كان عاريًا ويرتجف.

رمش بعينيه سريعًا، يحاول أن يفهم ما يراه.

كان ذهنه مشوشًا، ممتلئًا بشظايا من شيء لا يستطيع إدراكه تمامًا.

الهواء من حوله كان باردًا، والمكان مظلمًا.

تملّكه الخوف.

ترددت خطواتٌ في أرجاء القاعة.

استدار الطفل نحو مصدر الصوت.

تقدّم رجلٌ طويل القامة من الظلال.

دخل في نطاق الضوء المنبعث من وهج المكعب المتلاشي.

كان ذا شعرٍ أسود طويل، وعينين حمراوين عميقتين، وقرنين منحنيين قليلًا من جبينه، ووجهٍ يحمل شبهًا غريبًا بالطفل.

"انهض."

رمى بشيءٍ عند قدمي الصبي.

سيف.

ارتطم بالأرض محدثًا صوتًا معدنيًا يتردد في المكان.

أخاف ذلك الصوت الطفل الذي لم يفهم ما يجري.

"انهض والتقط السيف."

لم يتحرك الصبي.

كانت ساقاه ترتعشان، وذراعاه ترتجفان، لكنه ظلّ منكمشًا على الأرض، خائفًا من أن يتحرك.

ثم جاءت الهمسات.

"لماذا لا يستجيب؟"

"هل هناك خطأ في رحم الشيطان؟ كان من المفترض أن يمتلك المعرفة بالفعل."

"يبدو تائهًا. فشل آخر؟"

اتسعت عينا الطفل.

أخذ ينظر حوله.

بدأ بصره يتأقلم.

في الظلام الذي يحيط بالحجرة، رأى أشخاصًا يرتدون معاطف بيضاء.

كانوا مصطفّين على الجدران، يحملون ألواح تدوين، يكتبون شيئًا في كل مرة يتحرك فيها أو يتفاعل.

حدّق فيهم، مرتبكًا وخائفًا.

كان يتنفس بسرعةٍ متقطعة.

"توقف عن النظر حولك."

اخترق الصوت البارد عقله كالنصل.

عاد ببصره على الفور إلى الرجل الواقف أمامه.

لم يكن على وجه الرجل أي تعبير، لكن شيئًا في نظرته جعل معدة الطفل تنقلب خوفًا.

استطاع أن يشعر بأن الرجل بدأ ينزعج.

ارتجف جسده، وبدأ يتحرك.

كل حركة بدت خاطئة. أطرافه كانت متيبسة، كأنها ليست له. لكنه أجبر نفسه على الاستمرار.

كان يشعر بوجود الرجل طوال الوقت.

صوتٌ داخليّ حذّره: إن خيّب أمل الرجل، سيحدث له شيءٌ سيّئ.

لذا، بأصابع مرتجفة، التقط السيف.

وأجبر نفسه على الوقوف.

ارتفع صدره بسرعة، وأنفاسه أصبحت غير منتظمة.

كان المعدن باردًا وثقيلًا في قبضته.

"هاجمني بأقوى ما لديك."

رمش الصبي بدهشة.

ومع ذلك، أمسك السيف بكلتا يديه.

أخذ نفسًا متقطعًا، يحاول فهم الشيء الغريب الذي يحمله.

ببطء، وبشكلٍ لا واعٍ، بدأت غرائزه بالاستيقاظ.

شيءٌ في داخله تحرك.

بدأ يفهم توازن السلاح، ووزنه، وكيفية تأرجحه.

لكنه لم يهاجم فورًا.

كان يعلم أن ضربة عادية لن تُرضي الرجل.

كان بحاجةٍ إلى شيءٍ أعظم.

بدأت الطاقة تتجمع حوله.

تومض برقٌ أحمر حول النصل.

انبهر أصحاب المعاطف البيضاء، لكن الطفل لم ينتبه لهم.

كان تركيزه بالكامل على السلاح، وعلى ما تمليه عليه غريزته.

رفع السيف ولوّح به بقوةٍ بكل ما أوتي من طاقة.

انفجر البرق إلى الأمام.

اندفع نحو الرجل ذي القرنين بهديرٍ عنيف.

كانت الطاقة الفوضوية تتطاير في الهواء.

لكن قبل أن تلامسه، تشتّتت الطاقة تحت تأثير هالة الرجل.

