وجهة نظر كاراكس (بطل نمل سانجويسكريتش)
وقف كاراكس على حافة جدار الحجرة.
كانت عيونه المركبة مثبتة على الشكل الذي كان يختفي في الأنفاق العلوية. الموت الذي بلا اسم. لقد اختفى، هكذا ببساطة.
لم ينطق بكلمة واحدة، ولم يهاجمهم مرة أخرى.
كان من المفترض أن يشعر كاراكس بالارتياح، وجزء منه كان كذلك. لكن الإحساس الذي استقر في صدره لم يكن سلامًا.
بل كان خزيًا.
أعظم تهديد واجهته المستعمرة على الإطلاق قد انسحب ببساطة. ليس لأن كاراكـس صده. وليس لأنهم انتصروا. بل رحل من تلقاء نفسه.
كاراكس—بطل مستعمرة السانجويسكريتش، المخلب الأول في بلاط الملكة، والمدافع عن الأنفاق—لم يفعل شيئًا.
لم يفعل شيئًا على الإطلاق.
انطبقت فكيّه بقوة.
تذكّر الطريقة التي وقف بها الموت بلا اسم هناك. محاطًا بتلك الكرات الست، وجسده عبارة عن كتلة من الندوب والغضب الصامت.
حتى وهو في المستوى الثاني، كان يشع خطرًا بالغًا جعل درع كاراكس يرتجف.
كان كاراكس قد واجه من قبل حكام من المستوى الخامس بمفرده، وخرج منتصرًا من تلك المعارك الدامية.
لكن الموت بلا اسم لم يكن مثلهم. حتى كاراكس، الذي كان يفخر بعنفه، شعر بالخوف حين وقف أمامه.
وجوده وحده كان يسحق شيئًا داخل كاراكس. كما لو أن غريزته كانت تعرف أنه لم يُخلق لينجو من شخص مثله.
ومع ذلك… لقد أدار ظهره.
وغادر ببساطة.
ولم يحاول كاراكس حتى أن يوقفه. لم ينطق بكلمة. فقط تركه يذهب.
كانت النمل الأخرى من حوله تهمس بهدوء.
تموجات من الارتياح انتشرت بين الحشود.
ضحك عدد من الجنود. وربّت بعضهم على أكتاف بعض. كانوا يظنون أنهم نجوا من شيء مرعب، وقد فعلوا.
وكانوا يظنون أنهم "استحقوا" تلك النجاة.
أعطاهم كاراكس ابتسامة مشدودة، يخفي بها الاشمئزاز الذي كان يعصف بأحشائه. لم يُرد أن يُفسد فرحتهم. لكن بداخله، كان يحترق.
هم يحتفلون بالنجاة، فكر بمرارة. لكننا كنا سنموت لولا رحمته.
رحمة منحها عدو.
وقد عقد ذلك أمعاء كاراكس.
كان من المفترض أن يكون هو النصل الذي يخترق التهديدات قبل أن تصل إلى الملكة. المطرقة التي تحطم الغزاة. لكن كل ما فعله هو الوقوف هناك.
ساكنًا.
عاجزًا.
وبينما عاد الآخرون إلى أعمالهم، بقي كاراكس في مكانه.
ظل صامتًا، يراقب الأعمدة العمودية والنفق الأفقي.
ثم جاء صوت خطوات.
استدار.
نمل من المستوى الثالث—آلاف منهم—خرجوا من النفق البعيد، منهكين لكنهم سالمون.
هؤلاء هم المحاربون الذين اقتحموا الدائرة الداخلية للغابة. القوة الرئيسية للمستعمرة. رحلوا عندما هاجمهم الموت بلا اسم.
في مقدمتهم كان القائد أريلاس. كان جسده مغطى بطحالب الغابة وجروح صغيرة من نباتات الدائرة الداخلية.
"كاراكس،" نادى أريلاس وهو يقترب. "نحتاج إلى التحدث. الأمر عاجل."
اعتدل كاراكس. "ما الأمر؟"
لم يُضِع أريلاس الوقت. "زاجيروس عائد."
الاسم ضرب صدره كضربة حجرٍ ثقيل.
زاجيروس.
الوحش الشبيه بالبشر الذي كان يمزق غابة الصمت الأحمر.
هو من هاجم المستعمرة قبل أسابيع، وأباد معظمها.
"هل هو عائد؟" سأل كاراكس، عابسًا. "لماذا؟"
"لا فكرة لدي،" قال أريلاس بوجه متجهم. "لكنه يتحرك عبر ممرات الظلة نحو الدائرة الخارجية. رصدته كشافتنا قبل ساعة. اتجاهه… متعمد."
تصلبت سيقان كاراكس.
ثم تغيّر الهواء.
كان التغيّر طفيفًا في البداية.
كل ما شعر به كاراكس هو وخزة غريبة تزحف فوق درعه. بدا العالم… أكثف، وأبرد، كما لو أن شيئًا مروعًا كان يضغط عليه.
ثم تعرف عليه.
"...عناصر الموت الهائج،" تمتم كاراكس.
وبدأت النملات الأخرى بالهمس في حيرة.
