مرت الأيام، أو هكذا ظن لوكس. لم يكن هناك شمس أو قمر في هذا المكان الغريب. كان محبوسًا في تلك الغرفة، يتلقى تدريبات قاسية على يد "رفاقه" الجدد. الرجل الرمادي، الذي عرف نفسه بـ فيرون، كان خبيرًا في القتال اليدوي، ويعلمه حركات عنيفة وفعالة. الرجل المدرع، كروم، كان يعلمه كيفية استخدام أسلحة الطاقة المتطورة التي لم يرها لوكس في حياته. أما المرأة ذات الشعر الأزرق، والتي تدعى سيلينا، فكانت هي القائدة. كانت عيناها البنفسجيتين تراقبان كل تحركاته، وتصدر الأوامر بصوتها البارد.
أدرك لوكس شيئًا فشيئًا أنه ليس في عالم الأرض. كان هذا عالمًا متقدمًا تقنيًا بشكل مرعب، لكنه غارق في ظلام وكآبة. المدن كانت عبارة عن أبراج شاهقة تصل إلى الغيوم، ملوثة بضوء النيون البارد. السماء كانت رمادية دائمًا، والناس... الناس كانوا مختلفين. بعضهم يشبه البشر، لكن الكثير منهم يمتلك سمات غريبة: بشرة ملونة، أطراف معدنية، أو عيون متوهجة.
منظمة "الظل" كانت منظمة سرية، تعمل في الخفاء، وتنفذ عمليات غير مشروعة. كان "ريفين" - جسده الحالي - معروفًا كقاتل بارد ومجرد من المشاعر، مسؤول عن العديد من العمليات القذرة. كانت الذكريات التي "زرعتها" سيلينا في دماغه تتدفق في وعيه، وتجعله يشعر بالارتباك. كانت تتحدث عن ولاء أعمى للمنظمة، وعن أهداف غامضة تتعلق بـ"إعادة ترتيب النظام".
بينما كان لوكس يتدرب، بدأ يلاحظ شيئًا غريبًا. كانت هناك ومضات من ذكرياته الحقيقية، ذكريات من عالمه الأصلي، تتخلل الذكريات المزروعة. صوت والدته، رائحة القهوة الصباحية، ضحكات أصدقائه. كانت هذه الومضات قصيرة ومؤلمة، لكنها كانت كافية لجعله يتساءل: هل يمكنه استعادة هويته الحقيقية؟ وهل يستطيع الهروب من هذا الجسد الشرير وهذا العالم المظلم؟
في إحدى الليالي، بعد تدريب شاق، كان لوكس يجلس في غرفته، يتأمل يديه الملطختين بالدماء (في التدريب). فجأة، سمع صوتًا خافتًا من خلف أحد الجدران. بدا وكأنه صوت بكاء. اندفع الفضول في داخله، وتبع الصوت. وصل إلى باب فولاذي صغير بالكاد يرى، يبدو أنه مخبأ.
فتح الباب بحذر، ووجد نفسه في ممر ضيق ومظلم. في نهاية الممر، كانت هناك خلية أخرى، ومن خلال نافذة صغيرة، رأى فتاة صغيرة تجلس القرفصاء، تبكي بصمت. كانت ترتدي ملابس رثة، وشعرها الأشقر الفاتح كان مغبرًا.
شعر لوكس بشيء غريب. شعور بالتعاطف، شيء لم يكن يتوقعه في هذا الجسد البارد. لم يستطع "ريفين" أن يشعر بالتعاطف. هل هذا يعني أن روحه ما زالت تسيطر على جسده الجديد؟
نظر إلى الفتاة الصغيرة، التي رفعت رأسها فجأة عندما شعرت بوجوده. كانت عيناها الخضراوان الكبيرتان مليئتين بالخوف والدموع.
"مرحبًا..." قال لوكس بصوته الأجش، محاولًا جعله يبدو لطيفًا قدر الإمكان. "ما اسمك؟"
نظرت إليه الفتاة بخوف أكبر، ثم همست بصوت يكاد لا يسمع: "ليلى."
لم يكن لوكس يعلم حينها، أن هذه اللحظة، وهذه الفتاة، سيكونان المفتاح لفتح غموض هذا العالم، وبوابة لرحلة سيقاتل فيها ليس فقط من أجل حريته، بل من أجل شيء أعمق بكثير.