لم يستطع أن يتركها.

لم يستطع أن يختار بينهما.

للمرة الأولى منذ زمن طويل — كما يتذكر — هو الرجل الذي كان يمضي قدماً مهما حدث — توقف.

رفضت قدماه أن تخطو الخطوة التالية.

انقسم دربه أمامه، وكانت كلتا المسارين عزيزتين عليه.

وأدرك نيو أن هذا كان انتقام فيفيان.

لم تكن تنوي إيذاءه مباشرة.

كانت تريد أن تجبر ساحرة الشراهة على رؤية هذا التردد فيه.

بأن هذا كان نتيجة تفانيها من أجله.

"يمكنك المغادرة الآن،" قالت فيفيان.

لم يعترض نيو.

أراد الرحيل.

كان صدره ما يزال مثقلاً بثقل كلماتها، والبقاء هنا أكثر من ذلك بدا لا يطاق.

استدار دون أن يلتفت ومشى خارج القلعة.

حين خرج، توقف.

امتدت السماء فوقه هادئةً غير مكترثة، كما لو لم تكن تعلم ما حدث للتو.

حدّق فيها، محاولاً تهدئة الضجيج في رأسه.

إلى أين يذهب الآن؟

لحظةً، راودته فكرة مقابلة والديه.

حتى إن لم يكن بوسعه دخول كونه الآن، يجب أن تكون هناك وسيلة للتواصل.

'لا… نفعل ذلك لاحقاً.'

فكرة رؤيتهما الآن تقلب معدته.

كان يشعر أن رأسه على وشك الانفجار، وعرف أنه إن رأى هاديس وسامع كلمة اعتذار واحدة فقط، فلن تجعله يشعر بتحسن.

ستجعله ينفجر فحسب.

'ما هو الحق الذي أملكه لأخبره أنه عاملني بشكل سيء، بعد الطريقة التي أعامل بها مورين؟'

جعلته الفكرة يشعر بسوءٍ أكبر.

ظل يحدق في السماء.

"مورين."

تكلّم ببطء، مجبراً الارتجاف من صوته.

"هل أنتِ هناك؟"

لم يأتِ جواب.

عرف السبب.

الظلام ليس مثل العناصر الأخرى.

معظم عناصر الطبيعة تشترك بعقل خلية لكنها تحتفظ بهويتها الفردية.

الظلام ليس كذلك.

جميع عناصر الظلام متصلة بالكامل، بلا انفصال.

هذا يعني أن مورين لا يمكنها فقط أن ترسل جزءاً من نفسها إلى هنا كما يفعل الساميون الآخرون.

إما أن تتجسد بالكامل أو لا تتجسد على الإطلاق.

لا يوجد وسط.

"اللعنة."

مدّ يده نحو شارة حاصد الأرواح، راغباً في العودة إلى الأرض، لكنه توقف في منتصف الطريق.

"….سأعود إلى الأرض بنفسي. لا حاجة لاستخدام الشارة."

الرفض الذي شعر به تجاه نسبه بات موجهاً الآن نحو الذين طالما اعتز بهم.

نحو هاديس، ونحو حاصد الأرواح.

نحو الأم التي كذبت وقالت إنه ابنها.

ونحو نفسه، الذي لا يستطيع أن يخبر مورين أنه يحبها.

قطعت أصوات خطوات أفكاره.

خرج كيفن من بوابات القلعة، ماشياً نحوه.

"آسف،" قال كيفن بعد لحظة صمت. "لم أظنّ أنك تملك حبيبة أخرى حقًا."

لم يقل نيو شيئاً.

"أعدتك فقط لتتمكن فيفيان من تجاوز ماضيها. ظننتُ أن هذا قد يفيدك أيضًا، لأنك ستتذكر الشراهة.."

"…فيفيان لم تكن تعرف عن حياتي الحالية؟" سأل نيو.

"هي لا تعرف. أو بالأحرى، لا تستطيع. سُرقت معظم سلطتها خلال الحرب."

