حان وقت تقطيع الكعكة.

وقف داميان أمام الطاولة الموضوعة في وسط القاعة.

في الواقع، لم يكن طفلاً حتى يضطر إلى تقطيع الكعكة، لكنه استسلم لإصرار أراسيلا القوي.

كانت تقول أن الجنية التي تحقق الأمنيات لن تظهر إذا لم يقطع الكعكة في حفل ميلاده.

لكن السبب الحقيقي كان أنها أرادت من داميان أن يقطع الكعكة التي صنعتها بنفسها.

ظهر الطاهي وهو يحمل الكعكة بنفسه، ثم وضعها بحذر على الطاولة. ثم بدأ الحاضرون المتجمعون حولها و يتهامسون.

"ما هذا؟ تبدو الكعكة في حالةٍ غريبة."

"هل أسقطوها بالخطأ في المطبخ؟"

"أجل، يبدو أنهم بحاجة إلى إحضار واحدةٍ جديدة."

و لم يكن رد فعل داميان مختلفًا كثيرًا. فلم يكن قد علم مسبقًا من أراسيلا أنها هي من صنعت الكعكة.

"زوجتي، يبدو أن هناك خطأ في تجهيز الكعكة."

"لماذا؟ تبدو على ما يرام."

"هل أنتِ جادة؟ يبدو أن الطاهي أسقطها بالخطأ. وإن لم يكن كذلك، فربما صنعها وهو ثمل."

قال داميان ذلك بجدية وهو يشير إلى الكعكة التي بدا وكأن وجه شيطان مرسومٌ عليها.

"هل هذه كعكة احتفال أم كعكة لعنة؟"

وتعالت همسات مماثلة بين الحاضرين.

كانت أراسيلا تحدق في الكعكة بصمت حتى تلك اللحظة، ثم ردت بصوت هادئ.

"أنا من صنعتها."

"......ماذا؟"

"قلتُ أنني أنا من صنعتها. أردت أن أهنئكَ بميلادك."

في اللحظة التي كُشف فيها عن صانع الكعكة، خيم الصمت على القاعة.

تمنى داميان لو أنه ما سمعه كان خطأً، لكن رؤية تعابير أراسيلا التي أصبحت متجهمةً أكثر فأكثر أكدت له أن ذلك لم يكن احتمالًا واردًا.

"آه، إذًا هذه كعكة احتفال بالفعل."

بدأ الحاضرون ينظرون حولهم بحرج، ثم كما لو أنهم اتفقوا مسبقًا، بدأوا يتراجعون عن كلماتهم الواحدة تلو الأخرى.

"الكعكة جميلةٌ حقًا."

"تبدو لذيذة."

"منذ البداية، أعجبتني كثيرًا."

سارع داميان أيضًا إلى تغيير كلامه.

"كنت أقصد أن الطاهي تأثر بشدة بعد صنعها لدرجة أنه رفع كأس نخبٍ لفرحته."

"لا يبدو ذلك صحيحًا......"

"هاها، حسنًا إذاً، سأقوم بتقطيع الكعكة."

عندما رمقته أراسيلا بنظرة شك، ضحك داميان بتوتر وأسرع في التقاط السكين.

انقسمت الكعكة إلى نصفين، وقد كان يغطيها شراب الفراولة الأحمر الذي بدا و كأنه دم.

لكن لحسن الحظ، كان طعمها جيدًا إلى حد ما.

بصراحة، مظهرها كان يوحي بأنها قد تكون مسمومة، ولم يكن ذلك ليثير الاستغراب.

بعد ذلك، بدأت مراسم تقديم الهدايا.

بدأ الحاضرون بتقديم الهدايا التي أحضروها واحدةً تلو الأخرى.

قفازات، زخرفةٌ للسيف، ساعة، أحذية، وغير ذلك من الأشياء المختلفة خرجت من صناديق الهدايا.

كانت أراسيلا تراقب بقلق، متخوفةً من احتمال وجود هدايا مكررة، لكنها تنفست الصعداء. فلم يحضر أحد هدية مطابقة لما أعدته.

"أخي."

في تلك اللحظة، خرج أدريان بتردد من بين أفراد عائلة الماركيز هوغو.

"خذ هذا. هذه هديتي لكَ."

كان الطفل يخفي يديه خلف ظهره، واقترب بخجل قبل أن يضع شيئًا في يد داميان ثم يهرب بسرعة ليختبئ خلف والده.

نظر داميان بذهول إلى يده، فوجد دميةً خشبية صغيرة منحوتة على هيئة إنسان.

"إنها منحوتة خشبية صنعها أدريان بنفسه. يقول أنه نحتها على شكل اللورد فاندرمير."

شرحت آيريس بصوت هادئ. و لأنه صنعها بنفسه، كان أدريان يشعر بالخجل ولا يعرف كيف يتصرف.

تفاجأت أراسيلا أيضًا من هدية شقيقها اللطيفة، واتسعت عيناها دهشة.

"واو، أد! لم تصنع لي واحدةً من قبل أبدًا. هذا ظلم!"

"لـ-لا! سأصنع لكِ واحدةً في ميلادكِ!"

قال أدريان ذلك بارتباك وهو يتململ في مكانه. فقامت أراسيلا بقرص خده الناعم بلطف دون أن تؤلمه.

"على أي حال، منذ وقت ما، أصبحت تحب داميان أكثر مني."

"بدأت أشعر بذلك أيضًا. يبدو أن ابننا أصبح يحترم داميان أكثر مني."

وافقها الماركيز، مما جعل وجه أدريان يزداد احمرارًا حتى أصبح مثل التفاحة.

نظرت إليه الماركيزة بمودة قبل أن تضيف تعليقًا زاد من إحراجه.

"هوهو، يبدو أن داميان هو أكثر من يحظى بحب أدريان في عائلتنا. هذا يجعلنا نشعر بالغيرة."

نظر داميان إلى الدمية الخشبية التي تحمل أثر الصنع اليدوي، ثم إلى أدريان الذي احمر وجهه حتى عنقه.

ثم اتسعت ابتسامته تدريجيًا.

لو كان لدي شقيق حقيقيٌ بدلًا من أخ لا يربطني به سوى نصف الدم، فهل كان سيكون محببًا مثل أدريان؟

تقدم داميان بخطوات ثابتة واقترب من الماركيز، ثم التقى بنظرات أدريان وتحدث إليه بلطف.

"إنها أفضل هدية، أدريان."

"و-واااه! أخي ناداني باسمي!"

غطى أدريان فمه بيده دون وعي من فرحته، فانفجر الكبار بالضحك.

وكانت آخر من قدم هديتها في حفل تقديم الهدايا هي أراسيلا.

قدمت لداميان صندوقًا مزينًا بشريط أحمر وآخر بشريط أزرق.

"ما هذا؟"

"افتحهما لترى بنفسك."

بدأ داميان بفتح الصندوق ذي الشريط الأحمر أولًا.

في الداخل، كان هناك بروش فاخرٌ من الياقوت الأزرق مزينٌ بالماس، بل ومصممة على شكل عصا ساحر.

رمش داميان ببطء وهو يحدق بها، وعندما رأت أراسيلا رد فعله، سعلت بخفة وسألته بنبرة عابرة.

"هل تعرف معنى أن يمنح الساحر عصاه لشخصٍ ما؟"

"لا أعلم. ما معناه؟"

"يعني، أنا أكرس مجدي لك. وهو تعبير عن الاحترام."

في الحقيقة، كان يحمل معنى أعمق يشير إلى التقديس، لكنها خففته قليلًا حتى لا تكشف عن مشاعرها بالكامل.

ثم أضافت بصوت هادئ، مستخدمةً كلمات شبيهةً بتلك التي قالها لها داميان ذات يوم عندما أنقذها.

"أنت الفارس الوحيد الذي أكن له الاحترام."

"......زوجتي."

حدقت عيناه الذهبية في أراسيلا مليئةً بالدهشة.

كان داميان يعلم جيدًا أن شخصًا مثلها، الذي يتمتع بقدر عالٍ من الكرامة والفخر، نادرًا ما يُظهر الاحترام للآخرين.

ومع ذلك، كان من الواضح أنها تعترف به وتحترمه بما يكفي لتقول مثل هذا الكلام أمام الجميع.

بينما كان داميان يحدق فيها وهو ممسك بالصندوق، أشارت أراسيلا إلى الصندوق الذي يحمل الشريط الأزرق والذي كان مهملًا.

"الآن، افتح هذا أيضًا."

"آه، حسنًا."

بهدوء، أغلق داميان صندوق البروش الثمين، ثم فتح الصندوق ذو الشريط الأزرق. و ظهر منه أزرار كم مزينة بالياقوت الأحمر اللامع.

وكانت الزهرة المفضلة له، الكاميليا، محفورةٌ على الأزرار.

"إنها رائعة."

"هل أعجبتكَ؟"

"أعجبتني كثيرًا."

