الغرفة المخصّصة للضيوف التي أُخِذا إليها كانت فسيحة ولكن بسيطة.

جدران حجرية سميكة، طاولة خشبية مصقولة، كراسٍ مصطفّة بعناية.

انحنى الحراس قليلًا قبل أن يخرجوا، تاركين الاثنين وحدهما.

جلس نيو بتعبير هادئ، رغم أنّ أفكاره كانت تغلي في داخله.

القصر. الحراس. أميليا.

كلّ جزء كان يشير إلى الحقيقة نفسها. لقد تغيّرت، ربما إلى حدّ لا يمكن التعرف عليه. لكن إن كانت قد أصبحت هكذا بسببه، فلا يمكنه ببساطة أن يبتعد.

اتكأ جاك إلى الخلف. "ما زلت مصرًّا على هذا، أليس كذلك؟"

"نعم"، أجاب نيو.

أطلق جاك تأوّهًا طويلًا.

ابتسم نيو ابتسامة خفيفة.

رغم تصرّف جاك، فقد جاء مع نيو ليحميه في حال انفجرت أميليا.

طال الانتظار أكثر مما كان متوقعًا.

كان الحراس يتحركون داخل غرفة الضيوف وخارجها.

وفي كل مرة ينفتح الباب، كانوا يلمحون خدمًا متوترين يهرعون في الممر.

بدا القصر كله متوترًا، وكأنّ عاصفة قد تنفجر في أي لحظة.

وأخيرًا، عاد أحد الرجال المدرّعين.

"الملكة ستراك الآن"، قال.

وقف نيو فورًا. تحرك جاك معه، لكن الحارس رفع يده. "هو وحده يمكنه الدخول."

فتح جاك فمه ليعترض، لكن نيو وضع يده برفق على كتفه.

نظر إليه جاك بإحباط، لكن ملامح نيو كانت هادئة.

كانت تلك الحركة الصامتة كافية.

ابتلع جاك ما كان على وشك قوله واتكأ على الحائط، يتمتم تحت أنفاسه.

تبع نيو الحارس عبر ممرات واسعة حتى توقّفا عند باب ثقيل.

انفتح دون صوت، كاشفًا أميليا جالسة خلف مكتب.

وأول ما لاحظه نيو لم يكن هي.

بل كان جبل الأوراق المكدّسة في أكوام غير متساوية على الطاولة.

بعضها كان موقّعًا بالفعل، وأخرى تنتظر، وعدد منها متساقط على الأرض.

لم ترفع رأسها فورًا.

تحركت يدها بسرعة فوق الصفحة، توقّع وتختم كما لو أرادت إنهاء عملها قبل أن تعترف بوجوده.

وحين تكلّمت، كان صوتها مسطّحًا.

"ما الذي تحتاجه؟ قلت لك ألا تأتي إلى قارتي."

لم يحمل صوتها عداءً مباشرًا، ما يعني أنها كانت أكثر هدوءًا من قبل.

لكن الحدّة التي تحته أوضحت أنّ كراهيتها ازدادت صلابة.

نظر إليها نيو بهدوء لبضع لحظات، ثم قال، "أردت أن أعتذر. عن الأمور المتعلقة بالتحالف الكوني. كان… يجب أن أكون أكثر حذرًا."

توقف قلمها.

لم ترفع رأسها أولًا، لكن بعد صمت طويل، ارتفع نظرها.

تشقّقت البرودة في عينيها، كاشفة الغضب المتفجّر خلفها.

"أردت أن تعتذر؟" سألَت.

دفعت كرسيها إلى الخلف، ونهضت، ودارت حول المكتب حتى وقفت أمامه مباشرة.

كانت كعوب حذائها تنقر على الأرض، كلّ نقرة مثقلة بالغضب المحبوس.

"هل تعرف ما الذي حدث فعليًا بعد أن بدأ التحالف الكوني بالبحث عن الأرض؟"

"أستطيع أن أخمّن."

"لم يكن هذا سؤالي."

امتدّ صمته.

"…لا أعرف ما الذي حدث بالضبط."

"إذًا لماذا تعتذر؟" ارتفع صوتها، وعضّت أسنانها. "لماذا تعتذر!؟"

كان صدرها يعلو ويهبط وهي تصرخ.

ومع ذلك لم تستطع هي نفسها تحديد مصدر هذا الغضب.

هل كان لأنه لم يواجه أفكارها القبيحة؟

لأنه مهما قالت، كان يجيب بلطف، دون أن يُظهر مرّة واحدة مرارته الخاصة؟

أو لأنه، بعد كل شيء، ما زال لا يشرح نفسه؟

لقد اختفى لآلاف السنين، وتركهم يحملون أعباءً أثقل مما يُحتمل، لكنه عاد فقط ليخفض رأسه ويلقي اللوم على نفسه.

كان الأمر يبدو وكأنه لا يبالي بكيفية معاملتهم له.

وكأنّ ألمهم، وغضبهم، وأحكامهم، لا تعني له شيئًا حقًا.

كان يبتسم. يعتذر. ويمضي.

وكان ذلك اللامبالاة أعمق جرحًا من أي قسوة.

نعم، كانت أميليا تكرهه.

لكن كلماته الآن جعلت مشاعرها تغلي أكثر.

ارتجفت يداها. الكراهية التي حملتها له التوت، وازدادت ثقلًا.

"أميليا…"

تجاهلت أميليا كلماته.

استدارت، عادت إلى مقعدها، وجلست.

عادت يدها إلى الوثائق، توقّعها بضربات قوية.

كانت تعرف، في الحقيقة، أنها كانت ستكرهه مهما حدث.

حتى لو عاد ومعه كل التفسيرات.

حتى لو أعطاهم كل تفصيل عن مكان وجوده.

كانت ستلومه على الدمار، على سنوات الدم، وعلى معاناة الأرض.

لكن الغريب أنها كانت تكرهه أكثر لأنه لم يدافع عن نفسه.

كان ببساطة يقبل كل شيء كما لو أن كل الذنب يقع عليه حقًا.

وقف نيو هناك بهدوء.

وأخيرًا، تكلّم مجددًا. "سوف أبحث عن إليزابيث."

تجمّد قلمها، لكنها لم ترفع رأسها.

"إليزابيثأصبحت ساحرة. لذا فلا بد أنها تجسدت من جديد. لا أعتقد أنها عادت إلى الماضي. ما يعني أنها إما خارج المجال الذهبي… أو في المستقبل."

امتدّ الصمت.

لم تردّ أميليا.

"سأعيدها"، قال نيو بثبات.

ولا شيء.

"لذا أرجوك"، تكسّر صوت نيو للمرة الأولى، "توقفي عن البكاء."

هذا فقط جعلها ترفع رأسها.

تلاقت نظراتهما.

كان نيو يحدّق بها بعينين مثقلتين بالألم، وكأنه لا يحتمل رؤيتها تتأذى.

رفعت يديها لا إراديًا، ولمست وجنتيها. كانتا جافتين. لم تكن تبكي.

"ليس ذنبك. لا شيء من هذا كان ذنبك. لذا توقفي عن لوم نفسك."

للحظة، تجمّدت.

نظراته أقلقتها.

لم يكن يوبّخها.

ولم يكن يشفق عليها.

كان ينظر إليها وكأنه يرى كل الجراح داخلها، وذلك جعل صدرها ينقبض.

عضّت أسنانها وحدّقت بعيدًا بسرعة.

"غادر قارتي، ولا تعد، نيو هارغريفز."

"أميليا—"

"ولا تحاول لقاء ليلى أيضًا." أصبح صوتها أشدّ قسوة، يكاد ينكسر. "لقد خسرت الكثير بسببك. لا أريد أن أخسرها هي أيضًا."

وقف نيو بلا حركة، يحدّق بها. ثم أومأ ببطء.

"…حسنًا."

في وقت سابق، كان قد فتح حواسه بهدوء، متسللًا إلى عقلها للحظة قصيرة. لم يكن يريد فعل ذلك، لكنه لم يستطع تجنبه عندما رأى الحزن في عينيها.

***

ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.

2025/11/17 · 19 مشاهدة · 807 كلمة
جين
نادي الروايات - 2025