“فريدريك، المكان الذي انتقلت إليه بعد أن تخلّيت عن قافلة دوم كان صغيرًا بعض الشيء.”

"……!"

اختفى أثر الابتسامة من وجه فريدريك في لحظة. و ارتجفت عيناها القرمزيتان بعنف.

'لا يعقل.'

تسلّل إليه شعورٌ مشؤوم، وتصبب العرق البارد من ظهره.

حين كان لا يزال يستخدم قافلة دوم، اختار فريدريك جمع الأسلحة بشكلٍ غير مباشر من خلال عائلة الماركيز غرانت وعائلة الدوق فاندرمير.

لكن بعد أن انتقل إلى قافلة هافيتس، حدث تغيرٌ في موازين القوى، ومؤخرًا بات يشتري الأسلحة من خلال فيلق البومة وعائلة الدوق ليستر.

المشكلة أن فيلق البومة، الذي كان ينوي أصلاً أن يُنمّيه تحت إشراف عائلة الدوق فاندرمير، انضم مباشرةً إلى تحت قيادته بعد أن ساءت علاقته بهم.

وإن انكشف هذا الأمر……

خفق قلب فريدريك باضطراب.

كان يتمنى من كل قلبه ألا يُكشف هذا الأمر تحديدًا. و أقنع نفسه بأن لوكاس لا يمكن أن يكون قد علم بالأمر إلى هذه الدرجة.

“هناك قافلةٌ تُدعى هافيتس تم تأسيسها في مطلع هذا العام. وبما أن هويتها بدت مشبوهةً بعض الشيء، قمت بالتحقيق فوجدت أنها متخصصةٌ في تجارة الأسلحة غير القانونية والتهريب.”

لكن لوكاس لم يكن شخصًا سهلًا أو سطحيًا.

“رصدنا دلائل على أن عائلة الدوق ليستر ومجموعة مرتزقةٍ غامضة تُدعى البومة القرناء اشتروا كميات كبيرة من الأدوات السحرية والأسلحة من تلك القافلة. بل وتتبعنا تمويل مجموعة البوم، فوجدنا أنهم تلقوا دعمًا من إحدى الشركات التي يديرها فريدريك.”

“لـ……لا….”

شحُب وجه الدوق ليستر حتى صار أزرق، وارتجفت قبضة فريدريك المشدودة بعنف.

بدأ الاضطراب يتسلل تدريجيًا إلى صفوف أتباع ولي العهد.

“عائلة الدوق ليستر، بخلاف عائلة الدوق فاندرمير، تربطها علاقةٌ وثيقة جدًا بفريدريك. انظروا، إنهما يجلسان معًا حتى الآن، أليس كذلك؟”

قال لوكاس ذلك بابتسامةٍ مشرقة مستفزة، مشيرًا بذقنه إلى فريدريك والدوق ليستر الجالسين جنبًا إلى جنب بكل ألفة.

الجلوس بالقرب من ولي العهد كان يعني أنه من أقرب المقربين إليه. وبما أن العلاقة الوطيدة بينهما كانت معروفةً مؤخرًا، لم يجرؤ أحد على إنكار كلامه.

طرق لوكاس على الطاولة بخفة، ثم تابع حديثه بهدوءٍ وثقة.

“كل العائلات المقربة من ولي العهد قامت بشراء الأسلحة مرارًا……فهل هذا محض صدفةٍ فعلًا؟”

طرح السؤال بنبرةٍ خبيثة مع نيةٍ واضحة، ثم ارتسمت ابتسامةٌ على شفتيه وهو يتكئ على ظهر الكرسي.

وبينما تراجع لوكاس قليلًا إلى الخلف، تقدّم أتباعه وبدأوا يرفعون أصواتهم بانفعال.

“عبر التاريخ، كان شراء الأسلحة سرًا دائمًا ما يُعتبر إشارةً على الخيانة! فكيف يمكن لهذا أن يكون مجرد صدفة؟”

“حتى لو كانت صدفة، فإن تكرارها بهذا الشكل يجعلها حتمية. وإن كانت مجرد صدفة، فعلى سمو ولي العهد أن يثبت براءته بشكلٍ قاطع!”

