فتحت ابواب الأكاديمية مع منتصف ذلك اليوم امام كل ضيوفها لحظور مهرجان الفارسة الفضية وعلى رأسهم افراد من الاسرة الملكية لعشيرة فرسان الفيوجن
كان افراد اللجنة الانضباطية من الاقسام الاخرى يراقبون مداخل ومخارج للاكادمية للحراسة والاشراف على استقبال الضيوف وتوجيههم
و بياتريس تشاهد هذا الحدث الذي لم يسبق تكراره في تاريخ دستانسيا
" في حياتي لم أر الاكادمية تمتلأ مثل اليوم" علقت بذهول واعجاب
"هذا لأنه حدث مقدس بالنسبة لهم" قالت السينيورة فيونا التي كانت بجانبها تراقب تدفق الوفود داخل اسوار ديستانسيا
'أتسائل ان كانت كريس أليس بخير اتمنى لو استطيع الذهاب للإطمئنان عليها' فكرت في نفسها وبالها مشغول بصديقتها التي لا تعلم كمية الغموض الذي يحيطها
********
" بياتريس لقد تم تكليفك بالترحيب بافراد الاسرة الملكية رفقة ايلان" صدمها السينيور كلاوس بطلبه الذي لم تتوقعه
"ماذا؟ انا؟ لماذا؟" قالت منفعلة" يفترض ان يكون هذا دور السينيورة ليليانا والسينيور لياندرو"
"السينيورة ليليانا و مساعدها لياندرو مشغولين اكثر من اي شخص آخر كما ان باقي اعضاء اللجنة قد كلفوا بمرافقة الوفود الاخرى الى اركان الاكاديمية ولا احد شبه متفرغ غيرك"
"حسنا!"
" هيا بنا لنذهب" قالت ايلان وهي تشدها من ذراعها متحمسة
"على مهلك لن يهرب افراد الاسرة الملكية الى اي مكان…. "
كان تفكيرها منصبا في لقائها الاخير مع افراد اسرة هورتينسيا الحاكمة حين ضاعت هارلين بالغابة العام الماضي وكيف كادت ان تصبح قطع لحم متناثرة على سيف الملك روفليس عندما لم تذعن لطلبه ببيع كورتيس له
'هيلينا لا تخافي انا معك سأحميك من شر هؤلاء الناس'
' اهلم هذا كورتيس'
'سأساندك' خرج من ختمه نحو احضانها
'هل جننت؟ اتريد ان يراك الملك روفليس؟'
' لن يطمع بأخذي لانني ملكك'
' اجل ولكن…'
" بياتريس لقد وصلوا! "
قاطعت ايلان حديثها التخاطري مع أليفها كورتيس لتراقب الفتاتين افراد الاسرة الملكية وهم يدخلون في سياراتهم البيضاء الفخمة حدود ابواب الاكاديمية
" شرف مقابلة افراد الاسرة الملكية هو كالحلم لأي فارس فيوجن انا متحمسة" كاد الشرر يتطاير من عينيها تشويقا
"وانا متوترة" بينما بياتريس امتعضت داخلها من هذا اللقاء
لحظات هي حتى نزل من السيارة كل من ايريك قائد الحرس الملكي مرافقا للأميرات كلارا ولية العهد اضافة الى نتاليا وجودي وسيسيليا وهارلين
انحنت ايلان امامهم تسحب سيفها وتغرسه في الارض ترحيب وتكريما لهم
" ارحب بافراد الاسرة الملكية الفارسة إيلاني رايكو خادمة لكم "
ظهرت بياتريس خلف ايلان وبمجرد ان وقعت اعينهم عليها حتى اصابهم الذهول الممتزج بفرحة اللقاء
" انت؟!!! " شهقت كلارا
" اختي بياااااتريس" ارتمت هارلين في حضنها
" آه يا هارلين لقد كبرتي كثيرا " علقت برضا لأن الملك روفليس لم يكن معهم فانتبتها راحة سرت باوصالها لعدم حظوره
" سعيدون بمقابلتك ثانية آنسة بياتريس أرجينا" همهمت نتاليا مبتسمة
" شكرا جلالة سمو الاميرة نتاليا وأهلا بالأميرات جودي وسيسيليا إيفي"
"مـ… من اين تعرفون بعضكم؟" تسائلت ايلان بحيرة وهي تحك فروة رأسها وتعيد سيفها لغمده
