الفصل التاسع: مارشين

بعدما تحدث حسن مع عمر غط في نوم عميق استيقظ بعدها بيوم ونص فوجد عمر جالسا أمامه على الكرسي ضاما يديه على الطاولة و ينظر إلى السقف شاردا، و عندما شعر باستيقاظ حسن نهض و اقترب منه مع كوب ماء ليساعد حسن على شربه.

تنهد حسن براحة بعدها و نظر إلى عمر " هل صحيح أنني بقيت هنا لأكثر من شهر؟ ، رجاءا اخبرني بالحقيقة " كانت عيونه و تعابيره تحمل اللاف الأسئلة لكنه سأل اول سؤال خطر عليه اولا.

تنهد عمر و اجاب بكلمة واحدة " نعم!" وبعد سكوت قصير اكمل " بعد الحادث اصبت بأضرار بالغة جدا! حتى ان من يراك لا يصدق انك ستنجوا" قالها عمر وفي وجهه تعابير توحي بأنه تذكر الموقف كانت تعابير بين الذنب و الرعب. "و بعدها جلبناك إلى القرية لتشفى"

"و في الحقيقة استيقاظك في فترة شهر ونصف أمر مدهش حقا فحتى الطبيب فاضل الذي هو أمهر طبيب في الولاية قال انك قد تستيقظ في غظون نصف سنة على الأقل" كانت علامات الصدمة والاستغراب شديدين عليه " لكن في آخر أسبوعين بدأت اصاباتك تشفى بدرجة كبيرة من وقت لآخر ربما الأمر يرجع....! " كاد عمر يكمل جملته لكنه سكت و كأنه كاد يقول شيئا ممنوعا.

لوح بعدها إلى حسن لكي لا يهتم بالأمر اكثر فبأذن الله كل أموره ستحل قريبا جدا.

حاول حسن الاستفسار اكثر لكنه شعر بأن عمر لن يطلعه على أي شيء في الوقت الراهن.

" عائلتي كيف سأفسر لهم اختفائي وهذه الندوب ستجعلهم يقلقون أكثر ما أن يروها" أيتفسر حسن وهو يحاول معرفة كيف يفسر لأهله كل هذا.

"بالنسبة لهذا الموضوع فقد حل منذ البداية فامور كهذه مرت مئات المرات علينا نحن الديريارد لذلك لدينا طرقنا للتستر عن أعمالنا" قالها وهو يضرب على صدره وقد ظهر الفخر واضحا على عمر.

" أخبرنا أهلك أنك حصلت على فرصة عمل في أحد الدول الأجنبية وبمساعدة بعض من قدرات الإقناع والوهم التي لدينا اقتنعوا وفرحوا لذلك ومن وقت لآخر يتصل بهم احد خبراء التنكر لدينا ليكلمهم بصفته أنت ويتم إرسال بعض الأموال اليهم ليكون الأمر أكثر إقناعا"

بقي حسن مذهولا لفترة كيف ان أمرا كهذا قد يمر بسلاسة هكذا وخاصة على أهله الذين يقلقون عليه كثيرا خاصة اذا كان بعيدا عن البيت لفترات طويلة لكنه ضحك قليلا ليخفف توتره وتنهد بارتياح لان هذا الحمل قد انزاح عن قلبه.

بعد صمت وتفكير قصير انتبه حسن انه قد فوت شيئا من الحديث السابق مع عمر لذلك سأله باستغراب " لحظة واحدة تذكرت الان انك قد ذكرت شيئا عن قرية وولاية أو شيء كهذا ماذا تقصد بهذا؟ واين نحن الان؟"

بعدما انتهى من سؤاله اجابه عمر " بعد الحادث نقلناك إلى قرية *مارشين* التابعة لمملكة *ياموز*" .

ظهرت العديد من علامات الاستفهام في عقل حسن " مارش..!! ماذا!!!!؟..... ما ياموز هذه!!!!!؟" حاول استرجاع اي شيء في ذكرياته عن هذين الاسمين لكنه لم يتذكر اي مملكة أو دولة بهذا الاسم الغريب.

"اين تقع هذه المملكة فأنا لم اسمع باي مكان بهذا الاسم من قبل!!!!!!"

تنهد عمر متوقعا ردة الفعل هذه وأكمل " انت الان لم تعد في دولتك الام ليبيا أو حتى في نفس عالمك انت الان في مسقط راسي المسمى بعالم ارض الشفق"

بقي حسن مذهولا ولم ينطق البتة فقد حاول أن يضحك لظنه ان عمر يمزح معه لكنه بعدما تذكر كل ما حدث له واستغرابه لشكل لباس عمر والطبيب فاضل والشيخ هشام شعر بأن الأمر قد يكون بالفعل حقيقيا مع ان هناك جزءا منه غير مصدق.

" هل هذا صحيح؟ أخبرني ان هذا مزحة؟" قالها متمنيا ان يكون عمر كذلك.

لكن لا يمكن له أن يكذب عليه.

عندما كاد عمر يفتح فمه ليجيب سمعا دقات خفيفة على الباب ليفتح بعدها ويدخل رجل يرتدي ملابس بيضاء مرتبة ويحمل حقيبة في يده اليمنى قد كان هو نفسه الطبيب فاضل من المرة السابقة لكن هذه المرة لم ياتي السيد هشام ولكن كان معه شاب اخر يبدوا في نفس سن حسن دخلا الغرفة بعدما سلم على حسن وعمر

" هممم. ارى انك في صحة افضل من اول امس ممتاز الان سأقوم بفحص روتيني واغير لك الضمادات واعتقد انه من الأفضل لك أن تبدأ في المشي وشم بعض الهواء النقي"

ثم نظر فاضل إلى عمر وقال له بهدوء مبتسما مع ملاحظة نبرة معاتبة خفيفة " عزيزي عمر لقد تعبت وانت برفقة حسن وانت حتى لم تتعافى بعد من مضاعفات ...."

قاطعه عمر بسرعة "لا عليك يا سيد فاضل فأنا بخير الان، ولقد شفيت تماما" ثم سكت لثانية وقال وهو يتجه إلى الخارج " سأذهب الان إلى اللقاء! " ذهل الطبيب فاضل للحظة، لكنه لم يتابع الأمر ، حتى حسن شعر بالفضول من التغيير الذي حصل له وفكر ان يسأل عمر لاحقا عما حدث.

" هيا يا رامي فلتساعدني" ثم نظر فاضل إلى الشاب بجانبه وطلب منه أن يساعده.

"حاضر سيدي" رد رامي باحترام وانطلق لمساعدته.

بعد ثلاث ساعات مملة في نظر حسن انتهى السيد فاضل من عمله وأخبره أنه يمكنه أن يتمشى حول المكان فالجو في الخارج مناسب وسيساعده على تهدئة نفسه.

ساعده الشاب الذي سماه فاضل برامي على النهوض وخرجا من الباب، بعد الخروج مباشرة هجم ضوء ساطع ، كان ضوء الشمس الذي لم يره لأكثر من شهر أغمض عينيه قليلا بسبب اختلاف الإضاءة كان الأمر غريبا بالأخص ان نافذة الغرفة المغلقة لم توحي بما اذا كان المكان ليلا أو نهارا في الخارج.

بعدما فتح عينيه إلتفت إلى الخلف ووجد أن الغرفة التي كان بها عبارة عن مبنى مكون من غرفة واحدة مبنية من الحجارة والخشب تشبه قليلا الطراز الريفي الأوربي إلتفت يمينا ويسارا ليدرس محيطه فوجد أن المكان كان اشبه بقرية جبلية بسيطة وجميلة كانت كل المباني من الحجارة والخشب ظن لوهلة أنه قد سافر إلى سويسرا أو ألمانيا لكنه ما ان نظر الى السماء تسمر في مكانه فاتحا فاه على مصرعيه.

السماء انها زرقاء كالتي في الأرض لكن كان هناك أضواء ترقص في السماء باللوان مختلفة مزينة اياها" اهذا الشفق!؟ انه فعلا الشفق القطبي يا له من منضر جميل" وجد حسن نفسه يبتسم لا شعوريا من جمال الشفق الذي في السماء.

إلتفت رامي الذي كان يسند حسن إليه بإستغراب وصدمة " انت تستطيع رؤية الشفق!!!؟ كيف يمكن هذا!؟ " عندما التفت حسن بنظرة حائرة إلى رامي.

" هيهيهيه. لهذا سمي العالم باسم ارض الشفق بسبب تواجد هذا الشفق الدائم في سمائها" جائت ضحكة خفيفة من الجانب الأيسر لحسن وأكمل الصوت بعدها من المثير للاهتمام انك تستطيع رؤية الشفق " إلتفت هو و رفيقه الذي ليريا صاحب الصوت.

إذ به هو السيد هشام يبتسم بود لهما " اهلا بك أيها السيد هشام " قبل ان يتفاعل حسن انطلق رامي بجانبه مرحباً بالشيخ أمامه واضعا يده اليمنى على صدره ومحنيا راسه.

استغرب حسن من التغيير المفاجئ لتعبير مرافقه حتى أنه كاد أن يقلده لا شعوريا بسبب أنه قد شعر بأن هذا الشيخ الودود أمامه ليس شخصا عاديا منذ القاء الاول بينهم وزاد يقينه بذلك من التغير المفاجئ لرامي.

لكن السيد هشام أشار ملوحا بيده " ليس هناك داعي للرسمية" ثم التفت إلى رامي الواقف مع حسن " رامي لم ارك منذ خمس سنوات كيف حالك وحال جدك هل هو بخير" تكلم هشام بود

مع رامي الذي بدأ أنه يعرفه جيدا " أنه على ما يرام و اوصاني ان أبلغ لك تحياته اذا ما رأيتك"

"هممم. هكذا اذا، جيد جدا الان عزيزي رامي احظر ضيفنا و إلحقا بي فأنا أريد الدردشة معه قليلا."

"معي انا!؟" اشار حسن باصبعه لنفسه بينما سار خلفه، شعر بمشاعر من الترقب فربما سيطلعه ذلك الشيخ على اي شيء سيبعد غيوم الغموض عن كل ما حدث له.

ملاحظة مؤلف :-

(مارشين= نسيم المساء).

ياموز= سمية نسبة إلى مؤسس المملكة الذي يعني (الشريف).

**************************************

إن شاء الله يكون الفصل قد اعجبكم

وبس شكرا على قراءة الفصل 😉👋

لا تلهكم قراءة الروايات عن الصلاة وقراءة القرآن الكريم.

2023/12/17 · 28 مشاهدة · 1223 كلمة
نادي الروايات - 2025