"أعده إليّ. أنا جائعة."
"هل تمزحين؟ كم مرة ستوقظينني في منتصف الليل لأنكِ جائعة؟ أنتِ تفعلين ذلك كل يوم الآن."
"ليس خطئي! إنه خطؤك أنت! لماذا تطهو بهذا الإتقان؟"
نظر إليها بعدم تصديق.
بعد كل هذه السنوات، أصبحت مورين تبدو في أوائل العشرينات من عمرها.
تحوّلت إلى جمالٍ فاتن.
فاتن لدرجة أن نصف زبائن الحانة صاروا يأتون فقط لرؤيتها.
وكان عليه أن يلقّن بعضهم درسًا عندما يتمادون أو يتجرأون عليها، وكان ذلك يحدث مرة على الأقل كل أسبوع.
ومع ذلك، فهذه هي المرأة نفسها التي اقتحمت غرفته في منتصف الليل، أيقظته وهي تتذمّر مطالبةً بالطعام لأن معدتها التي لا تشبع لم تدعها تنام.
استمرت مورين بمحاولة انتزاع الطبق من يده، لكن قوتها كانت كقوة امرأةٍ عادية.
لم يكن لديها أي فرصة لتغلبه.
لم يعطها الطعام إلا عندما وصلت إلى شفير البكاء.
وحين أخذت الطبق، مرّر يده على وجهه وتنهد.
"لا أصدق أنني كنت أخاف من شخصٍ مثلها،" تمتم.
ثم نهض واقفًا.
"سأذهب لأنام. لقد أعددت كمية إضافية، لذا إن شعرتِ بالجوع مجددًا، فهي في المطبخ."
"أنت الأفضل!"
في اليوم التالي، سارت الأعمال كالمعتاد.
كانت الحانة مزدحمة دائمًا، ومرّت بضعة أشهر أخرى.
وببطء، بدأت مكانتهم تزداد شهرة.
صار الزبائن الدائمون يأتون كل يوم.
والسياح سمعوا عنهم وتوقفوا لتجربة الطعام.
بدأ الفتى يتوقع أنهم سينتقلون مجددًا، كما اعتادا دائمًا.
لكن مورين قالت شيئًا مختلفًا هذه المرة.
"لن ننتقل،" قالت له وهي تنظف بعض الأكواب خلف المنضدة. "لقد قررت البقاء هنا فترة أطول."
جعلته كلماتها يبتسم.
"شكرًا لكِ يا مورين. يمكنني أخيرًا أن أُكوّن بعض الأصدقاء!" قال ذلك واندفع خارج الحانة بحماس.
ابتسمت وهي تراه يغادر.
ومضت الأسابيع.
في صباحٍ باكر، عاد الفتى إلى المنزل بعد الصيد.
كانت الحانة أيضًا منزلهما، فدخل من الباب الخلفي كعادته.
لكن شيئًا ما كان غريبًا.
كانت السكينة ثقيلة جدًا.
أبطأ خطواته.
استولت عليه غريزته.
مدّ يده إلى خنجر الصيد المربوط بحزامه—الذي كان يستخدمه لسلخ اللحم—وانخفض بجسده، يتحرك ببطء عبر الممر.
"مورين؟" ناداها وهو يزحف للأمام بحذر.
ثم رآها.
كانت الطاولات والكراسي في الحانة محطّمة.
شظايا الخشب متناثرة على الأرض.
ومورين كانت جالسة أمام المنضدة، تنزف وتتنهّد بصعوبة.
"مورين!"
أسرع نحوها.
"ما الذي حدث؟ لماذا أنتِ مصابة؟"
"اهدأ…"
حاولت أن تبتسم.
"أنا… بخير…"
من دون أن يقول شيئًا، حملها برفق ونقلها إلى غرفتها.
وضعها برفق على السرير، وأحضر لها بعض الأعشاب، وبدأ بتنظيف جروحها.
كل ما يعرفه عن الإسعافات الأولية والأعشاب الشافية، كانت مورين هي من علمته إياه.
تأكدت دائمًا أنه قادر على التعامل مع أي طارئ في الحياة اليومية.
نظّف الجرح في رأسها والخدوش على ذراعيها وساقيها.
لم يكن أي منها عميقًا جدًا، لكن النزيف كان مقلقًا.
وبعد أن انتهى من تضميدها، جلس إلى جوارها.
"ما الذي حدث؟" سأل مجددًا.
كانت صامتة.
"مورين."
زفرت ببطء وقالت، "القرويون اكتشفوا أنني ساحرة. جاؤوا ليحذروني كي أغادر."
"ماذا؟"
"إنهم لا يحبون الساحرات،" قالت محاولةً أن تبتسم مجددًا. "ولهم الحق في ذلك. القتل الجماعي، والخطف، والتجارب على البشر. للساحرات سمعة سيئة بسبب كل تلك الأفعال."
تبدّل تعبير وجهه.
"...هل قمتِ أنتِ بأيٍ من تلك الأشياء؟"
"لا."
"إذن لماذا آذوكِ؟"
"لأنني ساحرة."
قبض يديه بإحكام.
وتوتر جسده بالكامل غضبًا.
"سألقّنهم درسًا."
مدّت يدها وأمسكت كمّه قبل أن ينهض.
"لا بأس،" قالت، ثم أضافت، "…قد نضطر للرحيل مجددًا، وننقل الحانة إلى مكان آخر. أنا آسفة."
حينها فقط أدرك السبب الحقيقي وراء تنقلهما الدائم من بلدة إلى أخرى.
لم يكن حبًّا في الترحال.
بل كان خوفًا.
خوفًا من أن يُكشَفا.
في اليوم التالي، استيقظت مورين بهدوء.
نالت نومًا مريحًا.
أدارت رأسها إلى الجانب، على أمل أن تراه هناك.
فحسب ما تتذكر، كان قد بقي يعتني بها طوال الليل.
لكنه لم يكن موجودًا الآن.
عندها لاحظت رائحة الدم في الهواء.
تملّكها الذعر.
أزاحت بطانيتها ونهضت بتعب من السرير، تبحث عن أي أثرٍ للفتى.
خشيت أن يكون قد أُصيب.
أسرعت بالنزول عبر الدرج.
كانت رائحة الدم أقوى قرب المدخل الأمامي.
وحين فتحت باب الحانة الأمامي، انقبض قلبها.
كانت الجثث مكدّسة أمام المبنى.
نظرت حولها.
الشوارع كانت ساكنة على نحوٍ مقلق.
والمنازل القريبة… كان بها شيء خاطئ. رائحة الدم تنبعث منها أيضًا.
ثم رأت حركة.
كان الفتى يسير نحوها، يحمل سيفًا بيده.
لم يكن على جسده أو ملابسه أثرٌ واحد للدم.
"أوه، لقد استيقظتِ. هل نبدأ بحزم الأمتعة للرحيل؟" سألها.
تجمّدت مورين في مكانها.
ارتجفت شفتاها.
لم ترغب بتصديق أن شخصًا طيبًا مثله هو سبب ما تراه أمامها.
رغم أن كل شيء كان يشير إلى ذلك، كانت تأمل أن لا يكون الأمر كذلك.
"هل… هل أنت من فعل هذا؟" سألت بصوتٍ مرتعش، مشيرةً إلى الجثث.
أومأ برأسه. "لقد جاؤوا إلى الحانة عند الفجر وهم يحملون أسلحة. كانوا يتحدثون عن مطاردة ساحرة. لذا، تعاملتُ مع الأمر."
حبست أنفاسها.
"وماذا عن الناس في المنازل؟ هل جاؤوا للمطاردة أيضًا؟"
هزّ رأسه نافيًا.
"لم يفعلوا. لكنهم كانوا يعرفون بالفعل أنكِ ساحرة. وبما أنكِ لا تستطيعين استخدام السحر لإخفاء مظهرك، فحتى لو انتقلنا إلى مكانٍ آخر، سيُخبرنا القرويون من هنا. لذا، تعاملتُ معهم أيضًا."
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.