انزلق الموت بلا اسم متوقفًا في الهواء، وهالة خافتة تدور حول قدميه.
ضيّق عينيه.
كانت هالة الهائج أثقل من ذي قبل.
كثيفة ومخنوقة، تضغط عليه مثل موجة مدٍّ عارمة.
لقد أصبحت أكثر حدة، وأكثر اكتمالًا، ولم تعد مقيّدة بحدود المرحلة الرابعة.
لقد تجاوزت إلى المرحلة الخامسة.
الواقع المحيط بالهائج تموّج وتشوه، وكأن العالم نفسه لم يعرف كيف يتعامل مع وجوده.
كانت عناصر الفوضى والفراغ تدور من حوله، تتشابك فوق بعضها البعض، وتزداد كثافة مثل غيومٍ تسبق العاصفة.
"لماذا توقفت؟ هل تخاف مني أيها الوغد الصغير؟" ابتسم الهائج بخبث.
أغلق الموت بلا اسم عينيه وزفر بهدوء.
وتوقف عن كبح نفسه.
انفجرت هالته إلى الخارج، مستبدلة الغلاف الجوي المحيط بهما.
كان ثقل هالته أثقل من هالة الهائج.
أُجبرت الفوضى الفارغة على التخلي عن اضطرابها والانصياع للنظام تحت تأثير هالته.
تلاشت ابتسامة الهائج قليلًا حين شعر بذلك.
خطا الموت بلا اسم خطوة واحدة إلى الأمام.
فتحطمت الأرض تحت قدميه إلى غبار، واستمرت هالته بالتصاعد إلى الأعلى، لتصل إلى المرحلة الخامسة بثباتٍ مرعب.
لم يكن هالته كافيا لقمع قوة الهائج فحسب، بل جعلتها بلا معنى.
"أرى الآن،" قال الهائج. "قدرتك القتالية قد دخلت مجال المرحلة الخامسة."
لم يُجب الموت بلا اسم.
رفع ذراعه اليمنى، فانفجرت على طولها نيران.
كانت بيضاء باهتة، تمتزج بخيوطٍ ذهبية خفيفة.
نيران غريبة… لكنها مألوفة.
لقد نمت مع الزمن داخل ذلك الكون قبل أن يعثر عليها الموت بلا اسم.
نيران نهاية العالم.
من دون أي إنذار، اندفعت في قوسٍ هائل اجتاح نحو الهائج.
ارتفعت الحرارة بشكلٍ حاد.
تقرّحت السماء فوقهما، وتبددت الغيوم بينما لفّت الحرارة العالم كله.
تحوّل الرمل إلى زجاج، واهتزّ الهواء بطاقةٍ غير مستقرة.
اصطدم عمود النار بالهائج كأنه شفرة سماوية تهبط من السماوات.
وحين انطفأ اللهيب، وقف الهائج في المركز، وكان جسده محترقًا وجلده مدخنًا.
الأرض من حوله تلاشت، وتحولت إلى حفرٍ منصهرة من الزجاج.
لكنّه ظل واقفًا.
أخرج نفسًا عميقًا.
ارتعش جسده مرة واحدة، ثم بدأ يتجدد.
تعالى ضحكٌ مرعب.
ضحك الهائج دون قيود.
"كان ذلك رائعًا!"
بدأ حضوره يتطور…
أليافه تعيد تشكيل نفسها، جلده يُغلق، وآثار الحروق تختفي تمامًا.
"لكن هذا لن ينجح مرة أخرى، و…" قال الهائج وهو يطقطق عنقه. "يجب أن تكون أكثر حذرًا حين تهاجم."
نظر الموت بلا اسم إلى الأسفل.
ذراعه كانت مفقودة.
'لقد هاجم بهجوم مضاد في اللحظة ذاتها التي أصاب فيها هجومي.'
عبس الموت بلا اسم.
كما هو متوقع، كان ساميّ الفراغ خصمًا هائلًا.
زفر، وأعاد الزمن إلى الوراء لإصلاح ذراعه بمجرد فكرة.
"يا سلاسل الجحيم، قيدي الشر الذي أمامي." تمتم الموت بلا اسم.
لم يستخدم نيران نهاية العالم.
فقط من رؤية الهالة 'المتطورة' للهائج، أدرك أنه قد تأقلم الآن مع تلك النيران.
راقب الهائج بترقّب بينما انفجرت سلاسل سوداء مائلة إلى الحمرة من الأرض.
التفتت حول أطرافه، وأحكمت تقييده في مكانه.
رفع الموت بلا اسم يده.
تلبدت الغيوم في الأعلى.
وبدأ رمحٌ ضخم بالهبوط من السماء، سطحه يغلي بطبقاتٍ من عناصر الموت.
كان بحجم قمر، مغطى برموزٍ متحركة، يشقّ الهواء أثناء سقوطه.
ابتسم الهائج وهو ينظر إلى الأعلى.
اصطدم الرمح بالأرض.
وحين سقط، شطر الأرض إلى نصفين.
امتدّ الأثر لأميال، قاطعًا عميقًا في نواة العالم.
الفضاء الأبعادي ملتوي انهار من حوله، غير قادر على تحمل الضغط.
ظلّ الموت بلا اسم معلقًا في الهواء، يراقب.
ثم انقشع الغبار، وخرج الهائج.
كان ينزف، جسده ممزق، لكن خطواته ثابتة.
