انجرف أتباع ولي العهد المخلوع بسرعةٍ كقصب مهتز أمام العاصفة.

الإمبراطور، الذي عرف الحقيقة، بدأ بكشف كل ما كان فريدريك يخفيه حتى الآن، بهدوءٍ مخيف وبشكل متسلسل. ونتيجةً لذلك، كانت التهم الجديدة تضافُ في كل ساعة.

سواءً كان ولي العهد سابقًا أو من كبار النبلاء، فقد سُجن جميع الخونة في الزنزانات تحت الأرض. و كان الجميع يئنّون من الألم في بيئةٍ قاسية لم يسبق لهم أن عاشوها في حياتهم.

وفي الزنزانات الضيقة والمظلمة، كان صوت البكاء يتردد كل يوم.

“ههه……انتهى كل شيء. بتهمة الخيانة، سأُعدم أنا وعائلتي جميعًا……”

“أوه، أمي……كان يجب أن أستمع إلى تحذيراتكِ بعدم الطمع. أنا آسف.”

“أبلغوا جلالته أنني أقبل بالنفي إلى الشمال، فقط أريد أن يُبقي على حياتي. من سيوصل له هذا؟”

بينما كان الجميع يذرفون دموع الندم متوقعين الموت، كان فريدريك وحده جالسًا بلا حراك، مستندًا إلى الجدار على أرضيةٍ ترابية رطبة.

في الزنزانة السوداء الحالكة التي لا يتسلل إليها حتى شعاع القمر، كانت عيناه القرمزيتان تتلألآن بحدة كالياقوت.

على عكس حالته الشاردة عند القبض عليه، فقد استعاد وعيه فور دخوله الزنزانة.

'ليس بعد……لم ينتهِ الآمر بعد.'

ظل يتمتم بهذه الكلمات في داخله بلا توقف. ولم يكن ذلك كلامًا فارغًا، إذ كان لدى فريدريك حقًا وسيلةٌ أخيرة متبقية.

كان ينتظر بصبر وصول تلك الوسيلة الأخيرة. حتى عندما كان النبيل المحتجز في الزنزانة المجاورة يجهش بالبكاء، أو يلومه، أو يتمتم كالمجنون، لم يتزعزع فريدريك قيد أنملة.

وبعد يومين من سجنه، جاء الشخص الذي كان فريدريك بانتظاره.

كرييييك-

في هدوء الفجر، فتح أحدهم باب السجن الأرضي بحذر.

الرجل الذي تقدم وهو يحمل مصباحًا بيدٍ واحدة لم يكن سوى جوزيف ميلر.

“سموك، إنه أنا. جوزيف ميلر.”

عندما وصل إلى زنزانة فريدريك، همس بصوتٍ خافت.

“أحضرتُ جلالة الإمبراطورة.”

توهجت عينا فريدريك، اللتان كانتا مغمضتين كأنهما مرهقتان، على الفور. وبدت نظراته تلمع بحرارة غريبة.

“أمي……أتيتِ؟”

“آه يا ولدي، ما هذا الحال الذي وصلتَ إليه؟”

خلعت الإمبراطورة، التي تبعت جوزيف خفيةً وهي ترتدي رداءً يغطيها، قبعتها وعيونها تلمع بالدموع.

لامست بلطف وجنتي ابنها الذي هزل جسمه في تلك الفترة، وكان في لمستها حنانٌ مؤلم.

لكن ما كان يهم فريدريك الآن لم يكن دموع أمه.

“أحضرتِ كل شيء كما خططنا، صحيح؟”

“آه، طبعًا. كيف لي أن آتي هكذا فقط وأنتَ على وشك الموت؟!”

“شكرًا لكِ……كنت أعتمد عليكِ وحدكِ.”

انتشرت ابتسامةٌ مشرقة على شفتي فريدريك. فأمرت الإمبراطورة جوزيف بأن يحرر ابنها.

طَق-

فتح جوزيف الباب بالمفتاح الذي سرقه، وسلّم فريدريك رداءً أسود. ثم خرج الثلاثة بهدوء من السجن الأرضي.

كانت خطواتهم سريعةً وهم يتحركون مختبئين تحت ستار الليل.

قبيل بزوغ الفجر، وصلوا بالكاد إلى أطراف العاصمة. و كان هناك فرسانٌ مصطفّون يرتدون زِيًّا يحمل شعار البومة القرناء.

“هاه، لقد اجتمع فريقي!”

تمتم فريدريك بصوتٍ يملؤه الفرح. فقد كان قد طلب من والدته مسبقًا، في حال تم القبض عليه، أن تستدعي البومة القرناء قبل دخوله اجتماع البلاط.

كانت الوسيلة الأخيرة التي خطط لها فريدريك هي، ببساطة، إشعال تمردٍ حقيقي.

وبالفعل، عندما علمت الإمبراطورة بأمر اعتقال ابنها، سارعت إلى استدعاء جوزيف ميلر، وجمعت قوات البومة، واشترت الحراس لتُترك البوابة الشمالية للقصر مفتوحة.

ولأن التهمة بالتآمر على التمرد لم تُثبت بعد على الإمبراطورة أو جوزيف، تمكنوا من تنفيذ الخطة.

لكن كان من المؤكد أن الأمر سينكشف قريبًا، لذا كان عليهم التحرك بسرعة.

“نحن مستعدون لتغيير مجرى التاريخ تحت قيادتك، يا سمو الأمير.”

قال جوزيف ذلك بجدية وهو يجثو على ركبةٍ واحدة. فضحك فريدريك ضحكةً عالية، وربّت على كتفه بحماس.

“حقًا، ولاءٌ وعزيمة تليق بقائد الفرسان الإمبراطوريين القادم.”

“إنه لشرفٌ عظيمٌ لي، يا سمو الأمير!”

“إذاً، فلنذهب وننتزع التاج!”

قفز فريدريك إلى صهوة جواده بخفة.

لقد جمع الجنود والأسلحة من أجل هذه اللحظة تحديدًا. وعلى الرغم من أنه كان يخشى هذا اليوم في داخله، إلا أن اقترابه جعل قلبه يشعر بارتياحٍ غريب وحماس متصاعد.

قبض فريدريك على لجام الحصان بقوة.

سيقتحمون القصر من خلال البوابة الشمالية، ويستولون على العاصمة ويغيّرون مجرى الحكم.

'صحيح أن غياب قوات الدوق ليستر مؤسفٌ بعض الشيء……'

لكنه لم يندم، فالدوق ليستر أصبح في حالةٍ يُرثى لها، لذا قرر التخلي عنهم دون تردد.

وكان تخلّيه الجريء عن النبلاء الذين تآمروا معه في البداية هو ما أتاح له هذه الفرصة التالية. فلو حاول إخراجهم جميعًا، لكان من المحتمل أن يُكشف أمره.

“يا سمو الأمير، سيفكَ.”

“صحيح.”

ثبّت فريدريك سيفه عند خصره وتقدّم بالصفوف لقيادة فرقة البومة القرناء، بينما كان جوزيف ميلر يسير بجانبه كذراعه اليمنى، يحيطه بثقة وصلابة.

أما الإمبراطورة، التي لم تكن ستفيد كثيرًا في المعركة، فقد عادت إلى القصر مسبقًا، متعهدةً بأن تضغط من الداخل عند بدء هجوم قوات التمرد.

انطلق فريدريك نحو القصر قبل أن تشرق الشمس تمامًا وتملأ السماء بضوئها. وسارت خلفه فرقة البومة القرنلء بهدوءٍ تام، متقدمةً بخطواتٍ صامتة وسرية.

'سأثبت بنفسي أن عرش الإمبراطورية يخصني……وأنني أهلْ له!'

عض على شفتيه ودفع حصانه لينطلق أسرع.

بدأت الشمس بالبزوغ تدريجيًا، ووهجها المشرق ألقى أشعته على كتفيه.

كان الصباح لا يزال باكرًا، ومن بعيد ظهرت البوابة الشمالية، خاليةً تمامًا من الحراس. فابتسم فريدريك بثقة وأصدر أمره الحاسم،

“استعدّوا للقتال!”

“نعم، سمو الأمير!”

استلّت فرقة البومة القرناء سيوفها. و كانوا على وشك اقتحام البوابة وبدء معركة العرش.

دَرررر-كُوونغ-

لكن، فجأة، فُتح الباب الشمالي.

“……؟!”

شدّ فريدريك لجام حصانه من الصدمة، فتوقّف بسرعة، وتبعه الجميع بتوقفٍ فوضوي مفاجئ.

هبت نسمةٌ دافئة تُنذر بقدوم الربيع، ومعها ارتفعت سحابةٌ من الغبار حجبت الرؤية. ومن خلال الغبار، بدأت تظهر ظلالٌ سوداء مهيبة تثير التهديد.

تجمّدت ملامح فريدريك في لحظة. فحين تلاشى الغبار، ظهرت وجوه الذين خرجوا من البوابة المفتوحة.

في الوسط وقف الأمير لوكاس، وعن يمينه داميان فاندرمير، وعن يساره قائد فرسان القصر بين ديارك.

وخلفهم كانت فرقة الفرسان الملكية وفرقة الصقور الحمراء مصطفّتين، بعدد يفوق بكثير قوة فرقة البومة القرناء.

“لم أظن قط أنك ستتخذُ هذا القرار الأحمق فعلًا، يا صاحب السمو ولي العهد المعزول.”

تحدث بين ديارك بصوتٍ جهوريّ يملؤه التوبيخ.

ارتبك جوزيف ميلر، وبدت على وجهه علامات الصدمة والخوف حين رأى قائده الأعلى.

“أنتم……كيف……؟”

“آه، فريدريك……هل ظننتَ بأن خدعتكَ السطحية ستنطلي علي؟”

قال لوكاس ذلك وهو ينقر لسانه بأسى.

كان من الواضح جدًا ما سيكون خيار فريدريك الأخير حين يُحاصر، لذا وضعوا الإمبراطورة تحت المراقبة من البداية.

فهي كانت آخر خيطٍ يمكن أن يتمسك به فريدريك، وهذا ما جعلهم يشكّون ويتأهبون ما إن بدأت تحركاتها المشبوهة تظهر.

“إذا استسلمت الآن، سأترك حياتكَ، و بالطبع، لن تستطيع وضع أقدامكَ على هذه الأرض مرة أخرى.”

تحدث لوكاس وهو يرفع ذقنه، مُعطيًا آخر فرصةٍ للرحمة.

و على عكس تصرفاته السابقة المملوءة بالهزل، كان يبدو الآن مهيبًا ويصلح ليكون ولي العهد القادم.

تخيله فريدريك وهو يرتدي التاج ويصبح إمبراطورًا، يسيطر على العالم، رؤيته كانت تلوح أمامه.

'تبا، كان مفترضًا أن يكون هذا المكان لي!'

عض فريدريك على شفتيه بمرارة. كان من المفترض أن يكون هو من يتخذ القرارات ويمنح الفرص للآخرين، ولكن الأمور كانت تتدهور بشكلٍ خاطئ.

لم يستطع فريدريك أن يتحمل أكثر، فصرخ،

“لا تضحك على نفسكَ، يا أخي! يبدو أنك نسيت نفسك وأنت غارقٌ في الغرور، لكنك لا تملك القدرة على تحمل ثقل العرش!”

“لم أكن أعلم أن أخي أصبح يتقن تقديم نفسهِ بهذه الطريقة. ذلك رائع، أليس كذلك؟”

قال لوكاس ذلك وهو ينظر إلى بين ديارك وداميان، وأجاب بثقة.

ثم انفجر الضحك من جانبهم جميعًا.

شعر فريدريك بالحرج والغضب مما اعتبره سخرية، واحمر وجهه من الغضب.

“لن أكرر كلامي مرة أخرى. من يستسلم الآن سينجو بحياته، لكن من يرفض سيُنفّذ فيه حكم الإعدام فورًا!”

صرخ لوكاس باتجاه فرقة البومة القرناء، وهو يتحدث بجدية. فبدأ الاضطراب يتسلل بشكل بطيءٍ ولكن واضح بين صفوفهم.

شعر فريدريك بهذا التوتر وأصبح وجهه أكثر عبوسًا.

“لا تتراجعوا! على أي حال، إذا كانت التهمة هي الخيانة، فالإعدام مصيرنا! فكروا فقط في الانتصار وتحققوا من النصر! بذلك سننجو!”

“كلام سمو الأمير صحيح! فلنثبت قوتنا جميعًا!”

أضاف جوزيف ذلك وهو يعزز كلمات فريدريك، موجهًا فرسانه لإعادة ترتيب صفوفهم.

بينما كان لوكاس يراقب المشهد، همس،

“حتى لو شدّوا عزيمتهم مئة مرة، لن ينقلب الوضع لصالحهم، إنهم يبذلون جهدًا بلا فائدة.”

“ألا تظن أنه قد حان الوقت لإنهاء هذا، سمو الأمير؟ ألا يوجد اجتماعٌ في القصر في الصباح؟”

تحدث داميان، فأومأ لوكاس برأسه موافقًا، وهذا كان إذنًا للانطلاق.

بتلك الإشارة من القائدين، سحب فرسان القصر وفرسان الصقر الأحمر سيوفهم. وفي نفس اللحظة، انطلقت فرقة البومة القرناء بهتافٍ حماسي نحوهم.

“اقضوا على الخونة الذين يهددون مستقبل الإمبراطورية وأمن القصر!”

