(منظور نوت) :
الجامعة التي لم اكن أحببها كثيرا كانت ملاذي؛ الهروب من زوبعة المشاجرات التي لا تنتهي في المنزل وأبي الذي يفقد زمام نفسه للخمر، صارخًا بلا وعي ولا رحمة. ولكن، ماذا لو قصور الأمومة أصبح قدري منذ أن فارقتنا أمي وتركتنا في بحر الحياة دون قلب يهدينا إلى شاطئ الأمان؟
"هيّا نوت، تعال لتناول الغداء." صوت جدتي ينادي، لكن الشهية خانتني تلك اللحظة. كنت أستغرق في قراءة أحد الكتب العميقة عن فن الشطرنج، وأذني تلتقط أصداء التلفاز الذي يحمل أخبارًا عن سرقة أحد البنوك الكبيرة في طوكيو، الحادث الذي ما زالت تداعياته ترتسم على وجه الأسبوع الماضي، وتحتجز الرهائن بين فكي الذعر والمجهول.
في صباحٍ كطبقات الرتينة التي تظلل حياتي الرمادية، اتجهت نحو الحلاق الذي أفضله لأمنح شعري الطويل بعضًا من الاهتمام والتجديد. لكن يبدو أن النجوم شاءت أن أمهل نفسي على كراسي الانتظار البسيطة في المتجر، بينما كان الزبون الأول يبث طلاسم الثرثرة حول السطو الذي شغل العامة.
كان هناك، في زاوية المحل، تلفاز صغير ينشر موجات التوتر الدولي بين روسيا وألمانيا والولايات المتحدة، مثل خيوط تنسج نسيج حرب محتملة. أزومي، الحلاق، قال متأملاً: "تبدو الأمور كما لو أن حربًا عالمية ثالثة على وشك الاندلاع، يا صديقي." فأجبته مهونًا: "ليست مشكلتنا، هذه التوترات كثيرًا ما تذهب سدى دون أن تؤدي إلى المحظور."
كالمعتاد، ذهبت إلى الجامعة و التي كانت ضخمة و بتصميم لا يشبه الجامعات اليابانية المعتادة حيت انها تتفرع الى الداخل و ليس الى الخارج ، اعني ان نضرت الى النافذة تستطيع الإطلاع على اغلبية الممرات و الأقسام و الساحة الضخمة المتواجده في وسط المبنى الضخم الجامعي . و هذا بنسبة فقط الفصول المتواجده في الفصول العلوية . ومضت الساعات طبيعية حتى رأيت من النافذة أشخاصًا يتجولون في الأقسام بطلات سوداء وأقنعة عبثية. وإذا بخمسة منهم يتجهون نحو فصلنا.
وسط شرح الأستاذ، دوى صوت الرصاص في الحرم الجامعي فارتج الفصل هلعًا، المناظر داخل المدرسة كانت تختطف أنفاسنا وأعيننا تتنقل بين الشرفات والطرقات، وكانت أشد الفكرة تراودني هي التحقق من الأمر وإيجاد طريقة للهروب.
لكن الأمل في الفرار تلاشى حين اقتحم الفصل خمسة ملثمين في بزات سوداء، يتقاسمون الأقنعة بين الحزن والسرور
والرعب والغضب واللا تعبير. هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين لمحتهم قبل قليل، ماذا يحدث؟!
الحديث كان منعدمًا والفرصة للهروب مستحيلة. الأستاذ، برعب يشوه قوامه، نطق: "ما سبب هذه الزيارة المفاجئة يا ترى؟" فنظر إليه صاحب القناع الغاضب وتقاطر الجواب منه كالسم: "لا حاجة لنا بالمعلمين، أليس كذلك؟" ثم أشار صاحب الوجه الفرحان بالموت أو الانهيار، وتلا ذلك إطلاق النار على رأس الأستاذ حتى غابت معالمه تمامًا.
هلع الطلاب كان واضحًا وصرخوا طلبًا للرحمة، فيما أطلق صاحب القناع العابس طلقة في السقف لإسكات الأصوات الهائجة. التي لايمكن اسكتها .
"أعتذر للطلاب الأعزاء عن مقاطعة دروسكم المثمرة. اسمي 'كوتنيو براليو' ونحن من منظمة 'دراف'،" قال الوجه المبتسم. وفي سري، ربطت الأمور ببعضها، 'دراف'، تلك العصابة انها نفس العصابة التي تشغل سرقة بنك طوكيو !