"إحذر، فإن لم تظهر لي جسدك الحقيقي فإنني سأقتلك."



لي تشي يي أمسك بالقيثارة وإبتسم قليلا.


"هاهاها........" الوحش بدأ بالضحك بجنون مرة أخرى وصوت عالي لدرجة إيذاء أذن من سمع صوته:


"أنت لا تستطيع قتلي، لا أحد يستطيع قتلي."


"هل حقا تعتقد ذلك؟ إذا فإنك لن تموت حتى ولو قمت بحفر قمة الجبل الحزين من تحت عظام الأموات؟"


لي تشي يي إبتسم وقال بصوت خافت.


"بانغ......"


بعد سماع كلمات لي تشي يي، فإن الوحش قد تراجع إلى الوراء وبسرعة هائلة بينما جسده بدأ بالإرتجاف من شدة الخوف.


"أظهر لي جسدك الحقيقي، فلا داعي للتظاهر بما أنت لست عليه أمامي."


لي تشي يي عاد إلى الجلوس في وضعية تأمل وبدأ بعزف القيثارة بهدوء وببطء.


"زهانغ....زهينغ....زهانغ....."


لي تشي يي بدأ بالعزف مجددا و ألحان إلهية بدأت بالصدور من القيثارة، ولو سمع شخص ما هذه الألحان لأحس بأنه قد إنتقل إلى عالم أخر، وإلى قرية صغيرة، قرية مسالمة، حيث السماء زرقاء والحقول خضراء، حيث الأطفال يركضون وراء بعضهم البعض بينما الأمهات يتكلمن مع بعضهن البعض.


الوحش بدأ بالتراجع أكثر بعد سماع هذه الألحان، وفي نفس الوقت، الضباب الصغير المحيط بجسده بدأ بالإختفاء، وفي نفس الوقت جسد الوحش بدأ بالتبخر. وبعد تبخر جسد الوحش بأكمله فإن ما ظل كان جسدا ضبابيا دون أي ملامح واضحة، ولكن بالرغم من هذا فإن أي شخص كان ليستطيع التحديد بأن هذه فتاة ذات جمال لا يضاهى وجسد لا يمكن تخيله، فمن كان ليتوقع بأن الجسد الحقيقي لذلك الوحش المرعب هو فتاة هائلة الجمال مثل هذه الفتاة.


"قرية الفان الهادئة."


تلك الفتاة ذات الملامح الغير واضحة واصلت التحديق إلى لي تشي يي لمدة طويلة:


"أنت....... كيف لك أن تعرف ذلك اللحن؟"


"هي الصغيرة، كما توقعت، إنه أنت."


لي تشي يي توقف عن العزف بعد سماع صوتها وإبتسم قليلا وهو ينظر إلى تلك الفتاة.


أما تلك الفتاة، فإنها قد أصبحت مرعوبة للغاية وكأنها قد سمعت أكثر الأشياء إخافة في العالم وقد واصلت التراجع إلى الخلف من شدة الخوف وفي نفس الوقت قامت بالسؤال:


"من........ من أنت؟"


لي تشي يي بدأ بالضحك قليلا قبل أن يقول:


"ذلك العام، عندما قام ذلك الشقي مين رين بالحفر لك تحت شجرة البلوط، من أيضا كان هناك؟"


"أنت....... هل من الممكن أنك جلالة الغراب المقدس؟"


الفتاة سألت لي تشي يي بينما أعينها كانت مفتوحة للغاية من شدى الصدمة.


"من غير مين رين وأنا من يعرف بشأن ما يوجد تحت شجرة البلوط وجبل الحزن؟ ومن غيرنا من يعرف أغنية 'قرية الفان الهادئة؟ فكما تعرفين هذه الأغنية قد علمتها أنا لمين رين."


"إنه حقا أنت. لقد عدت يا جلالتك."


الفتاة بدأت بالتكلم بصوت مليء بالساعدة قبل أن تبدأ بالمشي في إتجاه لي تشي يي وقالت بصوت خافت:


"جلالتك، أنت حقا مازلت على قيد الحياة."


لي تشي يي إبتسم وقال:


"أنا خالد من العصر الأول وسأظل في هذه العوالم حتى النهاية الكبرى."


جسد تلك الفتاة واصل الإقتراب، ومع إقترابها فإنه قد أصبح أكثر وضوحا أن ملامحها لا يمكن رؤيتها وأن جسدها بأكمله محاط بالضباب، ولكن فقط من الأجزاء التي يمكن رؤيتها، فإنه بإمكان المرء رؤية أنها فتاة جمال هائلة لدرجة أن جمالها قد فاق ليش وانغ يان بكثير.


لي تشي يي ظل ساكتا لمدة طويلة قبل أن يبدأ بالتكلم من جديد:


"أنت لم تختفي بعد. ما الخطيئة التي إرتكبتها لتعاني لهذه الدرجة؟ تحويل نفسك إلى شيء ليس بكائن حي أو بشبح. فكما قلت لك ذلك العام، أنت لست سو يي هي، ولست بشبح أيضا، والأكثر من هذا أنت لست بكائن حي. أنت مجرد مشاعر صغيرة مازالت عالقة في هذا العالم بدون الرغبة للإختفاء."


الفتاة قامت بحني رأسها قليلا قبل أن تقول:


"أنا أتذكر كلماتك يا جلالتك."


لي شي ي قام بهز رأسه ومواصلة التكلم:


"لقد أحببت ذلك الشقي مين رين، ولكنك لم تستطيعي النسيان. وللأسف في ذلك العام، مين رين وأنا لم نستطع صنع جسد جديد لك. بالإضافة إلى أن أرواحك وأنفاسك قد إختفت وحتى أغلب مشاعرك قد إختفت هي الأخرى. لذلك فإنك لستي بشبح أو بوحش كراهية، وأنت لست سو يو هي أيضا. فما أنت عليه الأن هو مجرد مشاعر حب لمين رين والتي مازالت في هذا العالم بدون الرغبة للمغادرة."


الفتاة لم تقل أي شيء، وواصلت الإستماع إلى كلمات لي تشي يي.


لي تشي يي قال بصوت خافت:


"خطئ مين رين الأكبر ذلك العام هو كونه لطيف القلب كثيرا، فبالرغم من أنني أخبرته أن يخلصك من عذابك ويستخدم تقنيتي لفعل ذلك، إلا أنه كان رقيق القلب كثيرا ولم يستطع فعل ذلك."


الفتاة بعد مدة طويلة من الصمت قالت:


"جلالتك، أرجوك لا تلم مين رين. فذلك قد حدث بسبب رغبتي في البقاء وعدم رغبتي بالمغادرة، وبسبب ذلك فإنني قد تحولت إلى ما أنا عليه حاليا. مجرد قطعة من المشاعر."


لي تشي يي قام بهز رأسه قليلا والقول:


"الشقي مين رين لم يعد هنا، لذلك هل تعتقدين بانه هنالك معنى لتركك قطعة المشاعر هذه هنا؟ فعندما كان مين رين هنا، فإنه كان رحيم القلب وقد جاء ليعزف لك الموسيقى كل يوم، ولكن أنا وأنت نعرف تماما أن هذا لم يكن لأجلك فقط. والأن بعد أن مات مين رين، لما مازلت هنا؟"


بعد سماع كلمات لي تشي يي، الفتاة المسماة بهي الغيرة أصبحت حزينة قليلا قبل أن تقول ببطء:


"بعد موته، لقد أملت يوما أنه سيكون بإمكاني أن أدفن معه تحت شجرة الكرز، ولكن ذلك الأمر مستحيل بالنسبة لي، فإنني لم أملك أي خيار سوى البقاء مع القيثارة العتيقة. ولاحقا، عندما وقعت القيثارة تحت الأرض فإنني قد دخلت في سبات عميق أنا أيضا."


بعد رؤية الحزن على وجه تلك الفتاة، فإن لي تشي يي قام بالتنهد قليلا بينما تعابيره أصبحت حنونة قليلا:


"حسنا، بعدما أنهي كل شيء، فإنني سأتجه إلى جبل الجزن وأقوم بإستعادة بقاياك وسأقوم بدفنها مع مين رين تحت شجرة الكرز."


الفتاة الصغيرة قامت بحني رأسا قبل أن تقول بصوت سعيد:


"شكرا جزيلا لك يا جلالتك."


بعد سماع كلماتها، لي تشي يي تنهد مرة أخرى بينما عدة مشاعر كانت تطوف في قلبه حاليا.


في ذلك العام، لي تشي يي ومين رين أسسا طائفة البخور المطهرة هنا لسبب مهم جدا. ففي العصر الأول، هذه الأرض كانت أرضا غامضة وعدة أشياء لا يمكن تفسيرها قد واصلت الحدوث هنا. وفي ذلك العصر حدد لا يحصى من الناس قاموا بدراسة هذا المكان.


وفي العصر الموالي، عرق ذي موهبة لا يمكن تخيلها، قد قام بصنعة إمبراطورية هنا، وحاكم هذا العرق الإمبراطورية كان طاغية لا يمكن تخيله. وبسبب هذا فإن جميع الأعراق الأخرى قد عانت تحت يداه.


وبعد مدة من الزمن، بطل من عرق البشر قد إنتفض ضد هذا الطاغية، وقام بمهاجمة الإمبراطورية وفاز حتى أن وصل إلى الطاغية، وأثناء قتالهما، فإن بطل البشرية قد بدأ بالفوز، ولكن بسبب دراسة ذلك الطاغية لهذه الأرض الغامضة، فإنه إستطاع هزيمة البطل، وفي كل مرة هاجمه فيه البطل، وفي كل مرة كان الطاغية على وشك أن يخسر فيها، فإنه قد إستخدم هذه الأرض الغامضة لهزيمة ذلك البطل.


وبالرغم من الهزائم الممتكررة، إلا أن البطل لم يستسلم، ولكن بعد أن هزم عدد يحصى من المرت، فإنه قد سبق وتحول من بطل بشري، إلى عجوز على حافة الموت من كبر العمر. وفي نفس الوقت أدرك أن الطريقة الوحيدة لهزم ذلك الطاغية، هو بالحصول على إرادة السماء وبعد أن يصبح إمبراطورا خالدا.


ولكن للأسف فإنه لم يحظى بهذه الفرصة، فإن وقت الحصول على إرادة السماء قد سبق وفاتت بالنسبة له. ولذلك فإنه قد قام بوضع خطة أخرى.


فذلك البطل كان ليه إبنة، وتلك الإبنة لا يمكن مضاهاتها لا من ناحية الجمال أو الموهبة، وقد إعتبرت المرأة أكثر جمالا وموهبة في العوالم التسعة بأكملها. والبطل الذي أراد كشف سر هذه الأراضي، قد سمح للطاغية بالتزوج من إبنته.


وبالرغم من أن الطاغية كان مدرك تماما لما أراده البطل، إلا أنه لم يستطع مقاومة جمالها ورغبته في الحصول على جسدها، لذلك فإنه قام بالتزوج بها.


ومن ذلك اليوم وبعد، فإن أجمل إمرأة قد أصبحت ملكية ذلك الطاغية، ولعبته التي يفعل بها كما يشاء، وبعد المعاناة من عدد لا يحصى من الإهانات وتلقي مختلف المعاملات السيئة، فإن الفتاة إستطاعت الحصول على سر الأراضي.


والبطل قد إستطاع هزيمة الطاغية وتحطيم إمبراطوريته العنيفة بإستخدام ما إكتشفته إبنته.


