"آه......"
تنهدت أراسيلا بصوتٍ خافت. كان ذلك جزءًا قد نسيته تمامًا طوال الوقت.
لو فكرت في الأمر، حتى عندما طلب دِاميان الطلاق قبل خروجه إلى الحرب، كانت قد منعت ذلك بالإشارة إلى ذلك البند.
وعلى الرغم من أنها كانت تعلم ذلك بالفعل، الا أنها حاولت أن تخفي خيبة الأمل التي تسللت إلى داخلها، وتظاهرت بعدم المبالاة وهي تسأل،
"......إذًا، هل سنطلّق الآن؟"
"أتمنى أن نتخذ قرارًا لا نندم عليه."
أجاب داميان بجدية. و بدا وجهه حازمًا بطريقةٍ ما.
ولأنه بدا وكأنه قد اتخذ قراره بالفعل، بذلت أراسيلا جهدًا كبيرًا لكبح مشاعر الاستياء التي كانت تتصاعد في داخلها. شيء مثل: "إذًا لهذا السبب أبقيتني هنا، أليس كذلك؟"
"إذاً، ما رأيكِ في أن يأخذ كلٌ منا وقته للتفكير، ونلتقي بعد أسبوع؟"
".....حسنًا."
كان من الصعب رفض الاقتراح المهذب بجفاء، فاكتفت بإيماءة من رأسها. عندها ابتسم داميان ابتسامةً بدت وكأنها تعبر عن ارتياح.
وبعد أن غادر، غرقت أراسيلا في تفكيرٍ عميق وحدها.
هل حان وقت الطلاق بالفعل؟
كانت منشغلةً فقط بإسقاط فريدريك وعائلة الدوق فاندرمير، فلم تضع خطةً لما بعد انتهاء المهمة.
ربما حان الوقت لوضع تلك الخطة الآن.
بدأت أراسيلا تنظر بتمعن الى ما بداخل قلبها لتعرف ما الذي تريده حقاً. فالوضع الآن مختلفٌ تماماً عمّا كان عليه عندما طُلب منها الطلاق في المرة السابقة.
في ذلك الوقت، لم يكن أمامي خيارٌ سوى البقاء إلى جانب داميان، لكن الآن، حتى لو لم أكن موجودة، سيعيش داميان حياته بشكلٍ جيد.
وهذا يعني أن احتياجات كلينا وفهمنا لبعضنا قد تحققا، لذا، إن افترقنا الآن، فستبقى سنتا الزواج ذكرياتٍ جميلة فقط.......
'لكنني لا أريد الانفصال عن داميان.'
حتى لو لم يعد بحاجةٍ إليها، لم تكن أراسيلا ترغب في الطلاق، لأنها لم تحبه بسبب حاجتها إليه.
صحيحٌ أنها فكرت في وقتٍ ما بجدية في الطلاق من داميان من أجل مستقبلها، لكن الآن، بدا ذلك كلاماً لا معنى له.
فمن قال إن الحب والعمل لا يمكن أن يجتمعا؟
كانت مشاعر أراسيلا تصبح أكثر رسوخاً وثباتاً. ورغم أنها لا تعرف موقف داميان، إلا أنها لم تكن تنوي بعد الآن خداع مشاعرها أو التخلي عنها.
'لا يمكن أن نستمر هكذا. إما أن أطلب منه ألا نتطلّق، أو نتطلّق ثم نبدأ علاقة حب، أليس كذلك؟'
لكن، كان هناك أمرٌ يجب أن تفعله أولاً.
كان عليها إنهاء الأمور مع الشخص الوحيد الذي كان يعرف بأمر هذا الزواج العقدي.
***
بسبب كثرة من يأتون لزيارة أراسيلا، لم تُغلق أبواب منزل الماركيز هوغو أبداً.
توالى على زيارتها أصدقاؤها من المجتمع الأرستقراطي وعلى رأسهم باولا، وكذلك العاملون في برج السحر.