ابتسمت أراسيلا ابتسامةً مرضية على وجهها، وكانت تشعر بأنها قد اتخذت القرار الصحيح في اختيار الهدية بعد التفكير العميق.

لكن بينما كان داميان يحاول غلق الصندوق بحذر، لاحظ شيئًا ما تحت الأزرار فتوقف فجأة.

"هذا......؟"

"هذه رسالتي، اقرأها بمفردكَ لاحقًا."

همست أراسيلا بسرعة.

لم يكن بإمكانها أن تعرض رسالتها أمام الجميع. فقد كتبتها خصيصًا له ليقرأها وحده.

أومأ داميان برأسه بهدوء ثم أغلق الصندوق ليخفي الرسالة.

شعر بشيء من الارتخاء على شفتيه، فهو لم يتلقَ هدايا مليئةً بالعناية والاهتمام مثل هذه عندما كان صغيرًا.

هل يوجد حفلة ميلاد أكثر مثالية من هذه في العالم؟

بينما كان دانيان يحيط بالناس الذين يضحكون ويتحدثون، شد قبضته.

شعر أن ميلاده هذا، الذي يُحتفل به بهذه الطريقة، قد يكون آخر مرة في حياته سيُحتفل به بهذا الشكل.

***

انتهت الحفلة في وقت متأخر من المساء.

و بعد أن ودعت الضيوف بصعوبة، تنهدت أراسيلا بتعب. كانت مشغولةً للغاية في الأيام الأخيرة لدرجة أنها شعرت بالإرهاق الشديد.

كانت تسحب قدميها و هي تتحدث،

"داميان، لندخل ونسترح الآن."

"......."

بدلاً من الرد، ظل داميان يحدق في أراسيلا بصمت.

كان يظهر عليها قليل من النعاس، لكن عينيها الزرقاوين لا زالتا تحملان بريقًا.

'همم، يبدو أنه لا حاجة للنوم الآن.'

بهذا الحكم، وقف داميان أمام أراسيلا عندما كانت على وشك صعود السلالم، واقترح.

"هل نأخذ نزهةً قصيرة قبل أن ندخل؟"

"نزهة؟ في هذا الوقت؟"

"نعم، اعتبريها هدية ميلاد أخيرة. فقط دعينا نتجول في الحديقة قليلاً."

نظر إليها بجدية، ففكرت أراسيلا للحظة، ثم أومأت برأسها موافقةً رغم دهشتها.

'قبل أن ينتهي يوم الميلاد في الساعات القليلة القادمة، يجب أن أسمح له بفعل كل ما يريد.'

غيرا اتجاههما فورًا وخرجا إلى الحديقة.

كانت الحديقة تحت ضوء القمر الخافت تبدو أكثر غموضًا وجمالًا من النهار.

و عندما حلّ الليل، أصبح الجو أكثر برودة، عندها مسحت أراسيلا ذراعيها دون أن تشعر، فلاحظ داميان ذلك على الفور و خلع سترته ووضعها على كتفيها.

"أعتذر، كان من الخطأ أن أقترح عليكِ الخروج للتنزه في هذا البرد."

"لا بأس، الجو ليس باردًا جدًا بعد. لا داعي لخلع السترة."

"لا، يجب عليكِ ارتداؤها. سأشعر براحة أكبر إذا فعلتِ."

'إذا كان هذا هو الحال.'

أعادت أراسيلا السترة إلى مكانها، ليحيط جسدها الفسيح دفئها.

بينما كانا يمشيان معًا في الحديقة الهادئة، كانت أراسيلا هي التي بدأت الحديث أولًا.

"كيف كان يومك؟ هل استمتعت بالحفل؟"

"نعم، كان أكثر من كافٍ بالنسبة لي."

أجاب داميان بصدق، ثم ردت أراسيلا وهي تشد السترة على صدرها.

"لم يكن هناك أمرٌ مفرط على الإطلاق."

"......."

"أنت شخص يستحق كل هذا الاحتفال."

ابتسمت أراسيلا ابتسامةً صغيرة. و نظر داميان إليها دون أن ينطق بكلمة.

'هل تدركين أن الشخص الوحيد الذي يقول لي هذا هو أنتِ؟'

أدخل داميان يده في جيب بنطاله وتوقف عن المشي لوهلة. و بعد خطوات قليلة، توقفت أراسيلا خلفه وهي تنظر إليه بدهشة.

أخرج داميان شيئًا من جيبه ورفع يده نحو طية قميصه.

كان من المفترض أن يضعه على السترة، ولكن بما أنه أعطاها لها، اضطر لوضعه في مكان آخر.