“وفوق ذلك، رغم وجود فرسان القصر الإمبراطوري، فإن وجود قواتً خاصة مجهولة الهوية تتبع سمو ولي العهد، ألا يعني ذلك أنه كان يجند جيشًا للتمرد؟”

عجز أتباع ولي العهد عن الرد بشكل سليم وارتبكوا بشدة. فلم يخطر ببالهم إطلاقًا أن الجانب الآخر قد يحمل أدلةً بهذا الوضوح.

ولغرس المسمار الأخير، مال لوكاس إلى الأمام مجددًا.

“وفوق كل ذلك، عائلة الدوق ليستر تجرأت قبل عدة سنوات على دعم ساحر ظلام، وأقامت سرًا مشروعًا لبيع أدواتٍ سحرية سوداء.”

“……!”

وقف الدوق ليستر من مكانه فجأة دون وعي، من شدة الصدمة. فرمقه فريدريك بنظرة حادة، بعد أن فشل في الحفاظ على هدوء ملامحه.

تظاهر الدوق بعد فوات الأوان بالهدوء وسعل بخفة قبل أن يجلس مجددًا وكأن شيئًا لم يكن، لكن حين أخرج لوكاس عقدًا يثبت تعامله مع ساحر ظلام، شحب وجهه وتجمد في مكانه.

“بعد أن انكشف تورط عائلة الماركيز غرانت، والآن عائلة الدوق ليستر، في السحر الأسود، من الصعب تصديق أن فريدريك، الذي كان مقربًا منهما، لم يكن يعلم شيئًا. وإن كان يعلم وساهم في التستر، فهذه جريمةٌ كذلك.”

ازدادت نبرة لوكاس قوة.

كان ينوي ربط فريدريك بشكلٍ قاطع بالخيانة، والقتل، والآن بالسحر الأسود.

زفر فريدريك أنفاسه التي حاول كبتها دون جدوى. فبدلًا من أن يتخلص من الشبهات، كانت التهم تتكدس فوق رأسه، حتى بدأ الظلام يغشى بصره.

لكن في مثل هذه الأوقات، لا بد من التماسك.

تماسك فريدريك على وعيه المتذبذب، ثم رمق أتباعه الذين بدوا وكأن أرواحهم قد خرجت من أجسادهم بنظرة ازدراء، وتحدث بوقاحة.

“أنا لم أكن أعلم، يا أخي.”

“وما الذي لم تكن تعلمه؟”

“لم أكن أعلم أن عائلة الدوق ليستر كانت تستخدم السحر الأسود، ولا أنهم كانوا يشترون الأسلحة.”

دُفع إلى الزاوية، فلجأ أخيرًا إلى استراتيجية التهرّب، ولكن وحده فقط.

في النهاية، كان كل من حول فريدريك مجرد قطع شطرنج يستخدمها عند الحاجة ويتخلّى عنها إن لم تعد تنفعه.

حتى لو اضطر للتخلي عنهم جميعًا، كان عليه أن ينجو بنفسه من هذه الأزمة.

“بل في هذه اللحظة، أشعر بالرعب حقًا……لا أدري ما النية التي اقترب بها الدوق ليستر مني.”

“سموك، كيف يمكن لكَ أن……!”

صُدم دوق ليستر من هذا التخلّي المفاجئ ولم يستطع إخفاء ذهوله. لكن عيني ولي العهد الحمراء المتقدة، التي بثّت تهديدًا حيًا لا لبس فيه، جعلت الكلمات تتجمد في حلقه.

'تذكّر، إن سقطتُ أنا، سيموت الجميع.'

لم يكن بحاجة إلى قولها، فقد أوصل فريدريك التهديد بعينيه، ثم شبك ذراعيه ورفع كتفيه بثقة.

“ولا أعرف شيئًا عن جماعة البومة القرناء كذلك. لا علم لي بأي شيء، لذا إن كنتم تبحثون عمّن تحاسبونه، فحاسبوا عائلة الدوق فاندرمير وعائلة الدوق ليستر.”

