نظر إليه نيو لثوانٍ قليلة.

نظره لم يتحرّك.

وأخيرًا، أومأ إيماءة صغيرة.

"حسنًا."

لقد كان يريد استعادة ذكرياته، وذلك وحده جعل الأمر يستحق.

رفع كيفن نظره نحو سفينة التحالف التي ما تزال عالقة في السماء فوقهم.

"سأعود بعد دقيقة. انتظر هنا فقط."

طار نحو الأعلى، واختفى داخل السفينة مع هبّة ريح حادة.

في داخل السفينة، بدأ الضجيج يهدأ تدريجيًا.

كان نيو يستطيع أن يشعر بذلك.

كان كيفن يتحدث إليهم، وربما كان يقدم لهم نوعًا من الطمأنينة.

وبحسب الهدوء الذي ساد، يبدو أن كيفن أخبرهم بأنه سيتولى أمر الموت بلا اسم بنفسه.

بعد بضع دقائق، عاد كيفن إلى سطح الكوكب.

اقترب من نيو، ثم أخرج سفينة فضائية ضخمة وأنيقة من جيبه الفضائي.

كانت تتلألأ تحت ضوء الشمس، يعكس معدنها المصقول لمعان السماء المتشققة، وكانت بحجم ملعب ضخم.

"ادخل," قال كيفن.

رفع نيو حاجبه وهو يتفحص السفينة.

"لماذا لا نستخدم أجهزة النقل؟ ألن يكون ذلك أسرع؟"

لم يُجب كيفن مباشرة.

جلس في مقعد القيادة وبدأ بتشغيل المحرك.

"العديد من مناطق الفضاء تعاني من اضطرابات مكانية. البوابات لا تعمل هناك. الخيار الوحيد هو السفن."

أومأ نيو. كان ذلك منطقيًا.

"وعلاوة على ذلك," أضاف كيفن، "أنا أحب السفر بالسفن الفضائية أكثر من استخدام البوابات."

أطلق نيو ضحكة صغيرة رغم الموقف.

كان ذلك يبدو أشبه بالسبب الحقيقي.

سافروا لساعات.

ثم تحولت الساعات إلى أيام.

كانت السفينة تسير بسرعة مذهلة، أسرع من أي شيء اختبره نيو من قبل.

وفي اليوم الرابع، انحنى نيو للأمام وسأل، "ما مدى سرعة هذه الآلة بالضبط؟"

لم يرفع كيفن نظره عن أدوات التحكم.

"أسرع من حاكم في ذروة المرحلة السادسة."

"مهلًا. تعني أن هذه السفينة أسرع من حاكم يستخدم كامل قوته؟"

"نعم. يمكننا صناعة تقنيات تتجاوز الحكام. لكنها مكلفة، وغير مستقرة، ونادرة. ولهذا لا تراها كثيرًا."

اتكأ نيو إلى الخلف في مقعده، مذهولًا.

وبعد أسبوع من السفر، بدأت السفينة تُبطئ سرعتها.

وبدا أمامهم كوكب ضخم مغطى بالكامل بغابات كثيفة خضراء.

نزلوا ببطء عبر طبقات من الضباب الأبيض حتى هبطوا على مساحة خالية قرب قلعة ضخمة.

خرج نيو من السفينة وبدأ يتفحص المكان.

لم تكن هناك حيوانات أو حشرات أو بشر، فقط أشجار تمتد بلا نهاية.

لكن الجزء الأغرب كان الإحساس في الجو.

كان يشعر بقوة الزمن في كل مكان حوله. كانت… كثيفة جدًا.

تجهّم نيو.

العناصر الزمنية في المنطقة كانت طبيعية.

لكن الكوكب نفسه كان ينبض بقوة الزمن.

ذلك لم يكن منطقيًا.

إما أن حواسه مُخفّفة بفعل تعويذة ما، أو أن هذا الكوكب فريد بالكامل.

توجها نحو القلعة. كانت ضخمة، مبنية من حجر باهت اللون تتخلله عروق متوهجة من النقوش السحرية.

وعندما دخلا، انحنى حارسان عملاقان من الغولِم بصمت أمام كيفن ونيو.

كان نيو يواصل النظر حوله أثناء سيرهما في الممرات.

