لم يكن الدوق ليستر قد أجرى مجرد صفقةٍ بسيطة مع ساحر الظلام. بل كان يدعمُ ساحر الظلام ويُدير عملًا لتطوير وبيع الأدوات السحرية المتعلقة بالسحر الأسود.
ورغم عدم بروز أي إنجازات تجارية علنية تُذكر خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن ثروة العائلة كانت تتزايد باستمرارٍ لسبب وجيه.
فقط من الأدوات السحرية السوداء التي باعوها، مات آلاف الأشخاص، وقد باعوها بلا تمييز حتى للدول الأخرى، مما ألحق بالإمبراطورية أضرارًا جسيمة.
ومع ذلك، فقد استمروا في العيش برفاهية ووقاحة، متجنبين الاعتقال في كل مرة بفضل نفوذ العائلة وقوتها.
وقد انكشفت هذه الأعمال التي كانت تُدار في الخفاء بحذر وسرية، عندما بدأ ساحر الظلام المتحالف مع الدوق بعقد صفقاتٍ خاصة مع قافلة دوم التجارية دون علمه.
وخلال تحقيق الماركيز غرانت في أمر ساحر الظلام الذي صنع الأدوات السحرية، اكتشف صلته بعائلة الدوق ليستر.
“بدأ تقارب العائلتين منذ ذلك الوقت. فقد اختار الماركيز بذكاء أن يجذب الدوق ليستر إلى جانب ولي العهد بدلًا من تهديده.”
بالطبع، حتى مع ذلك، كانت لدى دوقية ليستر نقطة ضعفٍ قاتلة مكشوفة، لذا كان عليهم تلبية كل ما يطلبه الماركيز.
وازداد الوضع سوءًا بعدما تتبع داميان قنبلة السحر الأسود وألقى القبض على ساحر الظلام المعني.
فحين أنهى فرسان الإمبراطورية الاستجواب وسلّموه إلى السلطات، كان من الممكن أن تنكشف علاقة دوقية ليستر أيضًا، لكن فريدريك هو من تدخل و منع ذلك.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الدوق ليستر الذراع اليمنى لولي العهد، وتولى دور كلٍ من عائلة غرانت ودوقية فاندرمير.
“يا له من جريءٍ فعلًا. مجرد شراء أداةٍ سحرية سوداء يُعاقب عليه بشدة، أما هو فاستثمر وباعها بنفسه.”
“في الأصل، الإنسان يهلك بسبب طمعه الذي لا نهاية له. وطالما أن عقد الاتفاق هذا في حوزتنا، فإن الدوق ليستر لا يساوي أكثر من حشرةٍ يمكن سحقها في أي وقت.”
ابتسم لوكاس ابتسامةً عريضة وهو يرفع زاوية فمه.
كان في داخله قلقٌ من وجود الدوقية التي قد تصبح محور دعم فريدريك، لكن الآن بدا وكأنه تخلص من عبء ثقيل.
وبعدما أنهت أراسيلا حديثها، بدأ هو بالكلام هذه المرة.
“لقد اكتشفت اسم القافلة التجارية الجديدة التي بدأ فريدريك التعامل معها. تُدعى قافلة هافيتز، وقد تأسست في بداية هذا العام.”
كانت قافلةً صغيرة تعمل في التجارة مع الدول الأخرى، لكن حركة الأموال المحيطة بها لم تكن عادية على الإطلاق.
فالسلع الظاهرة التي يستوردونها تبدو عاديةً مثل المواد الغذائية أو الأثاث، لكن القوافل التي يتعاملون معها معروفةٌ في دول أخرى، أو أن أثمان البضائع مرتفعةٌ بشكل غير طبيعي، ما يدل على وجود أموال طائلة في الخلفية.
“توقعي هو أن هويتهم الحقيقية قافلةُ تهريب محترفة. ولتجنّب انكشافهم، يتظاهرون في العلن بأنهم قافلةٌ صغيرة تتاجر بسلع بسيطة.”
“كلامكَ منطقي. لو كانت قافلةً عادية حقًا، لما بدأ ولي العهد التعامل معها من الأساس.”
“المشكلة أن القافلة جديدة، والمعلومات المتوفرة عنها قليلةٌ جدًا. لا يعرفها الكثيرون، وعلاقتها بالقوافل الأخرى ليست عميقةً كذلك.”
تنهد لوكاس وهو يعقد ذراعيه.
كان يجب الاقتراب منهم بسرية تامة حتى لا يشعر فريدريك بشيء، لكن الأمر لم يكن سهلًا.
