الفصل 79: التيارات الخفية (3)
بينما كانوا يستمعون إلى ثرثرة رئيس نقابتهم، أدرك الأربعة أن الوضع لا يبدو جيدًا. سأل رجل يرتدي رداءً زاهيًا ودرعًا جلديًا وعصا خشبية مرصعة بالجواهر: "يا رئيس النقابة، ما بال هذين الاسمين؟ لماذا أنت خائف... أعني، لماذا أنت قلق عليهما؟".
كان وجه الرجل ذا مظهر ماكر، وتجاعيد حول جبهته. كان نحيف البنية، ووقفته ملتوية بعض الشيء. أدرك أنه أخطأ في اختيار كلماته، فتساقطت قطرة عرق على وجهه.
نظر بوريس إلى الرجل الذي طرح السؤال، كان أحد السيوف السبعة، سابل [الحكيم القرمزي الحارق].
حدّق مورغريس في سابل بشغفٍ دمويٍّ فاض من جسده، مما أثقل كاهل الحاضرين الأربعة، وقال: "انتبهوا، لستُ خائفًا من أحد". يُمكن تخيّل مدى قوة حضور محارب البرق العظيم من المستوى 500.
"سامحني يا سيد النقابة، هذا الأحمق تهور في كلامه." اعتذر سابل، ورداؤه غارق في العرق. كان الضغط السابق موجهًا نحوه، وثقل عليه كالجبل.
اختفى الضغط الخفي بعد برهة، وأضاف مورغرس: "هذان الشخصان مزعجان للغاية. كما تعلمون جميعًا، فإن نقابة إله البحر هي واحدة من أفضل خمس نقابات في مملكة إليسمير. يُطلق على كبار ضباطها اسم الرمح الثلاثي..." ثم توقف قليلًا قبل أن يُكمل: "بوريس، هل أنت متأكد أن اسميهما هما غودوين ورايفن؟ لأنهما اسما اثنين من الرمح الثلاثي".
ابتلع بوريس ريقه، وكان وجهه جادًا للغاية بعد أن سمع السؤال من مورجريس، قبل أن يرد "نعم، سيد النقابة، هذه هي الأسماء التي أبلغني عنها مرؤوسي على وجه التحديد".
عبست ملامح مورغريس وهو يقبض يديه. "أرى، هذا يعني أن اثنين من الثلاثة موجودان في مدينة ماونتمند الآن. ولكن لأي سبب؟"
بينما كانوا يستمعون حتى هذه اللحظة، نهض الأربعة من مقاعدهم مذهولين مما سمعوه. كانت الصدمة والقلق، بل وحتى الخوف، ترتسم على وجوههم بشكل متقطع.
كان اسم "رمح إله البحر" مؤثرًا جدًا، لكنه لم يكن كافيًا لإخافتهم. ففي النهاية، تقع النقابة الرئيسية لـ"رمح إله البحر" في العاصمة إليسمير، لذا لم يكن من الممكن أن يصل نفوذهم إلى هناك.
ناهيك عن أنه لم تكن هناك نقابة أقوى من نقابة سيوفهم السبعة في المدن المجاورة لهذه المنطقة النائية. ومع ذلك، كان الأمر مختلفًا تمامًا عندما ظهرت الكلمات الثلاث "الرماح الثلاثة".
كانت تلك الكلمات الثلاث كافية لإبقائهم متوترين، وكانت وجوههم مشوهة من الضيق.
بمراقبة ردود أفعال أربعة السيوف السبعة، لم يشعر بأنه يستطيع لومهم. ففي النهاية، كان رد فعله مماثلاً تماماً عندما سمع هذين الاسمين في التقرير. كان رد فعلهم هذا متوقعاً.
أشيع أن رايفن، أحد الرمح الثلاثي، قد اخترق حاجز المستوى 500 وانضم إلى فئة [قاتل الليل الشبح] الشهيرة. أما مورغريس، فقد ظل عالقًا عند حاجز المستوى 500، عاجزًا عن الصعود لأكثر من خمس سنوات.
في السنوات الماضية، أدرك أن هذا هو حده وبغض النظر عن مدى جهده، فلن يكون قادرًا على كسر القيود المفروضة عليه من قبل سلالته.
حتى فئة رايفن [قاتل الليل الشبح] كانت فئة أسطورية من الأساطير، ويقال أنه عندما يصل القاتل إلى فئة قاتل الليل ويكتسب السيطرة الكاملة على مهاراته وأسلحته، فإنه قد يكون لديه لمحة من الوصول إلى فئة أعلى وكانت تلك فئة قاتل الليل الشبح.
ما هي الفئة؟ كما تتطور الشياطين، تتطور الوحوش. وبالمثل، تتغير فئات البشر. عندما يرفع الإنسان مستواه ويختار المسار الذي يلائمه، يحصل على فئة بناءً على قدراته.
مع ازدياد مستوياتهم وتراكم مهاراتهم وصقلها، تتاح لهم فرصة الارتقاء بفئتهم إلى فئة أعلى وأقوى. وكما تزداد قوة ومهارة الشيطان مع ترقيته، فإن تغيير الفئة يؤثر على البشر أيضًا.
كما هو الحال مع جميع الكائنات التي تعيش على ألثايا، فإن من ورثوا سلالة أسلافهم بقوة، لديهم فرصة أكبر للنمو، أما من لم يرثوها، فيعلقون بعد بلوغ مستويات معينة. هذه كانت القاعدة غير المكتوبة في العالم.
ينطبق الأمر نفسه على البشر، فمن يملكون سلالة نقية يمكنهم الوصول إلى فئات قوية ورفع مستوياتهم ليصلوا إلى عالم لا يتصوره معظم الناس. أما من لا يملكون سلالة نقية، فيعلقون في نفس الفئة بعد بلوغ مستويات معينة. تمامًا كما بلغ مورغريس أقصى قدراته.
كان وصول رايفن إلى فئة من عالم مختلف تمامًا حدثًا صادمًا هزّ العديد من الشخصيات البارزة في عاصمة إليسمير. وسرعان ما انتشر الخبر إلى المنطقة الأخرى من المملكة، ووصل إلى مدينتهم مورغريس.
كان الوصول إلى فئة لم تكن متاحة للكثيرين حدثًا كبيرًا لرماح إله البحر الثلاثية، فكل تغيير في الفئة يزيد بشكل كبير من الحد الأقصى والإحصائيات التي يمكن الوصول إليها. وفي الوقت نفسه، فإن ظهور عبقرية في نقابتهم سيجعلهم أقوى من منافسيهم. كانت موهبة رايفن عالية جدًا لدرجة أنه رُقّي بسرعة إلى رتبة الرمح الثلاثية في نقابته.
كان وجود رايفن في ماونتمند سببًا كبيرًا جعل مورغريس يشعر بالقلق، لكن ما جعله يشعر بالانزعاج هو الاسم الآخر الذي ظهر في التقرير.
غودوين، رجلٌ ذو مكانةٍ رفيعة. أدرك رئيس نقابة إله البحر موهبة غودوين الكامنة منذ نعومة أظفاره، فسارع إلى تجنيده وتدريبه شخصيًا.
يُقال إنه بعد بضع سنوات فقط من انضمامه إلى النقابة، أصبح أحد أبرز عناصرها، ثم أصبح نائب رئيس النقابة. بعد ذلك، وبعد أن أصبح نائب رئيس النقابة، رفع مكانة نقابته لتصبح من بين أفضل خمس نقابات في مملكة إليسمير بأكملها.
___________________