سقط الصمت فوق الطاولة.
كانت أفكار نيو تدور في حلقات لا تهدأ.
في كل مرة يحاول أن يستقر على فكرة واحدة، تأتي أخرى وتزيحها جانبًا.
نظر نحو مورين على أمل أن يجد عندها إجابة ما، لكنها أبقت نظرتها منخفضة.
لقد كان الأمر كما لو أنها لم تكن لديها أي نية للتحدث، بغض النظر عن مدى ثقل الصمت الذي كان يضغط عليهما.
كيف تشعر؟ تساءل. البحث عن إليزابيث، وفعل شيء كهذا... ليس من أجلها. إنها تفعله من أجلي.
ترك له هذا الإدراك وجعًا خافتًا في صدره.
عض شفته قبل أن يُجبر نفسه على ابتسامة باهتة.
"شكرًا لك"، قالها بهدوء.
بدت الكلمات عالقة في الهواء دون أن تجد سبيلًا لها.
لم تُجِب مورين.
اكتفت بأن حرّكت جسدها قليلًا على الكرسي، وأكملت تناول طعامها.
أصبح الجو بينهما مشحونًا بالتوتر.
ركزوا جميعًا على طعامهم لبضع دقائق، وملأ صوت أدوات المائدة الغرفة بدلًا من الحديث.
كان بيرسيفال أول من كسر الصمت.
"لا يمكننا لقاء جولي بعد الآن"، قال.
رفع نيو رأسه. "ماذا تعني بذلك؟"
"حسنًا… حدثت بعض الأمور"، أجاب بيرسيفال، وكان في نبرته ما يوحي بأكثر مما قال. "أشك في أن جولي ستأتي إلى المجال الذهبي، أو حتى إلى كوننا، في الوقت الحالي. لذا علينا أن نبحث عن شخص آخر يمكنه مساعدتنا في مغادرة المجال الذهبي."
لزم نيو الصمت، يفكر.
شعر بانسداد في حلقه، كأن شيئًا يضغط عليه من الداخل.
هل ينبغي له حتى أن يذكر إليزابيث أمام مورين؟
كان يريد الحديث عنها، لكن لا على حساب جرحها أكثر.
لكن…
ابتلع ريقه وسأل أخيرًا، "هل لديك فكرة عن كيفية القيام بذلك؟"
اتكأ بيرسيفال قليلًا على كرسيه.
"التنانين القديمة. أو قادة الشموس المنسية والتحالف."
عبس نيو. "إن كان قادة الشموس المنسية يعرفون، ألا يمكنك ببساطة سؤال إيليانا؟"
قال بيرسيفال. "طريقة مغادرة المجال الذهبي كانت دومًا سرًا عالي المستوى. عائلة إيليانا تعرفها، لكن حتى تكمل وراثتها وتصبح رئيسة العائلة، لن يكون مسموحًا لها بالوصول إلى تلك المعلومات. فهي محفوظة فقط لرئيس العائلة."
نقر نيو بأصابعه على الطاولة.
"كم من الوقت حتى تكمل الوراثة وتتولى المنصب؟"
"تخمينك لا يقل دقة عن تخميني."
خرج تنهيدة من نيو دون أن يدرك.
كان الغموض مزعجًا، لكنه لم يستطع أن يلوم بيرسيفال عليه.
بعد لحظة، تمتم. "إذًا التنانين القديمة. ربما ينبغي لي أن—"
"تتحدث إلى حاصدي الأرواح؟" قاطعه بيرسيفال بسلاسة.
رمش نيو بدهشة عند الاقتراح المفاجئ.
"هل أنت تعلم…؟"
اكتفى بيرسيفال بهز كتفيه.
وحين رأى رد فعل نيو، رفع يده بإشارة لا مبالية.
"أستطيع قراءة المصير، أفضل من معظم الناس، بصراحة. التقطت الكثير من الأسرار في طريقي."
وضع شوكته جانبًا وأضاف،
"ما أقصده هو أن ليلى قد ساعدتني بالفعل في التحدث إلى حاصدي الأرواح. إنهم لا يعرفون طريقة مغادرة المجال الذهبي. ربما حاصد الأرواح من المرتبة الأولى يعرفها، لكننا لا نستطيع العثور عليه."
اتكأ نيو إلى الخلف وهو يزداد عبوسًا. "ألَم تلتقِ بايل؟"
لم يكن لذلك أي معنى.
من المفترض أن ليلى قد التقت بايل بالفعل.
