الفصل السادس: قاتل الليل الصامت

بعدما أخذ حسن نفسا عميقا صرخ بأعلى صوته طلبا للنجدة ، و أستمر بالصراخ حتى شعر فيها بأن حباله الصوتية تكاد تتقطع من صراخه.

و بعدما توقف ليأخذ نفسا آخر ليستمر بصرخاته إذ به يسمع صرخة بعيدة ، و لكنها أعلى من صراخه أرتج بسببها كل المكان و قد كانت تلك الصرخة هي نفسها صرخة "الديرماس" الذي إلتقاه سابقا فتلك الصرخة نقشت في أعماق ذاكرته و شعر بأنه لن ينساها حتى لو محيت ذكريات ما حدث له هنا.

بعدما سمع تلك الصرخة شعر برعب شديد جعله يتسمر في مكانه، و تعالت أصوات صرخات المخلوق و هو يقترب بسرعة مخيفة فما هي الا ثواني معدودة حتى ظهر ذلك الدخان الاسود الذي يشبه الحبر ثم ظهر امام البوابة نفس المخلوق بهيأته المخيفة و وقف امام البوابة ، و تلفت حول المكان بحثا عن ضالته، و في نفس الوقت بقي حسن ينظر إليه و هو يكاد يغمى عليه من الخوف حتى التفت ذلك الشبح المظلم إليه و إلتقت نظراتهما معا!!!!.

و لكن ما أرعب حسن اكثر هو عينا الديرماس الحمراوان كأنهما جمرتان تتوهجان بلون الدم!!!.

و عندما التقت عيناه بالديرماس ؛ شعر بالم شديد في راسه و كل جسده و كأن روحه تريد أن تغادره كان الألم يشبه اللاف الدبابيس و هي تنهش لحمه.

و بعدما رأى ذلك الديرماس حسن أنطلق متجها إليه.

لم يستطع الأخير التفاعل بالسرعة الكافية فما هي الا ثلاثين مترا حتى ينقض عليه ، و لكن!!! إذ بسهم متوهج يضرب الأرض أمام ذلك الوحش ؛ ليوقفه في مكانه و يلتفت لاتجاه صاحب السهم إذ به ذلك الملثم يمسك بقوس خشبي يحوي نقوشا جميلة ولامعة.

و قد صاح الملثم بنبرة تحدي قوية و متغطرسة " خصمك هو انا !!!!" ما ان أنهى كلامه حتى اختفى القوس كالسراب و ظهر خنجران في يديه يلمعان ببريق فضي.

و انحنى الملثم و اتخذ و ضعية هجومية مع وضع الخنجرين امامه و انطلق متجها لقتال الديرماس و انطلق الاخير هو الآخر نحو الملثم و أظهر يديه الرمادية المتفحمة ذات المخالب الحادة و بدأ بالاشتباك مع بعضهما.

بقي حسن مذهولا ، و متسمرا في مكانه من سرعة تغير الاحداث إلتفت إلى قتال الملثم مع ذلك المسخ و قد رأى تحركاتهم التي كانت سريعة بالكاد لاحظ شيئا بسبب طبيعة المكان المظلمة و تشوش افكاره بسبب عيون الديرماس.

ثم سمع صوت الملثم ليخرجه من ذهوله " اذهب و اختبئ و أنتظر اشارتي !!!!!! " فقط بعد سماع صراخ الملثم استفاق من ذهوله ركض بأسرع ما يمكن إلى أقرب مكان وجده و دخل بين أنقاض احد المباني المهدمة على يمينه كما أخبره الملثم سابقا.

و جلس ملصقا راسه المبتل من العرق بركبتيه يحاول أخذ أنفاس عميقة ليهدئ و بقي ممسكا بالحجر في يده ينتظر اشارة منقذه الذي يسمع دوي معركته ولقد كان يشعر بأن كل ثانية تمر كأنها سنين طويلة !!!.

و إستمرت الصرخات و أصوات القتال لبضع دقائق حتى شعر ببعدها ؛ فاستجمع شجاعته لينظر للمعركة و عندما خرج بايدي و اقدام مرتعشة نظر لاتجاه الصوت ورأى بأنهما يبعدان حوالي السبعين مترا في مكان واسع بعيدا عن المباني و ينظران لبعضهما و لولا ان كثرة الطحالب و الفطر الذين ينيران المكان لما استطاع رؤية شيء على بعد ثلاثة أمتار امامه.