فصِغر حجم القافلة يعني قلة عدد العاملين فيها، مما يزيد من احتمال انكشاف أي شخصٍ يتم زرعه بينهم.
وبينما كان الاثنان غارقين في التفكير، جاء رايلي بالحل.
“سأحاول التسلل إلى تلك القافلة بنفسي. لدي علاقاتٌ في نقابة التجار، لذا لن يكون من الصعب أن أحصل على هويةٍ مزيفة وأُقدَّم كموظفٍ هناك.”
“همم، أنتَ يا رايلي؟”
ضيّقت أراسيلا عينيها وهي تحدق في رايلي. فرفع يده بحماس ليُظهر عزيمته بشكل أكبر.
“أنا بالأصل أجيد التنكر وخداع الناس للهجوم المباغت. وحتى إن كُشفت، فلن أذكر اسميكما أبدًا، لذا أرجوكما اطمئنا واتركا الأمر لي!”
“لكن عندما التقينا أول مرة، أفشيتَ كل المعلومات لمجرد أني هددت حياتكَ.”
“أوه!”
وضع رايلي يده على صدره وكأنه تلقى ضربةً في موضع مؤلم، ثم تحدث بيأس.
“لأني……كنت واثقًا أن سيدتي ستساعدني حينها! وأنا أعلم جيدًا أنه لا يجوز أن أتكلم ولو مت، إذا كنت أريد الانتقام لبريدي ورفاقي.”
قبض رايلي يده بإحكام.
فلو لم تكن قد قالت أنها جاءت للإمساك بالبومة في ذلك الوقت، لما اصطحب أراسيلا إلى مخبأ رفاقه.
حدّقت أراسيلا بهدوء في رايلي، الذي بدا مخلصًا بشكلٍ استثنائي وذو وفاء قوي.
وبدأت تفكر في أن تكليفه بدور الجاسوس قد لا يكون فكرةً سيئة.
ألقت أراسيلا نظرةً خفيفة على لوكاس، فأومأ برأسه موافقًا. ثم التفتت إلى رايلي، الذي كان ينظر إليها بوجهٍ مليء بالرجاء، وتحدثت إليه.
“حسنًا، سنوكل المهمة إليكَ. تسلل إلى الداخل، وسرّب لنا سجلات التعاملات بين ولي العهد، والدوق ليستر، والنبلاء المتورطين معهم.”
“نعم! مفهوم!”
ردّ رايلي بحماس مفعم بالإصرار.
على عكس بريدي، لم تكن هوية رايلي معروفةً بعد، لذا كان من الممكن وضع بعض الأمل عليه.
بعد ذلك، بدآ أراسيلا ولوكاس في وضع خطةٍ لما سيفعلانه لاحقًا. فهدفهما النهائي كان فضح خيانة فريدريك أمام الإمبراطور نفسه. ومن أجل ذلك، كان عليهما من الآن فصاعدًا حشد القوى الداعمة وتثبيت قاعدةِ التأييد.
ولهذا الغرض، قررت أراسيلا أن توسع نفوذها في المجتمع الأرستقراطي، بينما يعمل لوكاس على تعزيز تأثيره في الساحة السياسية.
كان بعضهم لا يناسبه الدور على الإطلاق، بينما كان لدى البعض الآخر موهبةٌ لم تكن متوقعة.
لكن التقدم بخطى ثابتة نحو الأمام كان القاسم المشترك بينهم.
***
تحت شمس الصيف التي تنبض بالحياة أكثر من أي وقت مضى، كانت أراسيلا تقيم حفلة شايٍ أسبوعية.
وبدعم من الدوقة الكبرى كيستون التي كانت تُحبها، ومن خلفها الماركيزة هوغو، بدأ عدد الحاضرين في حفلات الشاي الخاصة بها يزداد يومًا بعد يوم.
<أراسيلا فاندمير، هل أصبحت المحور الجديد في المجتمع الأرستقراطي؟>
حتى الصحف بدأت تنشر عناوين كهذه، فقد اتسعت دائرة تجمعاتها بسرعة.
كانت أراسيلا تُكوِّن علاقاتٍ دون تمييز بين العائلات، وتكسب الناس إلى صفّها واحدًا تلو الآخر.
مع اقتراب نهاية الصيف، أصبحت أراسيلا شخصيةً يُعجب بها شباب المجتمع الأرستقراطي ويتبعونها، في حين كان الكبار يراقبونها بإعجابٍ رغم جرأتها.
وفي الخريف، حين كانت السماء صافية والأشجار تتلون بألوان زاهية، عاشت حياةً أكثر انشغالًا. وذلك بفضل تركيزها الجاد على دراسة “عقار الاعتراف” وتدريبها لخلافة قيادة برج السحر.
