درست المرأة قوة الإرادة كما يدرس الحدّاد المعادن.
في عينيها، بدت قوة إرادة معظم الناس مثل كرة من الغاز.
كانت خفيفة، متقلبة باستمرار، وسهلة التفكيك. كل ما تطلبه الأمر هو جذب بسيط – قليل من الخوف، قليل من اليأس – وسرعان ما تتفكك مثل الدخان.
لم تكن بحاجة حتى إلى أن تبذل جهدًا كبيرًا.
ثم، كانت تمتص قوة إرادتهم لتقوّي إرادتها الخاصة.
أنصاف الآلهة، الآلهة، الكواكب.
لقد أخذت قوة الإرادة من جميع أنواع الكائنات.
بعضهم كان يقاوم بشكل أفضل من الآخرين.
لم تتبعثر قوتهم بسهولة.
لم تكن كرة غازية، بل شيئًا أثقل – طينًا.
كانت كرة الطين كثيفة، مضغوطة، مشكّلة من تجارب حياتهم ومعتقداتهم.
ومع ذلك، كانت تستطيع غرس أصابعها فيها، وعصر أجزاء من عزمهم، وتحطيمهم ببطء. فقط كان الأمر يتطلب جهدًا أكبر.
لقد عاشت المرأة مليارات السنين تعيش حياة كهذه.
وقد بلغت مرتبة أصبحت فيها قوة إرادتها على حافة التحول.
الآن، لم تكن بحاجة إلى الكمية، بل إلى الجودة.
كانت بحاجة إلى إرادة مختلفة عن إرادة أي شخص آخر.
إذا استطاعت امتصاصها، فلن يصبح أن تصبح كاسرة السماوات مجرد حلم.
“هـــاه…”
“هذا هو.”
“يمكنني أن آخذها منه.”
الموت عديم الاسم.
حدّقت في قوة إرادته. لم تكن كرة غاز، ولا طينًا.
ما كان يطفو أمامها كان كرة مثالية، باردة ومتألقة مثل الماس.
كانت بلا عيب، وغير قابلة للتحريك.
لم تستطع أصابعها أن تغوص فيها. لم تستطع تأثيراتها أن تلطخها. لم يكن لأي قدر من اليأس أو الحزن أن يُحدث خدشًا.
في البداية، وجدت الأمر مثيرًا للاهتمام.
ثم مزعجًا.
ثم، مجنونًا.
كان واقفًا أمامها، عيناه خاويتان من ثقل ما تحمّله، ومع ذلك لم ينكسر.
اهتزّ جسده، لكن نظرته لم تتزعزع.
هي، والحكام، صبّوا كابوسًا تلو الآخر في روحه. كان ينبغي أن ينحني بعد بضع ساعات، أو ربما بعد أيام قليلة.
لكنه صمد لقرون.
وما زال واقفًا.
حكام العواطف السبعة، الملفوفون بحجب متغيّرة من الألوان والأصوات، ضحكوا بإحباط.
“مهما كانت قوة إرادتك،” همسوا، وهم يدورون حوله، “فإنها ستنكسر عاجلاً أم آجلاً. كل الأشياء تفعل ذلك.”
الموت عديم الاسم لم يرد.
وكان ذلك جزءًا مما زاد الأمر سوءًا. ليس الكلمات التي قالها، بل الصمت. لم يكن تحديًا. لم يكن سلامًا.
كان عنادًا.
كان جبلًا لا يتحرك وسط العاصفة.
لذا غيّروا أساليبهم.
توقفوا عن محاولة إغراقه باليأس الخام. بدلاً من ذلك، أعادوا كتابة العذاب.
في كل مرة ينام – أو يُجبر على فقدان الوعي – يستيقظ في حياة جديدة. دون أي ذاكرة عن من كان حقًا.
جبان في قرية محكوم عليها بالفناء.
فارس بحنثٍ في قسمه.
ملك خانه شعبه.
محارب يقاتل في حرب لا يمكنه الانتصار فيها.
عالم يحاول إنقاذ عالم يحتضر.
محب تمزّق من بين ذراعي شخص لن يراه مرة أخرى أبدًا.
كل نسخة منه كان لها قصتها الخاصة.
ولا واحدة منها تذكرت الإصدارات السابقة.
لكن جميعها انتهت بالخراب.
وفي كل مرة، عندما انهارت تلك الشخصية، كانت روحه تُسحب مجددًا إلى قلب السجن. في كل مرة، كانت تتشقق أكثر قليلاً، وتتعب أكثر قليلاً. ثم تُجبر على حياة أخرى.
تلك الحيوات لم تكن كوابيس.
بل كانت واقعًا.
المرأة، إلهة الموت في عالمها، أرسلته عبر تجسيدات متعددة.
تأكّدت من أن روحه لا تستطيع التعافي، وأجبرتها على تحمّل الضغط الذي جلبه جبل اليأس.
تراكمت الجراح. طبقة فوق طبقة. جرحًا تلو الآخر. لكنها لم تدع الروح تنكسر بالكامل. أجبرتها على البقاء، وبهذا جعلتها تتعفّن من الداخل.
بعد مئة عام، ذرف الموت عديم الاسم دموعًا.
بعد ثلاثمئة عام، ارتعشت روحه قبل كل نزول إلى الحياة التالية.
بعد أربعمئة عام، كانت الشقوق على قوة إرادته مرئية. كانت عميقة، وحادّة.
شعرت المرأة أن النهاية باتت قريبة.
“إنه قريب،” همست، لنفسها أكثر من أي شخص آخر. “فقط قليل بعد. سوف ينكسر أخيرًا.”
حكام العواطف السبعة طافوا بالقرب منه، وجودهم يتغيّر مثل الضباب والنار.
“كيف يبدو الأمر،” سألوا، بأصوات متعددة الطبقات، “أن تخسر كل شيء مرة بعد مرة، ولا تتذكر حتى لماذا؟”
لم يتكلم الموت عديم الاسم.
وفي تلك اللحظة، كان يستيقظ مجددًا.
في حياة جديدة.
مزارع بسيط في أرض تحتضر.
زوجته قد ماتت بالفعل في هذه القصة. ابنه مرض بعد أسبوع.
باع كل شيء ليشتري دواءً لم يصل أبدًا. قريته احترقت، واتُّهم بأنه السبب.
علقوه على شجرة بجانب قبر ابنه.
مات وفي فمه تراب، وفي عينيه نار.
عندما عادت الروح، فحصتها المرأة بعناية. كانت الشقوق قد اتّسعت. بدأت شظايا صغيرة في التفتت.
لكن قوة الإرادة كانت لا تزال كبيرة جدًا على أن تمتصها المرأة.
إذا دمجت إرادة بهذه النقاء وهذا الحجم، فقد تكون هي من يُمتص، لا الموت عديم الاسم.
لذا...
قليل فقط بعد.
لكن مع استمرار الزمن، لم تتحطم قوته الإرادية أبدًا.
نعم، تشقّقت. لكن كما لو أن شيئًا غير مرئيًا كان يمسكها معًا، ظلت موحّدة.
وكان ذلك دليلًا على أن الموت عديم الاسم لم يُكسر.
“لماذا تستمر في الوقوف مجددًا؟” تمتمت. “لم يتبقَ شيء. لقد خسرت كل هوية. كل حلم. حتى إحساسك بنفسك.”
ومع ذلك، عندما بدأ الكابوس التالي، تحرّك إلى الأمام.
كل حياة بدأت بنفس الطريقة. لم يكن يملك شيئًا. كان شخصًا آخر. لم يكن يعلم أنه محاصر.
لكن شيئًا بداخله – شيئًا عميقًا – دفعه إلى الأمام.
حتى عندما انهار.
حتى عندما فشل.
حتى عندما صرخ، وبكى، وتوسّل أن ينتهي كل شيء… كان ينهض دومًا.
دائمًا.
أحيانًا زحفًا.
أحيانًا يجر نفسه عبر الوحل أو الدم أو النار.
أحيانًا يمشي إلى موته فقط ليمنح شخصًا آخر يومًا إضافيًا.
لم يكن لذلك معنى. لا بالنسبة لهم. ولا للحكام. ولا للمرأة التي كانت تراقب روحه كعالمة تراقب عينة تجريب.
لم يكن من المفترض أن تسير الأمور على هذا النحو.
لم يكن أحد من المفترض أن يصمد كل هذا الوقت.
ليس بدون أمل.
ومع ذلك، فقد صمد.
بكى دمًا عندما أصبح العذاب أكثر من أن يُحتمل.
انهار عندما خانته عائلته في إحدى الحيوات، وسلّمته إلى أعدائه الذين كان يحميهم منهم.
عوى في العذاب عندما اختُطفت ابنته – النور الوحيد في واحدة من حياته.
لكن لم يتوقف عن التقدم أبدًا.
ابتلع دموعه واستيقظ في اليوم التالي ليعمل مجددًا.
قتل أعداءه وعاد إلى عائلته ليسألهم لماذا خانوه.
قاتل حتى آخر أنفاسه ليحمي ابنته ويوفر لها مستقبلًا آمنًا.
تعمّقت الشقوق في إرادته. لكن الماس – تجسيد إرادته البصري – لم يتحطم قط.
بل أصبح أنقى، وأضخم.
حدّقت المرأة فيه وشعرت بشيء جديد. ليس الإزعاج. ولا الإحباط. بل شيء لم تشعر به منذ زمن طويل.
الشك.
“ماذا...أنت؟” همست.
السيّد السيادي السابع للعواطف زمجر.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات