لطالما ظنّت مورين أنّ الثقب في قلبها شيءٌ كُتب عليها أن تعيش به إلى الأبد.

لكن الآن، لم يَعُد ذلك الثقب ممتلئًا فحسب، بل صار يفيض.

لم تُدرك ذلك في البداية.

لم تكن لحظة وعيٍ عظيمة، ولا إلهامًا مفاجئًا.

بل كان الأمر ببساطة… هو.

تشاركا الضحك على كعكاتٍ احترقت.

تشابكت أيديهما أثناء نزهاتهما المسائية.

السعادة التي كانت تشعر بها بقربه تضاعفت فجأة أضعافًا كثيرة.

وجوده وحده كان كافيًا لأن يرسم ابتسامة على وجهها بلا سبب.

وحين كان يبتسم لها بالمقابل؟

كان قلبها يخفق كما لو كانت المرة الأولى من جديد.

ومهما مرّت الأيام أو الأسابيع أو السنين، لم يختفِ ذلك الشعور قط.

لم يتلاشى.

بل على العكس، ازداد قوةً فقط.

لكن بالطبع، الحياة لم تَدَعْهما في انسجامٍ كاملٍ إلى الأبد.

كانت مورين تكره أن تتجسّد من جديد في الماضي.

ولم تسأله قط عن كيفية قدرته على السفر إلى الماضي.

لأنّ لديها حدسًا قويًا بشأن الطريقة التي فعل بها ذلك.

"إنه يُكمل اختبارات الأخت الكبرى فيفيان، ولابدّ أنه طلب منها أن تُعيده بالزمن كمكافأة."

كانت الفكرة تثير غيظها.

لا، لم تكن تُثير غيظها فقط.

بل كانت تدفعها إلى الجنون تمامًا.

مجرد تخيّلها له وهو يلتقي بإحدى شقيقاتها الأخريات كان يجعلها ترغب في تمزيق شيءٍ ما.

لطالما اعتقدت مورين أنها أرقى من مشاعر التملّك المفرطة التي تصيب الساحرات الأخريات.

لم تكن من النوع الذي يغار فقط لأنّ حبيبها تحدث إلى امرأةٍ أخرى.

لكن إن تحدّث إلى ساحراتٍ أخريات؟

فذلك أمرٌ آخر تمامًا.

لقد حذّرتها فيفيان بنفسها. "الأخريات سيحاولن سرقته منك."

والآن هو يلتقي فيفيان؟

اشتعل صدرها من شدّة الفكرة.

لكن من ناحيةٍ أخرى… ربما استخدم طريقةً مختلفة للعودة إلى الماضي.

شيئًا لا علاقة له بأختها.

"إنه شيطان. لذا ربما يجد طريقةً أخرى. هذا ممكن."

تعلّقت بتلك الإمكانية.

طالما أنها لم تكن "تعرف" أنه التقى فيفيان، وطالما بقيت الطريقة غامضة، يمكنها أن تتظاهر بعكس ذلك.

كان الغموض درعها.

ومع ذلك، لم تكتفِ بالجلوس وانتظار الأمور أن تمضي كما هي.

حرصت على أن تُدرج قصصًا عن الساحرات أثناء أحاديثهما.

وجميع تلك القصص كانت بالطبع قصصًا سيئة.

وكان هو يضحك فحسب.

مما كان يثير جنونها، لأنها تعلم أنه يدرك تمامًا سبب تصرّفها هذا.

فقرّرت أن تأخذ بثأرها الصغير بطرقٍ طفيفة.

مثل المعجّنات.

"مورين؟" ناداها من المطبخ ذات صباح.

"نعم؟" أجابت وهي تقلّب مجلةً باسترخاء.

"أين ذهبت المعجنات التي خبزتُها؟"

"أوه، تلك؟" رمقته بنظرة بريئة. "كانت لذيذة."

"كانت من أجل المتجر."

"هممم. إذًا ربما لم يكن عليك أن تجعلها لذيذة إلى هذا الحد."

أخرجت لسانها نحوه بخفة.

نظر إليها، ثم فرك جسر أنفه وتنهد بعمق قبل أن يجلس أمامها.

"تعلمين ماذا؟ عليك أن تبدئي الخَبز للمخبز. أنا أعلم أنك قادرة على ذلك الآن."

"لكن معجناتك أطيب," أجابت بابتسامةٍ دافئة وهي تُميل رأسها قليلًا. "لماذا أصنعها أنا بينما طعم معجناتك مثالي؟"

مالت للأمام، وأسندت ذقنها على يديها، تتصرّف كصديقة مدلّلة بكل ما في الكلمة من معنى.

ولم يكن هو يمانع في ذلك حقًا.

فبقوّته وقدرته على التحمل، كان يستطيع أن يخبز طوال حياته دون أن يتعب.

وكان دائمًا يصنع الدفعة الأولى لأجلها وحدها.

كانت تعلم ذلك، لأنه كان يُعدّل مستوى الحلاوة والنكهة بحسب ذوقها في كل مرة.

بمعنى آخر، كان يتظاهر فقط بأنه منزعج.

ومرّ الوقت.

ولم يتوقف يومًا عن مفاجأتها.

في إحدى الأمسيات، ناولها لفافةً مختومة بخيطٍ مسحور.

"ما هذا؟"

"تقنية. شيء كنت أعمل عليه من أجلك."

"من أجلي؟"

"نعم، إنها تقنية إيقاظ المواهب الكامنة. بواسطتها، قد تتمكنين من الاستيقاظ."

