709 - استخضار الارواح لعائلة هانما

سكن سيربيروس تحت لمسة نيو، وخفَضَ جميع رؤوسه الثلاثة بانصياع.

في تلك اللحظة، سُمِع صدى خطواتٍ يتردّد عبر القاعة.

استدار جاك في الوقت المناسب ليراها تدخل.

امرأةٌ خطت عبر الأبواب الشاهقة، ينسدل رداؤها الأسود الطويل خلفها.

خيوط فضية مطرّزة على الرداء التقطت الضوء الخافت وتلألأت برقة وهي تمشي.

انسدل شعرها كستارٍ على ظهرها، وعيناها الذهبيتان مسحتا القاعة بنظرةٍ فاحصة.

وما إن وقعت نظراتها على نيو، حتى تقلّص حاجباها في حيرة.

"…من؟"

لم تتمكن من التعرّف إلى حاصد الأرواح الواقف أمامها.

استغرق منها الأمر لحظة لتتذكر أنها رأته أثناء محاكمة ظلّ زاجيروس.

وفي الوقت نفسه، لاحظت وجود جاك.

تبددت حيرتها وتحولت إلى شيء آخر.

تغيّرت وضعيتها تغيّرًا طفيفًا بالكاد يُلحظ.

توترت كتفاها وحدّت من هالتها.

كانت مستعدة للتحرك إن لزم الأمر.

رفع نيو يده بتحيةٍ عفوية. "إنه أنا، نيو، غريموري."

تجمّدت في مكانها.

ارتجف جسدها قليلاً، وبدا للحظاتٍ وكأنها عاجزة عن الحركة تمامًا.

ثم زفرت ببطء، واعتدلت، وانحنت برأسها في تحيةٍ مهيبة.

"مرحبًا بعودتك، أيها الأمير الثاني."

يبدو أنها كانت قد توقعت أنه نيو بالفعل في ذلك الحين.

حكّ جاك جانب أنفه، ناظرًا بين الاثنين بتردد.

وأرسل رسالةً ذهنية إلى نيو بنبرةٍ جافة. "هل الأمر يخصّني فقط، أم أن هؤلاء الحاصدين يفرطون في الاهتمام بك؟ لقد احترموا ليلى أيضًا، لكن معك الأمر مختلف… كأنهم يبالغون في تقديرك أكثر مما ينبغي."

لم يجب نيو.

بدلًا من ذلك، أشارت غريموري بلطف. "لابد أنك مرهقٌ من الرحلة، يا أمير. تفضل واتبعني، سأقودك إلى مكانٍ يساعدك على الاسترخاء."

غادر الثلاثة القاعة معًا.

تبع سيربيروس نيو وهو يلوّح بذيله.

قادَتهم إلى غرفةٍ فخمة.

كانت غرفة الشاي هادئة، مضاءة بعدة فوانيس تتراقص فيها نيرانٌ زرقاء خافتة.

سكبت غريموري الشاي بيدين ثابتتين، ملأت كل كوبٍ خزفي قبل أن تجلس أمامهما.

تأمّلت جاك بدقة، ملامحها هادئة لكن عينيها الذهبيتين لم تفارقه.

كسر نيو الصمت أولًا. "هل من المسموح إحضار جاك إلى هنا؟"

تحولت نظرة غريموري قليلًا.

راقبت جاك طويلًا بصمت.

استطاع نيو أن يخمن ما وراء تلك النظرة.

ربما كانت قد قاتلت جاك من قبل. أوامر ليلى كانت لتضعهما في مواجهةٍ حتمًا.

لابد أن غريموري كانت تفكر بالاعتذار.

لكن الاعتذار لإنسانٍ من شأنه أن ينتقص من كبرياء حاصدة الأرواح، لذا آثرت الصمت.

أخيرًا، تكلمت. "لا بأس. جاك يُعتبر ميتًا. عادةً من يدخل هذا المكان لا يُسمح له بالمغادرة مجددًا، لكن بما أنه يتبع الأمير، يمكننا استثناء حالته."

أمال نيو رأسه قليلًا. "ألن يكون في ذلك مشكلة كونه مستحضر أرواح؟ العالم السفلي لم يكن يومًا ودودًا مع أمثالهم."

ارتعشت شفتا جاك، غير متأكدٍ إن كان نيو يحاول مساعدته أم يغرقه أكثر في الورطة.

لحسن الحظ، هزّت غريموري رأسها نفيًا.

"استحضار الارواح خاص لعائلة هانما مختلف. إنهم يربطون جزءًا من أرواحهم بالأجساد التي يوجّهونها."

