غلوريا جعلت الخادمة تنقل الهدايا التي قدمها الناس إلى مكان آخر و الوحيدة التي أبقتها في حوزتها كانت هدية المصباح السحري.

المصباح السحري الذي كان عليها الانتظار أشهر بسبب كثرة الحجوزات.

بما أنه صُنع حسب ذوقها وتسلّمته بنفسها، لم تكن تريد أن تتركه يفارق جسدها من شدة إعجابها به.

“يبدو أن السيدة فاندرمير لديها ذوق رفيع حقاً، كيف عرفت أنني أحب القمر والنجوم، وصنعت لي هذا المصباح بنفسها؟ إنه مميز أكثر لأن فيه جهد أخي فريدريك أيضاً.”

بينما كانت تتباهى بالمصباح بطريقة خفية، اقترح عليها أحدهم.

“صاحبة السمو الأميرة، ما رأيكِ أن تشعلي المصباح الآن في هذا المكان؟ أنا متشوقةٌ لرؤية جماله وهو مضاء.”

“حسنًا، لم لا؟”

أغرتها فكرة التباهي بالمصباح أكثر فوافقت غلوريا على الفور، و تجمع حولها أشخاص يريدون كسب ودها وهم يثيرون ضجة مبالغ فيها.

مدت غلوريا يدها نحو الجزء العلوي من المصباح. عند الضغط هناك، كان حجر الإضاءة يسخن تلقائياً ويضيء المصباح.

ابتسمت بترقب وهي تضغط على الزر.

بدأ حجر الإضاءة يسخن، فأخذ القمر والنجوم يشعان بضوء أصفر خافت، و في الوقت نفسه، التصقت نقاط ضوء بيضاء صغيرة بحجر الإضاءة وأضاءت.

ابتلع ذلك الضوء ضوء حجر الإضاءة وتوهج بشكل ساطع و من شدة الوهج، عبس الناس وأغمضوا أعينهم للحظة.

و في تلك اللحظة وقع الانفجار.

بوووم-!

“كياك!”

“آآآخ!”

انفجر المصباح مع دوي هائل.

تدفق الصراخ من كل مكان، واستولى الدخان الكثيف على المكان مغطياً الرؤية، و فر الناس في كل اتجاه هاربين.

تكشفت فوضى مروعة حيث دفع الناس بعضهم البعض وسقطوا في سبيل النجاة.

“صاحبة السمو الأميرة!”

ركضت الخادمات بلهفة نحو غلوريا التي سقطت على الأرض و كان حولها عدد من النبلاء يئنون مرميين على الأرض.

لكنها، التي كانت تمسك المصباح بيدها، تلقت صدمة الانفجار مباشرةً وسال الدم منها.

سمع الفرسان الذين كانوا يحرسون الخارج صوت الانفجار المريب فاقتحموا الداخل و كان عليهم مساعدة الناس الذين يفرون في حالة فوضى.

لكن أولويتهم القصوى كانت حماية العائلة الإمبراطورية.

تم اقتياد غلوريا وأفراد العائلة الإمبراطورية الحاضرين في الحفل اليوم إلى الخارج بأمان واحدًا تلو الآخر لكن شخصًا واحدًا فقط لم يظهر.

كان فريدريك.

تجول الفرسان وهم ينادونه بأعلى أصواتهم.

“صاحب السمو ولي العهد! سموك، أين أنت!”

“سموه في غرفة الاستراحة! اذهبوا بسرعة!”

صرخ الماركيز غرانت وهو يغطي أنفه بذراعه لتجنب استنشاق الدخان. الذي كان يحضر هذا المكان نيابةً عن الإمبراطورة.

هرع الفرسان إلى غرفة الاستراحة بناءً على كلام الماركيز.

وبينما كانوا يخرجون السيدات الصغيرات اللواتي كن بالقرب من الباب، عثروا على فريدريك داخل الغرفة برفقة أراسيلا.

***

“هل تقول الآن إن المصباح الذي صنعتُه انفجر؟”

بعد أن استمعت أراسيلا لقصة بين دياك كاملة، شعرت بالذهول والارتباك الشديد.

لم يكن في المصباح السحري أي عنصر قد يتسبب في انفجار. حجر الإضاءة المحسن كان يُصدر ضوءًا أقوى كلما ارتفعت درجة حرارته، وله خاصية تفريغ الطاقة ذاتيًا كان هناك نظام تسخين ذاتي داخل المصباح، لكنه لم يكن يولد حرارة عاليةً جدًا.

على الرغم من التجارب العديدة التي أجريت، لم يحدث مثل هذا الانفجار من قبل.

هذا لا يُعقل، لا يمكن أن يكون المصباح قد انفجر هكذا.

'لا بد أن هناك سببًا لذلك.'

خطرت هذه الأفكار في ذهنها، لكنها كانت حكيمة بما يكفي لعدم الجهر بها.

بدلاً من ذلك، سألت أراسيلا بين دياك عن غلوريا.

“هل صاحبة السمو الأميرة بخير؟”

“هل أصيبت غلوريا بجروح بالغة؟”

أضاف فريدريك بقلق هو الآخر.

تحدث بين دياك بوجه مظلم.

“هي تُعاين الآن من قبل الطبيب الخاص و لقد فقدت الكثير من الدم وأغمي عليها، لذا لا يزال الوضع غير واضح.”

“أرى……”

تغيرت ملامح أراسيلا للأسوأ.

على أي حال، بما أن الانفجار حدث بسبب المصباح الذي صنعته، فقد يصبح الأمر جريمةً كبيرة إذا أصيبت الأميرة بجروح خطيرة.

نظر إليها النبلاء المحيطون بنظرات جانبية وهم يتهامسون.

كان جميع الحاضرون قد علموا بالفعل أن سبب الانفجار هو المصباح الذي قدمته أراسيلا هدية.

“كيف صنعت هذا المصباح أصلاً؟”

“تسك تسك، كم كانت مهملةً في صنع هدية لصاحبة السمو الأميرة حتى يحدث هذا؟”

“مهلاً، لا يمكن أن يكون ذلك متعمدًا، أليس كذلك؟”

اشتدت النظرات اللاذعة الموجهة نحو أراسيلا.

حاولت أن تبرر للناس أن الأمر ليس كذلك، لكنها توقفت، ففي هذه اللحظة التي لا تعرف فيها السبب الحقيقي للانفجار، كان من الواضح أن التسرع في الكلام سيثير المزيد من الجدل.

يبدو أن فريدريك فكر في الشيء نفسه، فوضع يده بحذر على كتف أراسيلا وهمس.

“أراسيلا، من الأفضل أن تعودِ اليوم”

“……حسناً”

بينما كانت أراسيلا تتحرك للمغادرة، تقدم بين دياك قليلاً ليعترض طريقها وتحدث بصوت خافت.

“السيدة فاندرمير، سيتم استدعاؤكِ لاحقًا من قبل السلطات للتحقيق، إذا رفضتِ، قد تتعرضين لعواقب.”

“لن أرفض، فاستدعوني متى ما شئتم.”

“سنتواصل معكِ لاحقًا.”

أومأ بين دياك برأسه تحيةً خفيفة و ردت أراسيلا بانحناءة صغيرة ثم غادرت الحديقة.

تبعها فريدريك بنفسه ليودعها.

كادت أراسيلا أن تصعد إلى العربة لكنها التفتت إليه.

“فريدريك، صاحبة السمو الأميرة……”

“لا تقلقي، سأخبركِ بأي تطورات عن حالة غلوريا حالما تظهر.”

ابتسم فريدريك بلطف وهو يجيب بسرعة.

في موقف حيث تسبب مصباح أراسيلا في إصابة أخته وإفساد الحدث، لم يكن من السهل عليه أن يظهر مثل هذا اللطف.

لكنه تحدث بصوت ألطف بمرتين من المعتاد، و كأنه يتفهم قلب أراسيلا المذهولة.

“لا أعرف سبب الحادث، لكنني أثق بكِ. فارجعي مطمئنة وارتاحي جيدًا، ودعي الأمور اللاحقة لي.”

كان يعني أنه سيدافع عنها حتى في غيابها.

أراسيلا، التي شعرت بانزعاج قوي من تصرفاته الأحادية أثناء حديثهما في غرفة الاستراحة، خفّت حدة قلبها قليلاً.

في خضم هذا الارتباك، أظهر لها الطرف الآخر ثقةً راسخة بها، وكونه صديقًا مقربًا من قبل جعل ذلك أكثر تأثيرًا.

“شكرًا، حقًا.”

“لا داعي للشكر، أنتِ شخص مميز بالنسبة لي، فهذا أمر طبيعي.”

تأملتها عيناه القرمزيتان الشبيهتان بالياقوت بعمق. ثم اقتربت يده من شعرها المتدلي.

أراد أن يسحب شعرها خلف أذنها، لكن أراسيلا لم تلحظ ذلك وتراجعت للخلف ففشل.

“شكرًا مرة أخرى، سأذهب الآن.”

“……حسنًا، وداعًا.”

أخفى فريدريك أسفه العميق ولوّح بيده محافظًا على ابتسامته اللطيفة.

طوال الطريق في العربة، كانت أفكار أراسيلا متشابكة.

كان من الصعب تصديق أن المصباح الذي صنعته تسبب في انفجار، وكانت قلقةً بشأن ما قد يترتب على أحداث اليوم.

