“سألقي نظرة.”

تلقت أراسيلا الورقة وفتحتها. فظهر رجلان بمظهر أنيق ومرتب.

شعر وعينان باللون الأسود أو البني. و كانا يمتلكان انطباعاً شائعاً يمكن رؤيته في أي مكان، لكنهما كانا أنيقين في الوقت ذاته.

نظرت أراسيلا إليهما بعناية. و لسبب ما، شعرت أنهما مألوفان وغريبان في آن واحد.

“لماذا أشعر أنني رأيتهما من قبل……هل لأن انطباعهما عادي؟”

“شخصياً، أعتقد أنهما قد يكونان فرساناً في الخدمة حالياً.”

“لماذا؟”

“عندما استمعت جيداً إلى شهادة الكاهن، لاحظت أن أسلوب حديثهما الجامد وتصرفاتهما يعطيان شعوراً يشبه الفرسان.”

الناس عادةً يتعرفون على أمثالهم جيداً. والفرسان، الذين تطورت لديهم الحواس مثل الحيوانات، كانوا أكثر مهارةً في ذلك بشكل خاص.

حتى الماركيز يويهم، الذي تقاعد منذ عقود، لا يزال يحتفظ بعاداته من أيام كونه فارساً بشكل واضح، مما يجعل من السهل تخمين أنه كان يحمل السيف في الماضي دون الحاجة إلى السؤال.

الرجلان اللذان هددا تايلور، سواء من عمرهما أو من العادات التي تظهر في تصرفاتهما، من المرجح أنهما لا يزالان يعملان كفرسان حتى الآن.

“لذلك، أنوي أولاً التحقق من جانب الفرسان. هذا مجال تخصصي……فهل ستتركين الأمر لي؟”

تذكر داميان نصيحة أراسيلا السابقة بألا يتحمل كل شيء بمفرده، فسألها بحذر.

أومأت أراسيلا برأسها بسهولة، لكنها تحدثت بنبرة وكأنها تؤكد عليه.

“افعل ذلك. لكن إذا احتجت إلى مساعدة، يجب أن تخبرني بالتأكيد. مفهوم؟”

“نعم، مفهوم.”

ابتسم داميان ابتسامةً خفيفة. شعر بالرضا لأنها تثق به من جهة، وتهتم به وتفكر فيه من جهة أخرى.

بعد ذلك، أخبرت أراسيلا فريدريك بخبر حضور الزوجين معاً.

كانت قد قالت له أن يخبرها فور اتخاذ القرار، لكن لم يكن هناك رد فعل ملحوظ من فريدريك. و لم تعره اهتماماً كبيراً.

افترضت أنه مشغول بما أن مناسبة إمبراطوريةً على الأبواب. وبما أن الدعوة بيدها على أي حال، فلا مشكلة في ذلك.

بدلاً من ذلك، علمت أن الأميرة غلوريا تحب النجوم والقمر، فقامت بتصميم مصباح يعكس ذوقها.

و زينت المصباح بحجر مضيء نحت بعناية على شكل قمر مكتمل ونجوم داخل زجاج كبير ومستدير يفوق حجم المصابيح العادية، ليبدو كأنه يحتوي على سماء الليل.

كان هذا المصباح من بين جميع المصابيح التي صنعتها حتى الآن يتطلب أعلى مستوى من الدقة التقنية والتركيز، لذلك استغرق إكماله وقتاً طويلاً جداً.

“هيو، انتهى أخيراً. إذا جئت غداً وغلفته بشكل جميل، سيكون كل شيء جاهزاً.”

قالت سالي ذلك وهي تضع المصباح المكتمل مؤقتاً في صندوق بني وتضعه على الرف.

“لقد تعبتما، كلاكما. هيا نذهب لنرتاح.”

“نعم! لقد بذلتِ جهداً كبيراً أيضاً، أيها سينباي.”

“سنتولى التنظيف، فاذهبي أولاً.”

انحنى رودي بأدب. فربتت أراسيلا على أكتاف متدربيها مرةً واحدة لكل منهما، ثم غادرت قبل الجميع.

بعد أن رتبا المختبر بعناية، خرج سالي و رودي أيضاً للعودة إلى المنزل. و كانت سالي تضع المفتاح في القفل لتغلق الباب في تلك اللحظة.

“مرحباً، سالي، رودي! هل ستعودان إلى المنزل الآن؟”

اقترب الساحر شيرمان، وهو من دفعتهما، وهو يلوح بيده.

و كان بجانبه بيلي، الذي يعمل تحت إمرة ترافيس.

نظر رودي إليهما بنظرةٍ جانبية ثم تقدم كما لو كان يشير إلى سالي. بسبب الخلافات المتكررة بين بيلي وسالي، قرر أن لقاءهما لن يجلب شيئاً جيداً.

“أنا متعب. لا تبدأ المشاكل واذهب.”

“يا، لماذا تتحدث بطريقة تجرح المشاعر هكذا؟ لا يوجد ود بين الزملاء؟”

رد شيرمان نيابةً عن بيلي، متذمراً وهو يعبس بشفتيه. بينما بقي بيلي صامتاً وكأنه يراقب الوضع.

بسبب ذلك، ازداد شعور رودي بالإرهاق أكثر.

شيرمان، إذا وصفناه بلطف، كان شخصاً يهتم بأمور الآخرين كثيراً، وإذا وصفناه بسوء، كان شخصاً يتذمر كثيراً ويزعج الناس.

فضلاً عن ذلك، كونه ساحراً مليئاً بالحيوية ويحب دائماً قيادة تجمعات الزملاء، كان من المزعج الوقوع في فخه.

“ألا تعلمان أن لدينا تجمعاً لدفعتنَا اليوم؟ أيها المنشغلون الناجحون! لم تعلما، أليس كذلك؟ لم تعلما؟ يا إلهي، هذا كثير جداً!”

كما يحدث الآن بالضبط. شيرمان ذكّرهما بلطف بتجمع لم يكن لديهما رغبةٌ أو اهتمام بالذهاب إليه أصلاً.

شعرا سالي و رودي، اللذان زادت ساعات عملهما الإضافية منذ بدء مشروع مصابيح السحر، بالإحباط. فقد كان لديهما شعور قوي بأنهما لن يتمكنا من الراحة في المنزل كما يريدان.

“لذلك جئت أنا وبيلي خصيصاً لأخذكما. هيا بنا.”

“ألا يمكننا الذهاب في المرة القادمة؟ أنا متعبٌ حقاً.”

حاول رودي التراجع خطوة للخلف بهدوء للانسحاب، لكن شيرمان وضع ذراعه حول كتفيه فجأة، ففشل في ذلك.

“أوهي! لماذا تتصرف بطريقة تجرح المشاعر؟ ألا تعقلان، هل تتجاهلاننا لأنكما تخدمان السينباي الناجحة الآن؟ هل تعتقدان أن مستوانا لا يناسبكما؟”

“يا! متى قلنا شيئاً كهذا؟”

احتجت سالي وكأنها تشعر بالظلم، فوضع شيرمان ذراعه حول كتفيها أيضاً.

“إذاً هيا بنا معاً. وجوهكما أصبحت نادرةً للغاية، هناك طابور من الزملاء ينتظرون رؤيتكما. أليس كذلك؟”

بالأحرى، كان هناك عدد كبير من السحرة المتلهفين لإيجاد صلة بأراسيلا، لكن شيرمان لف الأمر بكلمات لطيفة.

“لا تنسيا حب الزملاء. قد يتغير سيد البرج، لكن الزملاء لا يتغيرون!”

“أوه……حسنًا، سأذهب. سأذهب، أليس كذلك؟”

أرسلت سالي نظرةً إلى رودي تعني “لنذهب فقط قبل أن يزداد الأمر إزعاجاً”.

تنهد رودي بصمت وأومأ برأسه.

ثم جرّهما شيرمان بحماس نحو الحانة، في مكان اللقاء المحدد.

بينما كان يسير على مسافة منهما، نظر بيلي بثبات إلى سالي وهي تضع مفتاح المختبر في حقيبتها.

كانت كلمات ترافيس لا تزال تتردد في ذهنه مراراً وتكراراً.

“يجب أن تحصل على مفتاح مختبر أراسيلا مهما كان. إذا فشلتُ أنا، ستنتهي أنت أيضاً. فكر في الأمر كطريق لنجاة الجميع.”

عزم بيلي أمره. قد يكون الأمر جباناً بعض الشيء، لكن أليست الحياة تسير هكذا؟

وفي النهاية، وصلت المجموعة إلى مكان التجمع.

في الحانة الصاخبة، بينما ذهبت سالي إلى الحمام، مدّ بيلي يده بحذر إلى حقيبتها بعد أن تأكد من عدم ملاحظة أحد حوله.

عندما شعر بلمسة المفتاح الصلبة، بدأ قلبه ينبض بقوة، لكنه هدأ سريعاً ونجح في سحبه دون أن يُكتشف.

غادر المكان فوراً متظاهراً بالسكر، وتوجه مباشرة إلى ترافيس.

“سي-سينباي! ها هو، لقد جئت بالمفتاح.”

“حسنٌ، أحسنت يا بيلي. لقد أنقذت مختبرنا.”

أمر ترافيس بيلي بالصمت التام وأعاده من حيث أتى.

عندما وقف أمام مختبر أراسيلا عابراً الممر المظلم، شعر هو نفسه بالتوتر حتى تعرق.

