اصطدمت كرة الدمار الخاصة بلابلاس بجدار البحر الذي خلقته أميليا، فانفجرت بصوت يصم الآذان.
امتلأ عالم أميليا الكامل بالبخار والضباب.
تلاشى الانفجار ببطء.
وعندما انقشع الضباب، كان لابلاس واقفًا وملامح الانزعاج على وجهه.
كان آرثر قد عاد إلى جانب بيرسيفال، يحمل جثمان فيلكس.
"هذا كان… مفاجئًا," قال لابلاس بهدوء.
لم تكن عيناه على أميليا ولا على آرثر.
كانتا على بيرسيفال.
"لقد تلاعبت بقدره وحميته من قدر الموت," قال لابلاس، ونبرة الفضول تظهر الآن في صوته. "قدرة قوية إلى هذا الحد… تذكرني بذلك اللعين ’أنا’."
ضيّق عينيه، يدرس وجود بيرسيفال بعمق أكبر.
"لحظة. الآن بعد أن أنظر عن قرب—"
"يكفي هذا، لابلاس," جاء صوت كايلوس، أحد التنانين العتيقة، من الأعلى.
توقف لابلاس ونظر للأعلى.
نقر بلسانه بضجر.
"أنت ممل يا كايلوس."
"نحن لسنا هنا من أجل اللهو."
تنهد لابلاس، يمدّ عنقه وكأن كل هذا الوضع يثير الملل لديه.
"حسنًا، حسنًا. أنت دائمًا تفسد الجزء الممتع."
أميليا والآخرون بقوا صامتين، يراقبون تبادل الحديث بينهما.
كان أنف بيرسيفال ينزف بغزارة، وعيناه قد تحولتا إلى اللون الأبيض بالكامل.
كان يبدو أعمى، لكن الأمر لم يكن مجرد ذلك.
كان جسده يرتجف بلا سيطرة.
وتقيأ دمًا.
انحنت أميليا بجانبه، تحاول معالجته وفي الوقت نفسه تعمل على إحياء فيلكس، لكن قدراتها لم تكن تعمل.
مهما حاولت، لم تكن جروح بيرسيفال تُغلق.
أما آرثر فقد شُفي بالفعل، لكن تنفسه كان مضطربًا.
كان العرق ينحدر على صدغيه بينما دفع نفسه واقفًا.
"اعتني بكليهما," قال آرثر، صوته ضعيف لكنه ثابت. "وتراجعوا. سأستخدم تفردي."
اتسعت عينا أميليا. "آرثر، هذا خطر جدًا. لا يمكنك—"
"لا خيار آخر لدينا," قال آرثر بحزم. كانت نبرته لا تترك مجالًا للنقاش.
استدار نحو لابلاس.
"التفرد."
في تلك اللحظة، انقطع وعي آرثر عن جسده.
شعر وكأن إحساسه بذاته يُسحب منه، ينجرف بلا وزن إلى العدم.
وعندما فتح عينيه من جديد، كان واقفًا في فراغ أسود.
تحت قدميه امتد بحر واسع من النيران البيضاء، كل واحدة منها تتوهّج بالحياة.
بحر كل الوعي.
"لقد وصلت," قال صوت هادئ.
استدار آرثر ورآها تقترب، ساحرة الجشع.
كانت تطفو نحوه.
لقد كان هنا من قبل، لذا لم تفاجئه.
"إذًا," قالت وهي تعقد ذراعيها، "استخدمت تفردك رغم تحذيراتي."
حمل صوتها قدرًا خفيفًا من التسلية.
"حسنًا. تابع، لكن تذكر القواعد. إذا جسّدت شخصًا أقوى منك بكثير، ستفقد نفسك إلى الأبد."
أومأ آرثر ببطء.
أو بالأحرى، الشكل الذي كان يمثّله الآن.
لم يكن سوى شعلة بيضاء تطفو في هذا البحر اللامتناهي، جزءًا من الشبكة الهائلة للوعي التي تربط كل الكائنات الحية.
بدأ ينجرف عبره، باحثًا.
تفرد آرثر كان [أنا]— تفرد الذات.
وعند تفعيله، يكسر القانون الذي يفصل بين الهويات الفردية.
كان يسمح له بتجسيد شخص آخر مرتبط به —شعلته الحياتية— داخل بحر كل الوعي.
"أحتاج لتجسيد شخص قوي," تمتم وهو يفحص الامتداد المتوهج أسفله.
كانت هناك نيران بلا عد، كل واحدة تمثل روحًا، شخصًا، كيانًا.
ثم رآها.
سيفٌ عملاق مصنوع من النار البيضاء.
كان متشققًا، ويبدو… متعبًا، مستعدًا للانهيار في أي لحظة.
ومع ذلك، ظلّ السيف واقفًا بفخر. كأنه يقول إن لا شيء يمكن أن يجعله ينحني أو ينكسر.
عرف فورًا لمن ينتمي.
نيو.
تحرك آرثر أقرب، يمدّ يده نحوه، لكن قوة هائلة دفعته بعيدًا.
كان من المستحيل الاقتراب.
على عكس الشعلات الأخرى التي كانت متصلة ببعضها، فإن شعلة حياة نيو—جوهره—كانت واقفة وحدها، معزولة وغير قابلة للوصول.