“لن نترك أحدًا منهم واقفًا!”

قادة الفرسان بين ديارك وداميان قادا فرقهما لملاقاة قوات المتمردين.

ترددت صوت اشتباك السيوف الحادة في كل مكان. و أصبح الفرسان الذين كانوا على الخيول ينزلون بسرعة ويواجهون الأعداء وجهاً لوجه بأسلحتهم.

كان فريدريك يلوّح بسيفه عشوائيًا وهو يصرخ بحماس.

“تقدّموا! تقدموا بلا تراجع!”

“احموا ولي العهد وواصلوا التقدم!”

و صرخ جوزيف وهو يرافقه، مُعطيًا أوامر إضافية.

انطلقت فرقة البومة القرناء بهتافاتٍ حماسية، وبدأت في الهجوم بقوة نحو البوابة الشمالية.

في البداية كانت المعركة متكافئة، ولكن بعد فترة بدأت تميل لصالح العدو. فبجانب التفوق العددي، كان الفريق الآخر الذي تدربوا معًا لفترة طويلة يمتلك تفوقًا كبيرًا في المهارة مقارنةً بفرقة البومة القرناء التي تم تشكيلها حديثًا.

“لا تتراجعوا! حتى في الموت، يجب أن تأخذوا معكم أحدًا!”

بينما كان فريدريك يراقب فرسانه وهم يتعرضون للضغوط بشكلٍ متزايد، بدأ يشعر بالارتباك. و كان يحاول جاهدًا إيجاد طريقٍ للهروب وتغيير سير المعركة.

وفي وسط هذه الفوضى، وسط الفرسان المتصارعين، كان هناك رجلٌ يقف شامخًا، يراقب فريدريك عن كثب.

كان الرجل ذو المظهر الرائع والجسد الضخم القوي، محاطًا بهالة من قوة سيد السيف.

عندما التقت أعينهم، صَكّ فريدريك أسنانه بغضب وهدد.

“داميان فاندرمير!”

صرخ فريدريك مثل الوحش، قافزًا عن حصانه وهجم عليه. لكن داميان لم يتحرك بل وقف في مكانه، متأملًا إياه بنظرةٍ هادئة. و هذه اللامبالاة جعلت فريدريك يغلي غيظًا.

منذ أن ظهر هذا الرجل، بدأت حياة فريدريك تتقلب. لو لم يسلب داميان فاندرمير امرأته منه.

المرارة التي كانت بداخله بدأت تغلي مثل الحمم البركانية. فهاجم فريدريك بكل قوته، مضغوطًا على سيفه.

“مُت!”

“أنت بطيءٌ جدًا لتحقيق ذلك.”

كان سيف فريدريك، الذي تعلم فنون المبارزة في القصر مثل نباتٍ في دفيئة، سهلًا للغاية بالنسبة لداميان، الذي جاب ميادين الحرب.

ابتسم داميان ابتسامةً خفيفة وأدار جسده بسهولة. قمرّ سيف فريدريك في الهواء، وسقط فريدريك على وجهه بسبب عدم قدرته على التحكم في مركز ثقله.

“آآآآه!”

انهار فريدريك بشكلٍ قبيح، غاضبًا من نفسه.

كان يشعر وكأنّه سيموت من الغضب قبل أن يُحاكم بتهمة الخيانة.

قفز فجأةً واقفًا وهاجم داميان بكل قوته. شدّ أسنانه ودار بسيفه. لكنّه لم يتمكن من إصابة داميان بأي هجومٍ فعال، وسقط مرة أخرى على الأرض.

“هاه! هااه!”

“هل تعبت بالفعل؟”

سأل داميان، الذي كان يراقب الوضع بقليلٍ من اللامبالاة، وهو يضع يديه خلف ظهره. فقد كان يتعمد عدم مقاومة هجمات فريدريك، مستمتعًا بالإحراج الذي كان يتسبب فيه.

“اخرس! أيها اللعين……”

استند فريدريك على سيفه مثل عصا وهو ينهض بصعوبة. لكنه بدأ يشعر بفارق المهارة بشكلٍ واضح، ومع مرور الوقت بدأ يفقد ثقته في هجماته.

إذا قرر داميان تغيير رأيه والرد، فسيكون فريدريك في موقفٍ لا مفر منه وسيواجه الموت حتمًا. وعندما أدرك ذلك، لم يعد قادرًا على الهجوم بحذر.

بينما كان فريدريك يصر على نفسه بغضب، التقطت عينه شخصًا مألوفًا.

"قريبًا سيكون كل شيء قد انتهى.”

