أعدت العائلة الملكية في روشان مأدبةً أكثر فخامة مما كان متوقعاً، ويبدو أنها كانت نوعاً من التعويض عن استدعاء الزوجين في شهر عسلهما بعد عامين من الزواج.
بذل الملك والملكة جهداً كبيراً لجعل أجواء العشاء مرحةً ومريحة. وبالنظر إلى الفارق في القوة بين مملكة روشان وإمبراطورية سيتيرون، ولكون أراسيلا وداميَان قد نالا الفضل في القبض على الخونة مؤخراً، فكان الأمر مفهوماً.
فوق ذلك، داميان هو دوقٌ فاندرمير الشاب، إحدى دعامات الإمبراطورية، وأراسيلا مرشحةٌ لأن تصبح سيدة برج السحر في المستقبل.
“لا تتصوران مدى فرحتي عندما علمت أنكما ستزوراننا. في هذا العصر الذي بات فيه الشباب يتجاهلون العائلات والوطن وينشغلون باللهو، أنتما زوجان مستقيمان ورائعان يُحتذى بهما.”
“بالضبط! سمعة كلٍ منكما قد وصلت إلينا منذ زمن، وكنت أتوق حقاً للقائكما.”
أيدت الملكة كلام الملك الذي كان يضحك بصوت عالٍ، ثم نظرت إلى أراسيلا الجالسة في الجهة المقابلة.
وجهها المصقول كدمية، وجلستها المثالية التي تعكس أدباً رفيعاً—كل شيء فيها كان يثير الإعجاب.
رغم مظهرها الباهر، كانت هادئةً ومتواضعة، وهذا ما زاد من إعجاب الملكة بها وجعلها تتحدث معها بلطفٍ شديد.
“لا أدري كيف ربت والدة الدوقة ابنتها بهذه الروعة والجمال! أنا فعلاً أغبطها. بناتي لا يزلن بحاجةٍ للكثير من التهذيب.”
“أنتِ تبالغين في المدح، جلالتكِ.”
“آه، وحتى متواضعةٌ أيضاً!”
وبينما كانت الملكة تفيض بمديحها لأراسيلا بلا توقف، ارتفعت نبرتها فجأة وهي تشير إلى بناتها الجالسات بهدوء إلى جانبها وهن يتناولن الطعام.
“أنا حقاً أغبط والدة الدوقة. بناتي كلهن غير مبالياتٍ وعديمات الحذر، أشبه بالأولاد، ولا يتمتعن بجمال الدوقة، بل هن ممتلئات أيضاً. انظري بنفسكِ، أليس كذلك؟”
“أمـ……أمي……”
احمرّ وجه الأميرة الثانية لمملكة روشان، ياسمين، خجلاً.
فهي كانت الأكبر حجماً بين شقيقاتها، وقد أصبحت هذه نقطة ضعفٍ لديها بعد أن أشارت والدتها إليها مراراً.
وحين وقعت نظرة أراسيلا عليها للحظة، احمرّ وجه ياسمين حتى عنقها وانخفض برأسها.
“لكن الأميرات أيضاً جميلاتٌ ورائعات.”
“أوه، لا داعي للمجاملات. أنا قلقةٌ حقاً بشأن ما إذا كنّ سيتزوجن أصلاً. كثرة البنات عبءٌ حقيقي، صدقيني.”
تنهدت الملكة بحرارة.
فبما أنها لا تملك ولداً، فقد أصبحت زيجات بناتها مسألةً في غاية الأهمية، إذ لا بد من إدخال زوج ابنة ليتولى العرش.
ثم أمسكت بكتف ابنتها الكبرى، فايوليت، الجالسة بجوارها،
“ابنتي الكبرى خصوصاً، رغم أنها جدّيةٌ ويمكن الاعتماد عليها، إلا أنها تفتقر إلى الدلال، وطباعها حادة، وهذه مشكلة. فيجب أن تتصرف كسيدة راقية أكثر، حتى تُعتبر عروساً مناسبة وتتمكن من الزواج الجيد.”
