ولم يقل شيئا آخر.
من دون كلمةٍ واحدة، استدارت وغادرت عبر الممر.
وقف نِيو في مكانه للحظة، ثم بدأ بالمشي.
قدماه حملتاه إلى الأمام.
برغم أن جزءًا منه لم يُرِد الذهاب، إلا أن جزءًا آخر دفعه لذلك.
ماذا كان عليه أن يقول لو فتحت الباب؟
هل يسألها مباشرة، هل أنتِ مورين؟
هل يطالبها بأن تخبره لماذا لم تُعلِمه بشيء عن ماضيهما معًا؟
هل يشكرها لأنها أنقذته؟
أم يبقى بعيدًا عنها، لأنه ما زال يبحث عن إليزابيث؟
وماذا لو لم تكن مورين؟ ماذا لو كان مخطئًا؟ نيتها لم تكن تشبه نية مورين أبدًا، ولا تشبه نية الملك مورغان أيضًا.
وصل نِيو إلى بابها وتوقف.
الصداع الذي رافقه منذ البداية اختفى على نحوٍ غريب.
وقف أمام الباب بذهنٍ هادئ، ومع ذلك ترددت يداه.
جزء منه أراد الإجابات، لكن جزءًا آخر همس له بأن عدم المعرفة قد يكون أقل إيلامًا.
ومع ذلك، رفع يده وطرق الباب.
ساد الصمت.
كل ثانية انتظار بدت أطول من التي قبلها.
ثم أخيرًا، فُتح الباب.
كانت واقفة هناك.
شعرٌ أسود ينسدل حول وجهها، وعيونٌ ذهبية التقت بعينيه.
كان تعبيرها هادئًا، منفصلًا.
وجهها جميل، وهيئتها كذلك، لكن نبرتها كانت عادية حين تكلمت.
"نعم؟"
وكأنها لا تعرفه.
اهتزّ قلب نِيو، لكنه أجبر نفسه على الثبات.
إن كانت مورين، فهذا منطقي.
مورين كانت تختبئ منذ قرون.
وإن كانت قد اختارت أن تدفن ماضيهما، فلن تعترف به الآن بسؤالٍ واحد.
فتح نِيو فمه.
"هل أنتِ—"
لكن بقيت بقية الكلمات عالقة.
هل أنتِ مورين؟
لم يستطع قولها.
لماذا تفصح عن ذلك بعد كل هذا الإخفاء؟
كانت سترفض فقط.
"إن لم يكن لديك ما تقوله، فلا تطرق الباب في المرة القادمة," قالت مورغان. كانت نبرتها حازمة، وبدأت تُغلق الباب.
تحرك جسد نِيو من تلقاء نفسه.
امتدت يده فجأة، وأمسكت بمعصمها قبل أن يُغلق الباب.
دار رأسه.
كانت مورين. مورين خاصته.
كان متأكدًا من ذلك.
حتى لو كانت نيتها مختلفة، لقد أمضى عمرًا معها.
لا يمكن أن يخطئها.
لكن ماذا لو كان مخطئًا؟
ماذا لو كان يريدها أن تكون مورين فقط بسبب يأسه؟
"ماذا تفعل؟" قالت مورغان، وضيّقت عينيها. "اتركني—"
"لماذا تتصرفين وكأنك لا تعرفينني؟"
تصلّب جسدها.
كان صوت نِيو ثابتًا، لكن صدره انقبض وهو يتكلم. "كنتِ الوحيدة التي لم تأتي لرؤيتي قبل قليل. كأنكِ تتعمّدين تجاهلي."
"سلاح روحك كان يجب أن يتعرف على أوبيتوس، ومع ذلك تتصرفين وكأنكِ لا تعرفينني."
تلاقت نظراته بعينيها مباشرة.
"لماذا تتظاهرين بأنك لا تعرفينني، مورين؟"
حدّقت به، ثم سحبت معصمها من يده.
"مورين—"
"وما الذي سيُغيّره ذلك؟" قالت فجأة.
تجمّد نِيو.
تلك الكلمات…
تلك الكلمات كانت تأكيدًا بحد ذاتها.