وحين فرّ القائد وحده من المسؤولية، عمّت الفوضى بين أتباع ولي العهد.

كانوا مثل سفينةٍ فقدت قبطانها، لا يعرفون ما إن كان عليهم التقدم أم التراجع.

أما فريدريك، فكان وحده من حافظ على هدوئه، متمسكًا بإنكارٍ تام، مدعيًا أنه لا يعرف شيئًا ولا ذنب له في شيء.

وبينما تسببت ردة فعل ولي العهد هذه في تردد فصيل الأمراء أيضًا، ووقوعهم في الحيرة بشأن كيفية الرد، تحدثت أراسيلا، التي كانت تتابع بصمتٍ طوال الوقت، أخيرًا بصوتها الصافي الذي جذب انتباه الجميع دفعةً واحدة،

“بما أن أقوال الجميع متضاربة إلى هذا الحد، يصعب التمييز بين الحقيقة والباطل. لذلك، لقد أحضرت شيئًا أعددته مسبقًا.”

رغم أن كل الأنظار كانت تنهال عليها، لم تبدُ عليها أي علامة ارتباك.

صفّقت أراسيلا مرةً واحدة وابتسمت بلطافة، بينما راقبها النبلاء في حيرة وهي تخرج حقيبةً من تحت الطاولة.

كان لوكاس وداميان الوحيدين اللذين راقبا أراسيلا بهدوء وهي تفتش في الحقيبة.

وبعد قليل، أخرجت زجاجةً تحتوي على سائلٍ غريب اللون، مزيجٍ بين الوردي والأزرق، وابتسمت بابتهاج.

“إنها جرعة الاعتراف، الذي عملتُ عليها مع زملائي في برج السحر لمدة عامٍ كامل.”

رِن رِن-

تأرجح السائل داخل الزجاجة مع حركة يدها صعودًا وهبوطًا.

وفيما انشغل الجميع بتأمل ذلك اللون الساحر، تابعت بثقةٍ كبيرة،

“إذا شربتم هذا، يمكننا أن نعرف فورًا من الذي يكذب، ومن الذي يقول الحقيقة.”

طَق-

وضعت الزجاجة على الطاولة بصوتٍ مسموع، فعاد الجميع إلى رشدهم.

مع ظهور جرعة الاعتراف الحقيقة هذه، التي لم تُرَ منذ عشرات السنين، بدأ الضجيج يسود قاعة الاجتماع.

تجمد فريدريك في مكانه كتمثالٍ وهو يحدّق في جرعة الاعتراف.

فبالنسبة له، الذي أطلق الكثير من الأكاذيب بالفعل، لم يكن لتلك الزجاجة أن تكون مرحبًا بها.

'إن شربتُ ذلك، فستكون نهايتي.'

وما زاد الطين بلّة، أن من أحضر الجرعة لم تكن سوى أراسيلا، وريثة برج السحر القادمة.

ومع عدم وجود أي شكٍ في قدراتها، تضاعف قلقه.

'أراسيلا……في النهاية، أنتِ من تدفعينني إلى الهاوية.'

رمقها فريدريك بنظرة مليئةً باللوم. فقد كان ينوي في سرّه إلصاق تهمة الخيانة بعائلة الدوق فاندرمير، وإنقاذها هي وحدها……لذا شعر بالخيانة.

وأثناء انشغاله بخيبته، تقدم لوكاس بجرعة الاعتراف نحو الإمبراطور واقترح بكل احترام،

“جلالتك، ما رأيك أن نستخدم جرعة الاعتراف هذه لكشف الواقع؟”

وفور سماع لذلك، رفع فريدريك رأسه فجأة ووقف محتجًا بشدة.

“كيف يمكن أن أصدق ذلك؟ جرعة الاعتراف توقف إنتاجها منذ وقتٍ طويل بعد أن انقرضت المادة الرئيسية!”

“لكن برج السحر اعترف رسميًا بإحياء الزهرة الرئيسية، ديلاي، التي تُستخدم في تحضيره. يبدو أنك لم تجد الوقت لقراءة الصحف في ظل انشغالك، فريدريك.”