بعد لحظة، خفض يده ليظهر بروش عصا الساحر المعلق على طية قميصه، وهو يتلألأ ببريقه.

"هذا هو أفضل هدية تلقيتها اليوم. ما رأيكِ؟"

أمر داميان الخادم بترتيب هدايا الآخرين، لكنه احتفظ بهدية أراسيلا لنفسه. فقد كانت أول هدية تلقاها منها، لذا كانت ثمينةً جدًا بالنسبة له.

في الواقع، بغض النظر عن قيمة الهدايا الأخرى، لم تكن أي منها ثمينةً مثل هديتها.

"هل تناسبني؟"

"هم هم. نعم، مهما كان الشخص الذي أعطاها لك، تبدو رائعةً عليكَ حقًا."

أجابت أراسيلا مازحة. فقد جعلتها سعادتها وهي ترى الهدية أمامها تبتسم بمرح.

كان داميان يلمس البروش بأطراف أصابعه ثم تحدث بصوت منخفض.

"في الواقع، لم أكن أرغب في إقامة الحفل اليوم."

فوجئت أراسيلا بالاعتراف المفاجئ، وتوقفت للحظة، ثم نظرت إليه بصمت.

كانت عيونها هادئة، تنتظر كلماته التالية دون أي لوم أو تذمر، لذا استطاع داميان أن يُكمل حديثه بسهولة.

"يوم ميلادي ليس يومًا ذا معنى كبير بالنسبة لي، و حفلات الميلاد هي أمر مزعج وممل، أليس كذلك؟ لذلك لم أكن متحمسًا لذلك....."

"......."

"ولكن عندما دخلت القاعة، أدركتُ أن السبب الحقيقي ليس هذا."

مشاعرٌ كانت مدفونة في أعماق داميان لم يلاحظها حتى هو نفسه بدأت تظهر وتَرفع رأسها.

وبوجود أراسيلا بجانبه، استطاع داميان مواجهة تلك المشاعر بشكل مباشر.

"كنت فقط خائفًا. كنت أخشى ألا يكون هناك أحد يحتفل بميلادي بصدق."

كان هناك وقتٌ كان فيه داميان يبني توقعاتٍ على حفل ميلاده. و كان يأمل أن يراه والده، وأن يكون الناس هم أول من يهتم به.

كان يأمل أن تبتسم والدته بسعادة، ومن ثم يشعر هو أيضًا بالسعادة.

لكن بعد أن خذلته توقعاته مرارًا، أصبح لا يتمنى أي شيء بعد الآن. لأنه إذا توقف عن التمني، فلن يتعرض للألم بعد الآن.

لم تكن الفرصة للاحتفال ميلاده قد اختفت تمامًا بعد وفاة والدته. لكنه لم يكن يريد ذلك. فقد كان يعرف بأنه لا يوجد أحد سيحتفل بميلاده بصدق.

محى كل المعاني التي كان يحملها يوم ميلاده، واعتبره يومًا عاديًا لا قيمة له. لأنه كان أسهل على قلبه.

لكن بعد اليوم، تغيرت هذه الفكرة تمامًا.

"شكرًا لكِ، زوجتي. بفضلكِ، قضيت أول يوم ميلاد مليءٍ بالفرح."

انحنى داميان باحترام.

شعر وكأن ميلاده الذي سُلب منه بعد فقدان والدته قد عاد إليه اليوم.

"إنه أسعد يوم في حياتي."

ابتسم بلا أي شائبة. و لم تستطع أراسيلا أن ترفع عينيها عن وجهه.

كانت عيونها مشدودةً إلى ابتسامة داميان المشرقة التي رأتها لأول مرة.

ثم ظهرت ابتسامةٌ على شفتيها أيضًا. فقد كانت سعيدةً لأن الشخص الذي تحبه سعيد.

ثم تمنت أن يظل داميان يبتسم هكذا إلى الأبد.

وبينما كانت تفكر في ذلك، أمسكت أراسيلا بيده.

و سار الاثنان معًا ممسكين بأيديهما، يتحدثان بهدوء في الحديقة.

واستمرت سعادة هذا اليوم لفترة طويلة.

حتى جاء خبرٌ واحد إلى أراسيلا.

_________________________

الفصل يجنن يجننن يجنننننن احلا من الفصول الي قبل حقت ميلاده 🫂

كان بيكون فصل خالي من المشاكل بس كله من الجملة الأخيرة ذي عسا ماشر؟

المهم و رسالة أراسيلا؟ ابي اقراها مع دامياااان

Dana

2025/03/29 · 29 مشاهدة · 1820 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025