"….ماذا؟"

"يمكنك أن تستيقظي بهذه التقنية. أنا واثق من ذلك."

"شكرًا لك," قالت مبتسمةً له بحرارة.

لكنه لم يبتسم بالمقابل.

بل نظر إليها للحظة وقال، "أنتِ لا تصدقينني."

"بل أصدقك."

"وجهك يقول العكس," تمتم. "مورين… لا يعقل أنكِ لا تستطيعين الاستيقاظ. أنتِ ساحرة."

"أنتِ واحدة من الأعمدة الثلاثة والثلاثين للكون."

"أعتقد أن سلطتك ليست ضعيفة."

"بل هي قوية إلى حدٍ لا يُصدّق، لدرجة أن جسدك وروحك لا يستطيعان تحمّلها بعد."

"إنه مثل شخصٍ يحاول تدريب قوّته بحمل صخرةٍ عملاقة. لن يصبح أقوى، بل سيتحطم فقط," شرح لها.

"…الساحرات تختلف مستويات مواهبهن," قالت بهدوء. "بعضنا يولد قويًا. والبعض الآخر، مثلي، حظي بنصيبٍ قليل."

نظر إليها للحظة، ثم تكلّم بعد صمتٍ قصير،

"حسنًا إذًا. لنقم بالتقنية على أي حال. حتى لو لم تنجح فورًا، فلنجرّب. فقط افعليها لأجل راحتي النفسية."

"…حسنًا."

جلسا متقابلين متربعين على السرير.

كان ظهره مستقيمًا، ويداه موضوعتان بعناية على لوحي كتفيها.

جلست أمامه، وعمودها الفقري مستقيم، وكفّاها مسترخيتان على ركبتيها.

كانت التقنية تتطلب منه أن يحرّك أعمق أعماق طاقتها الكامنة.

وقد يستغرق الأمر عقودًا—وربما قرونًا—قبل أن يحدث أي شيء.

لكن ذلك لم يبدُ مهمًا بالنسبة له.

فكلاهما كان من الخالدين، ولديهما ما لا نهاية من الوقت.

سمعته يُخرج أنينًا مكتومًا عندما فعّل التقنية.

فالتفتت برأسها نحوه.

"هل أنت بخير؟"

"نعم. فقط تفاجأت من طريقة تفاعل المانا خاصتك."

"حسنًا."

عادت إلى وضعها.

استمرّ في العمل، وبعد بضع دقائق من الصمت، تكلّم مجددًا.

"مورين؟"

"همم؟"

"إذا نجحت هذه التقنية، قد تصبح سلطتك أقوى أيضًا."

"لماذا؟"

"لأنني إن كنت محقًا، فإن سلطتك، سلطة الشراهة، قوية أكثر مما يستطيع جسدك تحمّله الآن. إذا تمكّنا من إيقاظ موهبتك، فسيصبح جسدك وروحك أقوى. وسيسمح لك ذلك باستخدام قدرٍ أكبر من قوة سلطتك."

ضحكت بخفة.

"سيكون من الجميل لو كان ذلك صحيحًا."

في الوقت الحالي، كانت سلطتها تمكّنها من اكتساب أجزاء صغيرة من المعرفة من الكائنات التي تقتلها.

مرّت الأيام بينما كانا يتدربان معًا، ويعتنيان بمتجرهما، ويقضيان الوقت سويًا.

ولم تكن كل الأيام جدية بتلك الصورة.

كانت هناك أيام مرحة، وأخرى محرجة أيضًا.

"مورين؟"

فتح الباب في الصباح وتجمد مكانه.

كانت مورين تقف قرب سريره، ممسكةً بقميصه، ترفعه إلى وجهها وتستنشق بعمق.

تجمدت في مكانها فور أن التقت عيناهما.

"ل-ليس ما تظنه," تمتمت بارتباك.

ابتسم ببطء. "لا داعي لأن تشعري بالإحراج يا مورين."

دخل الغرفة، جلس على حافة السرير، وعبث بشعرها وهي تحاول إخفاء وجهها خلف القميص.

"ألم تقولي الليلة الماضية إنك تكرهين رائحتي بعد التدريب؟" قال بنبرة مازحة. "هل كان ذلك كذبًا؟ قلت لكِ، لا داعي لأن تتصرّفي بتلك الوقار حولي."

"آه…"

تأوّهت وهي تغطي وجهها أكثر بالقميص.

كان هو دائمًا من يتقدّم خطوة في علاقتهما.

دائمًا أكثر نضجًا، وأكثر اتزانًا منها.

كانت تشعر أنّ عليها أن تكون هي الطرف الرزين، لا يمكنها أن تتصرّف كصديقةٍ طفولية بعد أن كانت أكبر منه بكثير، بكثير جدًا.

لذا حاولت أن تتصرّف كإنسانة ناضجة، خاصة بعدما اكتشفت ميوله.

"ألا تعرف كيف تغسل ثيابك؟ سأعلّمك."

"هاك هذا المال، يمكنك أن تشتري ما تشاء."

"لنغتسل قبل أي شيء. العرق لا رائحة له طيبة."

كانت تُعطيه النصائح، وتتصرف كما لو كانت الناضجة الحكيمة.

لكن كل ذلك كان تمثيلًا.

والآن، قد انهار التمثيل تمامًا.

"مورين، إن كنتِ تحبين رائحتي، فقوليها فقط."

كان صوته يحمل مسحة من الدلال المتكاسل، نصفه مزاح ونصفه حنان.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/10/31 · 29 مشاهدة · 1053 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025