منذ الصباح كانت أجواء قصر ولي العهد قاتمةً ومتوترة.

كان ذلك بسبب مزاج فريدريك السيئ للغاية بعد اطلاعه على صحيفة الصباح.

نشرت الصحيفة خبرًا عن قيام داميان بضبط مزاد غير قانوني للعبيد وكشف تورط الماركيز غرانت في السحر الأسود.

'داميان فاندرمير، هذا اللعىٍن.....'

لم يتمكن فريدريك من كبح غضبه المتصاعد فرمى مزهريةً كانت قريبةً منه، و لم يجرؤ الخدم على الصراخ، بل كتموا أنفاسهم في صمت.

كان عليهم البقاء هادئين قدر الإمكان عندما يعبر عن غضبه جسديًا بهذا الشكل حتى لا يزيدوا من استفزازه.

'لقد دللتهُ كثيرًا حتى تجرأ على التسلق فوق رأسي، هذا الحقير الذي لا يعرف قدره يجرؤ على تحديّ!'

تسرب صوت صرير أسنانه من بين شفتيه.

لم يكن يتخيل أبدًا أن يفقد أقرب أعوانه، الماركيز غرانت، بهذه الطريقة.

لقد تلقى ضربةً موجعة من داميان، وكان ذلك يجرح كبرياءه بشدة لدرجة لا تطاق.

و ظل يفكر في داميان مرارًا وهو يرمي الأشياء ويدوس على حطامها ويصفع خد أحد الخدم الذي تجرأ على تهدئته.

لم يكن يتصرف بمثل هذه الوحشية منذ زمن طويل. ففي العادة، كان يتظاهر بالهدوء للحفاظ على هيبته كولي للعهد.

بعد فترة طويلة من التفريغ العنيف لغضبه، هدأ فريدريك أخيرًا عندما زاره مساعده. و أمر بإيجاز بتنظيف المكتب المبعثر ثم توجه نحو غرفة الاستقبال.

"أحيي سمو ولي العهد."

"أبلغني."

"نعم، فهمت."

رد المساعد متوترًا على الأمر الفوري دون تحية، لأنه لم يكن يعتقد أن ما سيرُد به سيخفف تجاعيد جبين ولي العهد الغاضب.

نظر المساعد بحذر إلى تعبير فريدريك الحاد وفتح فمه بحرص.

"من بين الأدلة التي جمعها المكتب من مزاد العبيد غير القانوني، لم يكن هناك دفتر حسابات مجموعة دوم ولا وثائق سرية رئيسية، وقائمة الأدلة التي قدمها اللورد فاندرمير كانت خاليةً منها أيضًا، و قد أرسلنا أشخاصًا لتفتيش مكتب المجموعة لكنهم لم يعثروا على شيء"

"إذاً هل تعني أن تلك الأوراق نبتت لها أرجلٌ وهربت؟"

"لا، لا، يبدو أن رئيس المجموعة أخفاها أو تخلص منها، أو......ربما قامت فرقة الصقر الأحمر بأخذها."

عند الكلمة الأخيرة، عبس فريدريك وفرك صدغيه من ألم الرأس، ثم تحدث بنبرة حادة.

"أين سُجن رئيس المجموعة؟"

"حول ذلك......كان محبوسًا في سجن تحت الأرض غرب القلعة الإمبراطورية، لكنه هرب فجر اليوم."

كان براندون قد رشا أحد الفرسان الدنيئين وتسلل خارجًا، وهو الآن مختفٍ تمامًا.

تم إرسال فرقة تعقب على عجل، لكن هناك شائعاتٌ تقول أنه عبر إلى دولة أخرى.

أغلق فريدريك عينيه وتنفس بعمق لتهدئة غضبه المتأجج مرة أخرى، وبرزت عروقُ يده من شده قبضته.

"اذهب فورًا وأمسك بهذا الرجل."

"حاضر، سموك."

نهض المساعد بسرعة وانحنى بعمق وهو يجيب، ثم قدم تحيةً مهذبة وخرج مسرعًا.

يبدو أنه خائف من البقاء أكثر وتحمل غضبه.

بقي فريدريك وحيدًا في غرفة الاستقبال، غارقًا في أفكاره.

'هل أخذ داميان فاندرمير تلك الأوراق أم لم يأخذها؟'

لقد سمع بالفعل أن فرقة الصقر الأحمر قلبوا مكتب المجموعة رأسًا على عقب عندما ألقوا القبض على مزاد العبيد غير القانوني.

