الوحش مسح المنطقة بحركات بطيئة وحذرة حتى وقع بصره على أسموديا وبارباتوس.
في اللحظة التي تعرّف فيهما، تصلب الوحش.
ثم ضحك زاجيروس.
"مرحبًا،" قال وهو يميل رأسه، "يبدو أنك في ورطة عميقة."
حوّل الوحش نظره إليه، حائرًا.
لماذا كان أحد الغزاة يتصرف وكأنه غير متورط في كل هذا؟
ابتسم زاجيروس على نطاق أوسع.
"هذان الشخصان اللذان تخشاهما؟ إنهما مجرد حُرّاس. من أجله."
وأشار نحو الموت بلا اسم.
"ذاك الرجل هو محطِّم السماوات. إنه يختار حرسه الشخصي، لذا يريد أن يرى كيف يقاتلون."
رمش الوحش ببطء، وهو يعالج الكلمات.
"اختر واحدًا منهم،" قال زاجيروس. "إذا خسرت… حسنًا، أنت تعرف قواعد هذا المكان. لكن إذا فزت، سنمنحك أمنية."
كان الموت بلا اسم أكثر ارتباكًا من الوحش.
"ما الذي تفعله؟ قلت لك—"
قبل أن يُكمل، أطلق الوحش زئيرًا معدنيًا.
"إذا فزت، ستتركوني أقاتل ذلك المحطِّم للسماوات،" صرخ وصوته يطحن مثل التروس. "سأقتله! وذلك سيجعلني أقوى!"
لم يكن يعرف ما هو محطِّم السماوات بالضبط.
لكن الجميع في الغابة والكون قد سمعوا بلقبهم.
وكول كالواي، و أولتريس كانا كلاهما محطِّمي سماوات.
أهذا واحد أيضًا؟
إن استطاع قتله، فإنه سيكسب قوة هائلة، كافية ليتوغل أعمق في الغابة.
لم يكن الموت بلا اسم حتى ينظر إلى الوحش بعد الآن. عيناه ثبتتا على زاجيروس.
‘هل هذا الرجل ملك المحتالين أم ماذا؟’ فكّر الموت بلا اسم.
بما أن الوحش سيهاجم الموت بلا اسم بدافع جشعه، لم يستطع الموت بلا اسم حتى أن يقول إن الوحش بريء.
‘أعتقد أن أمثال هذا ينبغي أن يُطلق عليهم شياطين بدلًا من ذاك الأخطبوط.’
تجاهل زاجيروس نظرته ورفع يده نحو الوحش.
"هيا. اختر واحدًا."
التفت الوحش مجددًا إلى المجموعة.
كان قادرًا على التمييز بأن أسموديا أقوى بكثير منه. وبارباتوس؟ لم يستطع حتى استشعار وجوده.
لم يتبق سوى خيار واحد.
أشار إلى ليونورا.
"إنها ضعيفة جدًا. هل ستكون بخير؟" سأل الموت بلا اسم زاجيروس.
لم يُجب زاجيروس. بدلًا من ذلك، نظر إلى أسموديا.
ضيّقت حاصدة الأرواح عينيها، لكن صوتها كان هادئًا. "إنها المباركة بالماء."
لم يكن الموت بلا اسم يعرف ما يعنيه ذلك. لقد سمع بالمصطلح "المبارك"، لكنه لم يكن يعرف ما الذي قد يفعله.
هل يمكن أن يسمح لشخص في المرحلة الثانية أن يواجه مستوى التاسع؟
قرر أن يراقب ويكتشف.
رفعت أسموديا يدًا واحدة وتفوّهت ببضع كلمات.
"شكّلوا ميدانًا لا يُكسر. سيبقى حتى يقف منتصر واحد."
تألّق ضوء ذهبي عبر الساحة.
انبثق قُبّة شفافة هائلة من الأرض، وارتفعت واتسعت حتى غطّت كلًا من ليونورا والوحش.
تألّقت القُبّة كالكريستال المصقول، عاكسة بشكل خافت، لكنها معزّزة بوضوح بالقوة.
ضيّق الموت بلا اسم عينيه.
‘هل استخدمت الحقيقة؟’
الحقيقة كانت قدرة لا يملكها سوى قلّة في الكون، تُستخدم لأمر العالم بكلمات لا يمكن إنكارها.
ما دمتَ تملك طاقة كافية، يمكن أن يُفعل أي شيء بالحقيقة. أي شيء.
في الداخل، عدّلت ليونورا وقفتها، محاوِلة تثبيت تنفّسها. لم يتوقف قلبها عن الخفقان منذ أن دخلت الحفرة.
الوحش سار بخطوات بطيئة على الجانب المقابل لها.
ثم، دون سابق إنذار، اندفع إلى الأمام.
انشق الهواء بصوت انفجار صاعق بينما اندفعت قبضته نحو جمجمتها، بسرعة كافية لتمزيق الفضاء.
لم يكن لدى ليونورا وقت حتى لتطرف بعينيها.
هذا هو.
لم تستطع المراوغة.
لم تكن سريعة بما يكفي. كانت تعرف أنها لن تفوز، وأن معلمتها لن تساعدها.
بينما كان ذراع الوحش يهبط، سمعت ليونورا صوتًا هادئًا.
"ليونورا." صدى صوت معلمتها تردّد بخفوت داخل عقلها. "استدعي السامية الأعلى."
انقبضت معدتها.
استدعاء السامية الأعلى؟
أرادت أن تبكي. القيام بذلك كان مؤلمًا جدًا، وسيجعل جسدها يتألم لأسابيع، لكن مرة أخرى، كانت معلمتها تفعل هذا لمعاقبتها. بالطبع، سيكون هناك ألم.
تحرك جسدها قبل أن يواكب عقلها.
أغمضت عينيها. تشقق صوتها، لكنها تكلّمت بوضوح.
"أيتها السامية الأعلى،" همست، "يا أمي، امنحيني بركتك مرة أخرى. قفي معي في هذا المكان الخراب."
في اللحظة التي غادرت فيها الكلمات فمها، تغيّر كل شيء.
قبضة الوحش لم تهبط قط.
فتحت ليونورا عينيها، وهالتها خضعت لتحولات مرعبة.
الفضاء من حولها انحنى بخفة، كأن الجاذبية قد خفّت قبضتها.
لم تعد تلمس الأرض. كانت تطفو فوقها بقليل، محاطة بوميض خافت من أضواء زرقاء.
تألّق الماء حولها إلى الوجود، متصاعدًا كالدخان، ملتويًا في الهواء كأنه ذو إرادة خاصة.
تراجع الوحش فورًا.
انتقل إلى حافة القبة وضغط ظهره على الحاجز، مرتجفًا بوضوح.
جسده، الذي كان يتحرك بيقين ميكانيكي من قبل، صار يرتجف كورقة في عاصفة.
حدّق في ليونورا بخوف.
حتى تعبير ليونورا تغيّر أيضًا.
عيناها توهّجتا بخفوت، وكأن شيئًا إلهيًا قد مسّهما.
ارتسمت ابتسامة ماكرة على طرف شفتيها. كانت تبدو كما هي، لكن حضورها وهالتها كانا مختلفين تمامًا.
"م-من؟ أنتِ—"
رفع الوحش يده وكأنه على وشك الكلام، لكن ليونورا لم تنتظر حتى يُكمل.
فقط رفعت يدها اليمنى وأدارت كفها ببطء عكس عقارب الساعة.
ثم استجاب العالم.
أمام عيني الموت بلا اسم، تشنج جسد الوحش.
كان يصغر.
كل ثانية تمر كانت تمحو جزءًا منه، ثم اختفى.
اختفى تمامًا.
تشقق القُبّة الذهبية وتبددت إلى لا شيء.
الحاجز الذي أنشأته أسموديا بالحقيقة تلاشى إذ تحقق شرطه. لقد ظهر المنتصر.
استدارت ليونورا نحو أسموديا.
الابتسامة الماكرة، الممزوجة بالغموض، لم تفارق شفتيها.
"أسموديا،" قالت، "آمل ألا تسببي لابنتي هذا القدر من المتاعب. إنها كسولة قليلًا، نعم، لكن إرسالها لمقاتلة مستوى التاسع؟ أليس هذا إفراطًا؟"
"لم أكن لأضطر لفعل هذا لو كانت مواظبة على تدريبها."
ليونورا – لا، التي كانت تتلبس جسدها – ضحكت بخفة عند سماع رد أسموديا.
ثم تحولت عيناها نحو الموت بلا اسم و زاجيروس. تعمّقت ابتسامتها قليلًا.
تقدّم بارباتوس إلى الأمام. لم ينحنِ، ولم يجثُ. لكن بدا عليه قدر من الاحترام في الطريقة التي وقف بها.
"أيتها السامية الأعلى،" قال بصوت ثابت، "هناك أمر أود أن أطلبه منكِ."
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات