مرت فترةٌ طويلة منذ أن استقبلتُ صباحًا منعشًا كهذا.

قامت أراسيلا بتمشيط شعرها بعناية وارتدت ملابسها بعناية وأناقة.

و كانت أشعة الشمس الصباحية البيضاء تضيء وجهها المبتسم بوضوح.

عندما نزلت إلى الطابق السفلي للخروج إلى العمل، كان الخدم، بمن فيهم كبير الخدم والخادمات، مجتمعين في الطابق الأول لتوديعها.

كان هو اليوم الذي تثبت فيه سيدة المنزل براءتها وتعود إلى منصبها بعد فترة من العزلة بسبب اتهام باطل، لذلك بدا الجميع سعداء ومتحمسين.

"عودي بسلام، سيدتي."

"حسنًا."

أجابت أراسيلا بلطف وخرجت، فرأت أمامها عربتين تنتظران وداميان واقفًا أمامهما.

ابتسم بلطف ومدّ يده. فوضعت أراسيلا يدها تلقائيًا فوق يده الكبيرة.

"يومٌ موفق، زوجتي."

"أتمنى لكَ أيضًا يومًا جيدًا، داميان."

"نعم، سأراكِ بعد انتهاء العمل."

انطلقت العربة التي كانت تقلّ أراسيلا أولًا، وتبعها داميان في العربة من خلفها.

سارت العربتان جنبًا إلى جنب حتى الحي التجاري، ثم افترقتا كلٌّ في طريقه بالقرب من الساحة.

تأملت أراسيلا من خلال النافذة مشهد برج السحر الذي ظهر في الأفق.

أخيرًا، سأعود إلى مكاني. كم انتظرتُ هذا اليوم.

نزلت من العربة وسارت بخطوات واثقة عبر البوابة الرئيسية لبرج السحر. و انحنى الحارس الذي كان يقف عند المدخل برأسه احترامًا.

لم يكن هناك أحد داخل البرج يجهل بعودتها.

عندما دخلت، وجدت الأرضية متناثرةً ببتلات الورود، بينما عُلِّقت لافتةٌ احتفالية على السقف ترحب بها،

<نهنئ الساحرة أراسيلا على عودتها!>

ابتسمت أراسيلا بخفة وسارت على امتداد الطريق المزين بالورود المؤدي إلى مختبرها.

كل من مرّت بهم على الطريق بادروا بتحيتها.

"أراسيلا، مباركٌ عودتكِ!"

"أهلاً بعودتكِ، سينباي!"

"السينباي أراسيلا، من الرائع أنكِ عدتِ!"

اكتفت أراسيلا بإيماءة خفيفة وهي تبتسم برقة.

من داخل مختبرها، الذي كان مغلقًا لفترة ولم يُسمح لأحد بدخوله، تعالت أصوات حركة واضحة.

طرقت الباب، فقوبلت بسكون مفاجئ.

يبدو أنهم كانوا يخططون لشيء ما. ففتحت أراسيلا الباب ببطء.

بوم-!

انفجرت مفرقعاتٌ صغيرة، وتناثرت قصاصات الورق الملون في الهواء.

ثم تقدّما سالي ورودي، و كلٌّ منهما يحمل شيئًا، الأولى باقة زهور، والثاني كعكة.

"سينباي! أهلًا وسهلًا!"

"مبارك عودتكِ إلى العمل، سينباي!"

"أسرعي، و أطفئي الشموع وتمنّي أمنية!"

احتضنت أراسيلا باقة الزهور بين ذراعيها، ثم نفخت الشموع وأغمضت عينيها للحظة قبل أن تفتحهما مجددًا.

"شكرًا لكم، يا رفاق. الزهور المبعثرة واللافتة بالخارج......أنتما من جهّزهما، صحيح؟"

"آه، لا! لم نفعل ذلك. لقد قام الآخرون بإعدادها من أجلكِ."

لوّحت سالي بيديها نافية، مما جعل أراسيلا تتفاجأ قليلًا.

فلم تكن تتوقع أن هناك أشخاصًا آخرين يحتفلون بعودتها بصدق، غير هذين المتدربين.