كان شكل الاثنين مزريا!

رأى الملثم و هو يضرب الوحش أمامه بخناجره كانت حركاته رشيقة و متناسقة كالراقص،

كان يتحرك بسلاسة و هو يجرح أو يطعن الديرماس صحيح أن هيئته اصبحت مزرية من تراكم الجروح و تمزق أجزاء من ملابسه لكن هذا زاده هيبة و روعة في نفس حسن!!!.

سويتش(صوت اختفاء شيء)

قام بعدها بالتلويح بيديه لتختفي الخناجر و يظهر سيف طويل في مكانهما.

بووم بووم بووم!!!!!

زادت حدة ضربات و طعنات الملثم و مع هذا لم تعد اغلب تلك الضربات تصيب جسد الديرماس بسبب ردود أفعاله السريعة و صده لاغلب الضربات بيديه اللتين تشبهان الجثة المتعفنة لقد بدأ ان ذلك الوحش قد بدأ يتعلم بسرعة و يعرف كيف يصد الهجمات بشكل أفضل.

اكثر ما ارعب حسن ليس شكل يدي الديرماس ولكن قوتهما فقد استطاع التصدي لاغلب الهجمات بيديه فقط ، حتى أنه رأى الشرارات تظهر من جراء الاصطدام.

و كانت أي ضربة تصيبه في أي مكان عدى ذراعيه يظهر في مكانها توهج خفيف أبيض حليبي يليه نزول سائل لزج بلون احمر مائل للسواد عرف حسن انه دم المخلوق.

و لكن مع كل إصابة تصيبه يزداد عويل ذلك المخلوق حتى ان حسن ظن أنه لن يطول الأمر ليقتله الملثم مما جعله يشعر بنشوة كبيرة جراء ذلك، ولكنه لم يستطع الرؤية جيدا بسبب ابتعادهما عنه اكثر.

اخذ نفسا عميقا و إستجمع شجاعته ليقترب اكثر بدون ان يلاحظاه خوفا من افساد خطة الرجل الملثم.

و لكن بعدما اقترب اكثر ودخل في مبنى بدا كبيت صغير ضرب كتفه الايسر جدارا متهالكا تسبب ذلك في انهياره عليه ولكن لحسن الحظ استطاع النجاة ببضعة جروح والقليل من الكدمات و لكن لسوء الحظ قدماه علقتا تحت الركام.

اجتذب انهيار الجدار أنظار الملثم وغريمه مما جعلهما يتوقفان ليروا ماجرى ولكن بعد أن رأى الديرماس حسن استغل لحظة تشتت انتباه الملثم فدفعه بعيدا بلكمة قوية على صدره اوقعته بعيدا مما تسبب ببصقه للدم وانطلق الديرماس المليئ بالاصابات نحو حسن.

بقي الملثم مذهولا من جراء اللكمة وقد نزع لثامه ليبصق جولتين اخريين من الدماء ونظر باتجاه الركام حيث تواجد حسن ثم إلى الديرماس الذي اقترب ببطء نحو فريسته فقام بصعوبة لمحاولة إيقاف الديرماس لكنه حتى لو ركض لن يصل في الوقت المناسب.

في نفس الوقت حاول حسن ان يحرر قدميه من الركام بأسرع ما يمكنه قبل وصول ذلك المخلوق المرعب لكنه لم يقدر إلى أن التفت خلفه ليرى الديرماس يقف أمامه.

(نبضة! نبضة! نبضة!)

تعالت أصوات ضربات قلب حسن لدرجة عدم سماعه لأي اصوات غيرها.

أصيب حسن برعب شديد ؛ انساه الصراخ لقد حاول غريزيا عدم النظر لعيني الوحش أمامه لكن الاخير امسكه من ذراعيه وأخرجه من الركام ونزع غطاء راسه كاشفا عن وجهه الرمادي ذو العيون الملتهبة والانف المجوف كالجماجم وفمه الذي بدى كثقب اسود بدون أسنان.

قام بامساك حسن الذي لا حول له ولا قوة من رقبته لجعل عيونهم تلتقي.

فقط بعدما إلتقتى زاد توهج عيون الديرماس وفتح فمه واستنشق نفسا عميقا جعل حسن يشعر بأن روحه تسحب منه مما تسبب بالم شديد له كان يشبه تقطيع اللحم من جسده بسكاكين صدئة وغير حادة.

