في ليلة ممطرة وبقرب دار من دور الأيتام في مملكة (نصال) وجد طفلان تحت شجرة بالقرب من الدار ، كان الطفل الأول يبلغ 4 سنوات ويحمل في يده طفل آخر يصغره بثلاث سنوات ، قام أصحاب الدار بالاعتناء والرعاية بهما ، وفي يوم من الايام بعد مرور ست سنوات قام الأخ الأكبر

وهو (الياس) باصطحاب اخيه (اياس) الى المدينة المجاورة لكي يقوموا ببيع ما ينتجه الدار من أعمال يدوية في القرية لكسب لقمة العيش ، وفي أنحاء تجولهم في المدينة رأوا موكباً لتتويج الملك الجديد ، وكان هذا منظراً مبهراً لهما حيث أن الجنود و الفرسان على مد البصر ،

ويوجد فرسان عظماء يحرسون الملك يمتلكون عتاداً مبهراً ، بدى على وجهيهما الدهشة و الانبهار ولم يستطيعا مفارقة هذا المنظر ، وعندما عاد الطفلين الى القرية قررا أن يصبحا فارسين عظيمين ومن أعظم فرسان المملكة ، قام الياس واياس بالتدرب على السيف و

الفروسية منذئذ واستغلال وقت فراغهما بذلك ، بدى على الطفلين اللهفة و الشغف ولم يتوقف شغفهما أو حتى يتزحزح بل كان يزيد عند كل ضربة سيف ، وبعد مرور فترة من الزمن لاحظ مسئولو الدار ذلك فقاموا باحضار لهم مدرب فروسية لكي يقوم بتدريبهم وصقل مهاراتهم ،

وخلال هذه الأثناء لاحظ الياس على اخيه القسوة و برود القلب ففي يوم من الايام راى الياس اخاه يربط دجاجة و ثعلب بحبل للتسلية ، فمهما هربت الدجاجة واينما ذهبت فمصيرها أن تؤكل من الثعلب .

بعد مرور 14 سنة ، عندما أصبح الياس في الرابع والعشرين من عمره ، قام الملك (دهيم) بتكريم الياس في العاصمة واعطائه درع عظيماً تكريم لفروسيته فقد أصبح فارساً من فرسان الملك السبع ، كان الدرع عظيم جدا ولا ينفك أحد او يمل بالنظر اليه وكان على كتف الدرع الايسر

شعار يرمز الى فخر وبسالة الياس ، أصبح ذو سيط في المملكة وذاع اسمه في كل أرجائها كفارس عظيم بسبب حبه لمساعدة الناس وبقربه منهم على الرغم من مكانته فكان لايترك عجوزا او صغيراً ولا رجل او امراة الا وساعده ، فكلما مر في المدينة أو القرية يلقون عليه السلام

و يكرمونه بالطعام ، وتزوج الياس من امراة جميلة يحبها وكانت زوجته حبلى بأول مولود لهم ، ولكن ، بدت على اخاه اياس الغيرة من أخيه و الحقد و الكراهية ، كانت مملكة نصال تخوض حروباً على مدى سنين طويلة مع ممالك اخرى عدوةً لها ، وكان ابن الملك (باتل) يقود تلك المعارك ، شاع اسم الياس حتى انهم بدأوا بمقارنة الياس بباتل من منهم الاقوى ؟ .

وفي احد الليالي قام رجل مسرع بطرق باب البيت على اليأس وهو يصرخ قائلاً : الياس انقذنا يا الياس …. اللصوص ..لهث ..لهث .. اللصوص يهجمون على قريتنا ساعدنا ارجوك. خرج الياس من بيته مسرعاً حاملا معه سيفه متوجهاً للقرية القريبة المجاورة لكي يبعد عنها اللصوص ،

وعند انتهائه منهم لاحظ الياس دخانا أسوداً كثيفاً يأتي من جهة قريته، اجتاح الرعب و الخوف قلب الياس وعاد مسرعاً الى القرية وعندما اقترب منها راى الياس القرية كاملةً تحترق ، فلقد أصبح لون السماء حمراءًَ قاتمة ، وعند دخوله للقرية و السير في ضواحيها تجمد الياس

في مكانه من هول وشناعة المنظر الذي رآه ، فلقد كانت البيوت تحترق بأهلها ، و الناس ملقون في الطرقات فمنهم من قُطع وطُعن ومنهم من حُرق حياً ، اسرع الياس إلى بيته لكي يطمئن على زوجته ، ولكن لم يتصور الياس رؤية هذا المنظر فقد كانت زوجته تحترق من

اعلى صدرها حتى انه لم يستطع تمييز وجهها وكانت قد طعنت في بطنها ايضاً ، امسك الياس بها وصرخ باكياً واستهل في البكاء ، وبعد مرور وقت عندما عاد الياس إلى رشده قرر البحث عن اخيه في القرية المجاورة لربما كان هناك ناجون من القرية لأنه لم يجد أخاه ، توجهه

الياس الى القرية المجاورة ، وعندما اقترب منها ، راى دخاناً كثيفاً يتصاعد منها مثلما حصل مع قريته ، اسرع اليها واذ بها تحترق ولم يتبق أحد منها ، وكذلك القرية التي تليها ، لقد رأى إلياس جحيماً ، كان هذا كالكابوس المرعب لإلياس ، ذهب الياس إلى مدينة الصغيرة المجاورة ، وقلبه مليء بالرعب و الخوف ، وعند وصوله واقترابه منها وجد فرسان المدينة في أتم استعدادهم متوجون بالعتاد والأسلحة ويحرسون

أسوار المدينة الصغيرة و مداخلها ، وعند اقترابه منهم قاموا بتوجيه أسلحتهم نحوه ، وبدى عليهم التوتر و الخوف و الغضب ، صُدم الياس من فعلهم ، وصرخ احدهم : لا تقترب ! ، رد الياس : مالذي يجري ماذا حدث ، هل هناك ناجون هنا ؟ ، قال : لا تدعي الغباء ! اتريد ان تقتل اهل

المدينة كما فعلت بقريتك !! ، صُعق الياس ، : ولكن ما الذي تقوله ، هذا ليس بوقت المزاح ، ما الذي حصل هنا ؟! ، الجندي : لا يمكنك إنكار ذلك فلقد رأوك ، لقد انتشر الخبر في كل مكان . لقد رأى كل من كان حول القرية من المسافرين والتجار الياس وهو مرتدي درعه يقف على

سفح الجبل تحت ضوء القمر و هو ملطخ بالدماء والدم يقطر من سيفه و القرية تحترق من حوله ، عند سماع الياس لهذا غضب جداً وعض على شفتيه ، فلقد بدأ يتضح له الأمر ، توجهه الياس مسرعاً الى مكان أخاه فلقد أدرك أين يجده ، الجنود : ارحل ايها القاتل اللعين !! اذهب يا

شيطان !! ارحل من هنا ، اغمض الياس عينيه وهو يبكي مسرعا ، ذهب الياس ليبحث عن اخاه في مكان يدعى (بشلالات الحياة) وهو مكان اعتادوا في صغرهم بالتدرب فيه و المكوث و اللعب ، كان المكان أشبه بأرض دائرية تتساقط المياة من حولها من الاعلى الى جوف الارض

بمد البصر، وصل اليأس عند بزوغ الفجر فوجد أخاه إياس ينتظره هناك مرتدياً درعه ملطخا بالدماء ، استشاط غضباً عند رؤيته ووجه إليه ضربةً بالسيف قائلاً : لمذا فعلت ذلك !! لماذا يا اياس ؟!! ، رد عليه بالسيف قائلاً ، اياس: انت سلبت مني كل شيء استحقه ! بذلت قصارى جهدي ، اصبحت فارسا عظيماً ايضاً ولكن أترى أنني مُنحت اي شي ؟!! انت من سلبت مني كل شيء أنت تستحق ذلك.

2021/12/02 · 326 مشاهدة · 954 كلمة
نادي الروايات - 2025