" أخي توقف عن جري بقسوة هكذا أنت تألمني "

لم تعد راشيل قادرة على تحمل الألم الناتج عن إمساك يدها من قبل لورانس الذي لم يكن مركزا معها إطلاقا لأنه كان مشغولا بالتفكير حول شي تو

لكن لورانس لم يكن في مزاج لسماع شكوى أخته رغم أنه أفلتها

قادر لورانس أخته إلى سيارته لكنه لم يشغل المحرك بل التقط هاتف واتصل برقم غير مسجل لديه لكنه كان يحفظه

رد صوت شاب من الطرف الآخر

" كيف حالك صديقي؟ ما الأمر؟ من النادر أن تتصل بي "

" كيف حالك أخي يا ابن العم؟ لم أراك منذ العطلة السابقة هل تصالحت مع والدك بعد ما حصل؟ "

" ذلك اللعين فرانس؟ لا تذكرني به لا أريد أن أسمع اسمه على الإطلاق "

" أليس اسم والد فرانز؟ "

أغلق الطرف الآخر الهاتف وأرسل رسالة نصية بها رقم هاتف

نسخ لورانس الرقم وارسل رسالة ترحيب لهذا الرقم

" ما الأمر؟ "

" 3679jnkf87JK "

أرسل لورانس رمزا مميزا خاصا به كي يتعرف عليه الطرف الآخر

" ما الذي تريده "

" لقد التقيت قبل قليل بشرقي في قاعة سينما وقد تمكن من التعرف على خلفيتي أنا وأختي كما أنه يعرف أن والدي قد قدم استقالته أنا أشك في أنه جاسوس من دولة معادية "

" هيه " تنهد الشخص على الطرف الآخر

اعتقد في البداية أن لورانس لديه بعض الأخبار الكبيرة بما أنه استعمل هذه القناة السرية لكن الحقيقة كانت مخيبة بعض الشيء

لكنه لم يلمه لأنه كان سيبلغ عن الأمر أيضا لو لم يكن يعرف مسبقا ما الذي يجري

" لا تتدخل في الأمر هذا أكبر منك بكثير ولا تحاول استفزاز ذلك الشخص أبدا أو أنك ستجلب كارثة على البلد إن والدك قد قدم تضحية كبيرة في سبيل الوطن لا تضيع هذه التضحية هباء وفكر جيدا في تصرف هذا الشخص ولم أوضح معرفته دون قلق أتعتقد أن جاسوسا قد يكشف نفسه بهذه الطريقة؟ "

بعد هذا حذف لورانس جهة الاتصال والسجل

غرق لورانس في تفكير عميق لمحاولة فهم ما قيل له ومغزى تصرفات شي تو

بعد تفكير عميق لم يستطع لورانس إيقاف دموعه لأنه فهم ما هي ' التضحية ' التي قدمها والده لأن السياسة كانت دائما هكذا ولم يكن من الصحب تخمين أن والد لم يقدة التضحية بإرادته بل أجبر عليها من أجل ' الوطن '

للأسف لم يكن قادرا على توديع والده للمرة الأخيرة أو حتى إخبار أخته عن ' التضحية ' التي قدمها والدهما

على الأرجح غدا سيتم نشر العديد من الفضائح التي تستهدف والده كي تجعل استقالته واختفاءه طبيعيين

....................................................

في قلب باريس كان من النادر للغاية وجود أي شخص فقير لأن أي شخص يستطيع العيش هنا لابد أن تكون حياته ميسورة لذا فقط طور السكان عقلية التفوق بعض الشيء

على مسافة بضع مئات أمتار من أحد أكبر الفنادق في العالم استلقى رجل في أواخر العشرينات من العمر على الحائط ووضع طبقا أمامه

كان بعض المارة يلقون بعض المال في الطبق لكن أعينهم كانت مليئة بالازدراء تجاه هذا المتسول والسبب الوحيد لمنحه المال هو إظهار ' عطفهم '

بعد بضع ساعات كان المتسول قد جمع مبلغا محترما وقد تبرع العديد من المسؤولين وأقاربهم حتى أن بعضهم عرض عليه وضيفة في قصره لكن المتسول قد رفض مما عمق ازدراءهم له

' هل يعتقد هذا المتسول أنه مهم حقا؟ لولا أن هذا مفيد للحملة الانتخابية القادمة لما اهتممت بأمره همبف '

' من تحسب نفسك؟ هذه السيدة الشابة تعرض عليك أن تكون حارسا لبوابة منزلي لكنك ترفض؟ جاحد !! '

تنوعت الأفكار الداخلية لهم لكن المضمون كان واحدا وهو أنهم أرادوا فقط تحسين سمعتهم لأن المتسولين كانوا نادرين حقا في باريس وبمجرد أن يظهر واحد سيتقدم أول مسؤول يراه لتقديم ' المساعدة ' وانقاذه من الفقر الذي يعيش فيه بدافع ' الطيبة '

في النهاية وبعد بضع ساعات رفض المتسول العديد من العروض وصبح موضوعا ساخنا ومثالا عن ' الكسل ' و ' الرغبة في الاعتماد على عطف الآخرين ' لكسب لقمة العيش