" قصة طويلة " قال ايريك
" اجل… طويلة " ابتسمت كلارا بسخرية
"من هنا تفضلوا لو سمحتم"
قادت طالبتي اللجنة الانضباطية افراد اسرة هورتينسيا المضيفين نحو قاعة الاستقبال بينما كانت هارلين تتشبث بيد بياتريس ولم ترغب بتركها فقد اشتاقت اليها بعد فراق دام سنة
" هارلين كم عمرك الان"
" عمري ستة سنوات"
" هذا جميل لقد كبرتي كثيرا "
" واختي بياتريس قد تغيرت ايضا "
" حقا؟ كيف تغيرت؟ "
" لقد صار شعركي طويلا كما قمت بقص غرتك ايضا"
"انت حقا دقيقة الملاحظة" علقت باعجاب
" اين كريستينا؟ " استندت نتاليا على كتف اختها كلارا تسأل بهمس كي لا يسمعها البقية
"في مخدعها، فهي تمر بوقت عصيب الآن لذلك يمنع عليكم الذهاب لرؤيتها"
وصل الجميع الى قاعة الاستقبال وبذلك انتهت مهمة بياتريس وايلان لتودعا الضيوف وتتجه كل منهما الى عملها التالي
" اريد ان ابقى مع بياتريس وقتا اطول" تذمرت هارلين
" انا آسفة لكنني حقا مشغولة بآداء مهامي ولا وقت لدي، لكنني اعدك فور انتهائي سألعب معك"
"هل تقسمين بشرفك؟"
" اقسم بشرفي؟ "
" او دمك؟ "
"دمي؟ لم هذا؟"
" القسم بشرفكي او دمك هو نوع من العهود التي لا يجب ان تكسر بالنسبة للفرسان " اوضح ايريك طلب هارلين
" حسنا فهمت اذا انا اقسم بشرفي انني ساعود لاجلك"
"حقا؟ شكرا لكي اختي بياتريس، حالما تأتي اختي كريستينا سأعرفكما على بعضكما البعض واثقة انكي ستحبينها"
"يسعدني هذا حقا"
******
" لقد وصلوا" شهق لياندرو
" سأذهب للقائهم " اسرعت ليليانا ناحيتهم حيث تدخل سيارات مكشوفة سوداء الاكاديمية تحمل كل واحدة شعار من مدارس مختلفة لعشيرة فرسان الفيوجن وعلى رأسهم أكادمية تيارغوس للفرسان النخبة
ومع لباقتها وحسن سلوكها وجمالها الفاتن انحت مبتسمة امامهم
"ارحب بجميع ضيوف ديستانسيا الاعزاء من جميع مدارس العشيرة، الأميرة ليليانا هورتينسيا تحييكم"
شهق الجميع بذهول واعجاب كبيرين
" يا الاهي انها اجمل من الصور"
" الاميرة ليليانا جاءت لتستقبلنا شخصيا"
" مذهل! جمالها لا يوصف "
من بين طلاب المدارس الاخرى يقف في الزاوية طالبين من اكادمية تيارغوس كانت نظراتهم عكس نظرات البقية فقد كانت مشبعة بالاستحقار والغضب العارم
" انهم يحبون ارتداء الاقنعة" قالت طالبة بشعر برتقالي محمر وعيون خضراء حادة تحمل اسم إليسا هايزك
"يحاولون اظهار استحسانهم لرعاياهم، يال دنائتهم ونفاقهم!" يليها طالب بعيون رمادية، وشعر فضي مع ملامح شبه انثوية اسمه كيرلس سيلفا
" هل ترى ما نراه يا ألاين؟ " التفتت إليسا خلفها ليتقدم شاب آخر بشعر اسود وعيون ارجوانية تتقد عيناه شررا وحقدا وهو ما سيقلب طاولة مخططات روفليس رأسا على عقب وسيحفر اسمه عميقا بتاريخ العشيرة بعد بضع سنوات فقط، ألاين ريفانوف
" مجرد حثالة، الحثالة الملكية "
*******
فتحت كريستينا عينيها وهي مستلقية على ارض تحتضنها الزهور الزرقاء النيليلة، او المعروفة بزهور الفيوجن
' أنت هي المختارة'
دب همس يختلج اذنيها من مصدر مجهول حولها جعلها ترتبك
" المختارة؟ مختارة لماذا؟ "
'أنت هي المختارة'
" لا افهم، من انت؟ "
" بطل يولد من رحم المعانات، مصيركي سيتغير بيديك، كريستينا أليسيا!"
مع تلك الجملة الاخيرة استيقظت كريستينا فزعة من نومها
" ما…ماذا سمعت للتو؟ كريستينا…أليسيا؟ " شهقت فزعة بينما تلتف بعينيها في زوايا الغرفة تحاول فصل احلامها عن واقعها الى ان انتبهت لمقبض باب الغرفة يفتح ودخلت لحظتها أنجيلا كاليستر صديقة طفولتها الفضولية والمرحة تلبس زي اكاديمية تيارغوس للفرسان النخبة
" كريستيناااااا"
"أنجيلا؟ ماذا تفعلين هنا؟"
" انه مهرجان الفارسة الفضية تمت دعوة كل طلاب الأكادميات الاخرى لعشيرتنا لحظوره في ديستانسيا"
" كم الساعة الآن؟ "
" السادسة مساءا "
"يبدو انني نمت اليوم بطوله"
" اليوم هو يوم بلوغك "
" بلى"
"هيا سأساعدك على النهوض، لقد جاء جميع اخوتك اليوم لحظور المهرجان"
" هذا صحيح من واجبي ان اكون بجانب عائلتي الآن "
" لا تجهدي نفسك انت بالكاد تستطيعين الوقوف"
ارتدت كريستينا زي الفرسان و نزلت نحو ساحة الاكاديمية محاولة اخفاء كل اوجاعها وآلامها متحاهلة نصائح آنجيلا
********
"ستجدون قاعة استقبال الضيوف بالجزء الشرقي من صفوف السنة الثالثة"
" شكرا لكي سينيورا"
بينما بياتريس تقوم بمساعدة الضيوف لارشادهم نحو اماكنهم
" همممم… هممممم"
صوت انين قادم من اعلى احد الاشجار
" ما هذا ؟ "
اقتربت من الصوت شيئا فشيئا وما ان رفعت رأسها الى الشجرة حتى رأته عالقا بين اغصانها
" ثعلب؟ " كان ثعلب احمر صغير "ماذا تفعل هنا؟ هل انت تائه؟"
حملته بين ذراعيها تمسح على رأسه
"كيف انتهى بك الامر فوق الشجرة؟"
نظرت تتأمل عقد ربط على كف مخلبه
" أنت أليف؟ ولكن اين مالكك؟ "
فجأة سمعت صوت ينادي من خلفها وسط الاشجار
"كيكي! اين انت؟ كيكي"
سارت قليلا نحوه، كان شابا يلبس زي اكادمية تيارغوس للفرسان النخبة
تقدمت بصع خطوات من خلفه تلمس كتفه
التفت الشاب نحوها وبمجرد ان تقابلت عيونه شبه الارجوانية بعيونها الخضراء حتى مرت شرارة كالبرق انسته ما كان يفعله وهو يحدق بها شاردا
" معذرة؟" سألته بفضول
انزل عينيه الى ذراعيها اللتان تحتضنان الثعلب
" كيكي؟! " صاح مذهولا
" هذا الثعلب لك؟ " قدمته له
"اخيرا عثرت عليك! اين كنت بحق الخالق؟" اخذه منها يرفعه موبخا ثم التفت ناحيتها "شكرا لكي على اعادته الي"
"كي… كي؟" تسائلت بياتريس
" هذا اسم أليفي " اجابها
" أليفك؟ "
" اجل"
"انت لست بساحر" رمقته بارتياب
" لكن يمكنك اعتباري كذلك " ابتسم بيأس
استشعرت منه مانا خفيفة ولكن من غير نواة او حجر روح وهذا جعلها تستغرب منه لكن لم يسعها الوقت لتشبع فضولها ناحيته اذ وصلتها اشارة لاستدعائها شخصيا من مكتب اللجنة
" يجب ان اذهب الآن وداعا " غادرت قبل ان تسمع همسه الذي تلاشى مع الرياح والتفتت خلفها فلم تجده كما لو لم يكن موجودا
"لـ.. لحظة انا لم اعرف.... اسمك بعد"
******
دخلت كريستينا قاعة المأدبة بالبرج الرئيسي للاكادمية حيث يجتمع كبار العشيرة ومن بينهم عائلتها
" كيف تشعرين الآن كريستينا؟ " سألتها كلارا
" بخير نوعا ما " اجابتها وهي تشيح بنظرها عنها
" اختي كريستينا لقد اشتقت اليكي" اسرعت هارلين ترتمي في حضن اختها
" هارلين صغيرتي الحبيبة " بادلتها العناق
" لن تصدقي من قابلت "
" من؟ "
" لقد قابلت منقذتي "
" منقذتك؟ " تسائلت كريس
"نعم انها….." قاطعها صوت الابواق معنلة عن استقبال المدير جيفرسون الذي وقف على المنصة يلقي كلمة ترحيب لضيوفه
"مرحبا بكل فرد نبيل من عشيرة فرسان الفيوجن ارحب بكم اليوم في مهرجان الفارسة الفضية المقدس، هذه السنة ولاول مرة اقيم المهرجان في اكادمية ديستانسيا الشاملة لان هناك حدث مميز ينتظركم" بدا الفضول والارتباك ينتشر بين الحظور بينما ارتابت كريستينا من كلام عمها
" وبلا مقدمات لدينا اليوم ضيف مميز ارجو ان ترحبوا بملك عشيرتنا المبجل وحاكمها"
تعالت التصفيقات ورفعت السيوف في القاعة احتراما وتقديرا للملك روفليس وهو يدخل يتحدث بصوت رزين وواثق لا يهتز
" بعد الحرب الدموية بين العشائر الثلاثة في هذه الجزيرة ولدت عشيرتنا في مثل هذا اليوم بفضل مؤسستها و أول افرادها كاليبسو هورتينسيا، برفقة اخيها كايزن تمكنا من بناء اعمدة هذه العشيرة وفي النهاية تزوجت بجدنا تشارلز المستذئب وككل المستذئبين فهم معروفون بعيونهم الذهبية المتعطشة والشرسة، ولد ملكنا الاول بعيون ذهبية واصبحت منذ وقتها رمزا لعشيرتنا وفخرا لنسلنا وكما هو معروف يتميز كل حكام عشيرة فرسان الفيوجن بعيون ذهبية مثلي تمام انا واجدادي ومثل ولية العهد ايضا "
سلط الضوء على كلارا لتتعالى التصفيقات
'عيون ذهبية؟' تسائلت كريستينا في نفسها بقلق 'انا وكلارا الوحيديتن من كل اخوتنا اللتان نملك عيونا ذهبية، لكنني لست الحاكمة ولا ولية عهدها، اذن ما سبب امتلاكي لها'
" لكن بلغتني منذ فترة ليست ببعيدة نبوءة من المعبد ويؤسفني القول انها ليست جيدة بالمرة"
تتابعت همسات الفزع بين الحظور بيننا استرسل الملك في الكلام "لقد تنبأت قديسة سيف العذراء بأن نسل الدم النقي لعشيرتنا سيهلك وسينتهي حكم اسرة هوتينسيا و يبتر نسلها"
شهقات اشبه بشهقات الموت اجتاحت القاعة بينما بدأ الهمز واللمز يخيط المكان
" ماذا يقول والدي بحق الجحيم؟؟ " تسائلت كلارا مصدومة
فلتفت اليها اخوتها مستغربين " اليس لك علم بهذا؟ " سأل ايريك
" لا… اقسم ان ابي لم يخبرني عن اي شيء"
" هدوء جميعا لم ينهي الملك كلامه " زمجر جيفرسون وهو يضرب رأس سيفه ارضا لتلتفت العيون ناحيته
"لا تقلقلوا يا شعبي فهناك طريقة لانقاذ مستقبل عشيرتنا ودمها النقي، النبوءة ليست مكتملة وقد اكتملت قبل ستة عشر عاما في مثل هذا اليوم"
ازدرت كريستينا ريقها وتجمد الدم بعروقها فالتاريخ الذي ذكره والدها للتو هو يوم ميلادها
" لنظمن ولادة وريث بدم نقي يحمل عيون ذهبية وشعرا فضيا فإن ابنتي الأميرة كريستينا وابن اخي السير إيريكو دي هورتينسيا سيتم اعلان خطبتهما نهاية هذا اليوم ومستقبلا سيكون طفلهما ولي العهد بعد الملكة كلارا"
كان خبرا اشد فتكا من اعلان اعدامها فوالدها الآن وبعد ان اعترف بعظمة لسانه سابقا ان ابنته كريستينا ولدت لتكون حرة هاهو يقوم بتقييد يديها وقدميها في مصير مخطط منذ لحظة ولادتها، كانت اضعف من ان تقاوم، ان تبادر بأي ردة فعل بدأت رؤيتها تصبح ضبابية وعاد ذلك الصوت مرة اخرى يدق رأسها كالناقوس
"أنت هي المختارة"
ارتفعت حرارتها فجأة وشحب وجهها فامسكت بطرف تنورة آنجيلا التي كانت الاقرب اليها
" ساعديني…." همست بلهاث
بينما توجهت انظار جميع من بالقاعة ناحيتها وهي تقاوم للوقوف على قدميها داهمتها نوبة انهيار حادة جلعت آنجيلا تتدارك الموقف
" عذرا سيداتي وسادتي لكن الخبر قد فاجئ اميرتنا العزيزة وهي خجلة من النظر اليكم ارجو ان تعذروها قليلا"
امسكتها من اكتافها وسحبتها خارج القاعة الى الممر
"بماذا تشعرين؟ هل اطلب المساعدة؟ "
" انا بخير…اريد كوبا من الماء فقط"
" حـ.. حسنا" لبت طلبها شبه مقتنعة واسرعت تعود الى داخل القاعة بينما أمالت كريستينا وجهها نحو النافذة وألم الخذلان يعتصر قلبها اكثر بكثير من ألم بلوغها
" هل… مصيري مكبل بالقيود حتى مماتي؟ هل خلاصي يكون بالموت؟ " تسائلت بأس وهي تغمض عينيها مستسلمة الى ان سمعت وقع خطوات يقترب منها فحاولت فتح جفنيها كي تلحظ تلك الاقدام الغريبة
" آنـجيلا….؟ " كانت رؤيتها ضبابية وحاولت رفع رأسها كي ترى وجه من هذا الذي امامها لكن لم تكن انجيلا لقد كان شاب استطاعت رؤية سترته المدرسة ذات شعار أكاديمية تيارغوس تماما كآنجيلا
" مـ… من انت؟ " زفرت كلماتها بصعوبة
"مثير للشفقة! هل افراد الاسرة الملكية ضعاف هكذا؟" كان صوت مليئا بالبرود التمست فيه نوع من الألفة لكن لم تقو على الرد
" عصركم…سينتهي "
قال جملته ذات النبرة التهديدية والتفت بقدميه مغادرا بينما اغمضت عينيها تغيب عن الوعي وفتحتهما مجددا على صوت آنجيلا
"كريستينا… كريستينا… كريستينا أفيقي"
نهضت كريس بصعوبة وهي تستعيد بعض طاقتها
" انجيلا؟ ماذا حدث؟ "
" بمجرد عودتي وجدتك فاقدة الوعي "
" فهمت " حاولت النهوض "يجب ان نعود"
" انت بالكاد تقدرين على الوقوف اين نعود؟ سآخذك الى المشفى "
" لا… انا بخير كان مجرد تعب "
" يال عنادك!! " ستتسببين في قتل نفسك ذات يوم"
نظرت كريس حولها في الممر تبحث عن شيء او شخص
"ما الامر؟" سألتها آنجيلا
" لا شيء… كانت مجرد هلوسة " تمتمت في صميمها 'اتمنى انها كذلك'
********
مع اقتراب منتصف الليل توجه الجميع نحو المسرح لحظور العرض التاريخي عن تأسيس عشيرة فرسان الفيوجن وهناك من بين الكراسي التي يجلس عليها افراد الاسرة الملكية وجدت كريستينا كرسي زائدا بجانبها الى ان حضر شخص وجلس عليه كانت آخر من تتوقعه
" أهذا انت؟ " تسائلت بعبوس بينما ابتسم في وجهها حتى برزت اسنانه الناصعة
" كيف حالك.. كريستينا؟"
" إيريكو!! "
كان هذا الجالس بجانبها هو ابن عمها السير ايريكو دي هورتينسيا الاكبر منها بسنة وهو ايضا خطيبها الذي قرره لها ابوها قبل ساعات
التفت الاثنان نحو المنصة مع تعالي التصفيقات ورفع الستار عن المسرح مظهرا رجل وامرأة مع اجتياح صوت الراوي للمكان
"في زمن كثرت فيه الدماء والدموع تولد حب مشتعل بين فردين من عشيرتين مختلفتين، ازداد حبهما مع الوقت وظلا معا في السر ومن خلال هذا الحب ولد طفلين"
"واااااء واااااء"
" توأم بشعر فضي لن يكن له وجود على الجزيرة وعيون زرقاء كبحر السماء، علمت الام انها ستلام لانجابها طفلان غير شرعيان والاسوء بشكل مختلف لم يسبق له وجود في عشيرتها، عشيرة مصاصي الدماء فتخلت عنهما بعدها بليلة واحدة ونشأ الطفلان بين ملاجئ الايتام الواحدة تلو الاخرى مع نظرات الاستحقار التي لم يسلما منها منذ اول يوم لهما في هذه الحياة ونبذهما من كل العشائر الثلاث الى ان تداركا حقيقة جنسهما ولكن كان الاوان قد فات
" مخلوقات هجينة "
" اذهبا من هنا ايها الوحشان "
لانهما يحملان دماء مختلطة كان هذا كافيا ليتعلما انه لكسب الاحترام عليهما العيش
" اخي لقد عثرت على عمل يمكننا من خلاله شراء الطعام" تحدثت كاليبسو
" ماهو يا اختي؟ " تسائل كايزن
"صائدا جوائز ما رايك؟ لن نعمل لأي عشيرة سنصطاد المطلوبين ونقدم رؤوسهم لمن يدفع اكثر"
" وكيف سنفعل هذا؟ "
خطر ببال كاليبسو فكرة كانت سببا في هوية عشيرتنا كفرسان
"سنحمل السيوف، نحن سنصبح فرسانا"
بدأت هتافات الجمهور مع العرض
" منذ وقتها وجد الاخوان عملا ومعه ذاع اسمهما في انحاء الجزيرة واسسا نقابة جمعت كل المخلوقات الهجينة التي عاشت في الظل لسنوات واصبح لها عمل ومأوى، مكان يلجؤون اليه يسمى المنزل "
حتى جاء اليوم الذي قابلت فيه كاليبسو سعادتها الابدية
" انت جميلة كبدر ساطع في ليلة مقمرة، هذا الشعر وتلكما العينان الزرقاوان اجمل ما رأيته في حياتي كلها"
" هذا الشعر وهذه العيون لم تجلب لي سوى البؤس"
" ومتى كانت زهرة الفيوجن تجلب البؤس لناظرها؟ "
" الفيوجن؟ "
" زهرة زرقاء مزرقة كعينيك تنبت في اعالي التلال فقط في ليالي البدر المكتمل تماما كضوء شعرك الأخاذ "
" من انت يا هذا؟ "
"مستذئب اغرم بك من اول نظرة سيدتي اسمي تشارلز إيفاستريت"
كلام تشارلز لم يغب عن ذهن كاليبسو حتى اتت في بالها فكرة ربط زهرة الفيوجن حول مقبض سيفها ليتم تسميتها منذ ذلك الوقت باسم كاليبسو فارسة الفيوجن
تعالت صرخات الجمهور مع كلام الراوي
" بعد نهاية الحرب جمع القدر كاليبسو بالشخص الذي اعطاها لقبها الا وهو تشارلز ومعا بجانب اخيها كايزن قرروا بناء عشيرتهم الخاصة"
" اريد جمع كل من يملكون دماء مختلطة مثلنا، لن نعيش حياة الحرمان والتهميش فليعلموا ان هناك مكان يلجؤون اليه سنبني عشيرتنا الخاصة الكل مرحب به فيها، سيكون اسمها عشيرة فرسان الفيوجن "
انتهت المسرحية وازدل الستار مع تصفيقات الجمهور ووجدتها كريستينا فرصتها للتسلل ومغادرة المكان امام نظرات ايريكو ذي الابتسامة الغامضة
******
" ستقاتلين بالمبارزة الاستعراضية؟ "
" يجب ان افعل، فأنا سأمثل اكاديمية ديستانسيا "
" ماذا لو انهرتي وسط النزال؟ "
"ان اخسر بشرف خير من الانسحاب"
"كريستينا انت..."
" سأذهب"
" يال عنادك "
خرجت كريستينا واتجهت نحو الساحة وسط المدرج متجاهلة آنجيلا حيث تجمع افراد العشيرة المستضافين في الأكاديمية وتقدم الحكم يرحب بالطلاب الذين سيقدمون المبارزات الاستعراضية
"لدينا من اكاديمية أورتينا، جينا كويل"
عجت المدرجات بطلاب اكادمية أورتينا وهم يشجعون طالبتهم
" ومن أكاديمية لينيت الطالب آين روكا "
وتعالت التصفيقات من جمهور أكاديمية لينيت
" ولا ننسى العبقري الفذ من اكاديمية تيارغوس ألاين ريفانوف "
ثم هاجت المدرجات بتشجيعات وصرخات اكاديمية تيارغوس
" اخيرا وليس آخرا اليكم ممثلة اكاديمية ديستانسيا التي تستضيفنا اليوم، الطالبة الأميرة كريستينا هورتينسيا"
تعالت التصفيقات من طلاب اكاديمية ديستانسيا بدخول كريستينا
"هل ستكون بخير" تسائل روفليس
"لا تقلق لقد نبهت الحكم ان يوقف النزال ان حدث شيء غير متوقع" طمأنه جيفرسون
" اعتمد عليك برفع اسمنا كريستينا" تنهد بفخر
" النزال الاول، ليتقدم كل من السيد ريفانوف والآنسة كويل"
رفع كل منهما سيفه وتقدما من بعضهما وحين علت يد الحكم انطلقت جينا تهاجم ألاين بكل قوتها بينما يتصد لضرباتها بيد واحدة
" سحقا انه بارع" لعنت في نفسها
" هذا لا يعد شيئا سأنهي النزال" تمتم بهدوء و بضربة واحدة طار سيف جينا من يدها ليعلن الحكم فوز ألاين
" لقد كان يتصدى لهجماتها بيد واحدة يحمل سيفه وحين وجد ثغرة في حركاتها استغل الفرصة وانهى النزال بهجمة واحدة، انه مذهل " اعجبت كريستينا بنزالهما
" النزال التالي لتتقدم الاميرة كريستينا والطالب آين روكا"
" لن اتساهل معك حتى لو كنت اميرة" قال آين مهددا
"يسعدني هذا، استعد للخسارة" رمقته بنبرة استعلاء
"تقدما" اعطى الحكم تشارته
تقدمت كريستينا بسرعة حتى ان حركاتها لم يستطع احد ان يلمحها وهجمت بسيفها من الجهة السفلية لخصمها لكن آين استطاع تداركها وصد هجومها بنصل سيفه
" لم انتهي بعد " صرخت ثم تراجعت قليلا و جهمت ثانية من كل الجهات وآين يدافع ولم يجد فرصة للرد وحين كادت تنتهي من استنزاف طاقته توقفت بعد ان اصابها الاعياء فجأة و ركعت على ركبتها تتألم
" هل انت بخير؟ حسنا سننهي النزال… " وقبل ان ينهي الحكم جملته
" لا تفعل!!" صرخت " انا بخير "
بلهاث تقف على قدميها ترتجف بينما انتهز آين الفرصة وهجم نحوها كي ينهي النزال بضربة ولكنها تجنبتها بشق الانفس وقامت بمد قدميها ليتعثر ويقع ارضا ثم اشهرت سيفها في وجهه وهو ملقى على الارض
" على فارس الفيوجن ان يقرأ ما بين السطور والا يستهين بخصمه" مدت يدها كي تساعده على النهوض
" انتهى النزال الفائزة هي الاميرة كريستينا"
تعالت التصفيقات والهتافات من فرسان اكاديمية ديستانسيا لفوز كريستينا
****
يشع البرونش الموضوع على صدرها من زي اللجنة ليصدر منه صوت السينيورة فيونا
"بياتريس هل تسمعينني؟"
" نعم اسمعكي"
" ما الوضع عندك؟ "
" انه هادئ"
"حسنا توجهي الى القسم الغربي"
" علم وينفذ"
من بين الشجيرات اعين متوحشة تراقب ساحرتنا فتلفتت مذعورة
"من هناك؟ …. كورتيس!!"
