الفصل الثامن: شعور بالذنب

"كيف حالك الان يا بني؟.." كان صوت الرجل يحمل بحة خفيفة لمن هم في عمره كانت تعابيره هادئة ونبرته ودودة لقد بدا شكله يشبه قليلا عمر الواقف على يساره مما جعل حسن يفكر بأنه تربطهم صلة قرابة.

" لماذا نهضت من مكانك إصاباتك لم تلتئم بعد

لولا أن عمر قد احضرك إلى هنا في الوقت المناسب الله اعلم اذا كنت ستنجوا بعد كل هذا" تكلم الرجل على اليمين الذي يرتدي الأبيض ويحمل حقيبة جلدية متوسطة الحجم بنبرة معاتبة ولكن قد بدأ القلق واضحا في صوته ثم وضع الحقيبة على الطاولة بسرعة واقترب من حسن و طلب من عمر ان يساعده على مساندة حسن لجعله يستلقي على السرير من جديد.

لم يتفاعل حسن و تحرك مع مرافقيه الى ان وضعاه على السرير.

" إهدء قليلا يا فاضل فمن الواضح أن الشاب نهض بسبب العطش ليس هناك داعي للقلق فهو يبدو بصحة أفضل من الأيام القليلة الماضية " تكلم الشيخ صاحب اللباس الرمادي بود وهو يداعب لحيته ويبتسم بخفة مخاطبا الرجل ذو اللباس الأبيض بالطبيب فاضل.

"اعرف يا سيدي هشام ذلك لكن بصفتي طبيبا علي ان اتاكد من عدم إصابة مرضاي باي ضرر قد يجعل حالتهم تسوء و أنت تعرف هذا جيدا يا سيدي و أيضا بقي الشاب فاقدا للوعي لفترة طويلة ولكنه نهض فجأة أخاف أن تفتح جراحه وتسوء اكثر خاصة بعد التغير المفاجئ لحالته..." تكلم الطبيب فاضل مع الشيخ بنبرة إحترام و أدب شديدين وكان يخفض راسه قليلا موضحا ذلك الاحترام.

أطلق الشيخ ذو اللباس الرمادي البسيط الذي سماه فاضل بالسيد هشام ضحكة خفيفة وقال" لا زلت كما عهدتك تخاف وتحرص على مرضاك حتى لو كانوا خصومك " .

بقي حسن مذهولا ولم يستجب لأي أحد من الثلاثي أمامه فقط بعدما سمع أنه بقي غائب عن الوعي لأيام إستفاق من ذهوله " ايااام!!!؟ ماذا تقصد بأنني كنت نائما هنا لأيام!!!! فليخبرني أحدكم ماذا حدث لي؟ ، ولما أنا هنا؟ ، و أين انا الان!!!!!؟"

أستجمع حسن كل طاقته وتركيزه لكي ينطق بتلك الكلمات بصعوبة.

فقد كان عقله شبه ضبابي قليلا.

تنهد السيد هشام وهو ينظر إلى فاضل و أومئ له ففهم الاخير وأخذ قنينة صغيرة بنية اللون من الحقيبة و فتحها أمام أنف حسن و بعدما شمها شعر ببعض الوخز في رأسه وشعر بعدها بأن وعيه قد أستفاق شيئا فشيئا و أصبح اكثر وضوحا من ذي قبل.

بعدما أسترجع وضوحه نظر حسن إلى عمر ثم إلى السيد هشام الذي كان جالسا أمامه.

بدى هذا الشيخ كالتمثال الصامد الذي صمد أمام الزمن كان كتفاه العريضان وطول قامته وعدم انحناء ظهره سببا في خلق جو من الكاريزما والهيبة الطبيعية حوله.

نظر السيد هشام الى حسن وتكلم بهدوء وقال له " بعدما كنت مع عمر وحاول أخذ الساعة منك تحطمت وتفاعلت القوة المختومة بها مما تسبب في تضرر جسدك ووعيك لدرجة حرجة لكن الحمد لله ان عمر استخدم طريقة معينة لإيقاف القوة من التسبب بالضرر لك لما يكفي لجلب المساعدة اللازمة."

"وبعدها احضرناك إلى هنا لكي تتم معالجتك

ولقد بقيت غائبا عن الوعي لما يقرب الشهر ونصف الشهر هنا"

بعدما تكلم السيد هشام هم واقفا للخروج و أكمل قائلا "الان عليك ان ترتاح وتحاول استجمع اكبر قدر من قواك العقلية بما يكفي لكي نكمل كلامنا لاحقا" وعندما وصل إلى الباب " اعدك أننا سنساعدك على التخلص من هذه المشكلة التي وقعت بها بدون رغبة منك سنحاول قدر استطاعتنا للمساعدة" ثم خرج وكانت كلماته الاخيرة لها تاثير على نفس حسن مما جعله يرتاح لا شعوريا.

