القائد الذي كان واقفاً مذهولاً ، مرتجفاً ،خائفاً أمامها قال :
-" لقد فهمت ،أنا أعرفك ، لقد سمعت عنكِ . لقد كان هناك شيطان عظيماً يُسيطرُ على العديد من الشياطين القوية !!، وكانوا يعيشون في الغابة المظلمة مندو زمن قديم ،لقد سمعت قصصاً على ذلك !! ،لابد أنكِ هو ذلك الشيطان بتأكيد !!".
أغمضت بلاندر عينها وقالت بصوت متألم :
-" شيطان ؟.. أنت تقول شيطان ، لقد كان رجلاً عظيماً ونقياً ،عطوفاً ومحباً ، أراد فقط أن يعيش في سلام " .
وفي تلك اللحظة انتفخت العروق في كامل وجهها وكأنها فروع شجرة يابسة، وفتحت عينيها التي استحالت إلى لون قرمزي وكأن في داخلها غابة محترقة وانفجرت صارخة كتنين هائج :
" ولكن أنتم أيها البشر الحقراء !!!، هاجمتموه وقتلتمونا !!!، لقد دمرتم حياته المسالمة !!، وجعلتموه يضحي بحياته من أجلنا !!!! ، وقد عدنا أقوياء عظماء !!! ، لكن سيّدُنا لم يعد ، كل ذلك بسببكم أيها البشر الملاعين !!!! ، لكم أكرهكم وأشمئز من رؤيتكم !!!! ".
اييييييي !!!! .أطلق القائد صرخة مذعورة وقفز مبتعداً من هذا الكابوس. إلا أن بلاندر اقتربت من القائد بسرعة البرق وأمسكته من حلقه بقوة وكأنها تعصِره كليمونة.
منزلة إياه بقوة ذراعيها على الأرض ، غير قادر على تحمل تلك القوة الساحقة انهار القائد على ركبتيه كالحطام وهو يختنق ويتخبط ويلكمها في بطنها ويضرب يدها التي تخنقه وكأنه رضيع.
-" هاياهه!،كهييه! مهيهيه !!" .
حدقت بلاندر إلى عينيه المتورمة الحمراء . وقالت :
-" هل تقول أن رائحتك عفنة ؟!!!! ، نعم ، إنها عفنة منتنة !!!!، لكم أكره رائحتكم ولا أطيقها !!!. فلتختفي من أمامي أيها العفن !!!!! .
والقت بركلة مليئة بالغضب والكراهية الخالصة في بطنه؛ بسرعة لايستطيع إنسان رؤيتها.
انفجر جسد القائد بأكمله كالقنبلة. ناثراً بذلك الأمعاء والأحشاء والدماء فوق أتباعه كالمطر ، حتى درعه المسحور أصبح كالعجين.
ورمت رأسه خلفها كالقمامة. ونظرت للبقية وقالت :
-" فل تلوموا حظكم أنكم وطئتم هذه الارض !!!!!!! " .
اندلع الصراخ والبكاء بين الفرسان إذ لم تستوعب أدمغتهم ماحدث.
كانت الأمعاء ملقاة على صدورهم والأحشاء متناثرة في وجوههم ،والدماء في شعورهم وعيونهم. سقط قائدهم على ركبتيه ، وفجأة أصبح كل شيء أحمر في عيونهم ، إلا أنهم شاهدوا شيئاً لا يصدق ، كان رأس القائد يتدلى من يد المرأة الشيطانية. وأدركوا حينها أن اللحم المسحوق فوقهم كان ينتمي لقائدهم .
- " اهربوا ، إنجوا بحياتكم !!!!!!!".
هكذا صرخ أحدهم وعم الجنون في المكان إذ جنت الخيول وأخذت تتقافز وتركل الهواء وتساقط الفرسان من على ظهورها وبعضهم تم سحقه تحت حوافر الخيول. راقبت بلاندر هذا الجنون وقالت:
-" هناك خيل مفقود.. لماذا ؟!!". وعلى هذه الكلمات أفرغت غيظها في أحد الفرسان الذي كان يتلوى على الأرض وقد هشمت ساقيه ركلة من أحد الخيول وأخذ يزحف بجانبها. قامت بلاندر بسحق رأسه تحت قدميها ولم يعد الرجل يشعر بشيء من قوة ساقها الساحقة إذ خرجت عينيه من محجرها وتناثرت أحشاء دماغه كبطخة فاسدة.
-" هناك خيل مفقود ؟!!".
-" لا اااا !!!!! . الرحمة !!!!! ". وانفجر رأس رجل آخر تحت قدميها. ثم آخر.
-"هااااا !!!!!! ". . وأخذوا يتقفزون على خيولهم وتناثروا هاربين في كل مكان كالجرذان المذعورة.
ولكن بلاندر لم تحب أن تذهب الجثث ورؤوسها على أكتافها وأصدرت الحكم لأخذ رؤوسهم إذ قالت:
-" اقتلوهم جميعاً !! ".
رداً على تلك الكلمات ظهرت بجانبها أربع نساء جميلات كالزهور وكنَّ يرتدين نسخاً مطابقة لدروعها الذهبية.
قالت إحدى النساء والتي كان لديها شعراً ذهبي على شكل كعكة :
-" كلهم معَ خيولهم ؟".
قالت بلاندر :
-"لا ، إتركوهم.. ممم، وما خطب هذه الابتسامة ؟" .
قالت المرأة :
-" أُريد قتلهم جميعاً مع خيولهم " .
قالت بلاندر :
-" لالالا ، اتركي الخيول وشئنها ".
-" ولكني أُريد قتلهم مع خيولهم ".
قالت بلاندر :
-" هل أنتِ مجنونة؟ ، قلت دعيهم !، أخبرني إنجوس أنه يحتاج خيول لكي يهبها للأشخاص الذين قام بإحضارهم إلى هنا !" .
قالت المرأة :
-" حسناً، حسناً ، لا تنفعلي هكذا ، إذن.. ماذا عن إبقاء شخص واحد على قيد الحياة ".
ضيقت بلاندر عينيها وهي تقول :
-" أنتِ تطلبين إبقاء شخصاً على قيد الحياة ،أنتِ، لا ... هذا مستحيل ، الآن كنتي تريدين قتل الخيول ، والآن هذا ،لا أعتقد أن هذا حقاً ما تفكرين فيه ، يبدو شيئاً مجنوناً كالعادة ، ولكن أخبريني ماذا تقصدين بذلك؟ ".
التمعت عيني المرأة ببريق شديد وقالت :
-" آه ، كيف أقول هذا ، ممم .. نعم .. حسنا،ً إسمعيني جيداً ،سنترك شخصاً واحد يعود ، بعد أن نخبره ما نريد ، وطبعاً سنخبره بالحقيقة. وبعد أن يعلم رؤسائه بذلك وتنتشر المعلومات إلى الحكام أو الملوك او ما يدعون أنفسهم به.
وبتأكيد سيقومون بغزونا بجيش كبير لأننا وحوش أو شياطين مثل ما يدعوننا به دائماً ، وبعد ذلك .. سنقوم بقتلهم جميعاً مع خيولهم! ".
وابتسمت المرأة ابتسامة سادية، ونظرت إلى المحاربين الهاربين، وأخذت تتخيل مشهد الدماء وتطاير الرؤوس وفرم اللحوم وتحويل الأرض حمراء كالمعجون.
قالت بلاندر:
-" ليليانا ما زلتي مجنونة كما عرفتك ! ، وما قصتك مع الخيول على كل حال ؟! .. لا يهم ".
وابتسمت بلاندر بوحشية وهي تقول :
-" ولكني أُحب أفكاركِ المجنونة حقاً ". وأشارت بإصبعها إلى نائب القائد الذي بدا كنقطة بيضاء من بعيد :
-"هذا ، هذا المجنون الذي يركض على قدميه ، ولكن دعي الخيول وشئنها ! " .
ابتسمت ليليانا بسعادة وقالت :
-"سمعا وطاعة". وأخرجت سيفيها الذهبيين كالشمس من جانبي خصرها وفعلت بقية النساء مثلها ، وانطلقوا يركضون كالسهام خلف طرائدهم وهم يضحكون كالشياطين.
استدارت بلاندر لتعود أدراجها. ولكنها توقفت لتحدق إلى رأس الرجل الذي كان في يوم من الأيام يدب الرعب في قلوب الرجال ، والذي استحوذ على كل أراضي المعارك وزلزل الاعداء بقوته ووحشيته ، وقد كان مجرد ذكر اسمه يُشعر الاعداء بالخوف والحلفاء بالقوة.
كان مطرقة الزنادقة.
ولكن ، لم تشعر بلاندر سوى بالخيبة من هذا الرجل، فقد كان ضعيفاً جداً بحيث جعلها ترغب في البكاء من شدة تفاهته. فلو عرفت من كان هذا الرجل لماتت من شدة الضحك ولعرفت أن هذا العالم سيسبب لها خيبات أمل كثيرة.
كان رأس القائد لا يزال على قيد الحياة ، عيناه تتخبط سريعاً في كل الإتجاهات، وفمه يُفتح ويغلق وكأنه يرغب بالحديث. لم تحتمل بلاندر منظره الكريه ودهسته بقدمها بقوة حتى انهرس رأسه كبطيخة فاسدة مقززة وقالت بتقزز:
-" مخنث ". وسارت مبتعدة وعباءتها القرمزية ترفرف خلفها. عندها انحدر نسر من السماء واختطف رأس القائد وحلَّق به إلى السماء الصافية.
حتى ذلك النسر شعر بالشفقة على ما تحول إليه الرجل. ولكنه كان يدرك تماماً أن البقاء للأقوى.