عندما أُجبِرت ظلماً على مغادرة البرج بسبب فيرناندو، كانت غارقةً في الإحباط واليأس.

فرغم كل إخلاصها للبرج وإثباتها جدارتها كساحرة، شعرت آنذاك بأنها لم تحظَ بالاعتراف الذي تستحقه.

ظنّت أن حياتها المهنية كساحرة قد تم إنكارها بالكامل، وشعرت باليأس.

لكن الحقيقة لم تكن كذلك.

كان هناك من يراها ويقدّرها، و من لم يحكم عليها بتحيّز، بل نظر إلى الطريق الذي رسمته بنفسها وحكم عليها بناءً على ذلك.

......لم يكن كلُّ ذلك عبثًا حقًا.

مهما قال الآخرون، فقد شقّت طريقها بثبات، والآن، في هذه اللحظة، شعرت بأن كل ما بذلته لم يكن بلا جدوى.

"أنا ممتنةٌ لكم جميعًا."

"أوه، سينباي، لقد قدمتِ الكثير كساحرة، فمن الطبيعي أن يحدث هذا."

"ما فعلتِه هو ما جعل الآخرين يقدّرونكِ بهذه الطريقة."

"أحقًا؟"

ابتسمت أراسيلا بخفة، ثم وضعت الكعكة وباقة الزهور بعناية على المكتب.

بعد أن تلقت هذا الكم من التهاني من متدربيها، كان هناك مكان يجب أن تزوره.

"سأخرجُ قليلًا."

"إلى أين ستذهبين؟"

تفاجأت سالي واتسعت عيناها عندما سمعت أنها ستخرج فور وصولها. فسألتها بفضول، لكن أراسيلا رفعت سبابتها مشيرةً إلى الأعلى.

"إلى سيد البرج. طلب مني أن أزوره بمجرد وصولي."

لقد حان وقت لقاء معلمها.

عندما طُرِدت من البرج، لم يتمكن فيليب من مساعدتها. ومع ذلك، لم تكن أراسيلا تحمل أي ضغينة تجاهه.

فقد رأت فيرناندو وهو يهدده، وأدركت أنه كان من الصعب على فيليب التدخل في ذلك الوضع.

علاوةً على ذلك، بعد انتهاء المحاكمة، تصرّف فيليب بسرعة، فقام بطرد فيرناندو وأعوانه وأعاد أراسيلا إلى منصبها، لذا لم يكن هناك سبب يدعوها للومه.

"سيد البرج، هل يمكنني الدخول؟"

بمجرد أن سألت وهي واقفةٌ أمام الباب، جاءها الإذن فورًا.

دخلت أراسيلا إلى مكتب سيد البرج المألوف لديها.

و استقبلها فيليب بضحكته المعتادة بينما كان يطفو في الهواء.

"لقد جئتِ، أراسيلا."

"يبدو أنني لم أزر هذا المكان منذ وقتٍ طويل."

"هوهوهو، أحقًا؟"

نزل فيليب ببطء ليستقر على الأرض، حتى يتمكن من مواجهة تلميذته بشكل صحيح.

عندما جلس على الوسادة، لاحظت أراسيلا أن جسده أصبح أنحف من ذي قبل، وشعره ازداد بياضًا، مما جعل حاجبيها يرتجفان قليلًا.

"هل كنت حزينًا للغاية أثناء غيابي؟"

"ولماذا تسألين عن ذلك؟"

"لأنك تبدو وكأنك كبرت فجأة."

"في مثل عمري، لم يتبق لي سوى أن أزداد شيخوخةً لا غير."

بلمسة سحرية، صبَّ فيليب الشاي في فنجانه وأشار لها بيده كي تجلس.

امتثلت أراسيلا وجلست أمامه بهدوء.

"أحسنتِ، أراسيلا. أن تكشفي عن براءتكِ بنفسكِ وتستعيدي مكانكِ......لقد نضجتِ حقًا."

"كنتُ أطول منك منذ البداية، معلمي."

"هوهوهو، هذه الفتاة......"

ضحك فيليب بحرارة، لكن تعابيره بدأت تتصلب تدريجيًا. ثم اعتذر لها بصوت منخفض.

