وجهة نظر رايغور-كول. (القائد الأعلى للتحالف)
كانت خطوات رايغور-كول تُدوّي كالرعد فوق حجارة قلعة التحالف المصقولة.
كل خطوة كانت ثقيلة لدرجة أنّ الأرض نفسها بدت وكأنها تئن تحت وزنه.
لم يكن ذهنه على الطريق الذي يسلكه، بل على الكلمات التي قالها له نائبُه قبل قليل.
"إنه ابن الموت الأعظم، هاه؟" تمتم رايغور-كول، وثقل تلك الجملة يلتصق به كأنه لعنة.
كان اسم الموت الأعظم وحده كافيًا لجعل أجرأ الساميين يتوقفون.
ذلك الكيان وُجِد دائمًا كمنجل موتٍ معلّق فوق الكون، لا يتحرك، صامت، لكنه مستحيل النسيان.
الجميع يفهم أنّه ما دام لم تُرتكَب خطيئة عظمى، فسيبقى الموت الأعظم في سباته.
تلك الحقيقة كانت الحظ الوحيد الذي يملكه التحالف وقادته.
لأنّه لو اختار الموت الأعظم أن يتحرك يومًا انتقامًا لابنه…
قبض رايغور-كول يديه الهائلتين، وجعل الهواء يصرّ حولهما.
"ربما لم يكن التحالف موجودًا الآن أصلًا"، اعترف بغلظة.
أجبر نفسه على تغيير تركيزه.
الموت الأعظم لم يكن المسألة الوحيدة التي تستحق التفكير.
"كاسر سماوات"، تمتم، وعيناه تضيقان. "ذلك الرجل خطير. كيف وصل إلى المرحلة السادسة بهذه السرعة؟"
حتى التفكير في الأمر كان يثير الجنون.
سواء كانوا ساميين أو مجرد مخلوقات، الجميع يعرف مدى صعوبة الانتقال من المرحلة الخامسة إلى السادسة.
بعضهم يقضي أعمارًا كاملة وهو يحاول بلوغ تلك المرحلة، ومع ذلك فقد شقّ كاسر سماوات طريقه بقوة غير طبيعية.
فكّر رايغور-كول بمقارنةٍ عابرة.
"هل هو حاكم مجال الوجود مثل الحاكم الآلة؟"
رفض الفكرة فورًا.
كاسرو سماوات لا يستطيعون أن يصبحوا حكام مجال الوجود.
أساسهم ذاته مختلف.
زفر القائد الأعلى بقوة، وهزّ رأسه. ذلك الجواب لم يجلب سوى المزيد من الأسئلة.
عندما دخل القصر أخيرًا، انحنى الخدم والمساعدون على جانب الممر، يبتعدون عن طريق هذا الجبّار وهو يعبر.
اقتربت سكرتيرته، امرأة نحيلة ذات عينين حادتين ويدان ثابتتان.
كانت تحمل لوحًا مليئًا بالمستندات، وبدأت تُلقي عليه جدول أعماله مباشرة.
"القائد الأعلى، يتضمن جدول اليوم ثلاث مجالس عسكرية، وإحاطتين استراتيجيين، ونقاشات خاصة مع سبعة من الممثلين. وهناك أيضًا قائمة بالملتمسين الذين يطلبون مقابلتك. أغلبهم من اللوردات الصغار أو الباحثين، لكنها قائمة طويلة."
عرضت عليه اللوح الرقمي، والأسماء تنساب على الشاشة المتوهجة.
مرّ رايغور-كول بنظره سريعًا، لكن عينيه تجمدتا عندما وصل إلى آخر اسم—الأدنى أولوية.
"اقرئي هذا بصوت عالٍ"، أمر، وصوته يرنّ.
رمشت السكرتيرة، ثم قرأت الاسم بخفوت.
قطّب رايغور-كول جبينه.
حدّت عيناه بطريقة جعلت المرأة تتلعثم قليلًا.
"هذا الرجل يمتلك وجودًا خاصًا"، قال بنبرة مثقلة. "لا يستطيع رؤيته إلا من كانوا في المرحلة السادسة وما فوق. تفهمين ما يعنيه ذلك؟"
تباعدت شفتيها، لكن الكلمات لم تخرج فورًا.
وحين نطقت، ارتجفت نبرة صوتها رغم محاولتها إخفاءه. "هل... هل هو شخص منعزل ذو نفوذ؟"
"نعم"، أكد رايغور-كول. "لا يستخدم هذه الأساليب إلا أشخاص من عصر خلق الكون نفسه. اتصلي به. سأستقبله أولًا."