عندما وصلت إلى المنزل، لم يكن داميان قد عاد بعد، كما هو متوقع، فأرسلت له رسالة عبر كرة الاتصال السحرية تشرح له الوضع.

'أتمنى ألا يتفاقم هذا الأمر وأن يُحل بشكل جيد.'

تنهدت أراسيلا وهي تشعر بقلق يلفّ جسدها بالكامل.

***

انتشر خبر انفجار المصباح السحري في حفل ميلاد الأميرة في جميع أنحاء الإمبراطورية و أُلغيت جميع حجوزات المصابيح التي كانت متراكمةً لأشهر في لحظة واحدة.

تدفقت طلبات استرداد الأموال للمصابيح التي بيعت سابقًا كالموجات، و شكك الناس في سلامة مصابيح الشوارع الموضوعة في الطرقات وطالبوا بإزالتها.

أمر الديوان الإمبراطوري فورًا باستعادة جميع المصابيح.

في اليوم التالي للحفل، تواصل فريدريك مع أراسيلا ليخبرها بحالة غلوريا.

أصيبت غلوريا بكسر في كتفها وحروق في ساعدها، لكن لحسن الحظ لم يكن هناك خطر على حياتها.

لكن بما أن الأميرة كادت أن تفقد حياتها، كانت الانتقادات الموجهة إلى أراسيلا، صانعة المصباح السحري، شديدة الحدة.

<اتضح أنه مصباح قاتل! الحقيقة المروعة للمصباح السحري>

<تطوير السحرة للأدوات السحرية غير الإنسانية، إلى متى يجب التغاضي عنه؟>

<أراسيلا فاندرمير محتالة!>

ظهرت مقالاتٌ تسيء إليها صراحةً بكثرة.

و حافظت أراسيلا على رباطة جأشها رغم رؤيتها لهذه المقالات.

واليوم، استدعتها السلطات الإمبراطورية للتحقيق في الحادث.

امتثلت أراسيلا طواعية وجلست في غرفة التحقيق وجهاً لوجه مع محقق السلطات ذي الوجه الجاد.

“مرحبًا، السيدة فاندرمير، أنا كينيث مور، المحقق المسؤول عن هذه القضية. سأطرح عليكِ الآن بعض الأسئلة، أرجو أن تجيبي بصدق دون كذب.”

“نعم.”

“هل قدمتِ لصاحبة السمو الأميرة مصباحًا يحمل خطر الانفجار عن عمد؟”

“لا.”

نفت أراسيلا الأمر على الفور. كان المصباح الذي أعدته لتكريم ميلاد غلوريا قد استغرقها أيامًا من الجهد.

لم تصنعه بمثل هذا التعب لتهاجم الأميرة، ولم يكن شيئًا يمكن استخدامه لهذا الغرض أصلًا.

“إذاً، هل كنتِ على علم باحتمال انفجار المصباح؟”

“لا، لم يسبق لمصابيحي أن تسببت في أي حادث من قبل. حفل ميلاد صاحبة السمو كان الأول.”

كيف يمكن أن تبيع مصباحًا خطيرًا تجاريًا؟

أوضحت أراسيلا أنها أجرت اختبارات استقرار لا حصر لها من قبل.

“لا بد أن يكون هناك سبب آخر، وليس عيبًا في المصباح نفسه.”

“هذا مستحيل، لأن المصباح نفسه هو الذي تسبب في الانفجار. إذا كنتِ تريدين التظاهر بالجهل، كان عليكِ إعداد عذر أكثر تحديدًا.”

ارتعشت حاجبا أراسيلا رداً على تعليق كينيث الساخر.

“يبدو أن السيد مور يعتقد أنني قدمت المصباح لصاحبة السمو الأميرة بنيةٍ سيئة.”

“ليس بالضرورة، بل أشك في أنكِ ربما تكونين تاجرةً غير مسؤولة ترفض الاعتراف بخطأها في صنع منتج بإهمال.”

من الناحية الموضوعية، لم يكن لدى أراسيلا دافع لاغتيال أحد أفراد العائلة الإمبراطورية. لذا فهو لا يعتقد أنها فعلت ذلك عمدًا.

لكنه يشتبه في أنها ربما اكتشفت مشكلة في عملية الإنتاج وتجاهلتها من أجل مصلحتها الشخصية، فقد كان هناك سحرة يفعلون ذلك أحيانًا.

“مستحيل أن يكون الأمر كذلك، سأكتشف عيب المصباح بنفسي، أروني المصباح.”

“هذا غير ممكن. المصباح دليل مهم، لذا لا يمكننا تسليمه لكِ.”

تنهدت أراسيلا من الإحباط.

كانت تنوي فحص المصباح بنفسها لمعرفة السبب، لكن إذا لم يُظهروه لها، فلن تكون هناك طريقة لحل المشكلة.