"أنا آسف."

"على ماذا؟"

"لأنني لم أستطع مساعدتكِ في الاجتماع الماضي."

"لا بأس. لو أنك تدخلتَ وحميتني حينها دون تروٍ، لربما كنتَ أنت من سقط الآن بدلاً مني."

في ذلك الوقت، لم يكن لدى أراسيلا أي دليل مادي، بل مجرد شكوك. و لو أن فيليب دافع عنها دون إثبات، حتى لو أحضرت الدليل لاحقًا، لكان هناك من يشكك في مصداقيته.

ربما لكانوا اتهموه بتزوير الأدلة من أجلها.

لكن لأنه لم يتدخل ولم يتلاعب بنتيجة التصويت، لم يعترض أحد على حكم المحكمة الذي أثبت براءتها لاحقًا.

"مع ذلك، أشعر وكأنني كنت معلمًا عديم الفائدة، وهذا يؤلمني كثيرًا. و كتعويض، سأحقق لكِ أي طلباً. قولي لي ما تريدينه."

"همم......"

غرقت أراسيلا في التفكير للحظة.

كانت قد تلقت بالفعل الكثير من التعاليم من معلمها، ولم يكن هناك شيء آخر ترغب في الحصول عليه منه.

كادت أن تطلب منه كوب شاي جميل فحسب، لكن فجأة، خطرت في ذهنها صورة صندوق مجوهرات مونيكا.

ذلك الصندوق الذي لا تزال عاجزةً عن فك التعويذات السحرية المعقدة المحيطة به.

إذا كان فيليب يمتلك مهارات سحرية أعلى منها بكثير، فمن المحتمل جدًا أن يتمكن من حل ما عجزت هي عن حلّه في لحظة.

"إذاً، لدي طلب. لدي صندوق مجوهرات عليه تعويذة قفل، هل يمكنك فكها؟"

"بالطبع، أحضريه لي."

وافق فيليب بكل سرور. وعندما سألها إن كان هذا هو كل شيء، أومأت أراسيلا برأسها بالموافقة.

بعد أن تبادلا بعض الأحاديث، نهضت أراسيلا من مكانها.

"حسنًا، سأذهب الآن."

"حسنًا، عملٌ موفق."

نظر فيليب إلى تلميذته التي كانت تقف وتودعه، ثم قال لها بصوت هادئ.

"مبارك على عودتكِ، أراسيلا."

"شكرًا، معلمي."

ابتسمت أراسيلا ابتسامةً خفيفة وغادرت بخطوات خفيفة.

مع رؤية تلميذته الواثقة والمبتهجة، ارتسمت ابتسامة أيضًا على شفتي فيليب.

***

بعد انتهاء يوم العمل، توجهت أراسيلا إلى قصر هايدن.

كان الغرض من زيارتها هو أن تخبر باولا بما حدث بعد حفلة الآنسة هارييت.

كيف ستتصرف باولا عندما تعلم أن الصداقة التي استمرت منذ أيام الأكاديمية قد تحطمت تمامًا؟

كان لديها بعض القلق بشأن باولا التي قد تجد نفسها بينها هي وفريدريك، لكنها حاولت أن تبقى هادئةً وأخبرت بولا عن قطع علاقتها بفريدريك.

استمعت باولا بهدوء إلى الحديث، وعندما انتهت أراسيلا من كلامها، غطت فمها بيديها مذهولةً من الصدمة.

"يا إلهي......فريدريك، إنه مجنونٌ حقًا."

لم يكن فقط قد افتعل الفضيحة فحسب، بل حاول أيضًا القضاء على داميان. كان الأمر صادمًا لدرجة أن رأسها بدأ يدور لمجرد سماعه.

"إذا كان يحبكِ لهذه الدرجة، كان يجب أن يعترف من البداية. ما هذا؟"

"لم أكن أعرف أنه شخصٌ هكذا."

"أنا أيضًا، كنت أعتقد أنه لطيفٌ ووديع بالنسبة لأحد أفراد العائلة الإمبراطورية......الآن أشعر وكأنني تلقيت ضربة في مؤخرة رأسي."