لم يكن يعرف متى وصلت، لكن أراسيلا كانت تقاتل على ظهر حصانٍ بجانب لوكاس، تراقب المعركة.

كانت ترتدي زيًّا من برج السحرة، وشعرها مربوطٌ عالياً في تسريحةٍ أنيقة، وكان وجهها يلمع بشكلٍ ناعم.

بدت هادئةً تمامًا، بلا أي قلق أو هم.

'……من أجل من أفعل هذا؟'

شعر فريدريك بالغضب يتصاعد داخله، و صاح باسمها بنبرةٍ ملؤها اللوم.

“أراسيلا هوغوووو!”

كانت أراسيلا تنظر بالفعل إلى داميان، فحولت بسهوله نظرها نحو فريدريك.

صديقها الذي كان يومًا مشهورًا بذكائه وهدوئه، أصبح الآن متعفنًا بالطمع والكبرياء، حتى فقد إنسانيته وأصبح يتدحرج على الأرض في حالةٍ يرثى لها.

فتحت أراسيلا فمها بأناقة،

“اسمي أراسيلا فاندرمير، يا صاحب السمو المعزول.”

"……!"

حتى في هذه اللحظة، لم تستطع كبح نفسها عن وخزه بالكلمات، ما جعل فريدريك ينفجر غاضبًا ويصرخ،

“كل هذا بسببكِ، أراسيلا!”

“بسببي؟”

“نعم، لو أنكِ فقط نظرتِ إليّ، لما كنتُ وصلت إلى هذا الحال!”

رفعت أراسيلا سبابتها وأشارت إلى نفسها، ثم أطلقت ضحكةً ساخرة.

'يا له من هراءٍ جديد مبتكر.'

لكن فريدريك بدا جادًا، وهو يضرب الأرض بقبضته ويصرخ مظلومًا بطريقته الخاصة.

“لِم لم تتراجعي عن تلك الحماقة التي قلتها في الأكاديمية، بأنكِ لن تواعدي أحدًا لأنكِ تريدين أن تصبحي سيدة برج السحر؟ لو لم تقولي تلك الكلمات السخيفة، لما اضطررت إلى اختيار التمرد……!”

“….…”

“كنت أرغب فيكِ، ولهذا أردت أن أصبح إمبراطورًا. كنت أظن أنني إن أصبحت الإمبراطور، فسأتمكن من امتلاككِ!”

من الخارج، بدا وكأنه يحترم رغبة أراسيلا بأن تبقى عزباء كسيدةٍ للبرج، لكن حقيقته كانت مختلفةً تمامًا.

لأنه كان يعلم أنه إن أصبحت فعلاً سيدة البرج، فلن يستطيع امتلاكها حتى ولو كان ولي العهد، لذا بدأ يستعجل في تسلم العرش.

ذلك التوتر والقلق هو ما دفع فريدريك إلى سلوك الطريق الخطأ.

رفع رأسه فجأة وحدّق بأراسيلا بعينين دامعتين، معترفًا بمرارة،

“أنا……أنا فقط أحببتكِ، هذا كل ما في الأمر!”

نظرت إليه أراسيلا بنظرةٍ مشبعة بالشفقة والاشمئزاز. فقد بدأت تدرك أن لا قاع لانحدار بعض البشر.

تنهدت بعمق، ثم نزلت من على صهوة حصانها وتقدّمت نحوه بخطى ثابتة.

لوّحت بعينيها لداميان لتمنعه من التدخل، ثم توقفت على مسافةٍ مناسبة منه.

“هكذا إذاً، فريدريك. لقد فهمت مشاعركَ جيدًا.”

ارتجف كتف فريدريك حين سمع صوتها الهادئ الذي لم يسمعه منذ زمنٍ طويل. بينما أكملت أراسيلا كلامها بنبرة باردة،

“لكن اسمع……لو لم يبق في هذا العالم غير رجلٍ واحد و هو أنت، وامرأة واحدة و هي أنا.”

“….…”

“فأنا أفضل أن أموت……على أن أكون معكَ.”

“…..!”

__________________________

انا كنت انتظر اعتراف داميان واراسيلا

الواقع: اعتراف فريدريك

يقهر مستفز مجنون مايفهم

خلص الفصول عشان مرضه النفسي ذاه😭

بس يخوف شكل الحرق الي شفته صدق؟ لاا مابي

باقي فصلييين يالمؤلفه اصحي بس الصراحه ضحكت يوم طاح فريدريك كأنه حشرة عند داميان😂

Dana

2025/04/11 · 20 مشاهدة · 2156 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025