وقف دكتور مانهاتن على سطح ناطحة سحاب، عيناه المتوهجتان تعكسان أضواء المدينة أدناه. كان كل شيء أمامه واضحًا كما لو أنه يقرأ كتابًا مفتوحًا لا بداية له ولا نهاية. البشر، كائنات تتأرجح بين الأمل واليأس، يركضون خلف أحلامهم الصغيرة، يكررون نفس الأخطاء، ثم يموتون دون أن يفهموا لماذا كانوا هنا في المقام الأول.
أدار نظره نحو الشارع المزدحم. حركة المرور كانت انسيابية، إلا في ذلك الركن هناك، حيث وقفت أم تمسك يد ابنتها الصغيرة. الطفلة تشير نحوه بفضول طفولي، تسأل أمها:
"لماذا هو أزرق؟ هل هو الجني الأزرق من قصة علاء الدين؟"
دكتور مانهاتن يسمعها، لكنه لا يحتاج إلى ذلك، فهو يعرف بالفعل كل الكلمات التي ستقولها، حتى تلك التي لن تنطق بها لكنها ستدور في عقلها بعد سنوات طويلة.
يرى المستقبل.
يرى جيسيكا، الطفلة، وهي تكبر. يراها فتاة في العشرين من عمرها، تحدق في السماء، تفكر في معنى الوجود. يراها مجددًا، تقترب منه، تبحث عن إجابات لا تستطيع العقول البشرية استيعابها. يراها بعد سنوات أخرى، تحمل طفلًا بملامح زرقاء، تحدق إليه بحب يشوبه الحيرة. يراها امرأة مسنة، تجلس على كرسي خشبي، محاطة بعائلة، بشريين وآخرين يشبهونه.
ثم يراها على فراش الموت، أفراد عائلتها حولها، تنظر إليه بنظرة أخيرة، نظرة محملة بكل الأسئلة التي لم يُجب عليها، بكل الاحتمالات التي لم تحدث، بكل المشاعر التي لم يستطع أن يفهمها يومًا.
ثم يراها… وهي تموت.
وفي تلك اللحظة، يعود للحاضر، ينظر إلى جيسيكا الصغيرة، إلى يدها الممسكة بأمها، إلى فضولها الطفولي، إلى اللحظة التالية التي يعرف أنها قادمة لا محالة:
السيارة المسرعة.
يرى الاصطدام، يرى جسدها الصغير يُقذف في الهواء، يسمع الصرخة التي لم تُسمع بعد، يرى بقعة الدم تمتد على الإسفلت، يرى النظرة المرتعبة في عيني الأم، يرى السائق الذي سيقضي حياته يلعن تلك اللحظة.
لكنها لم تحدث بعد.
هل يجب أن يتدخل؟
لكن ماذا يعني "التدخل"؟ هل يستطيع فعلًا تغيير شيء؟ أم أن كل ما يراه هو حقيقة ثابتة، وأن أي محاولة لإنقاذها هي مجرد جزء آخر من هذه الحقيقة؟
تتوقف أفكاره للحظة. يحاول أن يبحث عن احتمال آخر، عن مستقبل لا تموت فيه جيسيكا، لكنه لا يرى شيئًا. كل الطرق تؤدي إلى نفس النتيجة.
الزمن ليس نهرًا يتدفق، الزمن صورة ثابتة، وهو مجرد عين تراقب اللوحة.
لم يتحرك.
لم ينقذها.
حدث كل شيء كما رآه تمامًا: السيارة، الصرخة، الدم، الذهول، البكاء. الزمن لم يكن بحاجة إلى تدخله، لأنه حدث بالفعل.
وقف هناك بلا حراك، بلا انفعال، بلا شعور، يراقب المشهد كما يراقب المرء أمواج البحر تتلاطم، دون أن يحاول إيقافها.
"لقد حدث هذا بالفعل… وسوف يحدث مرة أخرى."
استدار ومشى مبتعدًا. خلفه، استمرت المدينة في الدوران كما لو أن شيئًا لم يحدث.