وكلما أثبتت مهاراتها وشغفها، ازداد عدد من فصلوا بينها وبين الفضيحة التي تسبّب بها زوجها.
“أتوق لرؤية برج السحر تحت قيادة أراسيلا. أنا نادمةٌ لأني لم أولد بعد عشرة أعوام.”
“علينا أن نقتدي بسينباي ونجتهد نحن أيضًا، حتى نصبح سحرةً لا تخجل منا يومًا ما.”
وسرعان ما تحسنت سمعتها داخل برج السحر بعدما كانت قد اهتزت قليلًا، وسارت أبحاث “عقار الاعتراف” بسلاسةٍ كذلك.
وكل ذلك كان بفضل أراسيلا، التي بذلت جهدًا صامتًا في الخفاء وهي تعض على نواجذها.
ومضت الأيام، وجاء الشتاء البارد الذي كان الهواء فيه يبدو وكأنه سيتجمد عند ملامسته للجلد.
كانت أراسيلا، كسيدة القصر، تعتني بالخدم وتحافظ على القصر. وبفضل ذلك، ظل القصر كما هو، دون أي تغييرٍ أو تلف، محتفظًا بمظهره نفسه كما كان في العام الماضي.
“سيدتي، لقد نظفنا المدفأة في مكتبكِ تمامًا، كما انتهينا من إعادة ترتيب ساحة التدريب.”
“أحسنتم، والآن، هل يمكنكم ترتيب غرفة الملابس؟ ضعوا الملابس غير المناسبة للموسم في الداخل، وأخرجوا الملابس الشتوية.”
كانت دائمًا ما تحرص على الحفاظ على النظافة والترتيب في الأماكن أو الملابس التي لا يستخدمها أحد، وكأنها تتوقع عودة صاحب القصر في أي وقت.
حتى في غياب المعني، احتفلت بميلاد داميان بشكلٍ متواضع مع أودري وكولين، وكان هذا الاحتفال أيضًا نابِعًا من شعورها بأنها لا تعرف متى سيعود صاحب الميلاد.
وهكذا، قضت أراسيلا فصول السنة الأربع بمفردها في القصر الواسع.
وصلت إلى هنا في ربيعها الواحد والعشرين، والآن هي على أعتاب ميلادها الثالث والعشرين.
بينما مر العام، كانت أراسيلا تتجنب ذكر داميان أمام الناس عمدًا. فكلما نطقت باسمه، كلما زاد حنينها وألمها.
لكن ذلك لم يعني أبدًا أنها نسته ولو للحظة.
كانت ترى داميان تحت الشمس الحارقة، وتلمس ذكراه في نسيم الرياح. و كانت تتذكره أيضاً عند رؤية الثلوج التي تغطي كل شيء.
كان داميان حاضرًا في كل لحظة من لحظات حياتها.
كانت وحيدة، لكنها لم تكن وحيدةً حقاً.
وبما أنها كانت تدرك هذه الحقيقة جيدًا، كانت أراسيلا تتمنى في تلك اللحظات البطيئة والمليئة بالألم شيئًا واحدًا فقط.
أن تكون معه في الربيع القادم.
وهكذا، مر عامٌ على رحيل داميان.
***
ركض إيزيك عكس الرياح العاتية. و كانت بشرته المتشققة بسبب التعرض للطقس القاسي تكاد تتمزق، لكنه لم يوقف ساقيه.
وفي منتصف الطريق، كان على وشك الانزلاق على الجليد، لكنّه تمكن من استعادة توازنه ودخل إلى نقطة الحراسة. ثم صعد الدرج ثلاث درجاتٍ دفعةً واحدة.
دَقَّ بقبضته المثارة على الباب بقوة، ليملأ الصوت الجهوري المكان بدلاً من مجرد طرقٍ عادي.
“ادخل.”
مع سماعه الإذن من الداخل، فتح إيزيك الباب على مصراعيه. و على عكس وجهه المتعكر وشعره المشوش، كان داميان جالسًا على مكتبه بهدوء، بمظهره المرتب.
ومع ذلك، بدا وكأنه كان ينتظر شيئًا، حيث كان يعقد ذراعيه ويبقى ثابتًا دون أن يفعل شيئًا.
عندما تلاقت أنظارهما، صرخ إيزيك بصوتٍ مفعمٍ بالحماس.
“سيدي القائد، لقد أرسل اتحاد البرابرة الوثيقة الرسمية للاستسلام!”
“هل جلبتها؟”
“نعم، ها هي!”
مشى إيزيك بكل فخرٍ نحو داميان وأخرج الورقة الملفوفة من صدره.
نظر داميان بهدوء إلى محتوى الوثيقة. و كانت تتضمن اعتذارًا عن غزو الحدود مع دعوة للتوقف عن القتال، وطلبًا للمصالحة والتوصل إلى اتفاقٍ سلمي.
كانت تحتوي على كل ما طلبته الإمبراطورية دون أي شيء مفقود.
“ماذا تعتقد، سيدي القائد؟ هل هناك مشكلة؟ هل يجب عليّ أن أذهب وأحضرها مرة أخرى؟”
سأله إيزيك بقلق. ثم تنفس داميان بعمق دون أن يتكلم، و وضع الورقة جانبًا.
لقد خاض هذه المعركة بكل ما لديه من جسد وروح على مدار العام الماضي لتقبل هذه الهزيمة. و قد شن هجومًا لا هوادة فيه على أمل أن يرفع العدو الراية البيضاء أولًا.
كان يجب عليه أن يفعل ذلك للحصول على انتصارٍ كامل ونظيف.
وأخيرًا، ابتسم داميان ابتسامةَ انتصارٍ وهو يرى ثمرة جهوده.
نظر إلى نائبه الذي كان ينتظر الإجابة بتوتر،
“لا توجد أي مشكلة.”
“هل، حقًا؟! إذًا نحن……؟!”
“نعم، جهزوا أمتعتكم.”
على الفور، أطلق إيزيك صيحةً من الفرح أو الهلع، لا يُدرى، ثم اندفع خارجًا وهو لا يستطيع كبح سعادته.
ومع ذلك، لم ينسَ أن يُلقي التحية في الطريق.
قام داميان من مكانه وتوجه إلى النافذة. و عندما فتح النافذة، هبت ريحٌ باردة لدرجة أنها جعلت عقله ينتعش.
هممم، ليس حلماً، بل هو الواقع.
عندما أكد له الشعور البارد بذلك، اختفى القلق الذي كان عالقًا في قلبه وكأن الرياح جرفته بعيدًا.
كانت أصوات فرحة رجاله في الخارج تتناثر مثل الأمواج المنتشرة. و في الواقع، كان داميان أيضًا يشعر بفرحةٍ كبيرة لدرجة أنه كان يريد أن يصرخ.
لكنه بدلاً من ذلك، أطلق ضحكةً خفيفة وهو يرفع نظره إلى السماء.
كانت السماء اليوم صافيةً تمامًا، دون أي سحابة، واضحةً كعيون شخصٍ ما.
“أتمنى أن أراها قريبًا.”
همس بهذه الكلمات بصوتٍ منخفض، ثم أغلق النافذة وبدأ يرتب الأشياء على مكتبه. فقد كان عليه أن يستعد بسرعة، كي يبدأ الرحلة في أقرب وقت.
بعد أن أخذ قلمه من بين الأقلام المملوءة في الحامل، خرج داميان بخطواتٍ خفيفة نحو غرفة الاجتماعات.
أخيرًا، بعد معركةٍ بدت وكأنها لن تنتهي أبدًا، جاء وقت النهاية، والآن حان الوقت للعودة إلى جانب المرأة التي يحبها.
***
كان وجه أراسيلا وهو يقرأ تقرير البحث غير مشرقٍ تمامًا. فقد مرّت شهورٌ دون أي تقدم في بحثها حول جرعة الاعتراف.
لقد اكتشفت الطريقة الصحيحة لزراعة وإدارة زهرة “ديلاي”، ولكنها كانت تفشل باستمرار في إحيائها. و حتى بعد محاولة تحسين سلالاتٍ مشابهة، لم يكن هناك أي فائدة.
لم يكن هناك أي شيء يمكنه استبدال زهرة “ديلاي”، ولم تتمكن من إعادة إنتاجها بشكلٍ كامل.
“فشلت مرة أخرى.”
أغلقت آراسيلا التقرير وقالت ذلك كما لو كانت تنهض بتنهيدة.
كانت قد استوردت نباتًا من دولةٍ أخرى، معروفًا بفعاليته المشابهة لزهرة “ديلاي”، وبدأت العمل على تطويره.
كان الجميع قد وضعوا آمالًا كبيرة هذه المرة، لكن النتيجة كانت لا تزال غير مرضية. فكانت تعبيرات سالّي، و رودي، و إيريك حزينةً بنفس القدر.
“من فضلكم، فقط واحدة! لو كان لدينا حتى شتلةٌ أو بذرة من زهرة ديلاي، كل شيء سيكون على ما يرام……”
تمتمت سالّي وهي تمسك برأسها.