اشتدّت قبضة فايوليت على أدوات الطعام. بدت وكأنها تريد الردّ بغضب، لكنها كبحت نفسها، أو ربما كانت قد استسلمت تماماً.
كانت أراسيلا تراقبهم بصمت، ثم فتحت فمها بلطف،
“ليست هناك حاجةٌ لأن تُربَط حياتهنّ بالزواج فقط، جلالة الملكة. مستقبل الأميرات لا يقتصر على الزواج فحسب. يمكن أن يصبحن ساحراتٍ مثلي، أو فارساتٍ مثل زوجي، أو ربما مخترعات أيضاً.”
رفعت فايوليت نظرها نحو أراسيلا. وعندما التقت عيونهما، ابتسمت أراسيلا لها بلين.
“إمكانات الأميرات لا حدود لها، لذا لا تقلقي عليهنّ كثيراً.”
“آه……شكراً لكِ على هذه الكلمات.”
ضحكت الملكة بخفة وهي تغطي فمها بيدها، وقد بدت مرتبكة قليلاً من الرد غير المتوقع.
فقد كانت تأمل في أن تتفق أراسيلا معها وتقدّم لبناتها بعض النصائح الجيدة حول الزواج، لذا شعرت بخيبة أمل.
في المقابل، لاحظت أراسيلا أن تعابير الأميرات التي كانت حزينةً قد أصبحت أكثر هدوءاً، فعادت إلى تناول طعامها.
وعندما رأت أن فايوليت ما زالت ترمقها بين الحين والآخر بنظرات خفية، بادلتها بابتسامةٍ رقيقة وانحناءة بسيطة بالرأس، فارتبكت فايوليت بشكلٍ واضح وأشاحت بوجهها بسرعة.
بعد ذلك، ساد الحديث العادي بين الجميع—لا غيبة، ولا انتقادات. وهكذا، انتهى العشاء في أجواءً لم تكن سيئة على الإطلاق.
***
“هل العائلة الملكية في روشان اجتماعيةٌ إلى هذا الحد؟”
فجأة سمع داميان هذا السؤال خلفه، فقطع شربه للماء ونظر للخلف.
كانت أراسيلا مستلقيةٌ على السرير، و تنظر إليه بهدوء.
الغرفة التي يقيمان فيها حالياً كانت في الأصل مخصصةً لاستخدام داميان وحده، لكن بعد إزالة السرير الفردي القديم، أُعيد تجهيزها لتناسب الزوجين.
ورغم أنها لم تكن واسعةً وفخمة مثل قصر فاندرمير، فقد كانت دافئةً ومريحة بما يكفي لتنال إعجاب أراسيلا.
“عندما كنتُ أدرس هنا، لم تكن العائلة الملكية بهذه الاجتماعية. كالعادة، المعاملة تختلف حسب المكانة.”
في ذلك الوقت، لم تكن العائلة المالكة تهتم كثيراً بقدوم داميان أو مغادرته. فدوقية فاندرمير لم تُرسل أي إشعارٍ رسمي، وكان واضحاً أن السبب في إرسال الابن الصغير إلى هنا وحده كان بدافع التخلص منه.
ولأن الطفل الذي اعتبروه حينها مهملاً ومهجوراً كبر وعاد بصفته دوقاً، بدأت العائلة المالكة الآن تشعر بوخز الضمير، ولذلك كانت معاملتهم لهما ودودة ومبالغٌ فيها.
“هذا مزعجٌ نوعاً ما. الأميرات لا زلن صغيراتٍ في السن، ومع ذلك يُمارَس عليهنّ الضغط من أجل الزواج.”
تغيّر تعبير أراسيلا إلى ما يُشبه الاستياء.
الأميرة الكبرى ستبلغ سن الرشد في العام المقبل، أما الثانية والثالثة فما زلن في أوائل أو منتصف سن المراهقة. بمعنى أنهنّ لسن متقدمات في السن المناسب لدرجةٍ تستدعي كل هذا القلق.
“لا أرغب في أن أكون قريبةً منهنّ.”
“لقد رفضتُ بالفعل الدعوة القادمة لتناول الطعام بكل احترام. ففوق كل شيء، لا أرغب في ممارسة أي نشاطٍ دبلوماسي خلال شهر العسل.”
