كانت هذه الضربة هي التي قطعت عنق التنين محولة لحمه إلى عجين . انقسمت الشيطانة إلى نصفين بلا ريب من هذه الوحشية بل قد أصبحت كتلة مهروسة من عجينة حمراء شنيعة. ولكن سجال روسو قد ضاق ذرعاً من تخيلات دماغه الخصبة وأخذ ينتظر ما سيحدث بعينين دمويتين. ولكن تحققت أعمق مخاوفه إذ ارتطم السيف برأسها وأصدر السيف صوت غريباً وكأنه ينوح من شدة الألم وارتج السيف بيد القائد محطماً بذلك أصابع يديه. إنزلق سيفه من يده وتأوه القائد متألماً. ولكنه ابتعد عنها إذ قفز إلى الخلف عدة أمتار، وأخد يتنفس أنفاساً منهكة وهو ينظر إليها.

وركض الثلاثة خلفها مبتعدين.

كانت بلاندر واقفة دون أن يصيبها خدشاً واحد. كانت سليمة تماماً .

صرخ القائد في مزيج من الخوف والرعب والصدمة والألم ولم يستوعب عقله شيئاً من هذا الجنون :

-" هذا مستحيل !!!. لا يمكن أن يكون هذا حقيقاً !!، هذا السيف مزق تنيناً !!، لا يمكن أن تكوني حقيقية!! . أنتِ وهم لعين!!!. نعم أنتِ وهم !! حتى السحر له حدود !!...

لماذا لا تموتي ؟ لماذا لا تجرحين ؟!!!! ، لماذا لا تتحركين؟، لماذا لا تتكلمين ؟، عليك اللعنة !!!!! " .

قامت بلاندر بالنظر إلى السيف الملقى أمامها وقامت بركله إلى صاحبه بملل وكأنها تقول حاول كل جهدك. لم يبكي سجال روسو في حياته مطلقاً ومع ذلك بدا على حافة البكاء في هذه اللحظات :

-" ماذا تريدين ؟!" .

قالت ببرودة تكاد تجمد أذانهم:

-" يالك من رجل مخنث!. قمت بمهاجمتي دون اي سبب، حتى دون أن تجيب عن أسئلتي ، والآن تسأل ماذا أريد.. حسناً، أريد إجابات هذه المرة ، لهذا لم أفعل شيئاً لكم ، لكني حقاً بدأت أشعر بالضيق من هذا ! ... ماذا تفعلون هنا ؟" .

-"نحن هنا للتحقيق في هذه البلاد لنعرف ما حصل فيها وسبب أختفاء الشعب" .

قالت بلاندر وكأنها تحدث نفسها :

-" همم ، هكذا إذاً، ربما كان الأشخاص السابقون مثلهم يريدون التحقيق والمعلومات أيضاً ، لم أكن أعرف ذلك ، حسناً ، لقد ماتوا سريعاً جداً قبل أن عرف منهم شيئاً ، حسناً.. إذا عرفت ذلك ماذا ستفعل؟"

. أجاب القائد :

- "سنقوم بإعلام رؤسائنا بذلك" .

-" حسنا ، سؤالي التالي. هل أنت رجل حقا؟ ".

-"ماذا !". صرخ القائد مرتبكا إذ لم يتوقع مثل هذا السؤال.

واستمرت بلاندر تقول :

-"حسنا كما تعرف ، لقد تراهنا أنا ونوابي ، على أنك رجل أو لست برجل. لهذا.. كنت أقف دون أفعل لك شيئاً لأرى ما أنت حقاً ، ولكن ، يبدو لي أنك مخنثاً بعد كل شيء ". وانطلقت ضحكات نسائية كرنين الأجراس من حولهم.

ولكن لم يكن هناك أحد من حولهم ومع ذلك كانت الضحكات ترن في أذانهم.

كان هذا مخيفاً . أخذ القائد سيفه من الأرض وتراجع إلى الخلف عائداً لفرقته متجاهلاً أصوات الضحك من حوله وذعر أتباعه . وأخذ ينظر إلى سيفه.

لقد شعر بارتداد السيف في عنقها ، لقد عرف أنه كان حقيقياً ، وعاد ينظر إليها وهو يتساءل هل عززت نفسها بالسحر، ولكن السحر ليس مطلقاً. قد يستطيع الشخص استخدام السحر على نفسه لحماية جسده من بعض التأثيرات.

إلا أن السحر سيختفي بعد أن يتم استخدامه.

على سبيل المثال إذا قام شخص بإلقاء سحر الحماية من النار على نفسه ، وتم مهاجمته بسحر النار فإن السحر الذي ألقاه على نفسه سيقوم بإلغاء الهجوم ويتلاشى في تلك اللحظة لأنه قد تم استخدام تعويذة الحماية من النار تلك اللحظة. وقد كان سيفه مزود بالسحر الذي يلغي الدفاعات السحرية. إذاً.. ما الذي يحدث هنا ؟!.. هل كان سحر غير معروف ؟!..أو كان سحر عالي المستوى.. إذا كان ذلك صحيحا فلا معنى للقتال ، لن يستطيع أحد هزيمتها.

هذا سخافة ، لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً ، على هذا الحال ستبيد جيوشاً بأكملها دون أن يتم جرحها ،حتى ولو تعبت لن يهم ذلك لأنها لن تتأذى أبداً .

لا . هذا مستحيل ، ربما عززت نفسها بالعديد من التعويذات السحرية الدفاعية. يجب أن تنتهي حصانتها بالهجوم المستمر عليها.

عندها برز رأساً أبيضاً كالشبح من فوق كتف القائد مقاطعا أفكاره وهو يقول :

-" ما الذي علينا أن نفعله ؟!!".

ارتعد القائد وكان على وشك الصراخ رعباً إلا أنه تمالك نفسه في آخر اللحظات. ومع ذلك بدت عينيه خاوية وكأنها ماتت من اليأس.

قال القائد وهو ينظر إلى عدوه العجيب:

-" إقتلوها ، اقتلوا هذه اللعينة!!.ولكن لا تقتربوا منها !! ".

دب الرعب والخوف بين المحاربين وأخذوا يصرخون وكأنهم فقدوا عقولهم.

" كيف !!!" . "لن نستطيع ذلك !!!" . "أنت لم تستطيع حتى جرحها !!!" . "هذا مستحيل !!!" . " لا يمكن !!! ". "هذه الأرض ملعونة !!! " . " سنلقى حتفنا!! ".

قال القائد بصوته الذي بدا كعِواءِ كلب مريض :

-" لا تخافوا إنها خدعه شيطانية لنشر الذعر فينا !!، لقد قامت باستخدام العديد من التعويذات السحرية الدفاعية، لهذا نحتاج لمهاجمتها بالعديد من الهجمات لننهي دفاعاتها !!".

انطلقت السهام مباشرة في وجه الكابوس الذي كان أمامهم. إلا أن السهام كانت تسقط بمجرد ضربها لهدفها وكأنها تصطدم بجدار. ومع ذلك لم تتوقف السهام أطلقوا ، وأطلقوا واحدة تلو الأخرى حتى نفذت السهام منهم.

عندها انزلقت قلوبهم بين سيقانهم. إلا أن سبب زيادة خوفهم ويأسهم ، هو تصرف تلك المرأة ، حيث كانت صامتة تماماً وهي تحدق بهم وكأنها غير مهتمة بما يجري، فلو كانت تصرخ أو تدافع عن نفسها أو حتى تحمي وجهها لكان هذا يعيد بعض شجاعتهم. إلا أن ما كانوا يتمنوه لم يحصل أبداً .

-"استخدموا السحر !!!!!! ، ايها الحمقى !!!!!!! ."

صرخ قائد كالمجنون. ورداً على ذلك انقسمت المجموعة إلى قسمين تاركة عشرة أشخاص يتقدمون أمامهم ورفعوا صولجاناتهم إليها وتمتموا بكلمات غير مسموعة، وفي لحظة انفجرت نيران هائلة وابتلعت المرأة بأكملها في دوامة ذهبية جميلة.

تلاشت النيران سريعاً. إلا أن المرأة الشيطانية ظلت كحالها . حتى شعرها الملعون كان سليماً تماماً.

قالت بلاندر بوجه جامد يخلو من اي تعبير:

-" أعتقد أنه حان دوري"

وسارت إليهم بخطوات ناعمة. ساكنة. رشيقة .جميلة . وبدا صوت نقر حذائها الذهبي يعزف سمفونية جهنمية معلناً بذلك بداية الجنون.

-" اطلقوا عليها ، لا تتوقفوا أيها الأغبياء !!!!!!!."

وانطلقت أنواع عديدة من الألوان السحرية وامطرت عليها .[ برق !] ، [رماح بيضاء مشعة ! ]،[سهام جليديه!] ، [سهام نارية ]،[ الأنصهار !]، [التطهير !] ،[ الصمم !]،[ الجنون !] ، [ أضواء بيضاء مشرقه !] ،[ التحطم ! ]، [الشلل ! ]، [الموت الأكبر ! ] ، [ الإنجراف !] ، [التجمد] . [سحر الشخص] .

وقفت المرأة أمام القائد ، والتعويذات السحرية تتساقط عليها كالمطر وقالت:

-"أنا لم أقم باستخدام السحر أو التعويذات الدفاعية التي تتحدث عنها، هجماتكم كانت ضعيفة وبلا فائدة ضدي هذا كل شيئ " .

2021/06/28 · 87 مشاهدة · 1049 كلمة
نادي الروايات - 2025