كليك-

انتشر صوت فتح الباب بصخب في الممر الهادئ.

حرّك ترافيس يده التي تحمل المصباح يميناً ويساراً وهو يبحث عن شيء ما.

“بالتأكيد قالت أراسيلا أنها صنعت مصباحاً كهدية ميلاد للأميرة……”

حقاً، أفواه الناس مخيفة.

حتى ترافيس، الذي لم يكن له صلة وثيقة بأراسيلا، استطاع أن يعرف تحركاتها تقريباً من خلال الآخرين.

بينما كان يفتش كل زاوية من السقف إلى الأرض بحثاً عن هدية ميلاد الأميرة، لاحظ ترافيس صندوقاً موضوعاً على جانب الرف.

في داخله كان هناك مصباح يبدو راقٍ للغاية ومصنوعٌ بعناية فائقة من النظرة الأولى، وكما تقول الإشاعات، كان مزيناً بالقمر والنجوم.

“هذا هو؟”

انحنت شفتا ترافيس في ابتسامة جانبية.

أخرج المصباح بحرص، ثم أخرج من جيبه مسحوقاً أبيض ناصعاً. دهن المسحوق بعناية على الحجر المضيء، ثم رشه في جميع أنحاء المصباح.

ذاب المسحوق في لحظات واختفى دون أن يترك أثراً مرئياً.

بعد أن أنهى عمله، غادر ترافيس مختبر أراسيلا بوجه راضٍ. و تمنى أن يأتي يوم ميلاد الأميرة بسرعة.

***

كانت الأميرة غلوريا تحب اللون الأصفر. لذا، أصبح اللون الأصفر بشكل طبيعي الزي الرسمي لحفل عيد ميلادها.

حضّرت أراسيلا زينة رأس مصنوعة من الورود الصفراء، بينما اختار داميان ربطة عنق صفراء. و تم تغليف المصباح المكتمل بعناية ونقله إلى المنزل.

لم يبقَ سوى حضور الحفل، لكن في اليوم السابق، ظهرت مشكلة.

تلقت أراسيلا اتصالاً مفاجئاً من إقليم يويهم يفيد بوجود مشكلة في توريد الحجر المضيء.

“أعتذر، زوجتي. يبدو أن عليكِ الذهاب إلى الحفل بمفردكِ. يجب أن أذهب إلى إقليم الماركيز يويهم لمعرفة ما يحدث.”

كان ميلاد الأميرة مناسبةً مهمة بلا شك، لكن في ظل الطلب الكبير على مصابيح السحر، كان أي خلل قد يسبب مشكلةً كبيرة.

إذا تعذر التوريد فعلاً، كان عليهم إيجاد مورد آخر فوراً لضمان استمرار إنتاج المصابيح دون انقطاع.

وعلاوةً على ذلك، في مثل هذه الحالات، كان حضور أحد الزوجين كافياً لأن يتقبله الإمبراطور على مضض.

لحسن الحظ، عندما أرسلوا رسالةً عاجلة تفيد بغياب داميان، أبدى فريدريك رد فعل متسامح.

أرفق مع رده اللطيف تأكيداً بأنه سيتولى الأمر ويتحدث نيابةً عنهم، وطلب منهم عدم القلق والتركيز على العمل براحة.

“أنا آسف حقاً لأنني سأرسلكِ بمفردكِ.”

“لا تعتذر مراراً هكذا. لولا أن الأمر يتعلق بميلاد الأميرة، لكان يجب أن أذهب معكَ أنا أيضاً.”

في النهاية، كانت هذه مشكلة تتعلق بمشروعهما المشترك، لكن داميان هو من سيتحمل عناء السفر إلى الشمال ذهاباً وإياباً بمفرده.

نظر داميان إلى أراسيلا التي أبدت رد فعل آسف، ثم فتح فمه متردداً.

“هل يمكنني طلب شيء واحد فقط؟”

“ما هو؟”

“في الحفل، أرجوكِ……لا تقتربي من ولي العهد كثيراً.”

فتحت أراسيلا عينيها على مصراعيهما لهذا الطلب غير المتوقع.

عندما قابل عينيها الصافيتين والشفافتين، سعَل داميان بحرج كما لو كان محرجاً، لكنه لم يُدرْ وجهه بعيداً.

كانت قبضته مشدودة بقوة من توتره خوفاً من أن ترفض طلبه أو تستهزئ به.

“لماذا؟”

“أعتقد أنني سأشعر بالقلق إذا كنتما قريبين في مكان أنا غائبٌ عنه.”

شعر بنفسه وهو يقول ذلك وكأنه رجل ضيق الأفق، لكنه لم يستطع منع ذلك. كان هذا حقاً شعوره الصادق من داخله.