هل كانت تخفي مكانه عنهم؟
لو فعلت، فلن يُفاجأ نيو.
فوجود بايل يرتبط مباشرة بخبر وفاة هاديس.
ولو انتشر هذا الخبر، لكان الفوضى التي سيتسبب بها لا يمكن تخيلها.
وبينما كان يفكر في ذلك، قال نيو أخيرًا. "قد أتمكن من العثور على بايل. دعني أحاول."
"حسنًا." أومأ بيرسيفال.
انتهت الوجبة بعد وقت قصير.
وقف نيو، وجمع الصحون وحملها نحو الحوض.
بدأ يشطفها وهو غارق في أفكاره، حين اقتربت مورين وتوقفت بجانبه.
"سأتولى الأمر"، قالت.
"…؟"
نظر إليها مرتبكًا.
"لقد غسلت الأواني الليلة الماضية أيضًا. دعني أفعلها هذه المرة."
"…حسنًا."
جفف يديه وتنحى جانبًا، تاركًا الأمر لها.
لكن عقله بقي عالقًا بما قاله بيرسيفال، فعاد إلى غرفة المعيشة شاردًا.
كان بيرسيفال جالسًا هناك ينتظر بالفعل.
جلس نيو بجانبه، وتبادلا حديثًا عابرًا لا أهمية له.
ثم في اللحظة نفسها، التفت كلاهما برأسيهما.
كان هناك حضور يقترب.
رمق نيو بيرسيفال بنظرة جانبية. "هل شعرتَ به من هذه المسافة؟"
"لا"، أجاب بيرسيفال وهو يضحك بخفة. "نطاقي ليس واسعًا مثل نطاقك. رأيت اضطرابًا في نسيج المصير، فعرفت أن أحدهم قادم."
رمش نيو بدهشة حقيقية.
يبدو أن قدرات بيرسيفال قد نمت كثيرًا، رغم أن بيرسيفال كان دائمًا حالة فريدة.
كان يستطيع قراءة مصير نيو، حتى حين أصرّ الجميع على أن نيو لا يملك مصيرًا أصلًا.
"جاك يفترض أن لديه جناح مصير، أليس كذلك؟" سأل نيو بعد لحظة. "من المفترض أن يُخفي مصيره. فكيف لاحظت الاضطراب في نسيج المصير بسبب قدومه إذًا؟"
م.م: ماهو ترجمة ادق لكلمة Fate Ward هل هو جناح مصير او درع مصير او الحراس مصير لانه بعد بحث وجد ان كلمة ترجمة الى ثلاث اشكال مختلفة😅😥
ابتسم بيرسيفال ابتسامة واسعة.
"أوه، الجناح؟ ذلك الشيء لا يعمل ضدي."
نظر إليه نيو مطولًا.
حتى الأبديون يجدون صعوبة في التعامل مع تلك الاجنحة.
أما أن يتجاوزها بيرسيفال بهذه السهولة، فلم يكن منطقيًا على الإطلاق.
'ربما لهذا علاقة بسلاح روحه'، فكر نيو.
وقبل أن يتمكن من سؤاله أكثر، وصل الشخص الذي أحسّا به أخيرًا.
هبط جاك بالقرب من القصر.
"سأذهب للقائه"، قال نيو وهو ينهض.
بخطوة واحدة، قطع المسافة وظهر أمام جاك، الذي كان واقفًا في الخارج.
"من الجيد رؤيتك مجددًا"، قال جاك بابتسامة.
"…كذلك."
ضحك جاك، وقد التقط التردد في صوته.
"أستطيع أن أشعر بالعداء في كلمة 'كذلك' تلك. لا تقلق، لم يعد بيني وبين ليلى شيء."
ضاقت عينا نيو.
ذلك لم يكن ما سمعه.
كانت المعلومات التي أعطاه إياها بايل مختلفة.
لابد أن جاك لاحظ ردة فعله، لأن ابتسامته تلاشت.
"…هل أخبرك أحد بشيء آخر؟" سأل جاك بحذر.
"أخبروني عن زفافك"، قال نيو بنبرة مسطحة.
سقطت الكلمات بثقل في الجو.
تلاشت ابتسامة جاك تمامًا، وحل محلها تعبير أكثر برودة.
"لا يوجد شيء بيني وبين ليلى. نحن لن نتزوج."
امتد التوتر للحظة.
ثم تنهد جاك وهز رأسه.
"دعنا نتحدث عن شيء آخر. لكن علينا أن ننتقل إلى مكان آخر أولًا."
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.