"إنه أنا. أغاريس."
المرتبة الثالثة بين حاصدي الأرواح، أغاريس.
بينما كان حاصد الأرواح الأول، بايل، مفقودًا—مع أن ليلى كانت تعرف مكانه، فقد طلب منها إبقاء موقعه سرًا—وكان حاصد الأرواح الثاني، بارباتوس، مسؤولًا عن الدفاع عن العالم السفلي نفسه، كان أغاريس هو من يتولى القيادة.
وكانت كلمته قانونًا بالنسبة لبقية الحاصدين.
تغيّر تعبير ليلى إلى السواد.
"ما الذي تعنيه بذلك؟"
كان صوتها حادًا وباردًا. لم يكن الاحتكاك بينهما أمرًا جديدًا.
لقد تصادما كثيرًا، لكن لم يحدث قطّ بهذا الشكل.
أجاب أغاريس دون تردد. "يعني ما سمعتهِ تمامًا، أيتها الأميرة. لقد أسأتِ استخدام قوى العالم السفلي لمصلحتك الشخصية مرارًا وتكرارًا. هذا ينتهي الآن."
انقبض فكّها.
"أغاريس! هذا ليس وقت ألعابك—"
"نحن لسنا خدمكِ،" قاطعها أغاريس. "نحن قادة الموت الأسمى. لا تنسي ذلك، أيتها الأميرة. بدلًا من النباح بالأوامر، عليكِ أن تنظري إلى أفعالك السابقة وتسألي نفسكِ لماذا يحدث هذا الآن."
أضاءت الشارة قليلًا، ثم خبت. انتهى الاتصال.
حدّقت ليلى في الشارة الميتة بين يديها، ممتدةً في صمت طويل. وللمرة الأولى، بدت مصدومة بحق.
زفر فيليكس ببطء، وفرك جبهته. "رائع. هذا بالضبط ما نحتاجه الآن."
لم تجبه. أخذ خطوة إلى الوراء وهز رأسه. "حسنًا، سنتحدث عن هذا لاحقًا. الآن، ما زال علينا التعامل مع الحاكم الغازي."
رفعت عينيها مجددًا. أومأت بتصلب. "أنت محق."
نهضت من مكانها، وعدّلت رداءها. كانت يداها ترتجفان قليلًا قبل أن تقبضهما بإحكام.
"سأذهب. سأساعد أختي الكبرى، أميليا."
"ليلى؟! أنتِ لا تتجاوزين المرحلة الثالثة. ما الذي تنوين فعله؟"
"لدي جحيم. سيساعد في القتال."
"ليلى، انتظري—"
لكنها كانت قد اختفت قبل أن يتمكن من إنهاء جملته، متلاشية من القاعة.
عاد السكون إلى الغرفة، سكون خانق.
نظر فيليكس إلى المقعد الفارغ حيث كانت تجلس، ثم أسند يديه على الطاولة الثقيلة.
كان نبضه ما يزال يتسارع، والعلامة التنينية على ذراعه تخفق كقلب ثانٍ.
"كل شيء ينهار دفعة واحدة،" تمتم.
بقي على حاله لحظة طويلة، ثم جلس أخيرًا على أحد الكراسي.
…
وجهة نظر نيو
"هل هذا كل ما يمكنكِ فعله؟" سأل نِيو.
ارتفع صدر أميليا وهي تكافح لتبقى واقفة.
كان جسدها مثخنًا بالجراح. الدم يقطر من جروح مفتوحة ترفض الانغلاق.
الحاكمة العظمى التي كانت تقف شامخة خلفها—تجسيد عالمها—قد تحطمت بالفعل.
الجثث التي ارتفعت من المحيط أدناه تأوهت وهي تزحف نحوه.
كانت أيديهم تمتد لتسحبه إلى الأعماق.
لكن لم يجرؤ أيٌّ منهم على لمسه.
فمجرد هالته كان يضغط عليهم بقوة كافية لجعل أجسادهم المتعفنة ترتجف وتتجمد.
رفع نِيو يده ببطء.
كانت حركته هادئة وغير مستعجلة، كما لو أن ما يحدث محتوم.
"إن كان هذا كل ما لديكِ، فسأنهي الأمر الآن."
استعد لتوجيه الضربة.
الهواء التوى حول كفه.
لكن قبل أن تهوي يده، اخترق حضور آخر العالم.
كان سريعًا، وتوقف مباشرة أمام أميليا، حاجزًا جسدها.
"أختي الكبرى، هل أنتِ بخير؟" جاء صوت ليلى مفعمًا بالقلق.
"أنا… هاه… هاه… أتمالك نفسي." ابتلعت بصعوبة وأجبرت الكلمات على الخروج. "هل يمكنكِ استدعاء حاصدي الأرواح؟ الوضع هنا خطير."
"…لا أستطيع."
"…ماذا تعنين بأنكِ لا تستطيعين؟"
"لقد رفضوا." عضّت ليلى شفتها. "سأكسب لكِ بعض الوقت. أرجوكِ، تعافي واستعدي لهجومكِ الأقوى."