بدلاً من قضاء الليالي في إقليم يويهم قلقاً وممتلئاً بالخيالات الغيورة دون نوم، أراد أن يحصل على راحة البال، حتى لو كان ذلك بطريقة تبدو رخيصة.

شعرت أراسيلا بإحساس غريب وهي تنظر إلى داميان، الذي كان ينتظر إجابتها وكأنها طوق نجاته.

'يبدو كزوج عاشق قلق يترك زوجته وحيدة ويغادر.'

هل كان مجرد وهم منها أن ترى عاطفةً موجهةً نحوها تنعكس في عينيه الذهبيتين اللتين كانتا تلقيان نظراتٍ مترددة باستمرار؟

“أرجوكِ.”

“……حسنًا.”

أمام صوت داميان الذي تردد بمشاعر ثقيلة، وجدت أراسيلا نفسها تهز رأسها دون وعي.

كان من الصعب عليها تجاهل نظرة داميان المتلهفة لسبب ما.

“على أي حال، لم أكن أنوي التجول مع فريدريك كثيراً.”

“أوه، حقاً؟”

عندما أضافت هذا التعليق كتبرير، أضاء وجه داميان فجأة. كما لو أن أشعة الشمس في العالم كله تسلط على وجهه وحده.

حتى أن ابتسامةً خفيفة تسللت إلى شفتي أراسيلا بسبب ذلك.

في صباح اليوم التالي، غادر داميان إلى الشمال، وبدأت أراسيلا الاستعداد لحضور الحفل.

ارتدت فستاناً أزرق فاتحاً بأكمام من الشيفون، وسرّحت شعرها بعناية وتركته منسدلاً.

و عندما وضعت زينة الرأس المصنوعة من الورود الصفراء الزاهية، شعرت بإحساس منعش ومشرق.

توجهت إلى القصر الإمبراطوري دون تأخير، فوجدت طابوراً طويلاً من العربات ينتظر بالفعل لحضور حفل ميلاد الأميرة.

عندما وصلت أخيراً إلى مدخل الحفل ونزلت من العربة، كان هناك شخص غير متوقع ينتظرها.

“ماذا تفعل هنا؟”

لاحظت أراسيلا فريدريك واقفاً عند المدخل بابتسامةٍ مشرقة، فسألته بوجه متعجب.

كان فريدريك، الذي يرتدي زياً رسمياً فاتح اللون يليق بمظهره الجذاب بمناسبة ميلاد أخته غير الشقيقة، يمد يده ويجيب،

“كنت أنتظركِ لندخل معاً.”

“معي أنا؟ لماذا؟ يجب أن تذهب مع شريكتكَ.”

“ليس لدي شريكة، غيركِ أنتِ، أراسيلا.”

أضاف فريدريك ذلك بابتسامةٍ ساحرة في نهاية كلامه، لكن أراسيلا ضيقت حاجبيها قليلاً وردت بنبرة تعكس عدم فهمها.

“ما الذي تقوله؟ إذا كان الأمر كذلك، ادخل بمفردك، لماذا تشملني؟”

“أنتِ أيضاً بلا شريك بسبب غياب اللورد فاندرمير. لنذهب معاً. الاثنان أفضل من واحد.”

تحدث فريدريك بأكبر قدر من اللطف وكأنه لا يحمل أي نوايا خفية، لكن أراسيلا ظلت غير مقتنعة.

ما الذي سيستفيده ولي العهد الأعزب من دخول الحفل مع امرأة متزوجة كشريكة؟ و لم يكونا مرتبطين بصلة دم أيضاً.

حتى لو كانا صديقين، فإن هذا التصرف قد يسبب ضرراً لكليهما، لذا أعربت أراسيلا عن رفضها الحاسم.

“آسفة، لكنني سأدخل بمفردي. إذا كنت لا تريد ذلك، فابحث عن شريكة أخرى الآن. أعتقد أن هناك الكثير من اللواتي سيقبلن بك بسرور.”

صحيح أن حضور الحفلات الإمبراطورية عادةً يكون برفقة شريك، لكن كان من المؤكد أن هناك أشخاصاً مثل أراسيلا حضروا بمفردهم بسبب ظروف شخصية.

لو اقترب فريدريك من إحدى النبيلات العازبات بينهم وعرض عليها أن تكون شريكته، فقلة من سيرفضنه.

لكن بدلاً من قبول نصيحة أراسيلا، سألها فريدريك هذا السؤال.

__________________________

ياخي انقلع يعني لازم تقولها لك بالصريح؟ انقلععع

ترافيس جعله التبن وش حاط؟ سم؟

داميان يجننن كل ماطلع غيرته ايابايايايايااااااا

بعدين اراسيلا نفسها لاحظت مشاعر عيونه وقالت كأنه عاشق يعني هاه؟ وقت الاستيعاب؟

Dana

2025/02/25 · 76 مشاهدة · 1862 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025