حاول الإفلات ولكنه استسلم بعدما عرف أن كل جهوده بلا جدوى وتشوشت رؤيته حتى ظن انها نهايته.

وفي نفس اللحظة في الخلف وضع الملثم يده في موضع الضربة على صدره وكز على اسنانه من الآلم ووقف مترنحا ثم اخرج زجاجة من الحقيبة بجانب خصره كانت بلون قرموزي داكن .

تجرع محتواها كله بعدها أصبح جسده كله يرتجف كأنه سيصاب بالصرع في اي لحظة.

أمسك في يده الأخرى حجرا كالذي أعطاه لحسن في السابق إلا أن الاختلاف الوحيد فيه هو النقوش التي عليه.

كز على أسنانه وظهر ما يشبه الضوء الأبيض الحليبي في يده والذي أمتصه الحجر حتى توهجت التقوش كلها ثم كسره بقبضته *كوت... مار.... سيل!!!!* وتمتم بصوت أجش بكلمات غريبة.

بعدما أنهى جملته غطته طاقة مظلمة وتغيرت هالته وكأنه قد تم إستبداله بشخص بدم بارد إمتلئ الهواء بجو مرعب اكثر مما هو عليه لكن الشيء المختلف هو أنه شعورا بالرعب الصامت.

وكأن الديرماس شعر بالتغييرات اوقف ما كان يفعله وأسقط حسن الذي كافح لالتقاط أنفاسه بذهول والتفت الديرماس إلى مكان الملثم لكنه لم يجده قبل حتى أن يستطيع فهم ما جرى قامت يد بضربه من ظهره وأرسلته يحلق بعيدا مما تسبب باصابته بشدة.

كانت اللكمة من الملثم الذي بدأ شكله مرعبا.

وقد كان التوهج الاسود يتطاير من جسده كاللهب.

امسك بالسيف بيده اليمنى وانطلق إلى الشبح الذي بالكاد استطاع فهم الوضع.

جائت ضربة من اليمين تسببت بقطعه لذراع الديرماس اليمنى صرخ لإثرها الاخير بصرخة إمتلئت بالغضب والألم والخوف.

حاول الملثم قطع رأس المخلوق لكنه ما إن حاول ذلك شعر بأن جسده كله يؤلمه بشدة؛ معلنا بأن مفعول الحجر سيختفي في اي لحظة.

بسرعة قام الشبح باستغلال الثغرة للتوجه إلى حسن ولكن استطاع الملثم من السيطرة على ألمه ورمى السيف بإتجاه الديرماس بعدما شحنه بكل قوته ليخترق قلب الاخير.

تقيء جرعة كبير من الدم بسبب استهلاكه لكل تلك الطاقة واستعماله لما يبدوا انه لفن محرم مما ضاعف اصاباته.

المخيف ان الديرماس لا زال حيا حتى بعدما اخترق صدره ذلك السيف و مازال يتجه إلى حسن.

كان حسن ينظر إلى كل ما يجري بذهول فقد كان لا يزال لم يتعافى من صدمة سحب روحه حتى أنه كان ينظر لاقتراب الوحش بدون ان يتفاعل كان يسمع كلمات لم يستطيع فهمها

كان صراخ الملثم وهو يخاطبه " استعمل الحجر بسرعة!!!!.... استعمله قبل ان يصل الديرمااااااس!!!!! "

هنا فقط أستيقظ من ذهوله و رأى الديرماس يقترب قام بسرعة بكسر الحجر.

"ح..حلم...!! " و قال كلمة التفعيل بصوت اجش و جاف فظهر توهج إلتف حوله وشعر بعدها بسكينة و راحة بسببها ونظر ليديه إذ بهما يصبحان شفافتين وقد إختفى من مكانه قبل وصول ذلك المخلوق إليه.......

~~~~~~~~

ملاحظة مؤلف:-

(*كوت مار سيل* تعني قاتل الليل الصامت)

وبذلك ينتهي الارك الاول المسمى ( كوابيس مزعجة )

**************************************

شكرا على قراءة الفصل 😁👋

أمل أنه اعجبكم

لا تلهكم قراءة الروايات عن الصلاة وقراءة القرآن.

2023/12/16 · 32 مشاهدة · 1432 كلمة
نادي الروايات - 2025