستثناء كريستينا التي تنتظر مرورها بألم حاد الى ان حلت آخر ليلة من السنة الخامسة عشر لها وفيها حلمت بحلم غريب كانت قرب بركة مائية تنظر الى السماء التي تتساقط منها نجوم زرقاء مثل لون زهرة سيفها ومن بين تلك النجوم المتساقطة كالشهب سقطت بين يديها نجمة وكانت على شكل حجر ازرق مشع قامت بضمها لصدرها لتمتص تلك النجمة من قبل جسدها ثم يشع المكان كله قبل ان يتحول لون عينيها الى الابيض وتسمع صوت من بعيد ينادي " أنتِ هي المختارة! " انكمشت على نفسها في مكان اشبه بفراغ مليء بعقارب الساعة تفرد جناحيها رغما عنها فتحت عينيها ببطئ تستجيب لذلك الصوت " أنا…. المختارة؟ ما معنى هذا؟ من انتِ؟ وماذا تعنيم بكلامك؟ " فتحت عينيها وهي في سريرها " المختارة؟ …. مجرد هذيان" تمتمت في نفسها اقترب المهرجان، اليوم هو يوم بلوغها، الليلة! وضعت يدها على صدرها " سيتغير جسدي كليا… كم سيكون الألم فضيعا " فجأة دق احدهم باب غرفتها " ادخل " لقد كانت ليليانا مجددا وهي تحمل معها صينية " ما هذا؟" سألت كريستينا " مشروب عشبة ساراكاي، جميع نساء عشيرتنا يشربون منه في مرحلة البلوغ سيفيد في تخفيف الآلام قليلا انا ايضا استعملته في الوقت الذي بلغت فيه" نظرت كريس بسرحان الى الكوب ثم الى اختها " لماذا؟" " ماذا تعنين بلماذا؟ " " لم اصبحت تهتمين بي فجأة هكذا؟ " "ما هذا السؤال التافه؟ انت اختي كيف لا اهتم بك؟ " " اختك؟ هل اعتبرتني اختك حقا؟" وضعت ليليانا يدها على كتف كريس " تربينا نحن الأميرات منذ صغرنا على اخفاء مشاعرنا حتى عن بعضنا فقط في سبيل واجباتنا كأميرات لكن كل واحدة منا تحب شقيقاتها وتهتم بهن حتى لو لم تظهر مشاعرها وهذا الكلام ينطبق علي ايضا كريستينا " ثم اسرعت تحضنها " سواء اعجبكي ام لا، انت تبقين اختي الصغيرة اول اخت صغيرة لي شهدت على ولادتها! امسكت يدها الصغيرة وهي رضيعة، كنت اول من رأى هاتين العينان الذهبيتين بعد ان فتحتهما، سأظل أحبك كريستينا، سأحميكي لو كلفني هذا حياتي، اعدك بهذا" ارتجف فمها الصغير وخالجتها رغبة حادة في البكاء " لماذا…. ابكي؟ " "غبية، مرحلة البلوغ تؤثر على مشاعرك ايضا سواء اعجبكي هذا ام لا ستجدين نفسكي حساسة للغاية ومتأثرة لاتفه الاسباب" مسحت ليليانا دموع اختها ثم ألصقت جبينيهما " كريستينا عديني بشيء واحد مهما سيحدث بعد هذا اليوم ابقي قوية ولا تنسي واجبك اولى اهتماماتك كأميرة" " ما الذي….. تتحدثين عنه؟ " " لقد تأخرت علي ان ارى تجهيزات المهرجان يجب ان اذهب " غادرت ليليانا وتجهزت كريستينا لخروجها لتقابل سر سعادتها " كريس اليس! " بوجهها الباسم والبريئ تنادي بياتريس لصديقتها بحنان تخفف عنها آلامها تلك بدون أن تدري " صباح الخير " "وجهك شاحب هل انت بخير؟" " اجل لا تقلقي" " انت لا تخفين عني امرا صحيح؟ " " لطالما كنت تكشفين اوجاعي حتى لو لم اتكلم، في الحقيقة انا اعاني من آلام شديدة مؤخرا" " آلام؟ اين؟ فلنذهب لمشفى الاكادمية! " "لا انه ليس مرضا او اصابة" " اذن ماذا؟ " " الحقيقة، انا امر.. بـ… بمرحلة البلوغ" " بلوغ؟ " " اجل" " نحن السحرة لا نبلغ حتى سن العشرين لذا لا اعرف كيف اساعدك" " فقط لا تخبري احدا اتفقنا؟ " " اعدكي، انتظري سأسأل جدتي ربما تعرف عن هذا الامر" "شكرا لكي لكن بلوغ الفارسة لا يشبه بلوغ الساحرة" " لماذا؟" "انه اشبه بمعركة يجب ان تفوزي بها وحدكي كي تثبتي جدارتك بدون مساعدة احد" " كريس….أليس " نظرت بياتريس الى عيني صديقتها اللتان تصارعان حتى النهاية وقد ادركت ان لهذه المعركة دور هام في مرحلة حياتها القادمة " اتفهم هذا لكن ثقي انني اساندك كريس أليس" "انا حقا ممتنة لوجودكي معي" …… لم تستطع الفتاتان البقاء معا فقد كان يتوجب على بياتريس واعضاء اللجنة الاخرين القيام بواجباتهم ازاء مهرجان الفارسة الفضية وكريس اليس قد اخذت اجازة من دراستها لترتاح في غرفتها وهي تقبض يديها على الوسادة بألم " اشعر اني سأفقد عقلي" بين لهاثها وهفواتها حاولت الحفاظ على وعيها قبل ان تغمض عينيها وهي تستشعر لهيبا يحترق داخلها ومع هذيانها المستمر اقدام غريبة تطأ غرفتها ويقف امام سريرها يشاهدها تعاني وضع يده على جبينها ليشع سيفه الموضوع على خصره برمز غريب يظهر شبيهه على سيف كريس أليس الموضوع جانبها وبظهور ذلك الرمز تستشعر تباطئ الألم شيئا فشيئا حتى غفت تنهد ثم نزع يديه من فوق رأسها "أنتِ شجاعة حقا كريسـ … تينا" خرج من غرفتها يمشي في الممر يقوم بفك احد ازرار قميصه اعلى رقبته بيده التي تلفها القفازات الشهباء _اي ناصعة البياض_ مع سيفه ذو الزهرة البيضاء حول خصره يسير في ممرات الاكادمية امام مرأى الطلاب "هل رأيته؟" " انه وسيم!" " لم يسبق ان شاهدته في الاكادمية" "هل تعرفه؟" " انه فارس فيوجن هذا واضح" "من يكون يا ترى؟" يقف لياندرو مع ليليانا في الممر يتحدثان عن التحضيرات " آنسة ليليانا لقد تحققت من مسرح الأكادمية وقاعة العرض كما طلبتي الترتيبات جاهزة تقريبا وسينهي العمال…. " " ماذا؟ " " ما الامر؟ " غادرته دون ان تنبس ببنت شفة، اسرعت تلحق ذلك الشاب الذي يسير مبتعدا مغادرا القسم " انتظر! " توقف الشاب عن المشي وابتسم بعفوية بينما خصلات شعره الفضي تغطي عينيه التفت اليها " مضى وقت طويل، أختي ليليانا" " كما توقعت، سمعت انك ستعود اليوم لكن… " " لقد اردت ان تكون مفاجأة " " هل قابلت كريستينا؟ " " كنت في غرفتها منذ قليل " " كانت نائمة صحيح؟" " بلى، لذلك لم أغرب في إيقاظها " "يجدر بك الذهاب الى القصر حالا" " اعلم لقد اتيت للقاء والدي وحسب ثم سأتجه الى القصر" وصل لياندرو الى ليليانا بعد ان لحق بها لاهثا "سينيورة ليليانا لم ركضتي فجأة؟" " آسفة" " من هذا الشاب؟" " لياندرو دعني أعرفك على ابن عمي الثاني، إيريكو دي هورتينسيا، وهو يكون ….خطيب أختي كريستينا " فتح ايريكو عينيه الذهبيتين برموشه الطويلة وابتسم بعفوية ايريكو البالغ من العمر سبعة عشر عاما الابن الثاني لمدير قسم أكادمية ديستانسيا جيفرسون الاخ الاصغر لملك عشيرة فرسان الفيوجن وهو يكون.. " خـ.. خطيب الأميرة الثالثة؟" شهق لياندرو … يتبع