ومع كل نفسٍ، أغلقت جراحه، وبدأت طاقة الموت التي كانت تتشبث به بالتلاشي ببطء.
"هذا لا يكفي!"
مع ضحكة عالية، اندفع الهائج إلى الأمام.
لم يتفادَ الموت بلا اسم. بل سرّع سرعة تفكيره.
'ها هو مجددًا.'
'إنه يتأقلم.'
شدّ الموت بلا اسم فكّيه بقوة.
كانت قوة الفراغ مذهلة في شدّتها.
'يجب أن أنهيه بضربة واحدة… وإلا فسيواصل التطور والتكيّف.'
في تلك اللحظة، أنشأ ثقبًا أسود خلف الهائج.
كتلته الدوّارة من الجاذبية امتصت ما حولها من تضاريس، وثنت الضوء والهواء على حد سواء.
سُحب جسد الهائج إلى الخلف.
قاوم الجاذبية للحظة، ثم أطلق زئيرًا مدويًا. انفجرت منه طاقة الفوضى، وتقدّم خطوة إلى الأمام متحديًا قوة الجذب.
تمزقت بشرته.
وتحطمت عظامه، واندفعت من جسده إلى الخارج.
لكن ابتسامته لم تختفِ أبدًا.
توهج الضوء في عينيه بقوةٍ مرعبة وهو ينظر إلى الموت بلا اسم، ويسير خارجًا من الثقب الأسود.
مع كل خطوةٍ يخطوها، ضعفت قوة السحب، حتى وقف عند الحافة.
صرخت عناصر الفراغ.
لقد كان يتأقلم مجددًا.
تصلبت ملامح الموت بلا اسم.
وقبل أن يتمكن الهائج من التعامل مع الثقب الأسود، هاجمه الموت بلا اسم مرة أخرى.
[جذور افتراس العوالم الأثيرية]
انفجرت الجذور من الأرض أدناه.
كانت تلك الفروع الأثيرية العملاقة قادرة على التهام عالمٍ بأكمله.
لم تكن مادية، بل روحية، تمتص ليس فقط المانا، بل الوجود ذاته.
التفت حول ذراعي الهائج وساقيه وحتى عنقه، تمتص طاقته بوتيرةٍ متسارعة.
لقد خفت هالة الهائج.
كانت الجذور تتغذى على قوته وتهدده بأن تفرغه تمامًا.
لكن ضحكته المجنونة لم تخمد.
كان يستمتع بهذه المعركة.
يستمتع بأن يُسحق.
م.م: لماذا احس إن هائج مازوخي هنا💀
وبابتسامةٍ مسعورة، عضّ الجذر الأكثر سمكًا قرب عنقه.
تصدّع… ثم تحطم. وبدأت الجذور الأخرى تتلاشى أيضًا.
من دون تردد لحظة، اندفع نحو الموت بلا اسم.
[ساعة الصفر]
أطلق الموت بلا اسم أصابعه، محاولًا محو الهائج من خط الزمن.
موجة مخروطية من الإلغاء انبعثت من جسده، تمحو المكان والمانا والزمن.
حيثما لامست، لم يبقَ شيء.
الضوء، الحركة، الذاكرة.
كل شيء كان يتلاشى.
سحب الهائج قبضته إلى الخلف ووجّه لكمة.
عاصفة من الفوضى والفراغ انفجرت.
لقد مزق ساعة الصفر.
لكن قبل أن يواصلا، تجسدت اثنتا عشرة كرة بيضاء استدعاها الموت بلا اسم حول الهائج.
تحولت كل كرة إلى مستعرٍ أعظم.
موجات هائلة مدمّرة من الضوء والقوة اصطدمت بالأرض والسماء وببعضها البعض.
تفتتت الأرض تمامًا تحت الضغط.
تمزّق الفضاء البُعدي. واختفى الصوت نفسه تحت وطأة الحرارة والقوة الطاغية.
كان الموت بلا اسم يلهث.
رغم أنه لم يتحرك، فقد استخدم أقوى هجماته بشكلٍ متتالٍ وسريع.
ومع ذلك…
"هل تعبتَ بالفعل؟"
تردّد صوت الهائج.
اندفع نصل من الفراغ إلى الأمام، قاطعًا الشقوق التي خلفتها هجمات الموت بلا اسم في الفضاء.
'اللعنة، إنه يستمر في التطور والتكيّف مع هجماتي.'
كان الموت بلا اسم بحاجةٍ لقتله بسرعةٍ تفوق سرعة تطوره وتأقلمه.
زفر، وبدأ باستخدام—
"لن تفوز بهذا الشكل."
كان الهائج أمامه بالفعل.
ضربة مباشرة أصابت الموت بلا اسم في صدره.
تحطمت عظامه. وتبعتها لكمة أخرى أرسلته طائرًا في الهواء.
قبل أن يتمكن من استعادة توازنه، كان الهائج هناك مجددًا، رافعًا ركبته ليركله في أضلاعه ويقذفه عاليًا من جديد.
سعل الموت بلا اسم، متناثرًا بالدماء من فمه، بينما كان يُقذف عبر تلةٍ ويستقر داخل فوهةٍ عميقة.
اقترب الهائج ببطء، دون استعجال.
"قلت لك،" تمتم. "اكتشف مسارك. من دونه، ستموت هنا اليوم."
مدّ يده وأمسك الموت بلا اسم من ياقة صدره، رافعًا إياه عن الأرض.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات