تقدّمت مورين خطوة إلى الأمام.

كان وجهها متصلبًا بعدم التصديق.

نظرات عينيها المتوترة أفصحت عن مشاعرها.

الدهشة، والخوف، والغضب، كلها كانت تحاول أن تجد مكانًا واحدًا على وجهها ذاته.

"ربما انكشف أمرك كساحرة مرةً وهربتِ. لو أنك فقط قتلتهم جميعًا في المرة الأولى، لما اضطررت للهرب مجددًا. لكن لا تقلقِ، الآن بعد أنني هنا—"

توقفت كلماته فجأة.

صفعتها دوّت بصوت أعلى مما ينبغي في سكون هواء الصباح.

وقف مذهولًا.

كانت وجنته تؤلمه، لكنه كان مشوشًا أكثر من أن يشعر بالألم.

تعثرت أفكاره، تحاول أن تدرك ما الذي حدث للتو.

"قتلتَ أناسًا أبرياء لأجل هذا؟! كان بإمكاننا أن نرحل فحسب! لم يكن ليكون الأمر صعبًا!" صاحت مورين، وقد تشقق صوتها من الغضب.

فتح فمه محاولًا أن يشرح.

"لكن—"

"اخرج."

"…ماذا؟"

"اخرج! لا تعد أبدًا! لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى! كانت غلطة مني أنني ظننت أن ابن هاديس يمكن أن يكون مختلفًا. أنت تمامًا مثله."

استدارت دون أن تنطق بكلمة أخرى، وعادت غاضبة إلى داخل الحانة.

وقف في مكانه، يحدّق في الباب المغلق، ما زال يحاول أن يفهم ما الذي حدث بالضبط.

وحين بدأ يستوعب الأمر أخيرًا، تباطأ العالم من حوله كليًا.

"اللعنة، اللعنة، اللعنة!"

أغلقت مورين مزلاج الباب الخلفي وبدأت في رمي ممتلكاتها في الحقيبة.

كانت يداها ترتجفان وهي تلمس الملابس والأدوات، لكنها واصلت الحركة.

كانت تنوي أن تدفن الموتى بعد أن تنتهي من جمع أغراضها، ثم تغادر البلدة قبل حلول المساء.

الجثث… لم تستطع إخراجها من ذهنها بعد.

تعبيرات الصدمة على وجوه الناس. الدماء.

لم يُوفَّر أحد.

مدّت يدها نحو قميص مطوي على الطاولة الجانبية، وتحدثت بلا وعي،

"هل رأيت الملابس التي اشتريتها أمس؟ لا أستطيع أن أجد—"

أجابها الصمت.

تجمّدت في مكانها.

وحين أدركت ما فعلت، عضّت شفتها وأغمضت عينيها للحظة.

لم يكن هنا.

ومع ذلك، ظلّ عقلها يعود إليه مرارًا، كجرحٍ لا تستطيع التوقف عن لمسه.

"لماذا فعل ذلك؟"

جاء الجواب سريعًا، أسرع مما توقعت.

"هاديس لم يعلّمه الرحمة. لقد منحه فقط القوة، والموهبة، ومعرفة الموت والحرب، وأطلقه في هذا العالم."

ربما… ربما كان يظن أن القتل هو الطريقة الوحيدة ليحميها.

"لا"، قالت لنفسها وهي تهز رأسها. "لماذا أقلق عليه الآن؟"

رمَت قميصًا آخر في الحقيبة.

"إنه كبير بما يكفي ليميز بين الصواب والخطأ. كان يجب أن يعرف أفضل من ذلك."

ومع ذلك، صارت حركات يديها أبطأ الآن.

هل أكل؟

هل ينام في مكان آمن؟

إنه ذكي، لكنه ساذج في بعض الأمور.

ماذا لو خدعه أحد؟

ماذا لو آذاه أحد وهو وحيد؟

"اللعنة"، همست. "عليّ أن أطمئن عليه مرة واحدة على الأقل."

ما إن خطرت الفكرة في ذهنها، حتى تحولت القلق إلى شيء أعلى صوتًا، وأكثر اضطرابًا.

لم تكلف نفسها عناء تبديل ثيابها.

ارتدت معطفًا فقط وخرجت من الباب الخلفي، وهو الباب الذي يستخدمه عادة موظفو الحانة للدخول والخروج.

لم تكد تخطو خطوة واحدة حتى لفت شيءٌ نظرها عند الجدار.

اختنق نفسها من جديد.

كان هناك، جالسًا متكوّرًا إلى جانب جدار الحانة، ركبتيه مضمومتان إلى صدره.

كان ظهره مسندًا إلى الحجر البارد، وعباءته ملتفة بإحكام حول جسده.

رأسه مستند على ذراعيه.

اقتربت خطوة، ولما شعر بها رفع رأسه.

"آه—"

انتفض واقفًا، بوضوح لم يكن يتوقعها.

"أنا… أنا آسف"، قال، وعيناه متسعتان، ويداه تعبثان بتوتر.

لم تتكلم.

"ما كان يجب أن أقتلهم. أنا آسف."

كان صوته خافتًا، مترددًا.

نظر إلى قدميه.

رؤيته هنا، قريبًا من المنزل، أيقظ في صدرها مزيجًا غريبًا من الغضب والارتياح، تمزج بمرارة في داخلها.

لكنه لم يلحظ ذلك.

كل ما رآه هو صمتها، وهذا دفعه لأن يتحدث بسرعة أكبر.

"كان يجب أن أطلب رأيك أولًا. ظننت أن ذلك هو الخيار الأفضل، لكن… لن أفعل شيئًا كهذا مجددًا. أرجوكِ… فقط لا تطرديني. أرجوكِ."

كانت قبضتاه مشدودتين وهو يتكلم.

وصوته يرتجف.

رؤيته على هذا الحال ذكّرها بالطفل الذي أُتي به إليها منذ سنوات.

"مورين، لا أريد أن أُرمى بعيدًا مجددًا. أرجوكِ..."

قبل أن يُكمل، تقدّمت نحوه ولفّت ذراعيها حوله.

"أيها الأحمق!" صاحت بصوت متقطع. "ما الذي يجعلك تظن أنني سأرميك بعيدًا؟! لن أفعل ذلك أبدًا!"

اتسعت عيناه وهو يشعر بدموعها على كتفه.

لم يكن يتوقع هذا.

"مورين؟"

"توقف عن قول إن الذنب ذنبك. كانت غلطتي أنا. كان يجب أن أعلّمك بشكل أفضل"، شهقت وهي تبكي. "لا تلُم نفسك، حسنًا؟ لن أطلب منك أن ترحل مرة أخرى أبدًا. فقط… لا تقل مثل هذه الأشياء مجددًا، حسنًا؟"

تشبثت به كما لو كان آخر ما يبقيها واقفة على قدميها.

استغرق الأمر منه ساعات ليهدئها.

وحين هدأت أخيرًا، كانت وجنتاها حمراوين ومتورمتين.

أنفها يسيل.

بدت بعيدة كل البعد عن الاتزان.

"أنا… أنا لم أكن أبكي."

"حسنًا."

"قلت إنني لم أكن أبكي!"

"لم أقل إنك كنتِ كذلك."

"لكن عينيك تقولان شيئًا آخر!"

كان مذهولًا.

مزاجها تغيّر مجددًا. أولًا الغضب في الصباح، ثم الحزن في المساء، والآن هذا.

نظر إليها بحيرة.

"ما خطبك اليوم؟"

اشتدّ فكها، وأدركت كم كانت تبدو سخيفة.

اعتدلت في وقفتها، ونفضت الغبار عن معطفها، وسعلت بخفة لتستعيد هدوءها.

"سأنتهي من جمع الأغراض… لذا…"

عاد التعبير الجاد إلى وجهها.

"أنت—اذهب وامنحهم دفنًا لائقًا."

تصلب وجهه عند سماع الكلمات.

ذكّرته بسبب كاد يجعلها تتخلى عنه كما فعل السيد الأعلى.

"يجب ألا تقتل الأبرياء"، قالت بهدوء، واضعةً يدها على رأسه. "تلك ليست حماية. هذا مجرد تدمير. عامِل الحياة بعناية."

أومأ برأسه.

استغرقه يومًا كاملًا ليدفن الجميع.

لم يستخدم السحر.

فعلها بيديه.

واحدًا تلو الآخر.

غادرا البلدة في صباح اليوم التالي.

بعد ذلك، مرّت السنوات.

ثم العقود.

لم يمكثا طويلًا في مكان واحد.

انتقلا من بلدة إلى أخرى.

افتتحا حانة، وأغلقاها، وبدآ من جديد في مكان آخر.

لم يقتل بريئًا مرة أخرى.

ومع مرور الزمن، شاخت مورين.

تشكلت الخطوط على وجهها. وبطؤت خطواتها.

ولم تطلب منه أبدًا أن يبتعد عنها مجددًا.

أما هو، فلم يتغير مظهره.

ما زال يبدو كالشاب على حافة البلوغ، متجمّدًا في الزمن بفضل الدم الذي يجري في عروقه.

لكن الزمن لم يُبالِ بذلك.

في النهاية، لم تعد قادرة على النهوض من السرير بعد الآن.

كانت الحانة هادئة حين دخلها ذلك المساء.

أنفاسها كانت واهية.

ابتسامتها ضعيفة.

كلاهما أدرك الأمر على الفور، لقد كان يومها الأخير.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/10/30 · 28 مشاهدة · 947 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025