قبض آرثر يديه بإحكام.
حاول أن يواصل البحث، لكن كلما نظر أكثر، ازداد اليأس في صدره.
لم تكن أي من شعلات الحياة الأخرى قوية بما يكفي لمواجهة تنينٍ قديم. ولا حتى قريبة من ذلك.
ثم سمع شيئًا ما، يشبه طقطقة البرق في البعيد.
استدار آرثر، وعيناه تضيقان بينما لمح شعلة تومض بعنف مثل عاصفة.
كانت تنبض بالقوة، كل شرارة تنفجر في الظلام.
اشتدّ فكّه.
كان يعرف تلك الشعلة. عرفها طوال حياته.
كان يكرهها.
لكنه لم يستطع إنكار قوّتها.
"اللعنة"، همس آرثر.
لم يعد هناك وقت للفخر أو التردد. ليس عندما تكون حياة الجميع على المحك.
مدّ يده نحو الشعلة الشبيهة بالبرق، سامحًا لطاقة تلك الشعلة بأن تبتلعه بالكامل.
…
في العالم الحقيقي، كانت أميليا تراقب آرثر بحبس أنفاسها.
عيناه بقيتا مغمضتين، لكن شيئًا ما كان يحدث.
كانت تشعر به. حضوره كان يتغير، يتحول إلى شيءٍ ليس ملكه.
تجهم لابلاس، لكنه لم يقاطع.
كان قادرًا على الشعور بأن آرثر يستخدم شيئًا قويًا، لذلك انتظر بصمت، عاقدًا ذراعيه.
بدأ جسد آرثر يتغير.
وقفته استقامت.
عضلاته أصبحت أكثر بروزًا.
تحول شعره إلى الذهبي الساطع، وانفجرت هالته إلى الخارج، تملأ الهواء بضغطٍ سماوي.
توقف قلب أميليا.
"ما…؟" همست. كان صوتها يرتجف وهي تتعرف على الهيئة أمامها. "زيوس؟"
رفع لابلاس حاجبه.
فتح الرجل أمامهم عينيه.
راح ينظر حوله بعبوس.
"هم؟" كان صوته عميقًا، آمرًا. "ما الذي يحدث هنا؟ كنت للتو أقاتل نيو هارغريفز و—"
توقف.
ببطء، نظر إلى يديه.
تغير تعبيره من الارتباك إلى الإدراك.
"أنا لست زيوس"، قال بهدوء. ثم ضاقت عيناه. "ما هذا… الاستنساخ؟"
تجمدت أميليا.
هذا لم يكن من المفترض أن يحدث.
بحسب ما أخبرها آرثر، أي شخص يتجسده كان سيعتقد أنه الأصلي.
ذكرياته، قواه، شخصيته—كلها تتطابق تمامًا.
فلماذا أدرك هذا أنه ليس حقيقيًا؟
قبل أن تتمكن من التفكير أكثر، تحرك زيوس—أو بالأحرى هيئة آرثر المتجسدة—بلمح البصر.
امتدت يده وأمسكت بعنق أميليا بقوة.
شهقت، وتعثرت تعويذة شفائها.
"من أنا؟" طالب زيوس، قبضته تشتد. "وما الذي يحدث هنا؟"
"م-مهلًا—" اختنقت أميليا بالكلمات.
"لا تحاولي استخدام قواكِ، يا محبوبة السامية," قال زيوس ببرود. الطريقة التي قالها بها جعلتها ترتجف. "أستطيع قطع اتصالكِ بساميتكِ. لا تفكري حتى بمقاومتي."
"إنه آرثر!" صرخ فيليكس، يسعل وهو يجبر نفسه على النهوض من الأرض بعد أن أُعيد إحياؤه. "استخدم تفرده ليتجسد بك!"
نظر زيوس نحوه، والبرق يومض بخفة حول كتفيه.
"إذن ذلك الطفل," تمتم. كان صوته مليئًا بمشاعر معقدة.
حدق في لابلاس، الذي كان ما يزال واقفًا بصمت.
"استخدم تفرده فقط ليهزم هذا التنين؟"
هز فيليكس رأسه ببطء. "ن-نعم. هذه هي الفكرة."
"كم هو غبي." ازدرى زيوس.
أفلت أميليا، فسقطت إلى الخلف وهي تسعل.
"قاتل معاركك بنفسك," قال ببساطة، وصوته يتردد بطاقة سماوية.
ثم ارتفع إلى الأعلى، والهواء من حوله يتشقق بينما جسده يتلألأ بالضوء.
"انتظر!" صاحت أميليا، تمد يدها نحوه. "آرثر، توقف! ستفقد نفسك!"
لكنه لم يلتفت.
أصدرت الغيوم فوق الموقع دويًا بينما كانت هيئة زيوس المتجسدة ترتفع أعلى، والبرق يتفجر من أطراف أصابعه.
اهتزت الأرض تحت وطأة وجوده الهائل.
وقفت أميليا هناك، ممسكة بعنقها.
أدركت أن ‘زيوس’ كان يخطط لمغادرة الموقع.
***
ماهو رايكم بترجمة فصل هل لذيكم ملاحظات.
حرفيا موقف زي خره😂