وكانت صاحبة أعلى مكانةٍ من بين الأوائل، هي الدوقة كيستون الكبرى، ومن الثاني، سيد البرج فيليب.
ولأن تلميذته غير قادرة على التحرك بسهولة، جاء فيليب بنفسه إلى منزل الماركيز هوغو.
"هوهوهو. أراسيلا، هل أنتِ بخير؟"
"نعم، سيدي سيد البرج. شكرًا لاهتمامكَ."
جلست أراسيلا على الأريكة بعدما استعادت جزءًا من عافيتها وتمكنت من مغادرة السرير لاستقبال فيليب.
مرّر فيليب يده على لحيته،
"لم أرَ في حياتي تلميذًا عاش تقلبات الحياة مثلكِ."
"حقًا؟"
"هوهو، لو كنتِ ابنتي، لَفَسدت أعضائي الداخلية من القلق. ألم تسمعي مثل هذا الكلام من قبل؟"
"سمعته كثيرًا منذ أن كنتُ صغيرة."
ضحك فيليب ضحكةً عالية وارتشف رشفةً من الشاي، ثم وضع الكوب بهدوء وسأل بصوت هادئ،
"يبدو أن لديكِ ما تقولينه لي. لا تترددي، تكلّمي."
"......لا يمكنني أبدًا خداع عينيكَ، أستاذ."
ابتسمت أراسيلا ابتسامةً خفيفة وقد أصابها في صميم تفكيرها، إذ كانت تجهز ما ستقوله في داخلها، ثم اعتدلت في جلستها وفتحت شفتيها بوجهٍ جاد،
"هل تتذكر ما قلته لي سابقًا؟ قلتَ أن مشاعر الإنسان أقوى من السحر."
"نعم، قلت ذلك......ألم يكن ذلك عندما قلتِ بأنكِ ستطلبين الطلاق إن ورث زوجكِ اللقب؟"
استعاد فيليب الموقف بسهولة، ونظر إلى أراسيلا بنظرة غامضة، كانت ملامح تلميذته حينها مختلفةً تمامًا عن التي أمامه الآن.
لم تعد هناك غطرسة الأحكام المتسرعة تجاه أمورٍ لم تعشها من قبل، بل حلّ محلها بريق عينين صلبتين اكتسبتهما من التجربة.
راقبها فيليب بنظرةٍ فاحصة، ثم ألقى بكلماتٍ كأنها طُعْم ليختبر رد فعلها.
"آه، صحيح......سمعت أن زوجكِ أصبح دوقًا، إذًا ستطلّقينه قريبًا، أليس كذلك؟"
"لن أطلقه."
رنّ صوتها الصافي بثباتٍ دون تردد، فتأملها فيليب بصمت.
وبدورها، نظرت أراسيلا في عينيه دون أن تحيد بعينيها، وتحدثت بهدوء.
"أعتذر لأني لم أتمكن من الوفاء بكلمتي التي قلتها أمامكَ يا أستاذ، لكنني لم أعد أعتقد أن مشاعري تجاه شخصٍ ما يمكن أن تعيق طريقي."
"......لقد تغيّرتِ، أراسيلا."
"لا، بل نضجت."
كانت تعلم تمامًا كم هو جريءٌ أن تقول مثل هذا الكلام أمام أستاذها، ومع ذلك حافظت أراسيلا على موقفها بثبات.
لأنها كانت تؤمن بصدق أن الوقت الذي قضته مع داميان جعلها إنسانةً أفضل.
"حتى لو واصلتُ حياتي الزوجية كما هي، فلن أترك برج السحر أبدًا، وسأؤدي واجباتي كسيدة البرج على أكمل وجه."
كان في صوت أراسيلا حين قالت ذلك قوةٌ نابعة من ثقةٍ حقيقية، على عكس الماضي، حين كانت تعتقد أن الحب قد يفسد عملها.
"وإذا شعرت يا أستاذ أنني لم أعد جديرةً بمنصبي بسبب تغيّر موقفي، وأردتَ استعادة منصب الوريثة، فسأقبل بذلك دون اعتراض."
"......."
"وسأُثبت جدارتي من جديد وأستعيد ذلك المنصب بقدراتي."
أعلنت أراسيلا طموحها بهدوء ولكن بثقةٍ تامة، فابتسم فيليب بخفة وهو يصغي إلى كلماتها بصمت.
لقد خسر العديد من تلميذاته بسبب الزواج، لكن، لم يكن يلومهن أو يكرههن لتركهن برج السحر من أجل عيش حياتهن.
كان يشعر بالأسى فقط. لو أنهن بقين في البرج واكتسبن مزيدًا من الخبرة، لكان ذلك كنزًا مدى الحياة.
كان يحزن على التلميذات اللاتي اضطررن للمغادرة، سواءً بإرادتهن أو رغمًا عنهن.
ولهذا، كان يريد أن يحمي أراسيلا على وجه الخصوص، كان يتمنى ألا تسلك نفس الطريق الذي سلكته الأخريات.
حتى لو سُمّي ذلك طمعًا، لم يكن بوسعه فعل شيء.
فبعض أولئك التلميذات كنّ قد تخلين عن أحلامهن دون أن يكنّ يرغبن بذلك.
لكن إذا كان هناك شيءٌ غفله، فهو أن تجنب المخاطر لا يعني بالضرورة أن يكون الشخص آمنًا، فالتغلب الحقيقي لا يكون بالهرب، بل بالتصدي مباشرةً والانتصار.
"بالضبط، هذا ما تجيدين فعله، أراسيلا."
بعد أن لاحظ قلب تلميذته، حان الوقت ليعبر فيليب كأستاذٍ عن موقفه. فجذب لحيته البيضاء والكثيفة ثم تحدث.
"أراسيلا، حتى وإن تحول زواجك المزيف إلى زواجٍ حقيقي، فلن يتغير منصب الوريث."
"هل هذا صحيح؟"
"لم أختركِ لتكوني خليفةً البرج بسبب زواجكِ، بل بناءً على موهبتكِ الرائعة وإنجازاتكِ التي أظهرتها طوال الوقت."
ومع ذلك، كان قد أزعجها في الماضي بسبب موضوع الزواج، لأنه كان يعتقد أنه إذا لم تكن واثقةً من نفسها تمامًا، فمن الأفضل أن تسير على الخطة الأصلية.
لكن بما أن أراسيلا قد غيرت رأيها وأصبحت أقوى من ذي قبل، لم يعد هناك سببٌ لفيليب لمنعها.
"إذا كنتِ ستسيرين بحياتكِ في اتجاهٍ أكثر سعادة، كيف لي كأستاذ أن أعيقكِ؟"
"أستاذ......"
نظرت أراسيلا إلى فيليب بوجه مليءٍ بالتأثر، كان رده أدفأ مما توقعت، فملأ قلبها شعورٌ دافئ.
شرب فيليب شايه بهدوء ثم قال لأراسيلا الكلمات التي لم يكن قد قالها بعد.
"الآن يمكنني أخيرًا أن أهنئكِ بالزواج. مبروكٌ لكِ، أراسيلا. أتمنى أن تؤسسي عائلةً سعيدة."
"شكرًا لك، أستاذ. لكن هذا ما في قلبي، وقد لا يكون اختيار داميان مثل اختياري، لذلك قد نتطلق."
"أوه."
"لكن ذلك لا يعني أنني سأخفي مشاعري. في النهاية، سواءً كان حبًا أو عملًا، يجب على الشخص أن يحقق ما يريد، أليس كذلك؟"
ابتسمت أراسيلا ابتسامةً خفيفة، وكأنها تذكر الأيام التي كانت مليئةً بالعزيمة والإصرار في طفولتها.
"هوهوهو، لقد كبرتِ جيدًا."
همس فيليب بابتسامةٍ رضا.
كانت أشعة الشمس الدافئة تتدفق من خلال النافذة، تغمر المعلم وتلميذته. وكانت تلك الأشعة كأنها تغسل هموماً لم تكن موجودةً من قبل.