"وهذا يختلف عن استحضار الأرواح التقليدي، الذي إمّا يحرّك ضغينة الجسد العالقة أو يجذب روح الميت من جديد."

"ولهذا فإن العالم السفلي يحمل عداءً أقل تجاه سلالة الهانما."

تباطأت كلماتها، ثم وجهت نظرتها مباشرة نحو جاك.

"وأيضًا… إن الفرد من عائلة هانما الذي يخدم بيننا ترك انطباعًا قويًا. إن استقامتها وولاءها لتوازن الموت لا يزالان موضع ثناء."

"وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نتغاضى عن استحضار الأرواح لدى عائلة هانما ما داموا لا يتجاوزون الحدود."

تصلّب جسد جاك، وانكمشت عضلات كتفيه بتوتر.

كان يعرف تمامًا عمّن تتحدث.

لم يدفعه نيو لمتابعة الموضوع. بدلًا من ذلك، وضع كوبه جانبًا وسأل. "أين نيكس؟"

"هي تطارد الأرواح الشاردة في أحد البيوت الأخرى." أجابت غريموري. "هل أستدعيها؟"

كانت كلمة بيت تُستخدم للإشارة إلى القارات في العالم السفلي.

وكانت غابة البداية هي البيت الذي تأتي إليه الأرواح القادمة من قارة لومينيرا.

هزّ نيو رأسه. "لا. سنذهب إليها بأنفسنا. لا تخبريها أننا قادمون."

أومأت غريموري برأسها. "كما تشاء."

ساد الصمت في الغرفة لوقتٍ ما.

انشغل جاك بالشاي، يحتسيه ببطء، بينما تحوّلت نظرات نيو نحو النافذة.

كان العالم السفلي خارجًا مختلفًا تمامًا عمّا يتذكره.

طرق عريضة مرصوفة تمتد عبر المدينة.

لوحات إعلانية مضاءة برموز متوهجة، تتبدل صورها المشرقة كل بضع ثوانٍ.

مركبات من مختلف الأنواع تمرّ، بعضها تجرّه وحوش طيفية، وأخرى تعمل على ما يبدو أنه نوى ميكانيكية.

أناس يمشون وهواتفهم على آذانهم، وبعضهم يضع سماعات الأذن ويتسرّب من حولهم أثر خافت لموسيقى.

مقاهٍ تصطف على جانبي الطريق، مليئة بالأحاديث.

حتى جاك بدا شاردًا أمام هذا المشهد. ومع ذلك، كان نيو يدرك أن نصف شروده مجرد وسيلة لتجنّب التفكير بلقاء نيكس القريب.

لاحظت غريموري نظرات نيو. "لقد مرّ العالم السفلي بتحولات كبيرة. حققنا الكثير من التقدّم."

تشدّد ابتسامة نيو قليلًا.

وكلما واصلت الشرح، ازداد تعابير وجهه غرابة.

الرأسمالية وصلت إلى هنا أيضًا.

تمكن بسهولة من تصور أفكار الأرواح عند وصولها بعد الموت.

"أليس هذا نفس الإعلان الموجود على اللوحة التي رأيتها قبل الحادث؟"

فرك جبينه وسأل أخيرًا. "من كان وراء كل هذه التغييرات؟"

"تلميذة حاصد الأرواح الأولى حاليًا." أجابت غريموري. "ليونورا فون فيلرز."

رفع جاك حاجبًا، متفاجئًا بالاسم.

وضع نيو يده على وجهه وزفر بصوت منخفض.

بالطبع كانت هي.

وبعد صمتٍ طويل، قال نيو. "سنغادر قريبًا."

أعطته غريموري موقع نيكس دون أي اعتراض.

وعندما غادرا، نظر جاك إلى الملاحظة التي أعطتهما إياها. "إنه بعيد جدًا من هنا، حتى مقارنة بالمسافات بين البيوت."

وضع نيو يده على كتفه. "هذا ليس مشكلة."

لم يُتح لجاك الوقت ليسأل قبل أن خطا نيو خطوةً واحدة.

وتغيّر العالم.

فجأةً أصبحا واقفين على أرضٍ صخرية والبحر الدموي يمتد خلفهما.

نظر جاك حوله.

لقد وصلا إلى موقع نيكس في لحظة واحدة.

أطلق زفيرًا طويلًا، وهز رأسه.

"…لم أعد أستغرب أي شيء مما يمكنك فعله."

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/11/14 · 44 مشاهدة · 860 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025