"لماذا هي نشطة جدًا؟" سأل أحدهم.
"هل مات أحد بالقرب؟" قال آخر. "أو هل هناك من يقاتل شخصًا قويًا؟ هذا هو الوقت الوحيد الذي تتفجر فيه عناصر الموت الهائج بهذا الشكل."
لم يكن كاراكس مشوشًا مثلهم.
كان مرعوبًا.
هذه الكثافة...
"إنهم يحاولون السيطرة على أحدهم،" همس كاراكس.
ثم جاء الصراخ.
تردد صداه من أعماق الحجرة المركزية. حجرة الملكة.
تجمد كل نمل في المنطقة.
لم ينتظر كاراكس.
اندفع داخل النفق. كانت خطواته سريعة كالرعد.
وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى الحجرة، كان عبق الموت قد أصبح كثيفًا.
لم يكن رائحة دم طازج، ولا موتًا نقيًا.
بل كان أكثر فوضوية. كان...
الهائج.
خرجت الملكة من خلف الستائر.
لا… لم تكن الملكة.
كان جسدها، لكن العقل لم يكن عقلها.
هوائيها الأنيقان كانا يرتعشان بجنون. وعيناها المتوهجتان باللون الأزرق قد اختفيتا، واستُبدِلتا بحمرة باهتة. كما أن وقفتها قد تغيّرت.
لم تعد تتحرك برشاقة وسيادة.
بل تتحرك كما لو أن شيئًا آخر يسكنها. شيء غاضب.
حدّق كاراكس، وصدره يضيق.
"الهائج،" قال بصوت خافت.
نظرت الملكة الممسوسة إليه، والصوت الذي خرج من فمها لم يكن صوتها.
"أيها الحشرات الضعيفة،" زمجر الهائج. "لقد دمرتم كل شيء."
لم يتحرك أحد.
لم يستطع كاراكس الكلام.
"لقد كان بين أيديكم،" زمجر الهائج. "كان مثاليًا. محاربًا حقيقيًا في طور التكوين. أنا من منحته الطريق. كان من المفترض أن يُسلّيني، وربما يصبح خليفتي."
ارتج رأس الملكة، ثم اعتدل.
"لكنكم جعلتموه ضعيفًا."
تغير نبرة الهائج. انفجر الغضب من كل مقطع لفظي خرج منه.
"رأى وجوهكم البائسة. أجسادكم المرتجفة. فأشفق عليكم."
هي— لا، هو— تقدّم خطوة للأمام.
"كان يجب أن يغزو هذه المستعمرة. أن يقتل كل واحد منكم. لكنه الآن قرر ألا يهاجم ثانيةً إلا إذا استفزه الطرف الآخر أولًا."
توقف الهائج وهو يزمجر.
"لقد انسحب. بسببكم."
لم يتحرك أحد من النمل. لا واحد.
حاول كاراكس التقدّم خطوة للأمام.
لكنه لم يستطع. سيقانه رفضت التحرك.
لم يكن ذلك خوفًا. بل شيئًا أعمق، شيئًا أقدم.
لقد وُلدوا ليحموا الملكة.
لم يُخلَقوا ليقاتلوها.
والآن… أصبحت هي العدو.
انفرجت ابتسامة الهائج الملتوية على فكّي الملكة. "إن لم يصبح هو السلاح الذي أردته، فسأتأكد أنكم ستدفعون ثمن ذلك، أيها الحشرات."
واندفع إلى الأمام.
مات أول نملة دون أن ترف عين، بضربة قاسية في الصدر.
ثم الثانية.
ثم الثالثة.
تحولت الحجرة إلى اللون الأحمر.
صرخات. تهشم. دماء.
كانت الملكة—الممسوسة والشرسة—تتحرك بينهم كالعاصفة. لم تسمح لأي منهم بالهرب.
ظل كاراكس جامدًا في مكانه.
أراد أن يتحرك.
كان بحاجة لذلك.
لكن شيئًا داخله قد انكسر.
كانت الملكة كل شيء. مركز مستعمرتهم. أمهم. صوتهم. حياتهم.
والآن أصبحت يد الموت.
سقطت نملة بعد أخرى. محاربون مخضرمون. مربية الفقس. حتى الأمهات الحاضنات. لم يُستثنَ أحد.
حاول أريلاس إيقافها. تمكّن من توجيه ضربة واحدة قبل أن يُسحق رأسه.
أخذ كاراكس خطوةً واحدةً مترددة إلى الخلف.
كان قلبه يخفق بعنف.
لماذا يحدث هذا؟
لماذا موطنه؟
لماذا الآن؟
بعد لحظة، التفتت الملكة نحوه.
لم يرفع مخالبه.
لم يحاول المراوغة.
"هاه، بطل؟ انظر إلى نفسك، أيتها الحشرة. أنت ترتجف بينما يُذبح إخوتك وأخواتك. لهذا لم أرد تلويث يدي بدمٍ ضعيف كدمك."
لكن الآن، الهائج كان غاضبًا.
لقد اخترق بطن كاراكس بضربة نظيفة، مما أدى إلى تمزيق أحشائه.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات