كان ممر واسع جميل، تقف فيه فتيات جميلات بعمر الزهور ما بين السادسة عشر والعشرين. وكل واحدة تختلف في مظهرها ولون عينيها وتسريحة شعرها كزهور متنوعة في بستان جميل.
كنَّ يرتدينِّ فساتين طويلة تلامس أحذيتهن البيضاء. وكانت ملابسهن مصنوعة على شكل أوراق أشجار بيضاء مزخرفة بخيوط حمراء فوق صدورهن ومن الحواف.
كان جمالهن وأناقتهن وملابسهن الغريبة تجعل الناظرين يلهثون.
كانوا مئة في المجموع. يقفون في صفوف منظمة بكل أناقة. لكن ، عندما علمن سبب اجتماعهن، في أن إحداهن ستكون خادمة هذا اليوم لسيدهم او السيد الكبير كما يحبون أن يدعوه والذي أحتل مكانة عظيمة في قلوبهن.
عمت الفوضى والاهتياج في لحظة.
تدافعن وتزاحمن وصرخن وهن يرفعن أيديهن باهتياج شديد لترشح كل واحدة منهن نفسها وكأنهن مجموعة فتيات هائجات يتصارعن للحصول على توقيع من نجمهم المفضل.
تنهدت إليفيا من هذه الفوضى وتمتمت تقول :
-" ما هذا الألم ". وصفقت بقوة ليعم الصمت في لحظة. وحدقت إلى الفتيات أمامها بوجهها الجاد وعينيها البنفسجيتان وقالت بصوت جاد لا يعرف الهزل :
-" لا تجلبن لي العار ! ". تلك الكلمات جعلت الخادمات تعود لتقف في صفوفاً كما كانت. وبعد أن رأت إليفيا ذلك شعرت بالرضى منهن واستمرت تقول :
-" أنا أعرف شعوركن جيداً ، فكلنا نرغب ونتمنى أن نخدم السيد الكبير، ولكن ، تصرفكن هذا لا يليق أبداً ! . فهل نسيتن أنفسكن ، فأنتم خادمات قلعة بنتوس العظيمة ! ".
تحركت شفاه بعض الخادمات وكن على وشك الحديث إلا أن إليفيا توهجت في وجوههن ليغلقن أفواههن.
وقالت :
-" تغير الوضع عما كان عليه ، لذلك ، سيكون خمسة منا في اليوم خادمات للسيد الكبير .. أنا لم أنتهي بعد !. سيتم ذلك عن طريق القرعة. كنت أرغب أن أضع عشرة منا في اليوم . إلا أن السيد سيريوس قال إن هذا مستحيل ، بل إنه طلب أن تكون خادمة واحدة في اليوم. صمتاً!.. أفهم انزعاجكن من هذا.. لكني أصررت على ذلك حتى أقنعته بذلك ".
في الحقيقة أرادت إليفيا أن تكون أول شخص يقوم بخدمة سيدها ، فقد كانت تنتظر أن تخدم سيدها على أحر من الجمر، وإذا قامت باستغلال منصبها لتلبية رغباتها الأنانية فقد ينعكس ذلك عليها. بل قد يعلم سيدها بذلك عن طريق إحدى الخادمات التي سيشعرن بالغيرة منها لفعلها ذلك، عندها قد ينظر إليها سيدها وكأنها غير كفئ لمنصبها.
تلك الأفكار التي دارت في رأسها في أن سيدها الذي يمتلئ قلبها حباً واحتراماً له يقول لها هذا برَّدت قلبها كالجليد.
لهذا ، طلبت من سيريوس بإصرار بل كان يبدوا كشجار. فقد كان سيريوس صامتاً هادئاً كالعادة وهو يصغي لطلبها المنفعل، وفي النهاية وبعد أن شعر سيريوس بصداع وافق على أن يكون خمس خادمات في اليوم كي يأتي دورها سريعاً في كل مرة.
ولم تكن لدى إليفيا فكرة عن سبب هز سيريوس لكتفيه وقوله أنتِ رغبت بذلك وليس أنا فلا تنسي ذلك.
تنهدت إليفيا في قلبها وتمتمت تقول :
-"ما هذا الألم ".
-" حسنا ، كما قلت ، ستكون خمس منا في اليوم ، وسيتم اختيار واحدة من الخمسة لتكون قائدة الخدم ذلك اليوم.. فلا أريد فوضى في العمل قد تنعكسي علي.
لا تنظرن لي كهذا.. أنا أعرف ما تردنَّ قوله. لذلك ، لن تكون القائدة بشكل مستمر، بل سيتم قرعة في كل مرة ليكون الموضوع عادلاً. والتي كانت قائدة من قبل لن تدخل القرعة مرة أخرى لتعطي الفرصة للأخريات.. هل هذا مفهوم ! ".
هزت الخادمات رؤوسهن بالرضى وزينت وجوههن الابتسامات المشرقة.
-" ساندرا أحضري صندوق الاقتراع من فوق تلك الطاولة ". حنت ساندرا رأسها باحترام وذهبت لتحضر الصندوق وقامت بتسليمه إلى رئيستها إليفيا بابتسامة بريئة مشرقة كالشمس. إلا أن إليفيا تنهدت من تلك الابتسامة التي كان المكر فيها واضحاً بالنسبة إليها. وقالت إليفيا بصوت متعب :
-" لنبدأ بجدول العمل ".