عندما كان المتسول على وشك النهوض والمغادرة اقترب منه رجل في الثلاثينات من عمره

" هل هناك أي وضيفة تجيدها؟ لا أمانع توفير عمل لك لكن هذا يعتمد على ما تجيد فعله "

رفع المتسول رأسه ونظر إلى الرجل أمامه ولم يرى أي خبث في عينيه

" ليس لدي الخبرة في أي شيء كل ما أجيد فعله هو سباقات السيارات "

" كيف وصلت إلى هذه الحالة؟ إذا كنت تجيد القيادة فهذا يعني أن حياتك كانت جيدة في السابق "

أظهر المتسول يده المحروقة للرجل وقال

" تعرضت لحادث ولم تعد يدي تتحرك بشكل سليم لذا لم أعد قادرا على القيادة والتسابق بعد الآن وقد تخلت عني عائلتي لأنني أردت استعمال المال الذي وفرته لعلاج يدي لكن تم تطردي من البيت قبل بضع أيام "

" أنا أفهم لا أستطيع إعطاءك المال لتعالج نفسك لكنني استطع مساعدتك للعمل في نادي لسباق السيارات ما رأيك؟ "

أضاءت عينا المتسول وكاد يقفز من السعادة

" حقا؟ هل أنت جاد؟ أستطيع أن أعمل في سباقات السيارات مجددا؟ "

" نعم لكن هذا يعتمد على قدراتك ومعرفتك في السيارات "

" لا تقلق لدي ثقة تامة في مهاراتي في القيادة " قال المتسول بثقة تامة

" حسنا إليك بعض المال من أجل اليومين القادمين وبعد يومين تعال إلى نادي شان فور على العاشرة صباحا سأكون في انتظارك "

بعد ذلك غادر الرجل وغادر المتسول كذلك

بعد أن وصل المتسول إلى مكان حيث لا يستطيع أحد رؤيته بدأ في نزع ملابسه الرثة وإجراء بعض التعديلات على عضلات وجهه وفي النهاية ظهر شي تو

' جان فلي، رجل جيد فرغم أنه من أثرياء العالم إلا أنه لم يعط مساعدة زائدة عن اللزوم واكتفى بإعطاء فرصة دون أن يترك اسمه أو يحاول صنع مشهد مأثر مثل الحمقى السابقين مؤسف أنه رجل أعمال وليس مسؤولا وأن فعله لا يأثر على قراري لأن رأي العالم هو رأي حكامه والمال ليس ما يصنع القرارات '

كان الوقت قد حان تقريبا من أجل العملية التالية لذا فقد توجه شي تو إلى هدفه

......................................................

في ضواحي باريس كانت هناك فيلا فاخرة تقف وسط منطقة سكنية يستعملها الأثرياء للحصول على بعض الوقت الهادئ

عادة هذه الفيلا كانت تحتوي على الكثير من الحراس الذين يحرسونها بدوام كامل لكنها اليوم كانت فارغة

في غرفة الدراسة جلس فرانسيس رئيس الوزراء السباق وهو يستمع إلى الموسيقى بهدوء

بعد أن أنهى كل شيء للاستقالة صباحا جاء فرانسيس إلى هذه الفلا من أجل قضاء آخر لحظات حياته بهدوء

قرر قراءة بعض الأعمال الفنية التي يحبها من البؤساء والأجنحة المتكسرة وغيرها

أراد قراءة كل كلمة بتأني لذلك حتى بعد نصف يوم لم ينتهي من الكتاب الأول للبؤساء وكان يشارك جان فال جان كل لحظة من معاناته في السجن

تصفيق تصفيق تصفيق

أثناء استمتاعه بالقراءة سمع فرانسيس صوت تصفيق ورفع رأسه باتجاه مصدر الصوت

أمامه جلس جي تو ساقا فوق ساق وهو يحدق بفرانسيس مع بعض الثناء

" أنت تعرف أنك ستموت ورغم ذلك بدل الاختباء تجلس هنا بهدوء وتقرأ الكتب؟ هذا مثير للإجاب حقا "

أغلق فرانسيس الكتاب وقال بهدوء

" لا يوجد أي شيء مثير في الأمر هذا ما ينبغي علي فعله تماما مثل جان فال جان لا أستطيع ترك الآخرين يعاقبون بدلا مني بينما أعيش حياة هادئة "

" لا أعرف من جان فال جان هذا لكنك لم تفعل أي شيء أليس كذلك؟ "

" هيه كيف أكون مسؤولا ساميا في منصب رئيس الوزراء دون بعض الأعمال القذرة؟ كيف يمكن أن يدفع أحد ما ثمنا كبيرا لجعل كل من اتحاد القتلة وحديقة الظلال تستهدفانني في نفس الوقت دون وجود ضغينة وفوائد كافيين؟ "

لم تتغير تعابير شي تو لأن هذا المشهد قد تكرر كثيرا في عينيه ولم يعد مثيرا على الإطلاق

" لم لا تتوقف عن النفاق؟ على الأقل كن صريحا أمام الموت؟ تمثيلك ليس مقنعا على الإطلاق أيها الجرذ؟ "

2020/07/21 · 303 مشاهدة · 1228 كلمة
RedNoble
نادي الروايات - 2024