لهث الطفل، مشدود القبضة على السيف.

ثم سمع الأصوات من جديد.

"كان ذلك قريبًا من مستوى الخبير في إتقان عنصر الموت."

"لقد خُلق منذ لحظات فقط… ومع ذلك وصل إلى هذا الحد؟"

"هاهاها! لقد نجحنا في خلق شيطانٍ اصطناعي!"

"لقد ورث دم السيّد الأعلى، إنه أقوى مما توقعنا."

وقف الصبيّ بلا حراك، لا يعرف ما الذي عليه فعله الآن.

لكن عند سماعه تلك الكلمات، شعر بشيء يتحرك بداخله. دفءٌ خافت.

لم يفهم ما الذي يقصدونه بـ"السيّد الأعلى"، لكنه افترض أن المقصود هو الرجل الواقف أمامه.

مدحهم جعله يعتدل قليلًا في وقفته.

لم يختفِ خوفه، لكنه خفّ قليلًا.

ربما أدّى أداءً جيدًا.

أطلق السيّد الأعلى زفيرًا مسموعًا.

"إنه فشل."

كانت تلك الكلمات كطعنةٍ جعلت أنفاسه تتقطع.

ساد الصمت أرجاء القاعة.

توقفت الأصوات.

حتى أولئك الذين يرتدون المعاطف البيضاء بدوا مشوشين، تتنقل أعينهم بين بعضهم البعض.

"هذا أفضل ما يمكن أن نحصل عليه من رحم الشيطان،" تابع السيّد الأعلى، "لكن في النهاية… إنه تافه. ما كان عليّ أن أتوقع أي شيءٍ أفضل من أداةٍ أُهديت إليّ من عار الساحرات."

هبط قلب الطفل في صدره.

تردّد أصحاب المعاطف البيضاء في أماكنهم.

بعضهم نظر إلى الطفل، وآخرون إلى الرجل.

كانت وجوههم مزيجًا من الحيرة وعدم التصديق.

أحدهم تجرأ أخيرًا على الكلام بصوتٍ خافت.

"لكن يا سيّد أعلى… موهبته واضحة—"

استدار الرجل قليلًا، ومضت عيناه ببريقٍ مخيف.

"هذا المستوى من الموهبة عديم القيمة. لسنا بحاجةٍ إلى القوة. نحن بحاجةٍ إلى معجزة. وهذا… المخلوق ليس كذلك."

أصبح الجو في الغرفة أبرد بعد تلك الكلمات.

ولم يتكلم أصحاب المعاطف البيضاء بعد ذلك.

واحدًا تلو الآخر، انحنوا برؤوسهم.

لم يدافع أحد عن الطفل بعد الآن.

لقد فهموا أن السيّد الأعلى كان محقًا.

"أنهوا تجارب رحم الشيطان."

استدار السيّد الأعلى وغادر.

ظلّ الطفل واقفًا هناك، ممسكًا بالسيف، لا يزال جسده يرتجف قليلًا.

تلاشت أصداء خطوات السيّد الأعلى، لكن الصمت الذي تبعها كان أثقل.

واحدًا تلو الآخر، بدأ أصحاب المعاطف البيضاء بالمغادرة.

لم يقولوا شيئًا.

لم يلقوا على الطفل نظرةً أخرى.

غادروا بهدوء، ممسكين بألواحهم بإحكام.

وفي النهاية، خلت الغرفة تمامًا.

ظلّ الطفل واقفًا هناك، لا يعرف ما عليه فعله.

لم يعلم إن كان عليه الانتظار لأحد، أم أنه قد تُرك وحيدًا.

مرت ساعات، وربما أيام.

لم يكن قادرًا على التمييز.

وبينما لم يكن لديه ما يفعله، حاول أن يستخدم المعرفة المغروسة في ذهنه.

شكّل قماشًا مظلمًا حول جسده باستخدام تقنيات نسجٍ بسيطة.

كانت يداه مرتجفتين وغير ماهرتين، لكنه تمكّن من تغطية نفسه.

كان النسيج السحري خشنًا، لكنه أفضل من برودة الهواء.

واستمر في التدريب على السيف.

فذلك كان الشيء الوحيد الذي يعرف كيف يفعله جيدًا.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/10/28 · 23 مشاهدة · 818 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025