أرادت أميليا أن تجادل، لكنها استطاعت أن ترى تعبير وجه ليلى.
ليلى لم تكن تتحدث باستخفاف.
أغلقت فمها وأومأت بهدوء.
خفض نِيو يده.
تعلقت عيناه بليلى.
رغم أنه لم يلتقِ بها من قبل، إلا أنه تعرّف عليها.
مشاعر متناقضة هاجت داخله.
اشمئزاز. مودة.
"العالم."
مدّت ليلى يدها، فانفتح عالمها.
امتزج بعالم أميليا الممزق، يقوّيه.
تبدّل لون السماء فوقهما، وظهرت نجوم سوداء تومض حيث كان لون السماء قبلها دمويًا.
وعبر محيط الدم، بدأت الورود تتفتح.
كانت بتلاتها ذات لون أسود قرمزي عميق مع آثار دماء.
انتشرت سيقانها الشائكة في الأرجاء.
"ساعة الصفر!" أمرت ليلى.
اندفعت سماء من كمّها كخط من الضوء، مندفعًا نحو نِيو.
كان هدفها مطلقًا—أن تمحو ما تلمسه.
لكن ما إن تحركت، حتى تجمدت في مكانها.
"إنه أنت، يا أبا—"
قبل أن تتمكن سماء من إتمام كلماتها، قبض نِيو يده في الهواء.
انحرف الفضاء كما لو أن المسافة بينهما لم تعد موجودة.
أغلقت أصابعه، وفجأة أصبحت السماء في قبضته، رغم أنها كانت قبل لحظة بعيدة عن متناوله.
اتسعت عينا ليلى بدهشة.
رمق نِيو سماء ساعة الصفر بنظرة باردة.
ثم، بسهولة عابرة، ضغطها نحو ظله.
اختفت ساعة الصفر، وابتلعتها مساحة الظل عند قدميه كما لو أنها كانت تنتمي إليه منذ البداية.
"ذلك لم يبدو وكأنه يخصكِ." علّق نِيو بهدوء.
"اخرس!" صاحت ليلى.
كانت القلق والغضب يتصاعدان داخلها وهي ترى سماء ساعة الصفر تُقهر بتلك السهولة.
راقب نِيو رد فعلها، ثم خفض نظره بينما كانت طاقة جديدة تتدفق من حولها.
ليلى لم تكن قد انتهت بعد.
اخترق صوتها الحاد الهواء. "[سلاسل الجحيم]!"
من المحيط المشبع بالدماء، انفجرت سلاسل سوداء ضخمة.
التفت حول نِيو في دوامات هائلة، تعض في هالته، وتضغط عليه بثقل خانق.
كانت غايتها التقييد، والكبح، والإخضاع.
نظر نِيو إلى السلاسل التي حاولت شلّ حركته.
شدها قليلًا، متفحصًا مقاومتها.
ثم رفع عينيه مجددًا نحو ليلى وأميليا.
"أهذا كل ما يمكنكما فعله؟" سأل.
لم تجب أيٌّ منهما.
كلتاهما كانت تجمع ما تبقى من قوتها، رافضتين التراجع.
"إن كان الأمر كذلك، فقد انتهت اللعبة."
رفع يده اليمنى قليلًا، وثنى إصبعه الأوسط وضغطه بإبهامه.
تجمعت شرارة صغيرة من الضوء عند طرف إصبعه.
حدّقت ليلى وأميليا فيه في حيرة.
لم تستطيعا فهم ما كان يفعله.
تقلصت الشرارة أكثر، متكثفة لتصبح كرة طاقة صغيرة بحجم حبة زجاجية.
ومع ذلك، كان ثقلها كافيًا لجعل الهواء حولهم يرتجف.
ثم حرّك نِيو إصبعه.
انطلقت الكرة إلى الأمام.
تحولت إلى خط من الضوء سريع لدرجة أنه بدا وكأنه تخطى المسافة نفسها.
شقّت طريقها عبر العالمين المندمجين لليلى وأميليا كما لو كانا ورقة هشّة، مبددة النجوم والورود في لحظة.
لم تستطع أيٌّ منهما الرد.
ولم يتوقف الضوء.
تابع اندفاعه، متسارعًا.
وفي غمضة عين، كان قد غادر ساحة القتال، عابرًا الفراغ حتى وصل إلى حيث كانت الأرض معلقة.
ثم أصابها.
حلّ الصمت لوهلة.
ثم ارتجّت الأرض فجأة.
شقّ وميض مبهر سطحها، وتوسعت الكرة الضوئية إلى كارثة شاملة.
انفجرت النيران والغبار. غلت المحيطات. تشققت القارات.
وانتشر في الفراغ هدير صامت لكوكب يتحطم.
دُمِّرت الأرض.
تجمدت أميليا وليلى، وعيونهما متسعة.
ارتد صدى ارتباطهما بالكوكب داخلهما كصاعقة؛ فتقيأت أميليا دمًا، وتعثرَت ليلى كأن ساقيها فقدتا قوتهما.
خفض نِيو يده مجددًا.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.