لم يتغيّر تعبير وجهها، لكن صوتها حمل شيئًا أعمق مما أظهرته ملامحها الهادئة.
"ما الذي سيُغيّره أن تعرفني؟"
ولوهلةٍ قصيرة، انزلق القناع عن وجهها.
تلاعبت مشاعر لا حصر لها في عينيها الذهبيتين.
ألم، غضب، شوق، ندم.
ظهرت واختفت بسرعةٍ جعلتها تبدو وكأنها لم تكن هناك أصلًا.
"هل ستخبرني أنك تحبني من جديد؟" سألتها. "هل ستترك إليزابيث من أجلي؟"
لم يستطع نِيو الإجابة. ضاق حلقه، ولم تخرج أي كلمات.
هذا بالضبط ما لم يُرِد مواجهته.
قبضت مورين يديها بشدّة حتى شحب لون مفاصل أصابعها.
"اخرج. لا تُحضر هذا—"
لكن قبل أن تُكمل، تحرك نِيو.
جذبها إلى حضنه.
لم يُفكّر. بل تصرّف تلقائيًا.
وجهها حين سألته إن كان سيحبها مجددًا أظهر ألمًا لا يُحتمل.
لم يستطع رؤيته.
في العصر التاسع، فعل كل ما بوسعه ليحميها من الحزن والمعاناة.
لكن ساحرة الزمن أرتْه كيف عاشت مورين في العصر العاشر، وكيف عانت بدونه. تلك الذكرى ما زالت تطارده.
لم يُرِد رؤيتها تتألم مرة أخرى.
"ماذا تفعل؟" همست وهي تحاول المقاومة بضعف بين ذراعيه. "اتركني. اتركني."
تكسّر صوتها.
وتبدد الغضب إلى شيءٍ أثقل.
دموعٌ حارّة تجمّعت في عينيها وانهمرت على وجهها.
"ا…تـر…كني… أيها الوغد… اذهب إلى تلك الساحرة… التي تحبها…"
انكسر صوتها، لكن نِيو لم يُفلتها.
شدّ ذراعيه حولها أكثر.
"مورين," قال بهدوء.
الاسم حمل معه كل ما كبته في قلبه.
"اشتقت إليك."
بدت تلك الكلمات وكأنها حطّمت شيئًا بداخلها.
غادرتها القوة، وتوقفت عن دفعه بعيدًا.
ارتجف جسدها بين ذراعيه، واندفعت شهقاتها المكبوتة.
بللت دموعها صدره، لكنها لم تبتعد.
بل تشبثت به أكثر، تبكي بحرارةٍ علنية.
لم يعرف نِيو كم من الوقت بقيا على تلك الحال.
دقائق، وربما أكثر.
تلاشى العالم من حولهما إلى صمتٍ مطبق، ولم يبقَ سوى صوت بكائها الخافت.
جزء منه شعر بالذنب.
إليزابيث ما زالت هناك، تنتظره، بينما هو يحتضن امرأةً أخرى.
لكن لم يستطع ترك مورين تبكي وحدها.
لم يقدر أن يُدير وجهه عنها وهي تنهار أمامه.
وحين هدأت شهقاتها أخيرًا، تكلّم بصوتٍ منخفض.
"لندخل. هل تناولتِ شيئًا؟ يمكنني أن أعدّ لكِ شيئًا إن لم تفعلي."
لم تُجب، لكنها لم تُبدِ مقاومة حين وجّهها نحو الداخل.
كان المكان أشبه بشقةٍ صغيرة.
المساحة بسيطة لكنها مريحة.
غرفة جلوسٍ مفتوحة على مطبخٍ صغير.
جلست مورين بهدوء على الأريكة، تمسح وجهها، بينما دخل نِيو إلى المطبخ.
لم يسألها شيئًا. ليس بعد.
لكن رأسه كان يعجّ بالأسئلة.
لماذا أخفت ماضيهما؟ لماذا اختارت أن تدفن نفسها تحت اسمٍ آخر؟ لماذا تجنّبته حتى الآن؟
هل كانت ستبقى صامتة لو لم يكتشف هو الحقيقة بنفسه؟
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.