نظر الجميع إلى سيدهم الجديد وهو يرتفع فوق رؤوسهم بفضل سحر الطيران ويتبعه أتباعه، وتلاشوا في سماء الليل.
قالت ليليا وهي تنظر إلى السماء :
-" ماذا يريد أن يفعل السيد؟.. أقصد الإمبراطور؟".
أجاب ميليون :
-" لا أدري.. ولكنه قال أنه سيلقي على الجميع تعويذة كما سمعتي سابقاً ". إقتربت ليليا وقامت بالهمس بأذن ميليون :
-" ولكن، هذه سخافة. فلايمكن القيام بهذا الشيء.. نحن بالآلاف. هذا جنون، أيضاً لماذا طار في الهواء ؟".
اجاب ميليون هامساً بقلق :
-" لا أعلم شيئاً.. ولكن توقفي عن قول هذه الأشياء. أنتِ ستجلبين كارثة علينا بحماقاتك ".
قالت :
-" لكن. لكن – " . كانت ليليا على وشك الحديث، ولكن لسانها وعقلها تجمد بسبب ماحدث فوق رأسها.
وحبس الجميع أنفاسهم وهم ينظرون إلى السماء التي أشرقت بأكملها بضوء أبيض جميل يحبس الأنفاس من روعته. وللحظة عم السكون في المكان ولم يُسمع سوى أصوات طقطقة الحطب التي تلتهما النار. وتحت الضوء الأبيض بدا الجميع كجيش من الهياكل العظمية. حينها أطلقت امرأة صرخة بدت كصرخة الموت :
-" إنه القمر !!!! . سيسقط فوق رؤوسنا !!!! " . وكأن ذلك الصوت أيقظ وبعثر أرواحهم لتعم الفوضى في المكان. قام بعضهم بالصراخ. وبعضهم بالبكاء. ضحك البعض من شدة الخوف. ضمت الأمهات أولادهن في صدورهن وهن يذرفن الدموع التي استحالت إلى خوف رهيب.
فر البعض مذعورين بشكل متفرق كالجرذان. وبعضهم فر داخل المباني. أصبح المكان في فوضى عارمة.
وحتى مع ذلك لم يستطيعوا النظر بعيداً عن السماء. كان ميليون وليليا والأشخاص الذين شهدوا ذلك سابقاً ينظرون إلى السماء بعيون متسعة كالصحون، وكان العرق يتصبب من جباههم وكانوا جميعاً يبتسمون كالمجانين. فلو لم يروا تلك الدائرة البيضاء سابقاً لفعلوا مثل الأشخاص حولهم.
-" مستحيل !. من هذا الرجل ! ". قالت امرأة من بينهم والدموع تتسرب من عينيها من شدة الخوف.
وتبعها رجل يقول :
-" الشائعات محقة !. إنه وحش ! ".
قال آخر وهو يضحك بشكل هستيري :
-" كما هو متوقع من حاكم الوحوش.. قلعة بنتوس ! ".
قالت ليليا مرتجفة وهي تمسك ميليون من الخلف كالرضيعة :
-" وكأنه من الأساطير في قديم الزمان !، لا عجب في أنه أباد فيرنا لإنها كانت تشعره بالأشمئزاز ". وأمسكت حلقها في رعب وانفجرت في البكاء وهي تتخيل العذاب الذي ينتظرها من الإمبراطور.
قال ميليون:
-" بل هو الأسطورة نفسها !. لم يكن يكذب ، لقد أباد فيرنا حقاً ! ".
عندها بداء الجميع بالتوهج بالألوان المشرقة.
وتوقفوا عن ماكانوا يصنعوه وأخذوا يحدقون بصمت لتلك الألوان المتدفقة من أجسادهم. ونسوا خوفهم تلك اللحظة إذ شعروا بالدفئ.وتم شفاء الجميع واستعاد الجميع أجسادهم السابقة السليمة، حتى البرك السوداء تبخرت ولم يعد لها أثر،
وتلاشت التعويذة في السماء ليعود ظلام الليل وكأن ما حدث مندو لحظات كان وهماً. ولكن ما حدث لهم كان تأكيداً أن ماشهدوه كان حقيقة مطلقة.
وتبدل الخوف والبكاء إلى دموع فرح وسعادة وامتنان لسيدهم الجديد.
وأطلقوا جميعاً صرخات الإمتنان وهم يذرفون الدموع من جديد.