لكن، وللأسف، فإن القصة لا تنتهي هنا. فبعد تحقيق هدفه، البطل البشري لم يرث قوة هذه الأرض الغامضة، ولهذا فإنه قد قام بشق طريقه إلى أعلى مستويات السماء وقد أراد إستخدام أسرار هذه الأرض للحصول على إرادة السماء ولكي يصبح إمبراطورا خالدا.


ولكن، المرأة الأكثر مالا في العوالم التسعة قد ماتت بعد إعطاء سر الأراضي لوالدها من شدة الحزن والغضب على ما عانته تحت أيادي الطاغية.ومشاعرها السوداء هذه قد تحولت إلى كائن كراهية وذلك الكائن قد واصل البقاء هنا.


وفي اللحظة التي كان البطل على وشك الحصول فيها على إرادة السماء، فإن كائن الكراهية قد جن جنونه وبدأ بمهاجمة البطل، وبسبب ندم البطل على ما حدث لإبنته فإنه لم يستطع مواجهة الكائن الذي تكون من مشاعرها، وبسبب هذا فإنه قد مات تحت ضغط إرادة السماء وقوة هجمات كائن الكراهية.


وفي نفس الوقت، مملكة هذا البطل التي قد أسسها هنا قد إنهارت هي الأخرى.


وإبنة هذا البطل والفتاة التي قاست مختلف أنواع المعاناة هي سو يو هي.


وبعد عدد لا يحصى من السنين، فإن لي تشي يي قد أحظر مين رين بعد حصوله على إرادة السماء إلى هذا المكان لإنشاء طائفة البخور المطهرة.


وبالرغم من مرور عدد لا يحصى من السنوات، إلا أن كائن كراهية سو يو هي مازال قد ظل هنا، ومن مرة إلى أخرى إستيقظ فيها ذلك الكائن وسبب دمارا هائلا هنا محولا المكان بأكمله إلى منطقة مليئة بالأشباح والموت.


وبعد رؤية هذا، فإن لي تشي يي ومين رين قد بدأوا في مغامرة للبحث عن بقايا سو يو هي وبعد إجاد بقاياها قاما بنقلها وفنها في مكان شديد الجمال، بينما مين رين قد عزف الموسيقى لها كل يوم، وبعد عدة أيام، فإن كائن الكراهية قد أغلق عيناه وإنتقل إلى مكان راحته الأبدية.


ولكن، وقبل أن يختفي كائن الكراهية تماما فإنه قد قام بفصل مشاعر الحب تجاه مين رين التي تكونت في الكائن وإرسالها إلى الخارج. ومشاعر الحب هذه قد إلتصقت بقيثارة مين رين العتيقة وقد رافقتهم إلى الطائفة دون أن يلاحظا حدوث هذا، وبالوقت الذي لاجظ فيه مين رين ولي تشي يي وجود هذه المشاعر في القيثارة فإنه قد سبق ومر عدد لا يحصى من السنين.


وبسبب هذا فإن لي تشي يي كان غاضبا قليلا، فطريقة موت سو يو هي قد أخذت منها أي فرصة إمتلكتها لإعادة إحيائها، بالإضافة إلى أن مشاعر الب هذه لم نتج من سو يو هي نفسها بل هي مجرد مشاعر صغيرة قد نتجت من كائن الكراهية. وبسبب هذا فإنها ليست بشبح أو روح أو كائن كراهية أو شيء مماثل، بل هي مجرد مشاعر صغيرة في هذا العالم الغير محدود.


والأمر الذي أغضب لي تشي يي هو أن بقائها في هذا العالم سيكون مجرد تعذيب لها، فكونها قطعة من المشاعر فإن هذا يعني أنها خالدة تقريبا ولذلك فإنها لا تملك جسدا لمرافقة مين رين أثناء فترة حياته ولا تستطيع مرافقة مين رين إلى العالم الأخر بعد موته مما سيتركها وحيدة وهي تعاني في هذا العالم الشاسع والقاسي.


------------------------

2018/04/17 · 6,403 مشاهدة · 1725 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024