رد لوكاس مبتسمًا برقة، بينما كان فريدريك مشغولًا بالاجتماعات في القصر ولم يكن لديه وقتٌ للاطلاع على الصحف مؤخرًا.

لكن فريدريك كان يعلم أن التراجع في هذه اللحظة يعني نهايته، فصدم الطاولة بعنف،

“ومع ذلك، لا يمكنني تصديقه! من يضمن ألا تكون هناك آثارٌ جانبية؟ هل ستشربه دون أن تعرف؟”

“إذاً دعني أشربه أولًا. إذا تأكدتُ من عدم وجود أي آثار جانبية، ستشربه أنت بعد ذلك، فريدريك. هل هذا مقبول؟”

“ماذا……؟!”

دون أن يتمكن أحدٌ من منعه، فتح لوكاس الغطاء وشرب الجرعة بالكامل. و كان فريدريك ينظر إلى المشهد بدهشة.

بعد أن أنهى لوكاس الزجاجة بالكامل دون أن يترك قطرةً واحدة، استدار نحو الإمبراطور وطلب بأدب،

“جلالتك، هل يمكنكَ أن تسألني مباشرة؟”

“همم، حسنًا.”

وافق الإمبراطور بسرور وهو يراقب ابنه، فقد كان يعلم أن النجاح في تطوير جرعة الاعتراف سيكون ذا فائدة كبيرة له أيضًا إذا تحقق.

ثم نظر الإمبراطور إلى الابن الأكبر، الذي لم يختلف كثيرًا عما كان عليه قبل شرب الجرعة، وبدأ في سؤاله ببطء.

“ما اسمكَ؟”

“أنا فريد-”

لكن لوكاس الذي كان على وشك الرد بالكذب توقف فجأة، و شعر بلسانه يخرج عن السيطرة، وتجعد جبينه الوسيم.

“اسمي لوكاس.”

“كم عمركَ؟”

“عشرون……أه، أربعةٌ وعشرون.”

كلما حاول لوكاس قول كذبة، كانت شفتيه تتحركان مرارًا وتكرارًا ليقول الحقيقة.

فتحدث الإمبراطور وهو يراقب عن كثب،

“من الآن فصاعدًا، عليكَ أن تجيب بالحق فقط.”

“نعم، جلالتك.”

“متى علمتَ عن خيانة ولي العهد؟”

“منذ العام الماضي.”

“إذاً لماذا لم تخبرني بذلك في وقتٍ مبكر؟”

حتى مع السؤال الحاد الذي وُجه إليه فجأة، أجاب لوكاس بثباتٍ دون تردد.

“لأن الأدلة كانت غير كافية، كان من المحتمل أن أتعرض للاتهام بدلاً من ذلك إذا قمتُ بالإبلاغ. و كان يجب أن أتمسك بالفرصة عندما تكون مؤكدة، أليس كذلك؟”

كان جوابه مليئًا بالثقة، مما جعل الإمبراطور يبتسم ابتسامةً خفيفة.

كان ذلك بمثابة اكتشافٍ جديد للابن الأكبر الذي بدا في السابق بلا طموح وكأنه عاطل.

وبدأ الفضول الذي كان يظهر على وجه الإمبراطور يتحول إلى إيمانٍ بجرعة الاعتراف.

“يبدو أن جرعة الحجاعتراف فعالةٌ بالفعل.”

“جلالتك، فهل تسمح لنا باستخدام جرعة الاعتراف؟”

“حسنًا.”

بمجرد أن حصلول على إذن الإمبراطور، أخرجت أراسيلا من حقيبتها زجاجةً أخرى من جرعة الاعتراف. وعندما رأى الجميع الزجاجات التي تتوالى، تجمدت أجسادهم.

كانوا يعرفون أنه إذا تركوا الأمور كما هي، ستكون العواقب وخيمة، فبدأوا في معارضة استخدام الجرعة بحزم.

“جلالتك، لا يمكننا أن نوافق على ذلك! كيف نشربه دون أن نعرف ماذا ستكون آثاره الجانبية؟”

“انظر إلى الأمير لوكاس، أليس بخير؟”

“ربما ما شربه سموه هو الوحيد الذي لا أثر جانبي له. لكن قد تكون البقية غير صالحة أو ربما تم التلاعب بها!”

رفض فريدريك بشدة تناول الجرعة. ففي الواقع، لم يثق به على الإطلاق، لأن لا أحد يعلم ما الذي قد تم إضافته إليه.

“لقد كنت تحلم بالعرش منذ وقتٍ طويل. والآن، أنت تحاول الإيقاع بي في فخ للحصول على عرش ولي العهد!”

صاح فريدريك بعينين غاضبتين وهو يشير بأصبعه نحو لوكاس، مدافعًا عن نفسه في محاولةٍ يائسة.

“ما المصلحةٍ التي سأجنيها من التمرد؟ لقد كنت بالفعل في طريق الوصول إلى العرش، وكل ما كان عليّ فعله هو الحفاظ على الوضع كما هو!”

“…….”

“كل هذا هو مكيدةٌ من لوكاس! أرجو أن لا تقع في الفخ ياجلالتك وتصدق الحقيقة……!”

“فريدريك، هل تعتقد حقًا أنه لا يوجد سببٌ لتخطيطكَ للخيانة؟”

قطع لوكاس كلام فريدريك بحزم، ثم ألقى عليه نظرةً باردة وضحك بسخرية.

“أنت ولي العهد، لستَ الإمبراطور. إذا كنت ترغب في العرش الآن، بإمكانكَ التحضير للخيانة بكل سهولة.”

“لم أطمح لذلك أبدًا!”

“لكن الأهم من ذلك، أنه لا يوجد ضمانٌ بأنك ستبقى في مكانكَ كولي للعهد إلى الأبد.”

ظهرت ابتسامةُ سخرية واضحة على شفتي لوكاس.

فريدريك وقف هناك، وكأنه صُدم بالماء البارد، غير قادرٍ على الحركة وهو يحدق به.

“لأنكَ لم تحصل على هذا المنصب بقوتك. إنما بفضل كونكَ ابن الإمبراطورة. فقط لهذا السبب حصلت عليه. لذا، أنت قلقٌ ومذعور من أنني قد آخذ المنصب منك.”

“……لا تتحدث بالهراء. كيف لي أن أخاف منكَ، يا أخي؟”

على عكس كلامه، كان جسد فريدريك يرتجف بشكلٍ ضعيف. و قد عض شفتيه بشدة حتى امتلأت فمه برائحة الدم.

حمل لوكاس زجاجتين من جرعة الاعتراف و تحدث، وهو يحدق في شقيقه بنظرةٍ قاتلة،

“إذا كنت قلقًا بشأن ما قد فعلناه بجرعة الحقيقة، فلنشاركه معًا. إذا حدث شيء، سنعاني معًا، وإذا لم يحدث شيء، سنكون سالمين نحن الاثنان.”

"……لكنني لا، لا أريد."

رفض فريدريك، حتى أمام هذا العرض المنطقي للغاية. فنظر الإمبراطور إليه بنظرة عابسة، وفتح فمه بتعبير غير راضٍ.

“فريدريك، اشربه مع لوكاس.”

“جلالتك!”

فزع فريدريك ونظر إلى الإمبراطور بعيون مليئةٍ بالرجاء، لكنه ظل باردًا.

“هذا أمرٌ إمبراطوري. اشربه.”

“……..”

إذا رفض هنا، فسيُعتبر خيانةً للعرش.

استلم فريدريك جرعة الاعتراف من لوكاس وهو يرتجف بيديه.

بينما كان يبتلع الجرعة بنظرة كأنه يشرب سمًا، شرب لوكاس النصف الآخر من الزجاجة قبل أن يسلم ما تبقى إلى شقيقه.

عندما انتهت زجاجات الجرعة وكان الجميع جاهزًا، فطرح الإمبراطور السؤال مباشرةً مرة أخرى.

“ما اسمك؟”

“أنا لوكاس.”

“……فريدريك.”

على الرغم من أن السؤال كان مجرد اسمهما، الا آن وجه فريدريك بالفعل أصبح قاتمًا.

“كم عمرك؟”

“أربعة وعشرون.”

“ثلاث وعشرون.”

عندما انتهت الأسئلة العادية المتعلقة بالشخصية، سطع في عيون الإمبراطور بريقٌ حاد. وسأل بصوتٍ مليء بالهيبة.

“هل كذبتَ أمامي اليوم؟”

“لا."

"….أغه!"

على عكس لوكاس الذي أجاب بسرعة، كان فريدريك غير قادر على فتح فمه بسهولة. و بذل جهدًا كبيرًا لإيقاف لسانه الذي كان يتحرك ضد إرادته.

لكن جسده الذي خضع لمفعول جرعة الاعتراف رفض إرادة صاحبه. كما لو أن شخصًا آخر قد أجبره على فتح فمه، فبدأ فريدريك يجيب.

“نعم……كذبت.”

كانت كلماته متقطعة، ولكن نطقها كان واضحًا، مما جعل وجه الإمبراطور يبرد فجأة. و في نفس الوقت، بدا أن جميع أتباع ولي العهد الذين قد اصطفوا على وشك الإغماء.

“فريدريك، هل كنتَ حقًا تخطط للخيانة؟”

“……نعم، كنتُ كذلك.”

“هل اشترك معكَ من يجلس بجانبكَ؟”

“نعم.”

بمجرد أن فتح فمه، بدأت الإجابات تتدفق بسهولة. فخفض فريدريك رأسه في يأس، وظهر على وجهه ملامح الفشل التام.

“لا حاجة للمزيد من الأسئلة.”

وقف الإمبراطور غاضبًا من خيانة ابنه، وأطلق صوته القوي والعميق.

“فورًا، أزيلوا فريدريك من مكانته كوليٍ للعهد واحتجزوه في السجن! وكذلك كل من ارتبط به من المتواطئين!”

“نعم، جلالتك!”

عند تلقوا الأمر الإمبراطور، دخل الفرسان إلى قاعة الاجتماع وقيدوا مناصري ولي العهد.

عندئذ، بدأوا يركعون على الأرض ويطلبون العفو.

“جلالتك، جلالتك! لم نكن نخطط للخيانة أبدًا!”

“إنه ظلم! لم نفعل ذلك حقاً!”

“جلالتك! جلالتك، أرجوكَ، اغفر لنا!”

لكن الإمبراطور لم يعيرهم أي اهتمام، بل أشار إلى الفرسان بيده ليأخذوهم بعيدًا، كما لو كان مستاءً من ضوضائهم.

بينما كان النبلاء يصرخون بجانب فريدريك، كان هو جالسًا في مكانه بوجهٍ شاحب، بلا حركة. وعندما اقترب الفرسان، لم يُبدِ أي مقاومة، و كأنه فقد وعيه تمامًا ولم يكن لديه الوقت حتى للمقاومة.

عندما تم سحب النبلاء وفريدريك الذين استمروا في التوسل والرجاء، خيم الصمت على قاعة الاجتماع.

“اعتقلوا جميع أفراد عائلاتهم.”

“نعم، سيدي.”

“أما بالنسبة للدوق فاندرمير……”

في زاوية قاعة الاجتماع، ارتعب الدوق و الدوقة اللذان كانا يبتسمان براحة. و ظل الإمبراطور يراقبهم بصمت ثم،

“لقد غيرتما رأيكما وقدمتما شهادةً حاسمة، وبما أنكما فقدتما ابنكما بسبب الأمير، فالعقوبة ستكون خفيفة……”

في تلك اللحظة، بدأ وجه الدوق و الدوقة يضيء مع امتنان الإمبراطور.

“جلالتك، لدي ما أود قوله.”

_________________________

داميان؟ بيشهد ضد ابوه؟✨

الفصل حلو مليان اهانة لفريدريك✨

المهم يعني كذا خلصنا من فريدريك نهائي؟ مدري ليه بس احسني خايفه فيه شي بعد يمكن

باقي 4 فصول يارب كلها وردية و انا الي بس شكاكة😭

Dana

2025/04/11 · 20 مشاهدة · 2363 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025