"شكرا لك " قالها حسن وهو يومئ بخفة وعيناه تلمعان من الامتنان لهذا الشيخ ذو الحضور المهيب.

بعدما خرج السيد هشام من الغرفة قام الطبيب فاضل بفحص إصابات حسن وتغير الضمادات كان عمله متقن حتى ان حسن بالكاد شعر بالم

مما دل على خبرة هذا الطبيب.

وكان عمر هو الاخر واقفا هناك صامتا يمد يد العون الى الطبيب اذا احتاج له.

بقي الثلاثي في الغرفة صامتين بالأخص عمر فقد كانت تعتريه تعابير هائمة لم يستطع حسن فهمها وبالكاد نظر الى وجه حسن امامه.

"حسنا الان لقد انتهيت من عملي" بعدما مرت قرابة الساعة والنصف أنهى الطبيب فاضل عمله، جمع أغراضه ورتبها في حقيبته والتفت إلى عمر "ابقى معه حتى اذا احتاج شيئا سيكون معه أحدهم" اومئ عمر بتعبير معقد بلا صوت وأكمل الطبيب كلامه موجها نظرته إلى حسن " سأذهب الان وسارجع بعد يومين بإذن الله لاقوم بفحصك ولتغير الضمادات" ثم اومئ للاتنين مودعا إياهما وذهب.

بقي المكان صامتا لبعض الوقت بقي عمر واقفا مكانه ناظرا إلى الباب شارد الذهن " اشكرك مجددا على انقاذك لي امل ان ارد لك الجميل في يوم ما " إلى أن أخرجه حسن من ذهوله التفت إلى حسن الذي ارتسمت ابتسامة ممتنة على وجهه المليء بالشاش الطبي.

لكن على عكس رد الفعل الذي توقعه حسن تغيرت تعابير عمر إلى مظلمة و إمتلئ وجهه بالذنب " انا اسف بسبب استهتاري وعدم كفائتي تسببتاد باصابتك حتى أنه كدت تموت بسببي انا اسف يا حسن امل فقط ان تسامح قلة كفائتي" تكلم عمر بصوت مليئ بالحرج والذنب امال راسه إلى الجانب واغمض عينيه حتى لا يرى حسن تعابيره تلك بينما كان يقبض قبضتيه بشدة حتى ابيضت مفاصله.

كان التغير الغريب لتعابير عمر واضحا ومربكا لحسن خاصة أنه قد رأى شكل عمر قبلها لكن عوضا عن الفخر والشجاعة وهدوء رأى حسن في عمر مشاعر العار و قلة الثقة بالنفس.

بعدها استدار عمر و سار بصعوبة إلى الخارج وقال بصوت اجش " انا بالخارج اذا اردت شيئا نادني"

"انتظر!!!!.... لا تذهب لماذا تتاسف وانت من انقذ حياتي المفترض أن أكون انا الذي يعتذر منك" تجمد عمر في مكانه لثانيتين ثم التفت إلى حسن والتقت عيناهما لكنه لم يجد اي أثر للكراهية بل رأى الذنب والخجل في عيني حسن.

تكلم عمر بعد سكوت قصير " لكن!! لكنني !! انا من فشلت في حمايتك وانا الذي تسبب في تفعيل تلك القوة المختومة في الساعة" خرجت تلك الكلمات بنبرة الم وذنب شديد.

ابتسم حسن بخفة " انا ايضا كنت سببا في تاذيك في ذلك الوقت بسبب استهتاري وعدم حذري بذلك نحن متساويين" تلى ذلك ضحك حسن بطريقة غريبة بسبب الألم.

بطريقة ما شعر عمر ببعض الراحة من كلام حسن أمامه لذلك ابتسم وضحك هو الاخر متأثرا بضحك حسن.

تنهد عمر بعدها وقال لحسن بنبرة اكثر راحة وهدوء اكثر " حسنا الان ارتح قليلا وساكون في الجوار اذا احتجتني.

"حسنا....... شكرا لك مجددا ...." ثم لا شعوريا غط حسن في نوم عميق.

**************************************

شكرا على قراءة الفصل وامل أنه اعجبكم

وبس😉👋

لا تلهكم قراءة الروايات عن الصلاة وقراءة القرآن الكريم.

2023/12/16 · 32 مشاهدة · 1022 كلمة
نادي الروايات - 2025