"أنت هادئ جدًا بالنسبة لشخص يدخل قلعة مليئة بالمجهول," قال كيفن.

اكتفى نيو بهز كتفيه.

وفي النهاية وصلا إلى جناحٍ في الحديقة داخل القلعة. كان بسيطًا لكنه أنيق.

في الوسط، جلست امرأة وحيدة إلى طاولة بيضاء تحتسي الشاي.

رفعت نظرها عندما اقتربا.

كان مظهرها راقيًا. ملابسها أنيقة ونبيلة، ووجهها يحمل جمالًا هادئًا من النوع الذي يجعل الناس يتوقفون دون وعي.

توقف نيو لبرهة يحدّق بها.

كانت جميلة جدًا، لا تفوقها إلا إليزابيث.

التفتت إلى كيفن بابتسامة لطيفة.

"لقد عدت أخيرًا—"

توقفت كلماتها عندما لاحظت نيو. اختفت ابتسامتها. ضاق بصرها.

"بلا اسم؟"

تغيّر نبرتها على الفور. أصبح صوتها باردًا، خاليًا من المشاعر. تحولت عيناها إلى رمادي باهت وهي تنهض من مكانها.

نظرت إلى كيفن.

"لماذا جلبته إلى هنا؟"

"إنه يحتاج إلى مساعدتك لاستعادة ذكريات حياته الأولى."

لم تبدُ سعيدة بذلك.

أطلق كيفن تنهيدة هادئة.

وقبل أن تعترض أكثر، أشار إلى نيو.

"هذا هو نيو. أو الموت بلا اسم إن أردتِ مناداته بالاسم الذي تعرفينه به."

ثم التفت إلى نيو.

"نيو، قابل فيفيان. ساحرة الزمن."

أومأ نيو إيماءة صغيرة.

لم تردّ فيفيان التحية.

"لن أساعده," قالت بحدّة.

"فيفيان."

اقترب كيفن منها.

أدارت رأسها بعيدًا عنه.

أمسك بيديها ونظر إليها مباشرة.

واصلت تجاهله، لكن تحت نظراته المكثفة، تصلّبت كتفاها.

أغمضت عينيها بقوة، وتمتمت بشيء بصوت منخفض.

"…حسنًا," قالت أخيرًا. "لكن سأفعل ذلك فقط إن أعطيتني سببًا مقنعًا."

"إن ساعدتِه، يمكنك أن تنالي انتقامك."

توقفت فيفيان.

اتسعت عيناها قليلًا، ونظرت إلى نيو مجددًا.

"…إن استعاد كل شيء، إذًا…"

لم تُكمل جملتها.

سارت نحو مقعدٍ قريب وأشارت لنيو أن يجلس.

ظل نيو صامتًا طوال الوقت.

تحرك دون أن ينبس بكلمة وجلس.

وقفت فيفيان بجانبه، ووضعت يدها على جبهته.

"سأريك ما حدث في الماضي. سيساعدك ذلك على استعادة ذكريات حياتك الأولى."

أومأ نيو.

غلف ضوء خافت رأسه، وبدأت رؤيته تتشوش. ثم حلّ الظلام التام.

فقد وعيه.

قصر السيادة، الحقبة التاسعة

امتدت حجرة خافتة الإضاءة في صمتٍ ثقيل.

في مركزها، كان مكعب فضي يطفو في الهواء، يتوهّج بنورٍ خافت.

لم يكن الضوء ساطعًا، لكنه كافٍ لإظهار الأرضية الحجرية تحته، وإلقاء ظلال طويلة على الجدران.

كان المكعب ينبض بإيقاعٍ بطيء، مطلقًا طاقةً بدت فوضوية ومنضبطة في الوقت ذاته.

ثم سقط.

ارتطم المكعب بالأرض، وفي اللحظة التالية تشققت سطحه وبدأ يتغيّر.

ومن قشرته المتصدعة، خرجت هيئة صغيرة.

كان طفلًا، يتنفس بصعوبة، ممددًا على الأرض.

شَعره أسود، وعيناه حمراوان كالدّم.

كان جسده نحيلًا وضعيفًا، ويبدو في أوائل سنوات مراهقته.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات

2025/10/28 · 27 مشاهدة · 808 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025