الفصل الثالث: لقاء مع المجهول

كان رايكن يسير بخطوات حذرة داخل الغابة المظلمة، تتبعه ليلين التي كانت عيناها تراقبان كل زاوية بحذر. الغابة بدت وكأنها تنبض بالحياة، ليس بالأصوات المعتادة للطبيعة، بل بذبذبات خفية تجعلك تشعر وكأنك مراقَب. الأشجار المتشابكة تخفي ما وراءها، والجذور الكبيرة تبدو كأنها أذرع تحاول الإمساك بالعابرين.

"هذا المكان يشعرني بعدم الارتياح،" قال رايكن بينما كان يحاول كتم ارتجافة صوته.

ردت ليلين بلهجة هادئة لكنها مليئة بالتوتر: "لا أحد يدخل هذه الغابة دون سبب وجيه. نحن نقترب من منطقة محفوفة بالأسرار القديمة، ويجب أن نكون مستعدين لما قد نجده."

بينما كانا يمشيان، سمعا صوتًا غريبًا، وكأنه خفق أجنحة خفية. توقف الاثنان، وتبادلا نظرات قلقة. سحب رايكن خنجره الصغير، بينما مدت ليلين يدها إلى حقيبتها الجلدية.

"هل سمعتِ ذلك؟" سأل رايكن.

أومأت ليلين برأسها وقالت بصوت خافت: "هذا ليس صوت طائر... هذا شيء آخر."

فجأة، خرج من بين الشجيرات كائن صغير بحجم قطة، لكنه لم يكن يشبه أي مخلوق يعرفانه. عيناه الزرقاوان المتوهجتان نظرتا إليهما بحدة، وجسده المغطى بالفرو الأسود بدا وكأنه يندمج مع الظلال المحيطة به. لم يتحرك الكائن، وكأنه ينتظر رد فعل منهما.

"ما هذا الشيء؟" همس رايكن.

أجابت ليلين بصوت منخفض: "إنه فرويند... مخلوق تستخدمه قوى الظلال للتجسس على العالم الخارجي."

كان الكائن يراقبهما بصمت، لكن فجأة بدأت علامة غريبة تظهر على جبينه، متوهجة بلون أزرق فاتح. ومع ظهور العلامة، انبعث صوت صفير حاد، وكأن الكائن يطلق إنذارًا. شعرا أن الهواء المحيط بهما أصبح أثقل، وكأن قوة خفية بدأت تحاصر المكان.

"علينا أن نغادر الآن!" صرخت ليلين وهي تمسك ذراع رايكن لتسحبه بعيدًا.

لكنه لم يتحرك، كانت عيناه مسمرتين على الكائن الغريب، الذي بدأ جسمه يتلاشى ببطء في الظلال، تاركًا وراءه طاقة باردة تتغلغل في العظام.

"ما هذا الشعور؟" تمتم رايكن وهو يضع يده على صدره.

ردت ليلين بقلق: "إنه تحذير... قوى الظلال تعلم بوجودنا الآن."

لم يمض وقت طويل حتى بدأت الأرض تهتز، وظهرت أمامهما فجأة دائرة من النار السوداء، تخرج منها أطياف متحركة. ثم، من قلب الظلام، خرج كائن بشري الشكل، لكنه لم يكن إنسانًا حقيقيًا. كانت ملامحه مشوهة، وعيونه الحمراء تلمع كالجمر، وصوته كان عميقًا ومرعبًا.

"لماذا أنتما هنا؟" سأل الكائن بصوت أجش، وكأن الكلمات تنبع من أعماق الأرض.

رد رايكن بشجاعة، رغم أنه كان يشعر بالخوف: "نحن هنا لنفهم ما حدث لقرية أورتاس. نريد الحقيقة."

ابتسم الكائن بسخرية وقال: "الحقيقة ليست مجانية. إن أردتما معرفتها، فعليكما إثبات جدارتكما."

قبل أن يتمكنا من الرد، رفع الكائن يده، وبدأت دائرة النار السوداء تحيط بهما تمامًا. كان اللهب يتحرك ببطء، وكأنه يختبر حدود شجاعتهما.

"إن كنتما تخشيان الظلال، فالوقت الآن للعودة،" قال الكائن بابتسامة مليئة بالتحدي.

نظر رايكن إلى ليلين، ثم إلى دائرة النار. شعر بشيء داخلي يدفعه للمضي قدمًا. قال بصوت حازم: "لن أتراجع. إن كان هذا هو الثمن لمعرفة الحقيقة، فسأدفعه."

بدأ رايكن يتقدم نحو النار السوداء، على الرغم من صرخات ليلين: "رايكن! توقف! لا تعلم ما الذي ستواجهه!"

لكنه لم يتوقف. كان يشعر بأن هناك قوة داخلية تدفعه، وكأن شيئًا ما في هذا الظلام يناديه.

عندما دخل إلى الدائرة، شعر بحرارة شديدة، لكن الحرارة لم تكن تؤذيه. كانت أشبه بلمسة من طاقة غريبة تعصف بجسده. في تلك اللحظة، اختفى الكائن فجأة، وتلاشت النيران، تاركة وراءها ساحة صامتة.

التفت رايكن إلى ليلين، التي كانت تنظر إليه بدهشة وخوف. "كيف فعلت ذلك؟" سألته.

رد بصوت منخفض: "لا أعرف... لكنني متأكد أن هذه ليست النهاية."

بدأ الاثنان في التحرك مرة أخرى، لكنهما كانا يعلمان أن الغابة أصبحت أكثر خطورة. ما حدث لم يكن سوى البداية لما ينتظرهما في أعماق الظلال.

"عاوز تقيمكم للفصل والروايه بشكل عام علشان استمر.

ان شاء الله "

(ويريت كتبولي في التعليقات لان ده شئ بيفرحني وشكرأ)

2024/11/29 · 7 مشاهدة · 578 كلمة
Fares Saad
نادي الروايات - 2025