بالإضافة إلى ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار أنهم قدموا عقد قنبلة السحر الأسود الخاص بالماركيز غرانت كدليل، فمن المرجح أنهم أخذوا الأوراق أيضاً.

كانت تفاصيل معاملاته من أشد الأسرار، لذا فكرة أن تكون الأوراق المهمة بيد داميان جعلت فريدريك يتنهد وهو يمسك جبينه في حيرة.

'إذا تم الكشف عن محتويات الدفاتر أو الوثائق، سأكون في ورطة.'

عليه أن يتخلص من داميان فاندرمير قبل ذلك، وعلى أي حال، كان وجود داميان الحي ذاته يزعج فريدريك، لذا كان هذا أمرًا مرحبًا به.

'كيف أتخلص منه؟ هل أتهمه بالخيانة؟'

لم يكن هناك تهمةٌ أكثر ملاءمة من الخيانة للتعامل مع الأعداء بهدوء.

لكنه سرعان ما تخلى عن تلك الفكرة، لأن اتهام داميان بالخيانة فورًا سيؤدي إلى إعدام زوجته أراسيلا معه.

'يجب أن أُسقط داميان فاندرمير وحده حتى أتمكن من أخذ أراسيلا لنفسي.'

على الرغم من أن علاقتهما أصبحت الآن شبه منتهية، إلا أن فريدريك لم يكت قادرًا على التخلي عن مشاعره تجاه أراسيلا.

في تلك اللحظة، اقترب منه خادم بأدب وقدم له رسالة.

"إنها من عائلة الدوق فاندرمير."

"حسنًا، اخرج."

عبس فريدريك قليلاً وهو يتفقد الرسالة التي وصلت في توقيت غريب للغاية.

بدأ يقرأ المحتوى الذي افتتح بتحيات رسمية بعينين جامدتين، لكن تعبيره بدأ يتغير تدريجيًا بطريقة غامضة.

「 سموك، هل تتذكر قسم الولاء الذي أقسمته لك قبل خمس سنوات؟

أنا وعائلة الدوق فاندرمير سنظل مخلصين لسموك حتى تصبح الإمبراطور الموقر.

"لذا أرجوك، امنح ابني العزيز أوسكار، الذي سيرثني، فرصةً لخدمتكَ. 」

كتب الدوق فاندرمير بإسهاب حتى النهاية يتوسل فرصةً لابنه الأكبر، في محبة مؤثرة تجاه ابن تهاوت سمعته بلا حدود بسبب فضيحة علاقة غير شرعية.

'أوسكار فاندرمير......قد يكون مفيدًا للاستخدام.'

ابتسم فريدريك ابتسامةً خفيفة لفكرة خطرت بباله فجأة

"نعم......إذا نظرنا للأمر بعيدًا، قد لا يكون ذلك سيئًا."

استدعى الخادم مجددًا وبدأ يكتب شيئًا.

***

كانت أراسيلا تبحث في كل مكان عن شخص يُدعى سيان موندور، لكن مهما حاولت لم تجد أحدًا يعرفه

حتى أنها طلبت مساعدة الدوقة كيستون الكبرى، لكنها هزت رأسها أيضًا.

"حتى في إمارة الدوقية لم أسمع بأسرةٍ تُسمى موندور، وأصدقائي كذلك، ربما يكون أجنبيًا، فابحثي على نطاق أوسع."

"نعم، شكرًا لكِ، سيدتي الدوقة."

في طريق عودتها بعد وداع الدوقة، أطلقت أراسيلا تنهيدةً عميقة.

أن تجهل حتى الدوقة الكبرى، المشهورة بنفوذها في الأوساط الاجتماعية، أمرًا كهذا.

في هذه المرحلة، بدأت تتساءل إن كان سيان موندور شخصًا حقيقيًا أصلاً.

'هل سيان موندور هو في الحقيقة سيان و موندور؟ أم أنه ليس اسم شخص بل يعني شيئًا آخر؟'

توقفت أراسيلا عن التفكير العميق وأوقفت العربة في منطقة مزدحمة، فقد شعرت بالضيق الشديد وأرادت أن تتجول في الشوارع لتستنشق الهواء البارد.

'مؤخرًا، بحثي عن مصل الاعتراف لا يتقدم، وباستثناء أنني أصبحت خليفة سيد برج السحر، كل شيء سيئ.'

لم يكن البحث عن زهرة انقرضت منذ عقود أمرًا سهلاً، فالوثائق قليلة، و لا عينات متاحة، ومن بين الثلاثة لم يكن أحد مهتمًا بالنباتات عادة، لذا كان الأمر شاقًا.

في خضم هذا الموقف المضطرب حيث اختلط الحظ الجيد بالسيئ، كانت أراسيلا تسير محدقةً إلى الأمام.

"أوه؟ السيدة فاندرمير؟"

ناداها صوتٌ مألوف من الخلف، فالتفتت أراسيلا مرتبكةً ثم فتحت عينيها في دهشة.

اقترب منها إيريك، يحمل بضعة كتب في حضنه، بابتسامة مرحبة.

"لم أتوقع رؤيتكِ هنا صدفة، كيف حالكِ مؤخرًا؟"

"آه، بخير، هل أنت عائدٌ من المكتبة يا سيد روبرتس؟"

"هاها، صحيح، هتاك عالمٌ أحبه نشر كتابًا جديدًا، فجئت لأشتريه بنفسي."

ضحك إيريك بنعومة، و كان يتمتع بمظهر لطيف وهادئ يشبه أجواء إيريس الرقيقة.

فكرت أراسيلا فجأة أن أختها أحبت شخصاً يشبهها، ثم ألقت نظرةً على الكتب.

"دليل النباتات المكتوب تحت تأثير الخمر"، "تاريخ النباتات المكتوب دون خمر"

'......حسنًا، ذوقهُ غريبٌ جدًا'

كانت عناوينٌ لم تكن لتقرأها حتى لو دفعوا لها، ثم تذكرت فجأة أنه عالم، فسألته بهدوء.

"ما الذي يفعله السيد روبرتس بالضبط؟"

"أنا عالم نباتات، حتى العام الماضي كنت أُدرّس مواد متعلقةً بذلك في الأكاديمية، لكنني الآن أركز على أبحاثي الشخصية."

"آه، هكذا إذاً."

أومأت أراسيلا برأسها، فقد فهمت الآن سبب حمله لكتب عن النباتات، ثم أضافت ردًا اجتماعيًا لائقًا.

"رائع، أتمنى دائمًا أن تسير أبحاثك على خير ما يرام يا سيد."

"شكرًا، وأهنئكِ على اختياركِ كخليفةٍ لسيد برج السحر."

"شكرًا لكَ."

تبادلا التحيات بإيجاز ثم افترقا، لكن أراسيلا، التي كانت تسير غارقةً في التفكير، استدارت فجأة.

"لحظة واحدة، سيد روبرتس."

توقفت ساقاها الطويلتان، اللتين كانتا تسيران ببطء، فجأة، و اقتربت منه بخطوات سريعة لتقف أمامه.

"نعم؟ ما الأمر؟"

نظر إليها إيريك بمفاجأة، فلم يتوقع أن تعود وتتحدث إليه مجددًا.

"هل يمكنني أن أعرف ما الذي تبحث عنه حاليًا؟"

"الآن؟ حسنًا، كنت أدرس نباتات نادرةٍ وأنهيت ذلك الشهر الماضي، وأنا حاليًا أبحث عن موضوع جديد، لماذا؟"

"إذاً، ما رأيكَ في الانضمام إليّ وإلى متدربي لدراسة زهرة الديلاي؟ أود أن أستقطبكَ."

إذا انضم إيريك، عالم النباتات، إلى البحث، قد يتمكنون من حل الصعوبات الناتجة عن جهلهم بالنباتات.

لم تفكر في هذا من قبل لعدم وجود شخص مناسب حولها، لكن لقاءها بإيريك جعلها تدرك حاجتها إلى عالم نباتاتٍ واعد.

"نحن ننوي إعادة إزهار زهرة الديلاي المنقرضة، ألا يثير ذلك اهتمامك؟"

سألت أراسيلا مجددًا، فأغمض إيريك عينيه ببطء للحظة لاقتراحها المفاجئ، ثم ردّ بوجه متحمس.

"كعالم نباتات، بالطبع أنا مهتم! إعادة نباتٍ اختفى من العالم إلى الوجود، لا يوجد شيء يثير الحماس والفرح أكثر من ذلك!"

"رائع، انضم إليّ إذاً، سيد روبرتس."