“أحسنت يا داميان.”
أخرجت أراسيلا يدها من تحت الغطاء ورفعت إبهامها بإشارة إعجاب، وبد على ملامحها النعاس،
فابتسم داميان بخفه،
“يبدو أنكِ متعبة. ارتاحي الآن، زوجتي.”
“حسناً.”
سحبت أراسيلا الغطاء حتى صدرها، وكانت على وشك أن تغمض عينيها، لكنها رفعت رأسها قليلاً ونظرت إلى داميان.
كان يرتدي رداء نوم مفكوكٌ قليلاً، يضع يده على خصره ويشرب الماء، و بينما كانت هي تحدق فيه مطولاً، حرّكت شفتيها ببطء.
“داميان، لدي سؤال.”
“نعم؟”
“هل سنقضي الليلة الأولى معاً……الليلة؟”
كان داميان يشرب ما تبقّى من الماء بلا تفكير، لكنه سرعان ما بصقه فجأة بعد سماعه السؤال غير المتوقع، ثم بدأ يسعل بشدّة حتى احمرّ وجهه بالكامل.
“—كح، كح!”
“هل أنتَ بخير؟”
قفزت أراسيلا من مكانها بقلق، لكن داميان، وهو يحاول التقاط أنفاسه، أشار إليها بيده بأن تبقى مكانها، محاولاً تهدئة نفسه.
مسح داميان بظهر يده قطرات الماء عن فمه، ثم نظر إلى أراسيلا بعينين مضطربتين بشدة.
“هـ، هذا السؤال مفاجئ……”
“لماذا؟ من المعتاد أن يقضي الأزواج ليلتهم الأولى إما قبل أو بعد شهر العسل. لكننا لم نفعل ذلك قبل أن نأتي، أليس كذلك؟”
“صحيح، و لكن……”
نظرًا لأن زواجهما لم يتبع الطريق التقليدي، لم تكن العلاقة الجسدية بينهما قد تطورت بسرعة. فلم يمض وقت طويل منذ أن بدآ بتبادل القبلات واحتضان بعضهما دون خجل.
في البداية، كان مجرد قبلةٍ في مكان خالٍ تجعلهما يشعران بنبضات القلب تتسارع، ويضطران للسعال أو أخذ نفس عميق، وكأنهما لا يعرفان ما يفعلان.
حتى وإن كانا بالغين، لم يكن من السهل التغلب على الخجل والتوتر، وكان الشعور بالإثارة والارتباك لا يُقاوَم.
ولكن عندما خرجت كلمة “الليلة الأولى” فجأةً من فم أراسيلا، بدأ العرق يتصبب من داميان كأنها ليلة صيفٍ حارة، وراح يتخبط في ذهنه.
كانت عينيه تائهتين، وأخذ يمشط شعره بيده مرارًا دون أن يهدأ، فنظرت إليه أراسيلا بنظرةٍ هادئة و تحدثت ببساطة،
“إن كنت تفضل الحب الروحي فقط، فلا بأس، أخبرني بذلك وسأتفهم.”
“لا، الأمر ليس كذلك!”
أجاب داميان فورًا دون تفكير، ثم غطى وجهه بكفّيه من شدة الإحراج. فنظرت إليه أراسيلا برأسٍ مائل في حيرة.
“إذًا ما المشكلة؟ آه، هل تقلق لأنكَ قد تكون غير جيدٍ بما يكفي لكونها المرة الأولى؟”
“…….”
لم يستطع داميان أن يقول نعم أو ينفي ذلك. وبينما ظل صامتًا، أخرجت أراسيلا شيئًا من تحت الوسادة وهي تفتش ببطء.
“لا تقلق. توقعت هذا، لذلك أحضرت كتابًا عن التثقيف الزوجي. دعنا نقرأه معًا.”
“……ألستِ محرجةً من هذا، يا زوجتي؟”
“محرجة؟ من ماذا؟ التثقيف الزوجي ليس شيئًا يدعو للإحراج.”
مدّت أراسيلا الكتاب نحوه بثقة. فوضع داميان يده على جبينه وتنهد.