انحنت السكرتيرة بسرعة، وتحرّكت بإلحاح جديد.
ظلّ رايغور-كول واقفًا للحظة طويلة، وهو ينظر إلى القائمة أمامه.
لم يفهم لمَ قد يأتي كائن كهذا إليه الآن.
ومع ذلك، لم يشعر بأي خوف من لقائه.
أولئك الذين جاؤوا من عصر خلق الكون كانوا أقوياء—قويين حد اللامعقول—لكن هذا العصر لم يكن ضعيفًا أيضًا.
الحاضر صاغ قممه الخاصة.
معارف القدماء أعيد تفكيكها، ثم إعادة صياغتها وتطويرها.
المفاهيم والتقنيات أصبحت أكثر دقة.
التكنولوجيا امتدّت أبعد من أي زمن سابق.
في الحقيقة، كان يُعتقد أن الحكام في الرتبة نفسها الآن أقوى من الحكام في الرتبة نفسها آنذاك.
هكذا كان يعتقد رايغور-كول، وكثيرون غيره.
بعد وقت قصير، دخل قاعة الاجتماع التي أُعدّت للزائر الغامض.
انفتحت الأبواب الثقيلة، وما إن وضع قدمه داخلها، حتى تجمّد تعبيره.
الهواء كان خاطئًا.
عبر القاعة، كان يقف رجل—أو بالأحرى، كيان كان من المفترض أن يكون رجلًا.
جسده كان مُبتلعًا بالكامل داخل دخان كثيف متدحرج.
حتى وجوده بدا خافتًا، ضبابيًا، كأن العالم نفسه يرفض الاعتراف به.
لكن هذا لم يكن ما شدّ صدر رايغور-كول.
كان هناك حضوران آخران في الغرفة.
لم يكونا مرئيّين، لكن بالنسبة لمن في مستواه، كان ثقلهما لا يُخطئ.
لا—لقد أرادا منه أن يشعر بوزنهما.
كانا يسمحان له بإدراك وجودهما عمدًا.
اعتدل رايغور-كول واقفًا. ارتفعت هالته قليلًا ردًّا على ذلك.
وصوته ظل ثابتًا وهو يخاطب الرجل المغطى بالدخان.
"هل أحضرتَ هذين الضيفين الموقّرين معك؟"
لم يُجب الكيان الدخاني.
بل ضحك أحد الحضور الخفيّين.
ضحكة هادرة دوّت في القاعة كالرعد المتدحرج.
"هاهاها! أرأيت، برام؟ هذا المخلوق يعرف كيف يُظهر الاحترام لنا!"
تبع صوته صوت آخر، أبرد وأثقل. "حقًا يا كرام. كنت أفكر بتمزيقه لو تجرأ وتفوّه بوقاحة. لكن بما أنه وصفنا بالضيوف الموقّرين، فسأدع حياته تستمر."
تحرّك الحضوران، وفي اللحظة التالية كشفا عن نفسيهما.
تقلّصت عينا رايغور-كول.
تنينان أسطوريان هائلان تجسّدا في المكان.
أجسادهما امتدّت بطول لا يُعقَل.
والحيّز نفسه بدا وكأنه ينثني حولهما بينما يضغطان هيئتهما العملاقة لتناسب الغرفة.
قشورهما كانت تلمع بلمعان خافت.
حطام معارك قديمة تناثر عبر أجسادهما—ندوب، شقوق، تمزقات في الأجنحة.
ومع ذلك، فإن وجودهما—ساحق، خانق—لم يكن محلّ شك.
ضغط رايغور-كول أسنانه معًا.
خرج صوته منخفضًا، قاتمًا.
"تنانين القديمة…"
توازن في وقفته، وارتفعت هالته فجأة، مصادمةً هالتهما.
"كيف جئتما إلى هنا؟"
ما إن خرجت كلماته حتى انفجرت هالاتهما.
توسع الضغط بعنف، وصدمت الجدران والسقف كعواصف غير مرئية.
عيونهما تألّقت كشمسين منصهرتين، والغضب اشتعل في أعماقهما بسبب ما اعتبراه إهانة.
رفع الرجل المغطى بالدخان يده بسرعة. "اهدآ. ليس هذا الوقت—"
وكانت النتيجة فورية.
تحوّل غضبهما عليه.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.