***
على مدى أسبوع، بذلت أراسيلا قصارى جهدها لاستعادة صحتها. وكانت تشرب الأدوية التي حضرها لها رودي ثلاث مراتٍ في اليوم.
و بفضل ذلك، عندما جاء يوم الموعد، تحسنت حالتها بما يكفي لتتمكن من الخروج. و بالطبع، كان يجب عليها ألا تبالغ في الجهد، لكن مجرد شعورها براحةٍ أكبر في تحركها كان كافيًا.
"أودري، هل يمكنكِ أن تزينيني بما يتناسب مع الربيع؟"
"نعم، سيدتي! اتركي الأمر لي!"
عندما سمعت أودري خبر موعد الزوجين، أضاءت عيناها ورفعت أكمامها بحماس. و بفضل لمساتها المليئة بالاندفاع، أُعيد تجميل أراسيلا بشكلٍ رائع.
كانت ترتدي فستانًا أصفر زاهيًا، وكأنها زهرة الربيع التي تفتحت في الحقل. وأخذت معها مظلةً مزخرفة بالدانتيل، وخرجت من المنزل.
كان وجهتها هي ساحة تدريب فرقة الفرسان الصقر الحمر.
اكتشف الفرسان الذين كانوا مصطفين استعدادًا للتدريب دخولها الهادئ بسرعة، وحيّوها بحرارة.
و بين الوجوه المألوفة، ظهر إيزيك بسرعة وتقدم نحوها.
"سيدتي، ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟"
"أتيتُ لمقابلة داميان. لقد تواصلتُ معه مسبقاً، أين هو؟"
سألت أراسيلا وهي تتفقد ساحة التدريب، فأجابها إيزيك ملوّحًا بيده.
"القائد لم يخرج بعد. من الأفضل أن تذهبي إلى مكتبه......"
"آه، يبدو أن المسؤول كسولٌ قليلاً؟ أم أنه ينام كثيراً أثناء النهار."
اتسعت عينا إيزيك للحظة من كلام بدا مألوفاً بطريقة ما، ثم انفجر ضاحكاً ضحكةً عريضة.
لا عجب أن مظهر أراسيلا اليوم بدا مألوفاً له. كان شبيهاً بما كانت عليه عندما جاءت لأول مرة للقاء داميان.
خلافاً للّقاء الأول الذي اشتبكت فيه معه بسبب كلماتها الصريحة، هذه المرة رفع إيزيك يده بخفة إلى فمه وهمس.
"قائدنا كذلك بالفعل أحياناً. أرجو أن تتفهمي ذلك، سيدتي."
"حسناً، خذني إلى داميان."
"سأصطحبك إليه فوراً."
غمز إيزيك بعينه وهو يقود أراسيلا إلى داخل المبنى.
وعلى الرغم من أنها تعرف الطريق جيداً الآن، تبعته أراسيلا بوقاحة دون تردد.
طرق إيزيك باب المكتب ليُعلِم بدقةٍ بوصول أراسيلا، ثم ترك خلفه تعليقاً ماكراً وهو ينسحب.
"حسناً، سأذهب الآن وأجعل الجميع يركضون خمس لفاتٍ حول ساحة التدريب."
ضحكت أراسيلا بخفة ثم فتحت الباب ودخلت. أما أودري، فبقيت خارج الباب كما في المرة السابقة.
"أنتِ هنا، زوجتي."
نهض داميان فجأةً من على الأريكة عتيقة الطراز داخل مكتبه، و رافق أراسيلا.
كانت لمسته ناعمةً وحنونة، كما لو كان يلامس دميةً زجاجية.
"احذري، إن انفتح الجراح أو ساءت حالته، سيكون الأمر خطيراً."
"لم يعد بتلك الخطورة، فلا تقلق."
جلست أراسيلا براحة على الأريكة، وجلس داميان في المقعد المقابل لها، ثم سألها بعد لحظةٍ من التردد.