"أنا موافق، أتطلع إلى العمل معكِ مستقبلاً، السيدة فاندرمير."

مد إيريك يده أولاً لمصافحتها، فابتسمت أراسيلا وردت على المصافحة.

"أنا أيضًا أتطلع إلى ذلك."

اتفقا على تحديد موعد رسمي لاحقًا لمناقشة التفاصيل، ثم افترقا هذه المرة نهائيًا.

شعرت أراسيلا، التي انتهى بها الأمر بضم حبيب أختها دون تخطيط، بخفة في خطواتها وهي تعود.

و كانت راضيةً عن تقليل همومها ولو قليلاً.

في تلك الليلة، أخبرت أراسيلا داميان خلال العشاء بما حدث اليوم.

"ذهبت لزيارة سمو الدوقة الكبرى كيستون، وفي طريق العودة قابلت السيد روبرتس صدفةً."

"حقًا؟"

"نعم، لم أكن أعلم أنه عالم نباتات."

استمع داميان لكلامها بوجه خالٍ من الاهتمام، فلم يكن إيريك يعنيه بشيء، لذا لم تكن أي معلومات عنه تثير فضوله.

لكنه توقف فجأة وهو يقطع لحم الضأن المدخن بدقة ويرفعه إلى فمه عندما سمع ما قالته بعد ذلك.

"لذا قررت أن أعمل مع السيد روبرتس من الآن فصاعدًا."

"معًا؟ في ماذا؟"

تصلب تعبير داميان بطريقة خفية، و تذكر كيف بدا الاثنان يتقاربان بسرعة في حفل الميلاد.

بالطبع، بما أن إيريك حبيب آيريس، لم يكن شعور داميان بالغيرة عقلانيًا، لكن نوعًا آخر من الغيرة تسلل إليه.

كزوجٍ بعقد، كانت الأيام التي يمكن أن يقضيها مع أراسيلا تتناقص، بينما ذلك الرجل لم يكن كذلك، وهذا ما جعل تلك الفكرة تؤرقه.

عند التفكير في الأمر، لم يكن إيريك وحده، بل الجميع باستثناء داميان كانوا في تلك الحالة.

فجأة، شعر داميان بالاكتئاب عندما أدرك أنه الوحيد الذي حددت نهاية علاقته معها، وسأل دون وعي بنبرة حادة بعض الشيء.

"ما الذي ستفعلانه معًا؟"

"البحث الذي أعمل عليه الآن، كنت في حاجة ماسة لمعرفةٍ نباتية."

"ألم تقولي أنكِ قابلتيه لأول مرة في الحفل؟ ألا يزعجكِ ذلك؟"

"لا بأس، قد يصبح جزءًا من العائلة يومًا ما."

كانت السيدة التي ربطت بين إيريس وإيريك وسيطة زواج مشهورةٌ في العاصمة، وحيث أن والدتها هي من قدمته، فمن الواضح أنهما يتواعدان على أساس الزواج ضمنيًا.

كانت أراسيلا تعتقد دائمًا أن أختها الأكثر طاعة، التي نشأت كآنسة نبيلة مثالية، ستتزوج يومًا ما وفقًا لرغبة والديها، لذا لم تشك لحظة في علاقتهما.

بل إنها كانت ترى أن إيريك، الذي يشبه آيريس في المظهر والأجواء، يناسبها جدًا، وبعد رؤيته للحظات بدا شخصًا جيدًا، مما جعلها أكثر ارتياحًا.

'على الأقل، مستقبل السيد روبرتس سيكون مع عائلتكِ.'

ابتلع داميان الكلمات التي وصلت إلى حلقه وأخفى فمه بكوب الماء.

كان منزعجًا من عدم قدرته على التحكم في تصرفاته الصغيرة المتكررة.

"بالمناسبة، لدي شيء آخر أريد إخباركَ به حقًا."

_________________________

داميان في خطر

اجل تغار من واحد عنده حبيبه؟ ومن ؟ اخت أراسيلا ياغبي يعني خلاص اراسيلا تشوفه زي أخوها😭

بعدين شكله نسا شي ترا سالي و رودي معهم

فريدريك ذاه يسوي الي يبي اهم شي داميان يسطره ماعادني معلقة عليه تعبت احسب سالفته انتهت مع آخر ارك الطويل ذاك 😭

Dana

2025/03/29 · 29 مشاهدة · 1712 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025