الفصل الأول: نداء الظلام

في ليلةٍ مظلمةٍ، لم تكن "أورتاس" كما هي. القرية الصغيرة التي كانت تعجّ بالحياة والصخب تحولت إلى رماد. البيوت مهدمة، الأرض متفحمة، والهواء مشبع برائحة الموت. وسط هذا المشهد الحزين، كان "رايكن" يقف وحيدًا، محاولًا فهم الكارثة التي حلّت بمكانٍ كان يومًا منزله.

كانت الرياح تعوي بين الأنقاض، وكأنها تسرد قصة ما حدث. لم يكن هناك ناجون. لا أصوات لأطفال يلهون، ولا ضحكات تسري بين الأزقة. كل شيء صامت، صمتٌ قاتل يحمل في طياته أسئلة بلا إجابات.

بينما كان رايكن يتجول بين الأنقاض، وجد نفسه عند أطراف الغابة المحرّمة، المكان الذي كان الجميع يخاف الاقتراب منه. كان يسمع دائمًا التحذيرات: "لا تقترب منها. إنها مليئة بالشرور." لكنه الآن لم يعد لديه شيء ليخسره. دفعه شعور غريب إلى الدخول.

كانت الغابة مظلمة بشكل غير طبيعي. الأشجار المتشابكة كانت تحجب حتى ضوء القمر، والأرض كانت مغطاة بطبقة كثيفة من الأوراق الجافة التي تصدر صوتًا في كل خطوة يخطوها. لكن ما لفت انتباهه أكثر كان الضوء الخافت الذي يلمع من بعيد، كأنما يدعوه للاقتراب.

اقترب رايكن ببطء، وعندما وصل إلى مصدر الضوء، وجد دائرة محفورة على الأرض، تتوهج بلون أزرق غامض. النقوش التي تغطيها كانت أشبه برسالة بلغة لا يفهمها. وبينما كان يحدق فيها، شعر بشخص يقف خلفه.

استدار بحدة، ليجد أمامه رجلاً يرتدي عباءة سوداء طويلة، ووجهه مغطى تمامًا عدا عينين تلمعان باللون الأحمر. وقف الرجل بثبات، وكأنه كان ينتظره منذ زمن طويل.

قال الرجل بصوتٍ عميق:

"رايكن... القدر ينتظرك."

شعر رايكن بقشعريرة تسري في جسده. حاول التحدث، لكن الرجل رفع يده مشيرًا إلى الدائرة وقال:

"كل شيء بدأ هنا... وستنتهي الأمور هنا أيضًا. ابحث عن الحقيقة، أو انتظر الظلام ليبتلعك."

قبل أن يتمكن رايكن من الرد، اختفى الرجل فجأة، تاركًا الدائرة تخفت شيئًا فشيئًا حتى اختفت تمامًا.

عاد رايكن إلى القرية المدمرة، وعيناه مليئتان بالأسئلة. من هذا الرجل؟ وما الذي يقصده بالقدر؟ وبينما كان يجلس على صخرة قريبة، أدرك شيئًا واحدًا: ما حدث لأورتاس لم يكن مجرد كارثة طبيعية. كان هناك سرٌّ أعمق، وسيتعين عليه كشفه.

2024/11/15 · 20 مشاهدة · 319 كلمة
Fares Saad
نادي الروايات - 2025