للأسف، بما أن الزهرة قد انقرضت تمامًا ولم يعد بالإمكان الحصول حتى على نموذجٍ منها، فقد توقفت أبحاثهم في آخر مرحلةٍ دون أي تقدم.
“هل يمكن لأحدهم أن يكون قد خبأ واحدةً سراً؟ إذا بحثنا في الإمبراطورية، ربما نجد واحدة.”
“بصراحة، لقد انقرضت منذ فترةٍ طويلة. و ما تبقى الآن هو مجرد فتات.”
أجاب رودي بتعبٍ مرهق على وجهه، كان ردّه نتاجًا للساعات الطويلة التي قضوها في البحث دون جدوى، حتى أنهم استسلموا أخيرًا في الساعات الأولى من الصباح.
“حتى الفتات سيكون شيئًا نافعاً. إذا كان لدينا حتى قطعةٌ من الجذور، يمكننا أن نعيد إحيائها.”
“صحيح. إذاً، من أين نبدأ البحث؟ بما أن زهرة ديلاي تنمو جيدًا في الأماكن الباردة، ربما نبدأ من المناطق الشمالية.”
“نعم، أعتقد أنه سيكون من الجيد أن نبدأ من أبرد المناطق في الشمال.”
بدأ إيريك أيضًا في التحدث بكلماتٍ غير واقعية، وعندها رأته أراسيلا، التي كانت تراقبهم وهي تضرب الطاولة بخفة.
“هل أنتم جادون؟ كيف يمكن أن تستسلموا هكذا بعد بضع محاولاتٍ فاشلة؟ دعونا نأخذ استراحة لبضعة أيام ونريح عقولنا، ثم نبدأ من جديد.”
رغم أن كلماتها كانت شديدة، إلا أنها كانت تحتوي على نوعٍ من التهدئة، مما جعل الثلاثة يستعيدون طاقتهم ويهزون رؤوسهم بالموافقة.
لكن بعد مغادرتهم، وفيما كانت أراسيلا تسير بمفردها في العربة بعد العمل، أطلقت زفرةً ثقيلة مليئة بالقلق.
"أنا حقًا لا أستطيع تحمل الوضع، لقد مر أكثر من عام على البحث ولا أعرف ماذا أفعل……"
همست لنفسها، وضربت رأسها بلطف ضد جدار العربة.
كانت تأمل في أن ينجح بحث جرعة الاعتراف، لكي تستخدمه لاحقًا ضد تمرد فريدريك.
و بالطبع، كانت تجمع الأدلة التي لا يمكن إنكارها حتى دون الحاجة إلى جرعة الاعتراف، لكن كما تعلمون، من يدري؟ قد يكون السلاح السري مفيدًا في وقتٍ ما.
لكن مع ذلك، كان من المستحيل تجاهل الإحباط الذي شعرت به بسبب جدار البحث الذي اصطدمت به.
“لا شيء ينجح.”
كانت تشعر بالضيق بسبب انقطاع أخبار داميان فجأة، وكان الأمر يزعجها.
فمنذ شهر، اختفت الأخبار المتعلقة بالحرب في الشمال تمامًا. وعندما حاولت معرفة السبب، اكتشفت أن الحدود كانت تسيطر تمامًا على المعلومات.
وكانت تعلم جيدًا أن عدم القدرة على معرفة سير الحرب كان أقرب إلى خبرٍ سيئ من كونه خبرًا جيدًا، لذا كانت أراسيلا تعاني من قلة النوم مؤخرًا.
'لماذا لا أذهب إلى الشمال كما قالا سالي و السيد روبرتس؟ أستطيع أن أبحث عن زهرة ديلاي هناك كمبرر.'
لم تستطع إخفاء تفكيرها في الفكرة، لكنها تراجعت سريعًا.
إذا تم اكتشافها أثناء تجوالها في الشمال، فقد يسبب ذلك ضررًا لدميان.
عندما اقتربت العربة من القصر، قامت أراسيلا بضبط تعبير وجهها. فلم ترغب في أن يظهر أي علاماتٍ على التعب أو الصعوبة أمام الآخرين.
في تلك اللحظة، ظهرت ظلال شخصٍ واقفٍ أمام القصر في مجال رؤيتها.
'……هم؟ أودري؟'
كانت أودري تقف خارج الباب، وهي تهز يدها بسرعةٍ وبشكلٍ عاجل.
__________________________
داميان؟ رجع؟ تكفون ابي ضمه😭🫂
داميان معه زهرة ديلاي ذي يعني خلاص كل شي محلول
بسرعههههه ابي اعتراف وكذا
Dana