لكن كينيث كان حازمًا، لأنه لا يمكن استبعاد احتمال تلاعبها بالأدلة.

“سواء كان ذلك عمدًا أو خطأً، فإن حقيقة إصابة صاحبة السمو الأميرة بسببكِ لا تتغير.”

قال ذلك بصوت بارد.

“ستتلقين عقابًا يتناسب مع ذلك. وعلاوة على ذلك، ستخضع أعمالكِ الأخرى القائمة حاليًا لتحقيق شامل، فاعلمي ذلك.”

عضت أراسيلا شفتها السفلى.

لقد أدركت للتو، بعد سماع كلام كينيث، أن ادعاءها بأنها لم تفعل ذلك لن يفيدها بشيء.

في النهاية، المصباح الذي صنعته هو الذي تسبب في المشكلة، وحتى لو كان ذلك حدثًا غير متوقع بالنسبة لها، فالمسؤولية تقع عليها بالكامل.

غادرت أراسيلا غرفة التحقيق بوجه مظلم. تفكيرها في تداعيات هذا الحادث جعل رأسها يؤلمها لا محالة.

خرجت من مبنى السلطات وهي تتنهد باستمرار، فاقترب منها فريدريك الذي كان ينتظرها بالقرب من الباب.

“أراسيلا، هل أنتِ بخير؟ كيف كان التحقيق؟”

“آه، فريدريك، لا بأس. هل جئت لمقابلتي؟”

“كيف يمكنني البقاء ساكنًا وأنا قلق عليكِ؟”

تحدث فريدريك بصوت أكثر لطفًا من المعتاد، و كانت عيناه الحمراوان مملوءتان بالقلق تجاه أراسيلا.

تنهد تنهيدةً خفيفة وبوجه لطيف بدأ يقول الكلمات التي أعدها.

“لا أعتقد أنكِ أذيتِ غلوريا عمدًا. كل إنسان يخطئ، وليس من المعقول أن يمحى كل ما قمتِ به من قبل بسبب غلطةٍ واحدة”

“ماذا؟ فريدريك، أنا……”

تلعثمت أراسيلا وهي تحرك شفتيها بوجهٍ مرتبك.

كانت لا تزال لا تعتقد أنها صنعت المصباح بشكل خاطئ، لكنها لم تستطع قول ذلك أمام فريدريك.

بالنظر إلى موقفه المحرج لأنه هو من كلفها بالمصباح، لم تستطع أن تتفوه بكلمات تضع نفسها فقط في مقدمة التبرير.

وفريدريك، الذي لم يكن ليعرف ما في داخلها، واصل مواساتها بصوت رقيق.

“لا بد أنها كانت مجرد صدفة أن يخرج منتجٌ معيب. كان من سوء الحظ أنه كان من نصيب غلوريا، لكن الأمر ليس وكأنكِ فعلت ذلك عمدًا.”

“…….”

بدت كلماته مؤثرة، لكنها حملت شيئًا غريبًا في طياتها.

ففي النهاية، كان فريدريك يتحدث مفترضًا أن أراسيلا قد ارتكبت الخطأ.

اقترب فريدريك بخطوةٍ واسعة وهو يرسم ابتسامةً لطيفة.

“إذا احتجت إلى مساعدتي، فلا تترددِ في إخباري.”

“……حسنًا، شكرًا لك. هكذا تكون الصداقة الحقيقية، على ما يبدو.”

أطلقت أراسيلا ضحكةً أشبه بزفرة.

مهما يكن، كان من دواعي امتنانها أن فريدريك، كصديق، دافع عنها بهذا القدر رغم إصابة شقيقته.

“من يدري.”

في تلك اللحظة، امتدت يد فريدريك فجأةً بخفة، وبحركة مباغتة.

وهذه المرة، بالفعل، مدّ يده بلطف ليُبعد خصلات شعر أراسيلا المنسدلة.

نظر إليها بعينين دافئتين وعميقتين، ثم قال بمعنى خفي،

“لا أظن أن علينا أن نبقى مجرد أصدقاء.”

____________________________

تبي تصيرون غرباء؟ ابشر سهله الحين تصيرون اسوأ من الغرباء

اراسيلا تحسبه واثق فيها طلع يحسبها غلطت مره وعادي

وين داميااان تعال شف زوجتك مسكينه محد عندها😔

في ذا الفصول احيانا ودي اسأل وين اهل اراسيلا؟ يضحكون يطلعون فجأه ثم يختفون او يطلعون في النهايه 😭

المهم ابي داميان يجي واذا قال انا اصدق ان فيه شي غير صار تعرف اراسيلا الفرق بينه وبين فريديرك

ثم ترجف فريدريك

Dana

2025/02/26 · 75 مشاهدة · 1864 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025