في عالم يتلاشى فيه مفهوم الزمن، حيث يرى دكتور مانهاتن الماضي والحاضر والمستقبل كلوحة واحدة، يجد نفسه واقفًا في شارع نيويورك، عام 1975. لكنه يعلم أنه في اللحظة نفسها، هو أيضًا في العام 2025، يراقب انهيار حضارة أخرى.

يُفتح باب مقهى صغير، يدخل رجل مسنٌّ يجرّ قدميه ببطء، يجلس على طاولة خشبية، يُخرج عملة معدنية ويدورها بأصابعه، ثم ينظر إليها وكأنه ينتظر إجابة. يقترب دكتور مانهاتن منه ويجلس مقابله.

الرجل العجوز يرفع عينيه المتعبة ويقول: "أتعلم لماذا أحب هذه العملة؟ لأنها تمنحني وهم الاختيار."

دكتور مانهاتن ينظر إلى العملة، ثم يقول بصوت هادئ: "لكن النتيجة محددة سلفًا، العملة ستسقط على أحد الوجهين، تمامًا كما هو مقدّر لها."

الرجل يبتسم بمرارة: "لكنني لا أعرف النتيجة، وهذا يجعلني أشعر أنني أقرر شيئًا."

يصمت دكتور مانهاتن للحظة، يتأمل في عين الرجل، ثم يرفع يده، وفجأة، تبدأ العملة في الدوران ببطء في الهواء، غير مستقرة على وجه محدد. الوقت يتباطأ، وكأن اللحظة تمتد بلا نهاية.

"ماذا لو لم تسقط أبدًا؟ ماذا لو ظل الاختيار معلقًا إلى الأبد؟ هل يظل القرار قرارًا؟"

يراقب الرجل العملة وهي تظل في دوران لا نهائي، ثم يهمس: "ربما نحن مثل هذه العملة… نظن أننا نختار، لكننا مجرد أدوات في لعبة لا نفهم قوانينها."

يبتسم دكتور مانهاتن، وبينما ينظر إلى الرجل، يرى في الوقت ذاته حياته بأكملها، من الطفولة إلى الشيخوخة، يراه يتخذ قرارات يظن أنها ملكه، لكنه كان دائمًا يسير في مسار محدد سلفًا.

في النهاية، يترك دكتور مانهاتن العملة تسقط ببطء على الطاولة… لكنها تقف على حافتها، لا تسقط على أي وجه. ينظر الرجل إليها بذهول، ثم إلى دكتور مانهاتن، وكأنه أدرك للتو أنه لم يكن يملك الإرادة الحرة، لكنه لم يكن عبدًا للقدر أيضًا… بل كان كلاهما معًا.

"إذن… هل كنا أحرارًا يومًا؟"

يرد دكتور مانهاتن بصوت يحمل كل الإجابات، وكل الغموض: "نحن دائمًا أحرار، لكننا لا نختار الطريق، بل نختار كيف نراه."

ينهض، يختفي في ومضة زرقاء، تاركًا الرجل أمام عملته، غير قادر على تقرير ما إذا كان قد ربح أم خسر.

2025/03/22 · 6 مشاهدة · 316 كلمة
نادي الروايات - 2025