بدأت باولا بفرك مؤخرة رأسها بيدها ثم مدت يدها لتمسك بيد أراسيلا.

"لكن مع ذلك، مافعلتِه كان جيدًا. من الجيد أنك قطعتِ علاقتكِ بفريدريك بشكل حاسم."

"عندما رأيت حقيقته، فقدت كل مشاعري تجاهه، لذا لم يكن الأمر صعبًا. لكن، باولا، هل أنتِ بخير؟"

بينما كان اثنان من الثلاثة يتشاجران ويقطعون علاقتهما، كانت باولا هي الوحيدة التي كانت في وضع صعب لأنها كانت تحافظ على علاقات جيدة مع الطرفين.

ما فعله فريدريك مع أراسيلا كان شيئًا فظيعًا ومقيتًا بلا شك، لكن إذا نظرنا ببرود، لم يكن له علاقة بباولا.

لذا، حتى لو استمرت باولا في علاقتها مع فريدريك، لم يكن لأراسيلا أن تقول لها شيئًا.

"ما الذي يمكن أن يكون غير جيدٍ بالنسبة لي؟"

لكن باولا أجابت على نحو غير متوقع، وهي ترفع كتفيها بلا مبالاة.

"سأقول هذا الآن، كنتُ دائمًا أشك في ما إذا كان فريدريك يعتبرني صديقةً له."

رغم أن الثلاثة كانوا يتنقلون معًا في أيام الدراسة، إلا أن باولا كانت تشعر دائمًا أن اهتمام فريدريك كان موجهًا بالكامل نحو أراسيلا.

لولا أراسيلا، ربما لم يكن فريدريك ليتبادل الحديث حتى معها، ناهيك عن أن يكونا صديقين.

في النهاية، كانت أراسيلا هي السبب في تعرفهم على بعضهم البعض.

باولا كانت تعرف جيدًا أن فريدريك حافظ على صداقته معها فقط بسبب الرابط الذي كان بينهما من خلال أراسيلا.

"أنا صديقتكِ، لذلك كان فريدريك يتقرب مني. عندما لم تكونِ موجودة، كان بالكاد يتحدث إلي."

"حقًا؟ عندما أخبرتني بذلك، أصبح الأمر أسوأ."

"أنا أيضًا أعتقد ذلك. من ناحية ما، كان يستخدمني ليظل بالقرب منكِ."

كانت صداقتهما الثلاثية هي السبب في استمرارية العلاقة لفترة أطول من مجرد صداقتهما الثنائية.

كان فريدريك يعلم ذلك أيضًا. لم يكن مهتمًا بباولا، لكنه تمسك بلقب "الصديق" رغم ذلك.

"لهذا السبب، أنا أيضًا ليس لدي أي ندم على قطع صداقتي مع فريدريك. لا أريد أن أكون صديقةً لشخص قام بأفعال دنيئة وحقيرة مثل هذه."

كان السبب بسيطًا في قدرة باولا على التخلي بسهولة عن علاقتها مع ولي العهد. فلم تحاول أبدًا الحصول على منفعة من فريدريك.

مهما كان حال قلب فريدريك، فقد كانت باولا تعامله كما لو كان صديقًا حقيقيًا، تمامًا كما فعلت أراسيلا.

لهذا السبب، كان من السهل عليها أن تتصرف بحسابات غير معقدة وتقرر قطع علاقتها به فورًا.

"لذلك لا تشغلي بالكِ بي، أراسيلا. لديكِ الكثير لتفكري فيه بالفعل."

أنهت باولا كلامها بابتسامة خفيفة.

ابتسمت أراسيلا أيضًا لطيبة قلب صديقتها، ولكن فجأة، خفضت باولا صوتها وسألت بقلق.

__________________________

فيليب ياعمري ليه ماتزوج عشان يصير عنده احفاد احسه وحييييد😭

باولا كفووو شيخة الشيخات ماتشوف ولي عهدهم ذاه شي 😘✨

ابي اعرف اذا خطيبها يحبها ولا باخذها خطيبها ما يستاهلها

Dana

2025/03/29 · 27 مشاهدة · 1599 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025