يخرج كورتيس من ختمه
" نعم هيلينا"
" هل تستشعر اي شيء؟ "
" لا"
" هذا غريب، حسنا عد" تمتمت مرتبكة "لعلي اتوهم "
غادرت المكان وتلك الاعين المتوحشة لا تزال تراقبها بنية قتل بارزة
******
تقدم المتأهلان كريستينا وألاين من مسرح المواجهة بينما يقف طالبا تيارغوس السابقين إليسا وكيرلس يراقبان من اعلى المدرجات
" يجب عليه الحذر ليست خصما سهلا" قالت إليسا مترددة
" معك حق لا ننسى انها…. نبيلة الدم " اجابها كيرليس وهما يتابعان النزال بينما نظرات الاحتقار لم تترك كريستينا الا والتهمتها من الخلف
'علي الفوز، والا سيضيع شرف عائلة هوتينسيا في التراب' تمتمت كريس في نفسها
"القواعد بسيطة من يسقط ارضا او يفقد سيفه يخسر، تقدما" اعطى الحكم اشارته
"استعد" زمجرت بقوة في وجهه
يسرع كل شخص في التقدم نحو الآخر الى ان اصطدمت سيوفهما
"ليس سيئا" ابتسمت بسخرية بينما تنهد هو بضيق "ولكن…" قفزت نحو الخلف بشقلبة ثم اسرعت تهجم ثانية وهو يتصدى لضرباتها حتى ارتدّ كل منهما عن الاخر بفعل الاصطدام
"هذا مذهل! تستطيعين القتال رغم انك تتألمين" نطق ألاين جملته الاولى التي دخلت اذني كريستينا كتدفق كقطرات مياه باردة
"هذا الصوت… انت؟ انت من كان في الممر وقتها" تذكرته من المسرحية سابقا
"هذا صحيح ولكن… اعتقد انك متأخرة في ادراك الحقيقة"
انزل ألاين سيفه ومن ثم اعاده الى غمده
" هل تنسحب؟ " تسائل الحكم
"القانون يقول ان من يسقط سيفه يخسر وانا لم اسقطه ولم اعلن انسحابي ايضا، بل سأقاتل من دونه"
تعالت شهقات الاستغراب بين الجماهير المتفرجة وبعضهم شعر بالاستياء من تصرفه لان ما فعله قلة احترام بني جنسهم كفرسان
"لن اتساهل معك حتى لو قاتلت اعزلا"
انطلقت نحوه تهجم عليه بينما ينظر اليها من غير حراك او ردة فعل وفي اللحظة التي كادت ان تشطره نصفين تجنب ضربتها بامالة جسده قليلا نحو اليسا، ثم رفع يده وضرب بكفه صدرها لتقوم قوة غريبة بقذفها بعيدا
" مـ.. ما الذي حدث للتو؟ هو بالكاد لمسني، لقد مد كفه ناحية صدري لكن لم يلمسني، ما هذه القوة الغريبة التي قذفتني للتو؟ " تسائلت مرتبكة تحاول تفسير ما حدث
اتخذ الاين وضعية غريبة في القتال بيديه كما لو انه يستعد لالقاء…. تعاويذ
" تقدمي"
"لا ادري ماهي الخدع التي تستعملها ولكن… اعتقد ان وقت المزاح قد انتهى"
رفعت سيفها عاليا ثم اغمضت عينيها لتنطلق هالة تحيطها وركزت قوتها في نصل السيف
" سأهزمك" زمجرت متحدية
لوحت بسيفها لتنطلق منه شفرة من الهواء ممزوجة بالطاقة تنسف الارض تحتها تتجه نحو آلاين والاخير قام برفع يده لتتشكل دائرة سحرية اسفله تمنع الهجوم من اذيته ثم يتمتم ببعض العبارات الغريبة التي تجعل طلقات مجهولة المصدر تتجه نحو كريستينا
" ولكن هل هذا فارس فيوجن ام ساحر؟!" شهق روفليس بغضب
" انا حقا لا اعلم " احتار جيفرسون
اسرعت كريستينا ترفع سيفها لتصد الهجوم بصعوبة
"هل انت حقا فارس فيوجن؟" تسائلت مرتبكة
" أنت اخبريني من اكون" ابتسم بخبث في وجهها وهو يتقدم نحوها مهاجما نقاط عمياء في جسدنا بطلقاته الغريبة الاشبه بالتعاويذ حتى التصق سيفها على ذراعه ذات الطاقة الحامية صدت عنه الهجوم ونظر كل منهما الى عيون الآخر مباشرة
" استسلمي"
" ابدا "
حدقت كريستينا بعيون ألاين شبه الارجوانية وفجأة تغيرت ملامح وجهها كليا
ارخت دفاعها فلاحظ هذا وأرخى هجومه هو الآخر وما ان رفع عينيه نحوها حتى رأى الدموع تنهمر على وجنتينا
" هذا مستحيل! " شهقت بصعوبة
" انت… تبكين؟ " تسائل مستغربا
" هل… هل هذا انت حقا؟ "
"عن ماذا تتحدثين؟ "
" را….. را…. رارا؟ "
اصفر وجه ألاين ووقف يحدق بها بعد ان تلاش حاحز المانا حول جسده
" ماذا جرى؟ " تسائل روفليس قلقا
" ابي ان كريستينا تبكي" صرخت كلارا
" ماذا؟ تبكي؟ "
تعالت همسات الجمهور بين الحيرة والاستغراب والقلق
" سمو الاميرة، هل انت بخير؟ " تسائل الحكم وهو يستعد لوقف النزال
" انه انت… أليس كذلك؟ اجبني؟ راجنار؟" صرخت باسمه واليأس يختلجها لشخص ظنت ان القدر لن يجمعها معه ثانية
….. يتبع