طعنة حادة من الألم تفجّرت خلف عينيه.

ترنّح إلى الخلف، وكاد أن يتعثر بجذر شجرة. بدأ ضباب أحمر في الظهور في الغابة والتجمع حوله.

قاتل. اقتل. اذبح. حرب. تطوّر. دماء. هاجم.

تحطمت الكلمات في أفكاره، تتكرر مرارًا وتكرارًا.

لم تكن تلك الكلمات غريبة عليه، بل شعر وكأنها أفكاره الخاصة.

ارتجافة مزّقت جسده. كان هناك شيء – أو شخص – يندمج معه بالقوة.

سقط على إحدى ركبتيه، والعرق يتصبب من جبينه.

“هذا… ليس جزءًا من الاندماج” قال، وهو يضغط على أسنانه.

كل هذا الوقت، كان يظن أن الاندماج مع العنصر الموتي الهائج سيرفع مستوى وجوده.

لكن الآن، وبعد أن بدأ هذا الكيان بـ“الاندماج”، أدرك حقيقة مرعبة.

العناصر الموتية الهائجة لم تكن تندمج معه. بل كانت تمحوه، ببطء وبشكل كامل.

مستوى وجوده لم يكن يرتفع.

وجوده كان يُستبدل بوجود أقوى وأعلى.

“اللعنة...” أجبر نفسه على الوقوف. “هل كان الهائجون من التحالف يتظاهرون بأنهم اندماج بين الشخص والعناصر الموتية الهائجة؟”

مما سمعه، كان الهائجون مجانين.

لكن سلوكهم، وتصرفاتهم، وهالتهم، كانت مشابهة لذواتهم قبل أن يتحولوا إلى هائجين.

“هل استولت العناصر الموتية الهائجة على وجودهم ثم تصرفت مثلهم؟”

فكّرة جعلته يشعر بالغثيان.

لا ينبغي لأي عنصر موتي أن يكون قادرًا على هذا النوع من الخداع. فذلك ليس من طبيعتهم. الموت لا يكذب. لا يخدع. هو ببساطة كذلك.

فمن يقف وراء هذا إذًا؟

قبل أن يتمكن من متابعة هذا التفكير، خفّ الضغط في جمجمته. توقفت الأفكار الغريبة عن التمزيق في ذهنه.

ثم بدأ الضباب أمامه في التحرك.

تحوّل إلى هيئة بشرية ضبابية حمراء. ضباب كثيف متدحرج، تتشقق حوافه بشرر من الضوء القرمزي.

الوجود في ذهنه لم يعد يختبئ.

“يا رجل…” قال الشكل، بصوت نصف مندهش. “ما نوع الشخص الذي أرسلوه هذه المرة حتى أنني لا أستطيع السيطرة على عقله بسهولة؟”

لم يجب موت بلا اسم.

استعد للقتال.

تجاهل الضباب حذره وانحنى للأمام، يشم الهواء كأنه مفترس التقط رائحة شيء جديد.

“هوه؟” قال، وقد بدت عليه علامات الفضول فجأة. “ما هذا؟ أنت لا تمتلك قدرًا.”

أمال رأسه.

“هل هذه تقنية يستخدمها سكان هذا العصر، أم... لا. لا، هذا حقيقي. أنت فعلاً لا تمتلك قدرًا.”

ابتسم الضباب.

“كيف فشل الأبديون في اكتشاف شخص من الرماد مثلك؟”

تلك الكلمة ]الأبديون[ ضربته كالمطرقة.

تصاعد الغضب من أعماقه. لم يكن يعرف لماذا جعل هذا الاسم روحه تزأر، لكنه فعل.

قبض على يديه بشدة. “أتعرفهم؟”

تراجع الضباب قليلًا.

“هوه؟ هل تتذكر اسم الأبديون؟” تبع ذلك ضحكة منخفضة. “آه، أرى. لا بد أنك من كاسري السماء. يبدو أن سكان هذا العصر ليسوا بهذا السوء بعد كل شيء.”

المرح على وجهه تحوّل إلى توقّع متحمس.

دون سابق إنذار، انطلق للأمام.

لكمة – أكبر مما ينبغي أن تكون – ضربت صدر موت بلا اسم، فأرسلته طائرًا عبر ثلاث أشجار قبل أن يتمكن من الرد.

تحطم في جانب تلة، وتناثرت حوله الغبار وقشور اللحاء.

اهتزت الأرض.

قفز واقفًا مرة أخرى وصدّ الضربة التالية بالكاد. ارتجفت ذراعاه من شدّة القوة. جاءت اللكمة التالية من الأسفل، ثم تبعتها أخرى من الجانب.

كل ضربة كانت وكأنها تهدف لتمزيقه.

كان الإحساس بالمعركة صادمًا.

جسد موت بلا اسم كان يتفاعل بغرائز، لكن تقنياته لم تحضر إلى ذهنه.

ولأنه لم يكن لديه شيء آخر يستخدمه، صبّ طاقة العالم اللامتناهية في جسده، يقوّيه.

توَهّجت قبضتاه.

تفادى ضربة وهبط بلكمة قوية على جانب الضباب الأحمر. التوى قليلاً، ثم ضحك.

“ليس سيئًا” قال. “لكنّك لا تستخدم كل ما لديك. لا تتردد.”

لم يرد موت بلا اسم.

ركّز، استنشق مزيدًا من الطاقة، ودفع جسده إلى ما بعد حدوده.

حركاته أصبحت أكثر حدة، وكأنه يسترجع خبراته القتالية.

خطواته تسارعت. تفادى الضربة التالية ونفذ سلسلة من اللكمات النظيفة.

تبادلا عشرات الآلاف من الضربات في ثوانٍ. كل ضربة كانت تحطم الأشجار، وتمزق التلال، وتترك الغابة حولهما في دمار.

لكنّه كان لا يزال متراجعًا.

الهائج لم يبطئ. بل على العكس، ازداد عدوانية كلما طال القتال.

ابتسامة مجنونة امتدت على وجهه بينما أصابت قبضته أضلاع موت بلا اسم. طار مرة أخرى، وارتطم بقوة، وسعل دمًا.

لم يلاحقه الهائج هذه المرة. بل طاف في مكانه، ويداه متشابكتان.

“لديك إمكانيات” قال. “لكن لماذا لا تستخدم أي تقنيات نية؟ هيا، أخرج الأوراق الكبيرة.”

وقف موت بلا اسم، يمسح الدم عن ذقنه. كانت رؤيته مشوشة قليلاً، لكنه أجبرها على التركيز.

“من هم الأبديون؟” سأل.

راقبه الهائج لثانية قبل أن يجيب. “تريد إجابات؟ حسنًا. سأعقد معك صفقة.”

طقطق مفاصله.

“أمتعني. اهزمني، وسأعطيك كل الإجابات. كلها.”

عيناه اشتعلتا بفرحة وحشية.

“مع أنّه بصراحة، الاحتمال الأكبر هو أنك ستصبح اسمًا آخر يُمحى بقبضتي.”

لم يرد موت بلا اسم. بل اندفع إلى الأمام وهاجم.

قابل الهائج هجومه في المنتصف. اهتز الهواء من التصادم.

ما تبع ذلك لم يكن مبارزة أنيقة أو منافسة تقنيات مصقولة.

كان عنفًا خامًا.

قاتل الهائج كقوة من الطبيعة، كل لكمة تأتي بثقل يكفي لتحطيم العظام. وفعلاً، تحطّمت.

كان موت بلا اسم سريعًا، لكن ذلك لم يكن كافيًا.

الهائج كان أقوى، وأصلب، وأكثر وحشية بما لا يُقاس. هجماته لم تكن أنيقة، لكنها كانت ساحقة.

لكمة في الأضلاع أدّت إلى انهيار إحدى رئتي موت بلا اسم.

لف ذراعه التواءً وانتزعها من مكانها.

ركبة وحشية حطّمت فكه.

مرة بعد مرة، مزّق حلقه، وسُحق صدره، وتكسرت أطرافه – لتتعافى بعد لحظات.

قاتل موت بلا اسم، لكن الفرق كان واضحًا.

الهائج لم يكن فقط أقوى. بل كان يستمتع برقصة الوحشية.

ضغط موت بلا اسم على أسنانه بينما كان يتدحرج فوق الأرض المتشققة.

كان الدم يغطّي جسده، والألم يملأ كل نفس.

هذا لن ينجح.

تلقي الضربات، والشفاء، وتكرار ذلك سيؤجل الحتمي فقط.

كان يحتاج شيئًا أكثر.

كان يحتاج إلى قوته الخاصة.

أغمض عينيه لجزء من الثانية، ووجّه تركيزه نحو بذرة وجوده.

حقيقة أنه يستطيع الشفاء – وإعادة بناء جسده المكسور – تعني أن هناك شيئًا ما بداخلها.

ربما كانت تقنية، أو تعويذة، أو كنز مقدس. حتى لو كانت قدرة ارتباط ستكون كافية.

لكن عندما حاول إدراك الطبقة المركزية، واجه جدارًا مختومًا.

لاحظ الهائج توقفه. بدا منزعجًا في البداية، كما لو أن المرح سينتهي. لكن بعد ذلك ارتفعت حاجباه.

ضحكة ناعمة خرجت منه. “هاه؟ ما هذا؟”

كان موت بلا اسم متوهجًا.

جسده بالكامل بدأ يشتعل بنار بيضاء. انبعث منه الضوء كما لو كان يحترق من الداخل.

تشقق جلده تحت الضغط، ورقصت عليه خطوط من الطاقة كأنها عروق من البرق.

“هل ستفرط في تحميل نفسك؟ أهذا هو أسلوبك لهزيمتي؟” ضحك الهائج. “هذا ما أتحدث عنه! هذا هو نوع الجنون الذي أحترمه!”

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات

2025/07/06 · 17 مشاهدة · 997 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025