"هل انتهيتِ من ترتيب أفكاركِ؟"
"نعم، رتبتها تماماً وبوضوح."
"وأنا كذلك."
إذاً، لم يكن هناك ما يدعو للتردد في الدخول إلى صلب الموضوع.
أراسيلا، التي لم تكن ترغب في المماطلة أو التلميح، فتحت فمها مباشرة،
"داميان، نحن—"
"لحظة من فضلكِ، أود أن أتكلم أولاً."
رفع داميان يده ليوقف كلامها وطلب ذلك.
لم تكن راغبةً في التوقف، لكن نظرته كان يملؤها الإلحاح، فهزّت رأسها موافقةً على مضض.
أخذ داميان نفساً عميقاً، ثم عدّل ياقة سترته، واستقام في جلسته، وبدأ يحرك شفتيه ببطء.
"أصغر سيّد سيفٍ في تاريخ الإمبراطورية، وقائد فرقة الصقر الأحمر."
"......؟"
"حديثاً، بعد القضاء على الخونة والقبض على القاتل، تولّى دوقية فاندرمير."
"......عفواً؟"
"وبجمع ثروة العائلة مع ممتلكاته الخاصة، يُقدّر مجموعها بعدة مئاتٍ من مليارات الذهب."
بدأت ملامح أراسيلا، التي كانت تحدّق بعينين مذهولتين وتطرف بجفونها ببلادة، تتغير تدريجياً.
لقد أدركت أن كلماته كانت مطابقةً تماماً لما قالته له سابقاً حين عرضت عليه الزواج كمحاولةٍ للإقناع.
ورغم أن داميان أدرك أنها فهمت الأمر، واحمرّت أذناه خجلاً، إلا أنه لم يتوقف عن الكلام واستمرى
"وعلاوةً على ذلك، وإن كان من غير اللائق أن أقوله بنفسي......لكنني لم أتلقَ يوماً تقييماً سيئاً من حيث، أحم، المظهر."
"......."
"ألا ترغبين في الإبقاء عليّ كزوجكِ بعد كل هذا؟"
لكن خطة داميان لأن يبتسم بثقة انهارت بسبب ارتجاف زوايا فمه، وفشل في إخفاء توتره. فقد كان الأمر محرجاً للغاية، فانحنى رأسه بشدةٍ من الخجل.
أراسيلا التي شاهدت ذلك عن كثب، بدأت شفتاها ترتجفان. و حاولت كتم ضحكتها، لكنها كانت تنفلت منها رغماً عنها.
مدّ داميان يده يتحسس مؤخرة عنقه التي احمرّت تماماً، ثم رفع رأسه مجدداً ونظر إلى أراسيلا متحدثاً بصوتٍ خافت،
"أنا......أحبكِ، أراسيلا."
تجمدت أراسيلا في مكانها عند سماع أول اعترافٍ يُقال لها مباشرة بأذنيها. وفجأة اجتاحها دفءٌ حارق، واحتل وجهها وأذنيها وعنقها دون تمييز.
"ألم تقولي أنكِ ترغبين في أن تصبحي سيدة برج السحر؟ سأدعمكِ بكل إخلاص."
"......."
"سأكون زوجاً من الصعب أن تجدي له مثيلاً، ذكياً، و أنيقاً، ومتفانياً. لذا، أرجوكِ أعيدي النظر في مسألة الطلاق."
نهض داميان واقترب منها، ثم جثا على ركبتيه عند قدميها، ومدّ نحوها صندوقاً صغيراً.
كان بداخله خاتم الزواج، ذاك الخاتم الذي ارتدياه يوماً بلا حب.
وقد أتى داميان بخاتم أراسيلا أيضاً بطريقةٍ ما، ومدّه إليها بكل جدية،
"أنا أحبكِ. تزوجيني من فضلكِ. وإن قبلتِ بهذا العرض، فسأعتبره جوابكِ على مسألة الطلاق."
ظلت أراسيلا صامتة للحظة وهي تحدّق به من الأعلا، وقد فقدت كلماتها.
عيناه الذهبيتان، اللتان كانت في السابق باردةً تماماً، أصبحت الآن تفيض بالعاطفة وهو ينظر إليها.
لم يستطع داميان إخفاء توتره، وظلّ يترقب ردها بقلق. و كان حلقه يجف مع كل لحظةٍ تمر، وراح العرق يتجمع في راحتيه.
وبعد لحظة صمتٍ طويلة، فتحت أراسيلا فمها أخيراً،
"قبل أن تخرج في مهمتكَ، سألتني، أليس كذلك؟ لماذا فعلتُ كل ذلك من أجلكَ؟ الآن سأخبرك."
"......."
"لأنني كنت أحبكَ."
ما إن أفرغت أخيراً ما كتمته طويلاً في قلبها، شعرت براحةٍ غامرة. فابتسمت أراسيلا ابتسامةً مشرقة ونقية لا تشوبها شائبة.
"ولهذا كنت أنوي أن أسبقكَ اليوم وأعترف أولاً لأمنع الطلاق، لكن هناك من سبقني بخبثٍ وخطف اللحظة."
كان داميان يحدّق بها بذهول، ثم بيد مرتجفة أدخل الخاتم في إصبعها.
الخاتم الذي وضعاه في حفل الزفاف، ثم نزعه كلاهما منذ ذلك الحين، عاد أخيراً إلى مكانه.
نهض داميان ممسكاً بيدها، وتمتم بهدوءٍ وكأنها زفرةٌ خرجت من أعماقه.
"حين أكون معكِ، أشعر أن قلبي لن ينجو، بكل معنى الكلمة."
"وهل تكره ذلك؟"
"أبداً، استخدمي قلبي كما تشائين. فقط لا تلمحي حتى قلبَ أحدٍ غيري."
"أنت تطلبُ ما هو بديهي."
أعاد داميان خصلةً من شعرها المتماوج خلف أذنها، ثم التقت نظراتهما.
رغبتهما في البدء من جديد، من النقطة التي انطلقت منها حكايتهما، كانت متوافقةً تماماً.
وبينما كانت أراسيلا تبتسم ابتسامةً خلّابة لم تكن أكثر إشراقاً منها من قبل، وضع داميان يده على خدها وهمس،
"أحبكِ، أراسيلا."
"وأنا أيضاً أحبكَ، داميان."
لم تتجنب أراسيلا وجهه وهو يقترب ببطء، بل تقبّلته. والتقت شفاههما بلا فراغٍ بينهما، ناعمة، وأنفاسهما المتبادلة كانت حلوةَ المذاق.
ذراعه العريضة أحاطت ظهرها، بينما ذراعاها الرقيقتان احتضنتا خصره.
ابتعدت شفاههما للحظة، وتبادلا النظرات. و بأنفيهما المتلامسين وابتساماتهما السعيدة أُعيد إليهما الدفء، فتبادلا قبلةً جديدة من جديد.
وهكذا، في أحد أيام الربيع الجميلة، بعد ظهرٍ دافئ، أصبح الاثنان زوجين حقيقيين.
كانت تلك نهاية زواجٍ تعاقدي، بدأ بدافع المصلحة لكلٍ منهما.
<النهاية>
_________________________
خلصوا😭
احلا نهايه اعترافهم يجنن عادوا مشهد اقتراح أراسيلا😭😭😭✨✨
بكيييت روايتي خلصت ليييييييش
مع ان اعترافهم جا متأخر الا اني راضيه دامه جا بذا الحلاوه
الروايه تجنن تجننننننن انفدا روي الي عطتني اياها 😔🫂
الفصول الإضافيه بتكون 3 أجزاء أول جزء 6 فصول و الثاني 8 و الثالث 6 كذا مجموعهم 20
شوي مره مابيهم يخلصون 😔
المهم شكرا لكم اشوفكم بكره ان شاء الله في الفصول الإضافية✨
Dana