كيف يمكن لشخصٍ أن يكون عفويًا بهذا الشكل، وفي الوقت ذاته محببًا إلى هذا الحد؟
خطر في ذهنه فجأةً أول ليلة أمضياها معًا في غرفةٍ واحدة.
حين كان مستلقيًا إلى جانبها، شعر بأن جسدها صغير، وبشرتها ناعمة، وعطرها يملأ المكان……فتجمّد في مكانه.
“داميان.”
“نعم؟”
“هل يمكنني أن أمسكَ يدك؟”
عند هذا الطلب المتردد، أمسك داميان بيدها الدافئة والرفيعة برقةٍ واهتمام. و كان الجو مشبعًا بالتوتر، حتى أن الأنفاس أصبحت ثقيلةً وسط تلك اللحظة الحميمة.
كان كل شيءٍ مهيأ لحدوث شيء أكبر، بل كان من الطبيعي أن يحدث شيءٌ بالفعل. وفي اللحظة التي فكّر فيها إن كان عليه تقبيلها، تحدثت أراسيلا أولاً.
“أنت تثق بي، صحيح؟ فقط سأمسك بيدك وأنام.”
“ماذا؟ آه……”
لم يكن عليها أن تقول ذلك، لكن أراسيلا فعلًا نامت وهي ممسكةٌ بيده فقط.
عادةً، كانت تغفو بمجرد أن تضع رأسها على الوسادة إذا لم يكن هناك شيء خاص. ومع مرور الأيام، أصبح من الصعب خلق أجواءٍ مناسبة لمجرد الاستلقاء في السرير معًا.
لم يرغب داميان في التسرع أو الإلحاح، فانتظر اللحظة المناسبة. لكن فجأة، ألقت أراسيلا القنبلة.
وبينما كان داميان يفرك رقبته الحمراء، نظرت إليه أراسيلا بعينين تفكران، ثم رفعت يديها فجأة وأعادت الاستلقاء على السرير.
“حسنًا. على الأقل اليوم، استرخي تعال وتمدّد. لن أفعل أي شيء.”
“……هل هذه حقًا كلماتٌ تقولها زوجتي التي اقترحت ذلك قبل قليل؟”
“لما تستفسر؟ سأضع ذراعي لكَ لتستند عليها، فتعال بسرعة.”
لكن، هل هذه فعلاً كلماتٌ تقال عادةً من الزوجة؟
مدّت أراسيلا ذراعها الرقيقة وضربت السرير برفق. فضحك داميان بابتسامةٍ متوترة واقترب من السرير.
“سأقوم بوضع ذراعي لكِ.”
“إذاً، لن أرفض.”
استلقى داميان بجانبها ومدّ ذراعه، فوضعت أراسيلا رأسها على ذراعه بسرعة. و بعد أن تحركت عدة مرات، وجدت الوضعية الأكثر راحة واستقرت.
“هل تشعرين بعدم الراحة؟”
“هذا مريح، لا بأس.”
نظر داميان بحنان إلى زوجته التي دخلت بين ذراعيه، وقبّل جبينها المدور. فأغمضت أراسيلا عينيها كما لو أنها سعيدةٌ وهمست،
“تصبحُ على خير.”
“……أحلامًا سعيدة.”
بعد تبادل قبلةِ الوداع، نظر داميان إلى أراسيلا التي نامت فورًا دون أي تردد. و كانت عينيه تحمل تعبيرًا معقدًا.
"أنتِ حقًا شخصٌ يستطيع خلق الأجواء أو تدميرها كما يشاء، زوجتي."
هل يجب عليه حقًا قراءة الكتاب، أم ماذا؟
في تلك الليلة، لم يغمض داميان عينيه. فقد كانت كلمة “الليلة الأولى” تتردد في ذهنه بشكلٍ مستمر.
__________________________
كح سوالف متزوجين مالنا دخل
أراسيلا والحياء خطان لا يلتقيان
المهم الملكة تقهر مستفزه
من يهين بناته كذا قدام الناس؟ مجنونه يع وفوق ذاه الملك ساكت ماغير يحشي بطنه
Dana