"سُرقت؟" ضحك نيو ضحكة قصيرة خالية من الفكاهة. "هل تكذب الآن؟ بالأحرى، كنت واضح العداء لي من قبل، والآن تجعل كلامك وكأنك شخص طيب طوال الوقت؟"

نيو، الذي ظل يتكلم دائماً ببعض الأدب على الأقل، لم يدرك مقدار السم الذي انزلق في كلماته.

جزء ملتوي منه أراد أن يلحق الألم بشخص آخر، كما لو أن ذلك قد يخفف عنه قليلاً.

"لم أساعدك أبداً، لكني لم أنوِ إيذاءك أيضاً."

ضيّق نيو عينيه، لكنه بقي صامتاً.

أخفض كيفن نظره للحظة، ثم رفع رأسه من جديد.

بدت عليه ملامح من اتخذ قراراً.

"اتبعني. هناك أمر علينا التحدث بشأنه."

"ولِمَ فجأةً تريد التحدث؟ ألن تكره ساحرتك ذلك؟ أم أنها أرسلتك لتقول شيئاً أسوأ؟"

"هي لا تعلم أنني معك."

لم يُجب نيو، فتنهد كيفن.

"تعال فقط. الأمر يتعلق بساحرتك."

رغم أن نيو لم يكن يرغب برؤية وجه كيفن أكثر مما يجب، إلا أن ذكر مورين كان كافياً ليدفعه للمتابعة.

سارا بصمت عبر الغابة.

أوراق تتماوج تحت أقدامهما، وأصوات الريح البعيدة في الأغصان تملأ الفراغ بين خطواتهما.

لم يتحدث كيفن فوراً.

بدا وكأنه يُرتّب أفكاره قبل أن يتكلم.

وحين تحدث أخيراً، كان صوته متزناً.

"عصر خلق الكون. يعتقد معظم الناس أن الحرب هي التي حددت مصير حكام العصر العاشر"

"لكن بالنسبة لنا، نحن الذين شاركنا فيها… كانت تلك الحرب بين هاديس وشيطان العصر العاشر."

أبقى نيو نظره إلى الأمام، لكنه أنصت باهتمام.

"لقد شكّلت تلك الحرب قوانين الكون كما نعرفه. حدث خلالها الكثير."

"وُلدت [الفروع اللانهائية التي لم تُولد بعد]. وأُنشئ [المجلس الأبدي]. والكثير غيرهما ممّا رسم القوانين الجديدة."

"لهذا السبب أبقينا على اسم عصر خلق الكون."

لم يبطئ كيفن خطاه.

"أثناء الحرب، أحد الأسباب الرئيسية التي سمحت بهزيمة هاديس كانت الشراهة. لقد أصبحت قوية بما يكفي لتقاتله مباشرة. باتت قوتها خطيرة إلى درجة أن شقيقاتها نفسهنّ خفن منها."

ألقى كيفن نظرة خاطفة إلى نيو.

وعندما رأى ملامحه، أراد أن يقول شيئاً يخفف عنه، لكنه عدل عن ذلك.

"هل تعلم أن الساحرات خالدات؟"

لم يُجب نيو، ولم ينتظر كيفن جواباً.

"كان هذا ما يؤمن به الجميع، إلى أن أثبتت الشراهة العكس. لقد التهمت ساحرتين وقتلتهما بشكل دائم. كما أنها استولت على معظم سلطة فيفيان."

"…ماذا؟"

تعثّرت خطوات نيو لأول مرة منذ بدآ السير.

"يمكن قتل الساحرات. لكن الشراهة وحدها تستطيع فعل ذلك. بعد أن قتلت ساحرة الكبرياء السابقة وساحرة الشهوة، تم اختيار ساحرتين جديدتين. أو على الأقل، كان يُفترض ذلك."

أثارت تلك الكلمات ذكرى في ذهن نيو.

زيرا دي بوفورت.

الساحرة.

تنين الفراغ.

استنساخها أصبح يُعرف على الأرض باسم حاكمة الحب، أفروديت.

كانت قد أخبرته بأنها ساحرة 'جديدة' ولا تعرف الكثير عن الساحرات الأخريات.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/11/02 · 76 مشاهدة · 821 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025